تقدم الكلمة في هذا العدد، ديوانا شعريا من مصر، وهو الثالث (بعد هلاوس منطقية ولا أفكر أن أدهنها بالأزرق). شاعرة تخط حريتها الخاصة، وتختار كتابة قصيدة النثر بعدما جربت أشكال وأنماط الكتابة الشعرية، وتحاول هدم تلك النزعة الذكورية المهيمنة، وإعلاء صوت الشاعرة المبدعة التي تؤمن بقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والثورة.

ديوان العدد

في مغطسٍ واحد

شهـدان الغـربـاوي

 

إهداء

إلى فردوسي الأعظم، الذي ينام بجواري

ويطعمني ــــــ في فمي ـــــ أنا والصغار، حنطته البيضاء

 

مفتتح

لأجلِنا اتّسِعي عن آخرِك

أيتها الهُوَّةُ المباركة

أسقِطينا ببطءٍ في وقت واحد

وامنحِينا، معاً، موسيقاكِ وأفراحَ قهوتك

في وقتٍ واحد

في وقتٍ واحد.

 

أنت لا تشبهني، وأنا لا أشبهكَ

ملاك أنتَ

لا أجادل في هذا الأمر

عرفت ذلك من أجنحتك السبعين التي نفضتها جميعاً لحظة أن لمحْتَ تاءَ التأنيثِ على متنِ السروال "الجينز"

لحظتها، انكشفت لي أنامل يدك اليمنى

التي طالعتني لواعج نيرانها

أنت لا تميلُ للسكريات ولا تقنَع بالحرافةِ الخفيفة

أنت تفضل الفلفل الأسود المطحون لتوه والـــ "هوت بابريكا"

وتقدّس الشطة الحارة

أناملك قرينتي القاطعة على أنك ملاك

أنملة السبابة مثلاً؛ تشير إلى نقاط الحرائق فتشتعل النقاط من قبل أن (يتماسّا)

وأنملة الخنصر؛ ما إن مسّت، دون قصد، طبعاً مفتاح الهاء على "الكيبورد" حتى انصهر لتوه المفتاح

أنملة الابهام؛ أكسيجين خالص

هو لا يشتعل

فقط يساعد على الاشتعال

وأنملة البنصر؛ كان مزاجها زنجبيلاً

وأما أنملة الوسطى

يا أنملة الوسطى

فنارٌ على نارٍ

ملاكٌ ملاك

ملاكٌ، ومن ظَهرِ ملاك

 

ولأنك ملاكٌ، أنت لا تستريح لوضع أداة التشبيه بيننا

متمسحاً بما ورد في "سِفر التكوين" الذي صاغه أسلافك من ذكور الملائكة

أنا لا أجادل في هذا الأمر أيضاً.

 

أنت لا تشبهني وأنا لا أشبهك

هل تشبه التي تصنع مع الأرض زاوية قائمة، فاذا ما غنجَت، أخرجَت لك مما تُنبتُ الأرضُ من ناياتها ودفوفها

وإذا ما شهقَت، تنفّس لك الليلُ عطوراً بنفسجية

وواتتكَ الرياحُ صاغرةً من الجهات الأربع

وإذا ما صرخَت، انفجر الكونُ انفجاره الكبير،  وعادت الثقوب السوداء سيرتها الأولى

هل تشبه التي تصنع مع الأرض زاوية قائمة، فتلد حياة،

الذي يصنع عليها زاوية مستقيمة لا تقدّم ولا تؤخّر

هل تشبه التي هي فوق

 الذي هو بالأسفل

وهل التي لها تاء تأنيث كمن لا تاء له

هل تشبه التي تأتيها القرابين ملايين لاهثة لتتخير منها واحداً

هو أعظمها تهبه حياة، وتنبذ الباقي لبالوعة الصرف، هل تشبه من لا تأتيه قرابين .

 

يا مجاز "راسبوتين"

ـــــ "راسبوتين"، وحده، أن يلج من أي باب يشاء

فالحانة هاءت.

 

دهور سبعة

وهي تحمّص رقائق الأساطير، على ضوء خلايا شمسية لم يستدر لها، بعد، ثديان

وتعتِّق زجاجات "النبيذ" داخل تجويف الدُّشّ المهبلي

فحقيق بمشهد التطهّر أن يكتمل، دون أن يُضبط الناسك متلبساً بجريمةِ سُكْرٍ اختياري

الناسك آتٍ، آت

وله ضَبْحٌ

وهسيس

له ريقُ شيطانٍ من" نكتار"([1]) السماء.

يقولُ، فضيلته:

يسألونك عن الخطيئة

قل:

الخطيئة "كِريمة" الإله

يغمس في حلوها مَن أَحَب من عباده الْمُخْلَصِينَ

ليمنحهم أربعين زوجاً من أجنحة الغفران

تباركَت هي

ولها المجد

من ليس يعرف للخطيئة وجهةً أخرى وفضلاً مرمرياً

هل يَشِفّ

وهل يؤول

وهل على عتباته يتراقصُ الملكوت؟

 

تقول عنه الحانة:

راسبوتين ملاك غجري

ساحرٌ، سكناه الكهوف

عيناهُ زرقة مغناطيس مدبّب

وأصابعه أسطول بحريّ

إذن،

يا راهبات المجاز الأحمر

اِتَّحدن كعجينة لدنة

واِتَّخذن وضع الـــــ "prės jardin" ([2])

لترتشفن الأبجدية، على أصولها

قطرة قطرة

وتغرقْن معا في بحيرةٍ من (الكراميل)

فالناسكُ آتٍ مع (المورياتِ قدحاً) بمجازه الخصوصيّ

 

مجازهُ

ماصٌّ تارةً

ولاعقٌ تارةً

وحارقٌ أبداً

مجاز راسبوتين

ما لهُ من رقاد.

 

سِفر الخروج من "كاليثيا"

في الطابق العلويّ

الأبدية على الأرائك، حمراء

والنادل غائب مع الغائبين

 

دعْكَ من (عِرسان البحر)([3])،  الغارقين في أنهار شراب تجري من تحت المناضد

حسبوني (خَيَلان)([4]) تجلس إلى جوارك

فمسحوا ظلال جفنَيّ بـــــ (لايكاتهم) المائية

 

لا تُلقِ إليهم بالاً

ولندع الطابق العلويّ وشأنه

وندع "كاليثيا"([5]) بروحها وريحانها

ونهبط أرضاً، ما وطئها آباؤنا

 

تلك أرض قاسية

أنزل عليها الرب حصواته المدببة وقِطع زجاجه المتكسر

ثم اعتمدها محمية طبيعية

وقَرَّر لنا عليها، أنا وأنت، حقوق ارتفاق

 

فاخلع نعليك

ولِج

سِرْ ورائي مثل كاهن (سكندريّ)

غير مباليين بأنسجة تتمزق

ودماء تسيل

الألم، يا صغيري، شقيق اللذة

والصرخات خلاص

اتْلُ على قلبي ما تيسّر من "كتاب الموتى"

وتابع السير معي في محفل المحزونين

إلى أن نبلغ "جبل الأوليمب"

إذ كنا رَتْقاً

ففَتَقَنا "زيوس" وأعوانه من رواة الأحاديث

 

الأنجاس !

ألقوك بالعالم السفليّ

وَقَطَّعوا أعضائي جزيئات مِجهَرية

ثم بذروها في حانات ذي القرنين

وما نقموا منا إلا أن عرفنا النار

 

أنتَ سرقت لي النار

وأنا أنضجتُ لك عليها قدور الرغبة،

 التي خبأها الرب في ثلاجة "أم النور".

 

يا الله

لملم عناصري من كل حانة،

وانفخ في جسدي روح "عشتار" التي صفدوها في فانوس سحريّ

وحذفوا طلاسمها من قواميس "الأنثروبولوجيا"

أخرجه لي من ظلمة الأراضين

مارداً أسود لا يزيدني إلا رَهَقاً

علمِّه أسمائي كلها

 

وأوسِعه أن يرشم أبجديتي العارية بعلامات ضبطٍ مِسمارية([6])

فالوخزاتُ يا الله مَزَّةُ شَرَابِ الحائرين

وإن لِعذاباتهم لَسَكرات

 

أعِدنا رَتقاَ كما أنشأتنا أول مرة

وضِّئنا معا بزيت "الميرون"([7])

وعمِّدنا بالماء الطهور في مغطسٍ واحد،

تقبل كؤوسَ دمنا خالية من الفيروسات الوبائية

احتسبها قرباناً أو فداءً

للذي نبذ صليبه يبكي في العراء

وصعد إليك وحده

فكان التاريخ أسابيع آلامٍ لا تنقطع

 

وللذي منذ أن هاجر سراً

انكسرت قوارير العالمين

ومازلن ينزفن صارخاتٍ في برية.

 

لو كنتُ أنا خديجة

سامحَ الله (خديجة)

جمعَت أسماكَ الأرضِ

وبأصابعها العشرِ، أطعَمَتها الطاغيةَ

فتضخّم.

 

في ذِكْرٍ،

 صادفَته بين جوقةٍ، ذَوَّبَ (ابنُ الفارض) نفوسَهم في كؤوسه الدوارة

وجنَّنَهم مقامُ "الرست".([8])

 

مَجْذُوبٌ فيهم مُشرَب بسمرة

أنفهُ منتصبٌ، في دعوةٍ صريحة لا تحتمل التأويلات

وعسلُ عينيه، جبليّ

 

(جلجامش) ([9])

غنيٌّ عن التعريف

 مُتْرَبٌ بتوابلَ حارقة

ووَسَخهُ جليل.

 

يقولُ الأوّلون:

(إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَان) ([10])

وخديجةُ لا ترضى

وأقول أنا:

الْبَذَاذَةُ أعشابٌ وحشية، تنمو في تربة مباركة

(لا يمسّها إلا المطَهرون)

الْبَذَاذَةُ مزيجٌ من (حَبَقٍ بهيجٍ) وغواية

الْبَذَاذَةُ كُحْل العارفين.

 

واحدٌ كجلجامش

إن مدّ يدهُ، عَلِقَت.

 

يقول الرواة:

خرجا معاً

وما كانت (خديجةُ) لتلِجَ الحَضْرةَ حتى تنطقَ بالشهادتين ثم تُريق على رأسها أربعين كوزاً من الماء الحيّ

وتنتفُ زغَبها بقسوةٍ، ثم تدهنُ موضِعَه بخلاصةِ "نبات السعد"([11])

وما كانت لِتُريه وجهَها حتى تُزجِّجَ حاجبَيها (على الشَعْرة)

 وتُصفّف جديلتَيها،  نظيفتَين حدّ السأم

خسارة!

زجاجة كاملة من عطرِ  "Chanel" ([12])   

تضيعُ في الهواء

 

و خسارة "منقوع الحمص البائت"([13])

الذي أفسَدهُ الانتظار.

 

يقولون:

سارت وراءه إلى "جاكوزي" للصَفوة

وانتظرتهُ بالمنشفةِ على البوابة، يوماً كاملاً

وعندما عاد إليها، كان القمرُ قد انكمَش.

 

لو كُـنْت أنا (خديجة)

لتركتُ شَعري على عواهنه

وشفتيّ بغير تحفظات

وأطلقتُ أشواكي في وجهِ العالم

ثم اختلطتُّ بالذّاكرين

وبظُفر سبّابتي، خَمشْتُ نخاعهُ الشوكيّ

ثُم التقطتهُ على ظهري

 ومشيتُ به إلى كهفٍ غامض في أولِ الزمان

تقول النبوءة:

في الكهفِ،

سأجعلُ بيني وبينه مسافةً رأسية

فأكونُ واقفةً

وهو جالسٌ على الأرض

أو أكونُ جالسةً

وهو منبطحٌ

جلجامش، حَرثٌ لي

آتيهِ أنّى شئتُ

هذهِ فرصةُ التاريخ ليصوّبَ أخطاءه الفادحة.

 

ـــــــــ تجَرّد

ولا جُناح عليكَ إن أنت لم تحرِق البقرةَ الحمراءَ وترشّ الماءَ على رمادها

لتتطَهّر([14])

 

أو أنك لم تعقِد النيةَ

ثم تغسلُ كفيكَ بالماء ثلاثاً

وعُسَيلتكَ، بيدكَ اليسرى

وتتوضّأ وضوءك للصلاةِ، مؤجِّلاً قدمَيك

وتُريق الماءَ على كاملِ جسدكَ مبتدئاً بالنصفِ الأيمنِ ثم الأيسر

ثم أن تغسلَ قدميك

 

ولا عليكَ لو لم تذهَب إلى الكنيسة يوم الخميس

ليغسلَ الكاهنُ رجلَيك ويرشُمهما بالزيتِ([15])

 

ولا أن تغمرَ كاملَ جسدِكَ ثلاثَ مراتٍ في نهر "الغانغ"، ثم تشربَ منه شربةً واحدة([16])

 

فقط،

اغمِسْ أنفكَ في مُجمل سوائلي

أنا غولة، صنعني الربّ من طينةٍ مزينةٍ بالشوائب

أمتَصُّ الوِلدان وأردّ عليهم دَينهم

بكلماتي، أتوبُ عليهم

ثم أرسلُهم مُخلَّدين إلى الفراديسِ العُلا.

 

لو كنتُ (خديجةَ)، كانَ مستَحقًا لي أن أتلذّذ بغاباتٍ سبع، أصنعُها على عيني

 

الغابة العليا؛

هذه رأسٌ أجعلُها من أجرانِ (حَبّ الرشاد)([17])

أمرّر أصابعي فيها ببطءٍ، فتُزهر (الفياجرا الحمراء)([18])

 

 الغابة الثانية؛

أُحبّ رائحةَ خليطِ التبغ البريّ، والقرنفل والخُزامى البيضاء

ذلك ما يلفِتُني في (ليوناردو دي كابريو)

إذن سأجعلُ لشاربكَ الكَثّ رائحةَ الــــــ "Wild Tobacco "by Illuminum

 

الغابة الثالثة؛

لِحيتُكَ بغيرِ تهذيبٍ، سباقاتُ خيلٍ

وإنكَ تحتها لَطَودٌ

إذن

سأُعفيها.

 

الغابة الرابعة؛

إني أرى في شماليها شجرتَي "أفوكادو" ـ

غابة صدرك

جفّت أوراقُهما

وأُصيبَ اللحاءان بـــــــ "البطالة الاحتكاكية"([19])

بقواطعي الأماميةِ سأخدشهُما ليجودَا بالشهدِ الطازج

ثم أنالُ قيلولتي بين الأحراشِ

بعيدًا عن أشرارِ الملائكة والشواردِ الحرة.

 

الغابتان الخامسة والسادسة؛

في البدء كانتا معاً فقَصَمهما الدهماء :

ــــــــ الإبط الأيمن؛

من "تابوتِ العهد"([20]) أخرَجتُ لوحَين حجريين سأثبتّهُما في لحمكَ مكتوب عليهما:

 "لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي" ()

ـــــــ الإبط الأيسر؛

جمعتُها من الصدور،

وسأَجدِلُها بأغصانِ غابتِكَ السادسةِ

 فيتعلّم القارئون أصول الــــــ "étiquette"

"فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" ([21])

الغابة العظمى؛

بُشرى يا كلّ ثَيّباتِ العالم ويا كلّ أبكاره

آن لكُنّ أن تكفُفن عن التنقيبِ في بطونِ كتبِ التاريخِ الطبيعيّ و"الأنثروبولوجيا".

ففي هذهِ البقعةِ المباركةِ سأضعُ الآن

"حَجرَ الفلاسفة"([22])

 

وأنتَ يا جلجامش

إذا سألنكَ عن "عشبةِ الخلود"([23])

فقُل لهنّ أنه ــــــ لِغَفلتكَ الذكوريةِ ــــــــ سلَبَتْكَها الأفعى وأعادتكَ إلى بلدكم يداً وراءَ ويداً قُدَّامَ

قُل لهنّ أن يسترحنَ و يُرحن (جوجل) من البحثِ بالمغاراتِ القديمة وأسفلَ المسطحاتِ المائية

ومن إنفاقِ (الجيجابيتس) على (ويكيبيديا) و على صفحاتِ "الأندرجراوند"

 

واذكر لهن أنه بتائي المربوطةِ، حزَّمْتُ وليفَها

ورَقَّصْتهُ على أبخرةِ مزاميري تارة

وتارةً، على موسيقى (نوال) ([24])

ثم دَلَّكْت جسدَه بزيتِ الخردلِ فاندلعَت دورتُهُ الدمويةُ

وانتصبَ، مُجهِزاً عليها بطلقةٍ بائنة

ثم دسّ لي العُشبةَ في حَمّالةِ الصدر

العُشبةُ التى سأنثرُها هاهنا

وأُمَسّدُها برفقٍ

 إلى أن ينزلَ الحديدُ

(فيهِ بأسٌ شديد).

 

الصليبُ يَسَعنا معاً

أجتزئ من تاريخي عشرين متراً كاملة

لأكون على مقاس آلامك

أصنع من الأمتار العشرين أيقونة للنبي الذي قرر أن يُصلَب من جديد، وشموعاً لها بهجة

أنت النبي الذي قرر أن يُصلب من جديد

وأنا الأرملة التي سكَنت ــــــ طوال الرواية ـــــــ أحلامَ القرية

ثم جعلت بياضَها وقْفاً على أزرار قميصك

وقالت:

يا "نيقوس كزانتزاكيس" عليك أن تعُدِّل السيناريو:

هالتا عينيه بِئران لِلَيل

وحزنُهما نصفُ إله

والصليبُ يسعنا معاً

اجعلني على خزائن صدره لأذوق طعمَ القيامة

ربما يُخرِج لنا الربُ أفراحَه المخبّأة

ويُنْزِل علي قلبينا في وقتٍ واحد

قُرآناً.

 

لَسْتُ قاسيةً، يا مَلِك "أخميم"

سلامٌ عليك يا مليكَ النشوة الأسمر

يا أخا "حورس" وابن "إيزيس"

على بياض نورك، وحقول الخَسّ السماوية في يمينك، السلام، سيدي "منو"([25])

وحقك، لا قسوة لَدَيّ

 

في الحانة، آنَسْتُ نارَك فأينعَت روحي

وكِدْت أسيلُ على ركبتيكَ، كزجاجةِ الجعَةِ بطرفِ المائدة

كان من الممكن ساعتها أن أقول لك:

اقترب

فبفعل الاحتباس الحراريّ سينصهر حديد الأسلاك الشائكة ويسيل على الأرض

وتصبح الغابتان بغير حدود

لكن النهر الذي ينبع من هضبة بحيراتك، قاصداً بحْري المتوسط، هو انقلاب افتُضِح أمرهُ قبل صلاة الفجر

فأصبح ماؤه شديدَ اللزوجة كالعِلكة.

 

كم أنت رديء أيها العالم

وكم أنت ناصع يا حبيبي

 

نحن لن يُجدينا أن تَكْسَر لي أمبول الـــــ "ماكستونفورت" في كأس مزاميرك المقدسة

ولا أن أكتب لك أنشودة مطلعها:

(ما الذي شغلك اليوم عن برقوقاتِ الجسد)

فالتاريخ خفير دَرَك على شرياني الأورطي

التاريخ رَبٌ قاس، لا يغفر اللّممَ خاصة

 

وأنت الملك "مين" ملك "أخميم" و"قفْط"

واهب الخصوبة الأعلى

ابن "أوزوريس" ومتعهد الرِّجْفات المتتالية

وأنا أَمَة الله/شهدان الغرباوي

فهل سيُكسِّر التاريخ قوانينَه العلمية لأجل سواد عيوني؟

 

السلوى هاهُنا

في هذا الرُكن من الكون

نحن لا نضع التوابل

لا أنت ولا أنا نُفَضِّل التوابل

لوحدها، سَتَنْفَك أزرارُ الغابات، فتتنفّسني أنت

وأتنفسك.

 نحن لا نضع التوابل

أبدًا، ولا نَصُبّ الخمر ــــــ في هذا الركن من الكون

فالغياب، هنا، من عند الله

والحرافة صَنعته المتقَنة

في هذا الركن من الكون

ستتكشف اﻷسرار لنا بإرادتها المنفردة

وستكون إيقاعات الغُنج شفيفةً كالصلاة

في هذا الركن الذي سيصبح ـــــــ يوماً ما ـــــ مزاراً للعاشقين

ستغادر الشجون جميعاً وتنسكب في قاع المحيط

وستشتعل دفعةً واحدة

ثقابُ الروح.

 

هل يجوز للآلِهةِ أن تأكل" الفريسكا"

المرأة التي اتخذت إلهَها هواها

كان هواها يميلُ إلى السُمرة

وكانت نبرات صوته "سوناتات"

عندما كلّمها ـــــــ لأول مرة

أخَذَتْها الرجفةُ

وصارت مراهِقةً

على جبله، يسيل جسدُها، من نور هالاته السوداء

وتتحول العصا، بيدها، زنبقةً طاهرة

وعندما أنزل على قلبها سوناتاته، كتاباً مقدساً

صارت درويشة

درويشةُ الأسمر، على قرنفل شفتيه تدنو لها أسرارُ المعرفة

ومن فوق ربوته البيضاء، يغمز لها اليقينُ بعينه اليسرى

الدرويشة تذكر الأسمر في اليوم والليلة، أكثر من سبعين مرة

في صحوها، وعلى فِراشها

تُردّد أذكاره وهي تعبر الطريق، وقبل أن تمرّ على رئيسها في العمل

تذكره كثيراً وهي تعدّ الطعام

وتطلب بركته وهي ترضع صغارها

وبين ذراعي زوجها تمارس طقوسه، راقصة على نغمات سوناتاته المباركة

في النادي، والزيارات العائلية، تتخذ ركنا وحدها تناجيه فيه سراً

وتؤدّي فروضه ونوافله

ولأنه جنوبيّ، كانت، وهي نائمة تسقيه قهوتها الحلوة

وتطعمه "الفريسكا".

 

إذن، ما الذي أصاب الدرويشة بعُقدة الذنب هكذا

لتبحث عن كرسي الاعتراف

مسكينة، أضناها البحث

وكرسي الاعتراف كان مُعَلّقاً على ظهرها

مثلَ ظلٍّ ثقيل.

 

الصحراء ليس بها نوافذ

أنت بريء، لعدم ثبوت التهمة

أنت لا تشبهُهم

وأشهد أنك ما كنت فيهم إذ ينفخون بالونات الغُربة في وجه أنشودتي المدرسية

أو يتجاذبون ـــــ من نزق ــــــ جناحيَ (الباليرينا)

حيث صفّفتهما بعناية تليق ببياض صعودها

وما كنت فيهم إذ يُطيّرون مع البالونات حوارات تعلو قامتي قليلاً

أنت قذفتهم بعيداً جداً

وأسقطت كل البالونات

لكن على سجادة ناعمة

حتى إذا ما صعدت (الباليرينا ) ضمن رقصة حانت

رحت وحدك تُعلق بالونات الغربة على حوائط أعيادي.

 

كثيرة كانت أثوابهم

لكل محفل لون يناسبه

ولي قلب وحيد، ألبسه في كل محفل

وروح، على عتباتهم كانت تخلع نعليها وتدخل مكشوفة الرأس

وكانوا لا يحتملون للآلئ رخاوة

يريقونها على أرضية نكاتهم متراقصين فوقها بدهشة بالغة

حتى إذا ما يبَّسَتْ أحذيتُهم قوامَ أصابعي بِت قادرة على فتح علب دهشتهم

لكن نكاتهم أبداً لم تضحكني

 

وأشهد أنك ما كنت فيهم إذ يتراقصون أو يندهشون

وأن نبرة في صوتك ـــــ عبر الهاتف ــــــ ليست مزودة بمِجهر يضعني كاملة على طاولتك

لكنك ــــــ برغم المحافل ــــــ كنتَ متيماً بقراءتي

دون تأويل

وكنت مُلَمْلِمي من كل محفل وعابراً بي إلى زاوية في صحراء.

 

أُنبيكَ صديقي:

الصحراء بعيدة عن مقر حياتك اليومية

والملائكة التي جعلتها على رخاوة رأسي لم تخدشها بالجلوس في الزاوية المقابلة

الصحراء ليس بها زوايا مقابلة

والحوائط التي رفَعَت قواعدَها نبرةٌ في صوتك عبر الهاتف، أتاحت لهم شقوقاً يبصّون منها على صلواتي السرية

أو يرصدون معدل إجابة الدعاء لواحدة، نبذت عن رأسها خرقة لا شأن لها بمسألة الروح

الملائكة كانت طيبة جداً

 لم ترفع أصواتها على صوت اغترابي

وأشهد أنك ما كنت فيهم إذ يراكمون بأحاديثهم الجانبية بلورات الغصّة، غير آبهين بمقاس حلقي

أنت لم تشاركهم النجوى

لكنك رحت تغلف آخر ثغوري برقائق من حياد قسماتك العازلة للأنين

وأنا لا نافذة لي

الصحراء ليس بها نوافذ

بينا، في فعلٍ علني فاضح، تتكسّر دمعاتي على صفحات طبعة شعبية

جراحاتي في متناول الجميع

أنا لا ستائر لي

الصحراء ليس بها ستائر

ونبرة في صوتك عبر الهاتف، خلاصٌ مباشر

كنت تُمَرّرُها عليّ كالماء

 يمرّره مباحثيٌّ على عَينيّ متّهمٍ من "آل ياسر"

وعندما تَخرج تعلّقُها ، فوق، بسماءٍ لا يدركها بصري

وأعرفها بصواعق صمتك المنزلَة على أفراحي الليلية.

والملائكة التي جعَلْتها معي

ظنونُها لم تُبقِ لأجنحة (الباليرينا ) قدرة للارتفاع على جحيم التفاصيل:

 

أقول:

لا (ﭬاز) لي لأضع ( تيوليبي) البنفسجيّ

لا (تيوليب) لي لأُسكِت خواءَ الــــ (ﭬاز)

وأشهد أنه:

بيني وبينك

لا حوائط

لا فضاء.

 

نجوى الأئمّة

إمامي

أيها الوَرِع

ما من تعارضٍ

بوسعي أن آتيك بشَعر خشن، وكفين سميكتين، كغجرية

أنثر ماء البحر على كامل جسدك

فتغادرك الأسقام

وأتطهّر

 

بوسعي أن أتيمّم في رهبة بخورك

وأن أتهوّم في شجن العينين المباركتين

ذلك شجن جليل، يا صاحبي الأسمر، كزيت الحبةِ السوداء

ورائق كصوت النهر

شجنك سأعاقره وأثمل على صوت "محمد رفعت"

حينئذ

سأرتقي

 

بوسعي أن أرشمَ جسدي كله بطواطمك الخاصة

فأدخل معك في صلاة ليل سرية

وأقيم شعائرك وأناشيدك البيضاء ريثما نشهد سوياً

 قرآنَ الفجر

وتهدهد ابتهالاتُنا كتفَ المؤذّن

وتواسي مخاوف روحي البرية

 

بوسعي أن أترجّل معك، إلى ميدان "سعد زغلول" وكــــــ "الحلاّجِ" نتخذ شاشةً

نكشف لهم سرّ الحلولِ وسرّ التلاشي

فنصفو

 

بوسعي

أن أطوف معك بحكايتنا وبشفاهنا المرتجفة، على المقاهي الشعبية، وأضرحة الأولياء

ونُلوِّح للسادة من العارفين

لنخبر الجميع عن الوجهة الأخرى للخطيئة

وأنه بالعشق وحده تتطهّر العناصر وتشفّ

نجمعهم تحت سقيفة الروح ونلقي عليهم

ما فعله بنا العشق من نصاعة

 

بوسعي

أن أعيد معك قراءة الكون

فنصل معاً إلى تفسيرٍ حداثيّ لسِفر التكوين ويوم البعث.

 

واللهِ، لم يكن طيباً أبداً

الطيف الذي أجْهَز على روحها، الليلة الماضية

واللهِ، لم يكن طيباً أبداً

ما إن مسّ بطرفه خاصرتَها حتى بدأت في غياب

وما إن ضغط قليلاً حتى رنَت إلى أعلى

 

وعندما يبلغ الضغط أَوْجَه

ويبلغ الغيابُ أَوْجَه

يكونان قد صعدا وانتهى الأمر

 

هنالك في الأعالي

يجذبها من يدها جذبةً واحدة

وهنالك يراقصها

يأخذها يُمنةً فتميل

فيُسرةً يدفعها

 

هنالك يهمس في أذنها بحرف "هاءٍ" مُطَوَّلٍ، فتشتعل

ويهدهدها على مهلٍ

فتنطفئ

ثم يرفعها من خاصرتَيها

فيحيلها فوتوناتٍ ضوئيةً متفرقة

ثم يلملمها سيرتها الأولى

وهكذا

يرفعها، ويخفضها، ويجذبها، ويرخي خيوط الضوء التي يعقلها بها إلى ألوانه السبعة

ويشعلها ويطفئها

ويسقطان معاً على أرضنا هذه

وهي في غياب كامل...

 

فإذا ما أفاقت

لم تجده شيئاً.

 

حابي

هل أتاكَ حديثُ النهر

يقول:

أنا الجنوبيّ، صائغُ السُمرة

أنا العارف بالخصب وبأمزجة نساء مصر

من ماء ظهري، تكون الثمار والأناشيد

العذارى، أطعمنني أسرارهن

وتوضأن بتعديات أصابعي

والثيِّبات تحمّمن بخطاياي المقدسة

أقول لهن:

في الصباح، تعالين كاشفاتٍ رؤوسكن

وخُذْن من خُضرتي المُشربة بالزُرقة ما طاب لَكُن

بمائي، بلِّلن سيقانكن، تَخرج بيضاء

مائي أزليٌّ ، نبعُه الغرائز

لا تخالطه ألوان صناعية أو مكسبات طعم

بأناشيدي وحدها ستشتعل نيرانكن

وبأناشيدي ستنطفئ.

 

-حابي

على مهلٍ، أخرج من كهفك

وفي الوقت المناسب اشعل لي السيجارة

أمهلني أن أتأملك وأنا أدخن

يافعاً ومكتملاً

 أَرِني نفسك

ثم ابسط يدك عن آخرها

وفِضْ بغير حساب

ارْوِ ثماراً ناوشَتْها التجاعيدُ المبكرة

وبسمرتك داهم حقول الحنطة، التي حال لونُها مع الوقت

اسمح لكتائبك أن تنتشر بغير ضوابط

فقد آن للرشفة قبل الأخيرة من القهوة أن ترتجف .

 

لكِ أوانٌ، أيتها الشراسة

لكِ أوانٌ أيتها الشراسة

فلا تتعجلي

اجعلي لنفسك دَرَجاً

بقدر ما لألوان الزهور من سخونة

 

الأبيض؛

نظرةُ أوليّة على فنون الربّ

 

الـــــ"أوفوايت"؛

سلامٌ من حقول الحنطة على الفاكهة التي تدلّت

 

الوردي؛

رَبْتة خفيفة على كتف الليل ، قبل أن تتعرى

 

اﻷصفر؛

عروج بطيء نحو براعم تتوق وترغب، وهي لم تتفتح بعد

 

البنفسجيّ؛

تمهلي، أيتها الهوجاء، وأنت تُدلّكين البراعم

البراعم صغيرة، ما زالت

واللهِ، إنها لا تَحْتَمِل

عامليها برفق ريثما يسيل عصير البرتقال

ثم ذُرّي عليه حبوب لقاحك، لتصنعي عجينة لدنة

شكّليها نوارسَ أو طيورَ رُخٍّ أو الاثنين معاً

 

الأحمر؛

راقصي النوارس وطيورَ الرُخّ ــــــ طوال الليل

فليلك طويل، كدهرٍ

وغداً عطلة رسمية

داعبي الأزرار واحداً بعد واحد

كيلا تتداخل اﻷدوار

وظلي على هدوئك المزاجي، حتى يُنفَخ في النفير

فإذا ما جاءت ساعة الصفر

سأجذبك من شعرك، يا صاحبتى، إلى أقصى ارتفاع

وهناك في علّيين

ستضع الحرب أوزارها

وستعلو موسيقى "فاجنر".

 

هكذا كان سيتكلم "زرادشت"

لم يكن "زرادشت" في حاجة إلى كل ما تكلّم به

ولم يكن في حاجةٍ، أصلاً، إلى "أفاستا"

لو أنه ــــــ يا "نيتشه" ــــــ قابَلَ، في رحلته المقدسةِ، هذا الجسد

كان سيُقصِّر عليه الطريق كثيراً

جسد عِلْويّ أصيل

لا شرقيّ ولا غربيّ

أرضيّ

فضيلته الوحيدة أن "اعمل لدنياك كأنك ستعيشُ أبداً"

يباغتك بضوء كاشف

يخطف بصرك كله يا "نيتشه"

ضوؤه لا يعطيك فرصة لتدبّر الأحداث حولك

مرصوصة على صفحته المجرات بترتيبها الأبجديّ

وبعينيه "الداتا" الكاملة لتاريخ حياة الكون

جسد مروي كله بالغَمْر

على عتبته تتعارك أنهار وأنهار

حول من يبدأ بالسقاية أولاً

ومن ينتظر .

فيه غابتان وحشيتان، سُقيتا بسائل "التستستيرون" الحُرّ

فأينَعت ثمارهما دفعة واحدة

جسد بوسعه أن يراقص النار والماء ـــــ على طُهرهما ــــــ في آن واحد

وينادم "ليليت" في خَلوةٍ شرعية، ثم يمنحها آبار الحليب والعسل التي يملكها، دون مقابل

ثم لا يحتاج لقسطٍ من الراحة

لو كان "زرادشت" قابله، في تلك الرحلة ، كان يكفيه أن يصفَه،

ثم يقول له:

 

سلامٌ عليك أيهذا الجسد الجليل

على هواك تقدم وسِر

 لا تتبع خطوات أحد

وكما يحلو لك اذهب في كل اتجاه

وإن الروح ستأتيك ستأتيك

ستأتيك متّبعةً خطواتك أنت

ستأتيك صاغرة أو عن طيب خاطر

كان سيقول :

وأنت يا إلهي

ما الذي بَذَرْته في رؤوسنا

لتخرج من أجسادنا كل هذه الزلازل

وكل هذه البراكين .

 

 رقصة الفالس

رقصة الفالس التي رقصناها معا بالأمس، عبر الهاتف

     طَيّرْتَني فيها معك

حتى أنك حَمَلْتَني بإصبع واحدة، كباليرينا

ثم أخذتَني إلى نهر بعيد

يُشبه أجزاءكَ السرية

وإلى مغارة غامضة في صحراء

أنْبَأَتْني رقصة الفالس بأنك رومانتيكيّ كقُبلة خفيفة

أو ككفين يقبضان على خَصرٍ برفق ليصعدا به إلى حافلة

وبأننا معاً سننصهر في درجة حرارة الغرفة

وأنبأتْنى بأن سمواتك قريبةٌ جداً

ونهرك في فيضان دائم

وأن صحراءك زهرة بنفسج كبيرة

إذن

دَعْ وعولكَ تدخل، فأنا أتهيأ لأرِفّ.

 

رؤيا الرايات البيضاء

تلك رؤياي الحَقّة يا صديقي

ليتك تَذْكُرها معي

أنا لن أقصها على "ابن سيرين" فيغبطني عليها

ولا على الناس فيجعلونك "الحلاّج"

رؤياي التي نزعْتَنى فيها من بين مِقصّات الشعراء

ونقلْتنى بكلتا يديك إلى صحرائك الكبرى

أنت ظللت تسقيني موسيقى "راجح داوود"، قطرةً قطرةً

حتى طحنْتَ انكساراتي القديمة مع حُبيبات البُن الفاتح والهيل

في تلك الساعة، كان لوجنتيك، من الرغبة، لون البرتقال الناضج

وكانت عيناك محميتين طبيعيتين

وعلى شفتيك اندلَعَت غزواتٌ

وحروب مقدسة

بينا، كنت أنا أتقلّب، على الرمال، نصف يقظى

مشغولة في غزل خيوط الرايات البيضاء.

 

لا تتعجّل شيئاً، يا صغيري الأعلى

سأجعل لكَ دَرَجاً، ونرتقيه سوياً

درجة درجة

 

الدرجة الأولى؛

هاتِ يدكَ وخُذ البيعة

 

الدرجة الثانية؛

النظرةُ مفتاحُ الحياة، أَطِلْها ما استطعت

 

الدرجة الثالثة؛

اللّمَم، يعرفه الله جيداً

ويفرد له مقاماً كمقام الوَجد

اللّمَم حدائقُه المستثناة من كل شيء

 

الدرجة قبل الأخيرة؛

أنتَ يا أطلسَ الرب، ويا كتابه المقدس

ما الذي  تخفيه تحت الملابس عن حبيبتك

أهي معارك حربية نهاياتها سعيدة

أم مستنقعات من أنينٍ، ودمٍ قاتم

أرِنى كامل أورادك، وأنا سأتلوها وِرداً وِرداً

وستكون الدرجة الأخيرة، أن نتلاشى معاً

في قهوة حلوة

أو في موسيقى جنائزية.

 

خُذ جسدك كله

خُذ وجهك من على هذه المنضدة

خذه بقرنفل عينيك

بشفتيك، وصوتك الآتي من أعماق جُبٍّ غامض

خذ كفيك بأناملهما الحارة

خذ جسدك كله

بحَرافة كتفيك التي طالما أربكتني

خذ غابتك العليا

وخذ غابتك السفلية

وخذ حتى ذلك الذي يهِبُ الحياة للكون، ويُنْزِل علينا بهجته الكبرى في ساعة متأخرة من الليل

أو في أية ساعة أخرى

ثم ينحسر ويعود إلى مكمنه لينام في الظل

خذه أيضاً من على هذه المنضدة

خذ جسدك كله

 واترك لي روحك

أنا لا أريد سواها

اتركها لي أُهدهدها

وأسقيها من قهوتي الخاصة

ثم آخذها إلى صدري

ربما أنام نوماً هادئاً.

 

الشهقة موسيقى الربّ

أعرِف كل شيء عنك

زارعُ شهوات

وطاغية

صهيلُك يُربك العاكفين بالمساجد

ويؤَرِّق المارة

يخشون وصوله إلى "الوردات" اللاتي وَقَرْن في بيوتهن

أن تتوتّر من غواية

فلا تحاول أن تحتمي بضجيج مئذنة

أنا أعرف كل شيءٍ عنك

 

الشهقة موسيقى الربّ

يُنْزِلها على قلبين في وقت واحد

والنشوة خبزه الأبيض

وأنت يا منبري ومائي

تحفظ هذه الحقائق عنه

ثم تتنسّك!

 

أعرف كل شيءٍ عنك

أنت تعجن الحنطة بالمجاز

فتَسيل الواحدةُ بين أصابعك وتنضج

وبعود الثقاب نفسه، تُشعل سجائر الجسد كلها في لحظة

 

فعمّ تَغُضُّ البصرَ، إذن

حقّت لك النظرةُ الثانية وما يليها

وحقّ لنا أن تَظهر علينا خالصاً

فما حبْسك زبيبتين قاتمتي السُكّر، وغابة بكاملها تحت قميصٍ كلاسيكيّ

أعرف كل شيءٍ عنك

أنت عفريتٌ كبير

وجوادُ فائر

ماؤك النار

وحول شفتيك لا تضع الحروب أوزارَها.

 

خُذني من هذا الزحام

اذكر أناشيدي في ملأ            

وعاقر خمري أمام الجميع

بعد قليل، خُذني من هذا الزحام

وتسلّل بي إلى صحراء

 وعلى سبيل التمويه، سنختلط بالقوم ثم نغافلهم

ونتلاقى هنالك      

انظُرني

سأكون على طرفِ حلمك واقفةً مثل شجرةٍ أو مياه

اقترب، أنا لست سراباً والله

أنا أنا

بعناصري التي تعرفها جيداً

هيئ لروحي بحِجْرك متّكأً، وأنت على الرمال الناعمة

كن مستريحاً إلى أبعد حد، إذ تُهدهدني كقطة صغيرة

وحدك تعرف كيف تعجن الأشياء بماء الغبطة

بكلتا يديك مهِّد لي الطريق إلى المَنّ والسلوى

مَن مثلك يعرف ما المَنّ وما السلوى

 

علينا، إذن، أن نظل بعيدين

الصحراء ضرورة يا حبيبي

التأوهات، عندي، ابتهالاتٌ تصدح

والغُنْجُ صلاة جَهْرية.

 

امرؤ القيس لا يستخدم "الكيبورد"

أنت لَسْتَ مُرْجِلي يا امرأ القيس

فعلى صهوةِ صدركَ تَسكن وسائدُ الربّ

العذارى اللاتي ظللن يرتمين بلحم مطيّتك

لم ينظُرن في عينيك فيلمحن الحُزن الملكيّ

والنسوة اللاتي طَرَقْتَهُن ليلاً، ما كُنّ على قدر المسئولية

لم يجرؤن على مخاطبتك بأجزائهن العليا

و"عنيزة" مراوغة

تتمنّع عن الدخول إلى سخونة بخزائنك

وما ذَرَفَت عيناها إلا من شهوة

وإن الكثيبَ على ذلك لَشَهيد.

 

أنا سَحَرني التاريخ فراشةً مُخاتِلة، لا مانع لديها من أن تنْفض أجنحتَها جميعاً لتتمرغ في راحتيك دودةً مِغناجاً

أو أن تسكن في مُعَلقتك مع الساكنات

أنا ناقِفةُ الحنظلِ، ربةُ الآلام

 

تُثْقِلنُي خِفّتك

ويعتصرُني صمتُك، كحبة عنبٍ.

 

أنت لا تستخدمُ "الكيبورد"

ولا تستريح للغةِ الحياة اليومية

وأنا مولعةٌ بقصيدةِ النثر.

 

لِخفّتكَ، أنت ما عَقَرْت بعيري يا امرأَ القيسِ

أنا لا بعير لي

لكن...

سأرخي زمامَهُ

وأسير معك.

لا أُحِبّ أن تُشرِكَ بي شيئاً

حتى السيجارة بين سبابتك ووسطاك

يزعجني وجودُها

هي إذ توشك على النفاد، لا تُطفئ نفسها إلا في ممر ضيق بمنتصف صدري

 

الهفوة عندي خيانةٌ عظمى

ويدك التي بسَطَّتها مجاناً لتاءات تأنيثٍ منقوصة

صَفَعَت تاءاتي التسع والتسعين دفعة واحدة

فاهتزت لها سمواتي على اختلاف ألوانها

وغضب عرشي كما لم يغضب من قبل

 

أنت عاصٍ يا حبيبي

وأنا لا أقبل شركاء في بَهوِى الأطهر

ابحث لك عن مخرجٍ للغفران

فمازال رصيدكم يسمحُ بالكاد

وإنك لَشِريرٌ صغير

فتُبْ.

 

رَبّة الطهو

كاهني الأعظم

لستُ إلهةً تقليدية مثل "إيزيس" تقول:

"أنا أمُّ الأشياء جميعاً، سيدةُ العناصر"

ولا أنا بالطبيبة المعبودة برأس لبؤة يعلوها قرص شمسٍ تقول:

"أنا أعطيك كل القوة والسعادة مثل (رَع ) للأبد"

ولا أنا بــــــ "أفروديت" أنثى "الإيروسية"

أنا رَبّة الطهو وجَلد الذات بالفلفل الحار

أُذيب الــــ "هوت بابريكا" في الحليب والطحين، وأستمر في التقليب على النار، لتصبح حَرافة "البشاميل" أكثر تركيزاً

أزُجّ به في الفرن العالي، وأنتظر

ريثما أغرس تحت ياقة قميصك ثلاث نبتات دامية

وآخذ منك مثلها

 فأتلاشى.

 

كاهني "عُمر"

عَمّ تريدني أن أحدثك أولاً:

عن كتفيك اللذين تطاولا بي إلى ثَقبٍ أسود

أم عن سَعلتك التي أصابت حلاّقك بالتبوّلِ اللاإرادي

أم عن المرأة التي ما إن رأتك حتى أسلَمَتك صاغرة الـــــ "باسوورد" الذي  يفتح باب الكعبة، بعدما (آلت عليك حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ)([26])

أنت، كاهني الأعظم

وأنا صغيرة ـــــــ كجَدّتي

أتجنب أسباب الشِقاق، وتعدّد الزوجات

لكن

قرابيني بطعمٍ لاذع، وآياتي حارقاتٌ

أذاني أهازيج تشتعل، ونوافلي ألسنة لهب

وجع الأجساد شريطة مغفرتي، وطقسي الوحيد الآلام المبرحة

هذه النيران مفاتيح جنتي

فلِجْ بَهْوِى بجراحكَ عاريةً

لتنجو.

 

"فا"

نحن قوم نُقَدِّس أيام الخميس

ولكلٍ في ذلك طقسه

أنا مثلاً،

برفقٍ شديد

أداعب أصابع البيانو من الأعلى إلى الأسفل

دو

ري

مي

وعند المنتصف أتوقّف طويلاً

 

"فا" غابة استوائية

تتعامد عليها الشمس طوال العام

"فا" جناتٌ ألفاف

تسحبُ أصابع اليد، كرمال متحركة

"فا" مناجمُ ذهبٍ في حالة انصهار دائم

"فا" كلّ السخونة

وكلّ الموسيقى.

 

عندما أفقد ذاكرتي عام 2040

عندما أفقد ذاكرتي عام 2040

سوف تجدونها في الصندوق الأسود، ذي اللون البرتقالي

الصندوق المخبأ في علبة التليفون الأرضيّ على "الكومودينو" بجوار فراشي في غرفة نومي الأولى التي في بيت أمي

بيت أمي الكائن بالإسكندرية

سوف تجدون ذاكرتي في هيئة (ألو)

ومن بين (الألوهات) العديدة التي بالصندوق، تعرفونها بنكهتها

نكهة قهوة وسجائر

يخالطهما عطر رجل

(ألو)

لا هادئة ولا هائجة

عوانٌ بين ذلك

لها نبرة اشتياق عاقل

يعلو هامتَها وعدُ حقٍ بفردوسٍ قريب

(ألو)

ذكورية

ذكورية جداً

 

باذخة الذكورة

تحسبها النفوسُ سِحراً مبيناً

ينتاب المرءَ لمرورها ما ينتابه إذ تُنَزِّل فيروز على قلبه قولها

"الهوى لَحْظُ شآميةٍ رَقّ حتى قُلْتَه نَفَدا نفدا"

أو إذ يدبّ في أعصابه إيقاعُ "محمد رفعت" حال صعوده ضِمن أذان المغرب في يوم من أيام رمضان عبر طبقات الجو العليا

أو حال دخوله متطهراً الى بَهو تسجيل نادر لمفتتح سورة (البروج)

(ألو)

يتوقف أمام جلالها الزمن، في تكسيرٍ للقوانين العلمية، متأملاً

أثر الرحيق الخالص على حركته الفيزيقية

ستعرفونها بتوقّف الزمن منذ تسعينيات القرن الماضى وحتى عام 2040.

بلازما

الباليرينا التي تلاشت كتلتُها فور أن مسّت أطرافُ أصابع قدمها اليمنى غابةَ صدره المهيب

قالت قبل أن تبدأ طقوس رقصتها المباركة:

أيها المخدّر الذي في رئتينا

اخرجْ الآن

اجلسْ على المقعد الخشبيّ في زاويةِ الغرفة

ومِثل أي متَلَقٍّ كلاسيٍّ لإبداعاتنا

أخرِجْ ورقة وقلماً

ودوّنْ ما تلاحظه،

تعريف الدفء: ...

تعريف السخونة: ...

تعريف الانصهار: ...

تعريف الغليان: ...

تعريف البَخر: ...

تعريف البلازما: ...

ضعْ خَطّين تحت البلازما

وعندما تخرج الى الشارع حاول ملء الفراغات

فإذا نسيتَ

احضَر غداً في الموعد ذاته

على المقعد ذاته

وأَعِد المحاولة.

 

كم هو جميلٌ أن تنقطعَ الكهرباء

شريرةٌ أنتِ، أيتها الكهرباء

أين ذهبتِ الآن والوقت متأخر ـــــــ أيتها اللعوبُ

ألا تعلمين أني فى هذه الساعة من الليل أحتاج الضوء

آهٍ يا ماكرة

كنتِ تعرفين أنني لن أجد الشموع ولا علبة الثقاب

والكشّاف أيضاً

أين أضاع الصغار الكشّاف؟

حتى هاتفي، بضوئه القويّ، لا أذكر أين تركته

إذن، يا حبيبي ابقَ مكانك

وأنا التي سآتي إليك

سأريقُ الماءَ الطهورَ على وجهي

وأمسح برأسي ثلاثاً

أسبغ الماء على سائر أطرافي

ثم أتحسّس طريقي ـــــ في الظلام ـــــــ لأصل إلى بَهْوك

بهوُكَ فسيحٌ

فسيحٌ ومبارك

أحبّ الولوجَ فيه

التقطْني بأصابعك العشرة، من هذا الظلام

قرّبني منك

قليلاً قليلاً فأنا لا أحتمل

باركني بأنفاسك المقدسة

نعم هكذا

بالضبط

نقطة ضوء على شفتك السفلى

أُحَدِّق فيها......فتتسع

أحدق

تتسع أكثر

والغرفة تصبح مضيئة

كما ولدتنا أمهاتنا.

والرٌّوح، أيضاً، لها شهوات

نُعلن نحن مواليد برج القوس

أن للروحِ شهوات

وأن لها في شهواتها شؤون

ولها وجهات نظر.

 

بالأمس، مثلاً

طَرَقَني طارق

وكان روحاً

وكانت ليوسف

شاعرٌ يوسف

شاعرٌ وقوسيّ

لفرط قوسيتهِ أصابعُه دقيقة

وأنامله نار

إذن

ليس أقل من استقباله بما يليق بروحٍ

 

أجلسْته على مقعد بردهة القلب

وجعلتُ أُطعمه في فمه الكَرَز الطازج

وأسقيه القهوة التي أخبرني ربي بدرجة حلاوتها التي تناسب مثله

وكنت أتلو عليه من قصائدي ما ينسجم مع موسيقى "راجح داوود" التي لَمَحْتها على شفته السفلى

القهوة كانت حلوة

وساخنة جداً

ويوسف روحٌ لا تطيق استطالة التّوق

ولا البقاء في وَجْد لمدة طويلة

ولا صبر لديه على أن يأتي الوَصْل في وقته

روحُ يوسف لا تعرف من الشهوات إلا الحلول المباشر

وأنا روح، تُعِدُّ القهوةَ على نار هادئة

منذ بعيد، مسّني مَسٌّ عالقٌ بالبدايات

منذورٌ لعيون المحاولة،

يحبّ البقاء طويلاً في وضع الترقّب

ويحِنُّ إلى مجيء الوَجْد على مَهَلٍ

وينشد الوصلَ أن يأتي بعد وقتً كاف

ويتوجّس من لحظة الوصول

هو إذ يهيم في أضواء نظارة يوسف الطبية، التي تُضيء ردهة القلب وما حولها

لا يَمَلّ

وإذ يهيم في علامات التوحُّد ناظراً قُرب الحلول

هو لا يعود

هو لا يصل

وإذا ما اقترب

يرنو للمحاولة الجديدة

وروح يوسف غريزتها حمراء

لا تستطيعُ معي صبراً.

 

ذكرى الليلة الماضية

يا ذكرى الليلة الماضية

اجلسي أمامي على هذا "الشازلونج" الأحمر من المُخمل

أُطالِع عطرَكِ المُذكّر

وصوتَكِ المذكّر

ونظرتكِ التي تحكي قصائدَ خاصة، برائحة السيجار

اجلسي أمامي، فتُجالسنا عصافيرُ الصِّبا

ويتفجّر بالغرفة عنفوانُ اللحظة

سيصبح شَعري أسود بالكامل

وستختفي تجاعيد القلب المبكرة

وسيتوقف الزمن هاهنا

لو جلستِ، يا ذكرى الليلة الماضية

فسيحذفوا، من القواميس الطبية، مصطلح "سن اليأس"

وسيقف الموتُ عند حدِّه

ذكرى الليلة الماضية

يا ذكرى الليلة الماضية

لو جلستِ أمامي على هذا الشازلونج الأحمر من المخمل

فلن أموتَ أبداً.

 

أَسَدٌ رومانتيكي

منذ البداية، أخبرني الفَلَكيون:

بوصفكَ من مواليد "برج الأسد" فستعاملني كسَجّان محترف

ستضعني في سَجن قضبانه من الذهب الحر

وستغار على أنفاسي من نسيمٍ عابر، ومن البحر الهائج

البحر الهائج، بصراحة، أموت فيه عشقاً

أخبروني أنك ستغار من ذكور الملائكة، وذكور آلهة "الأوليمب" وعلى رأسهم "زيوس"

ستغار من كهنة "آمون" ومن رهبان "وادى النطرون"

 من أئمة المساجد، و رجال القانون ومن جنود الأمن المركزيّ

ستغار من ذكور النحل وجمع المذكر السالم

وإن تسلّطك المستطير، لن يكون أمامي سبيلٌ لردّه

 

لكن ما جعلني أعلَقُ فيك

شمسٌ بيدك اليمنى تتكاثر بالانشطار النوويّ

وبيدك اليسرى، حقول حنطة لا تذبل

أخبرني الفلكيون، أيضاً، أن شفتيك ومخالبك سواء

لهما نفس الحدة، ونفس درجة الحرارة

يا نهار ابيض!

ما كلّ هذه العلامات الحمراء

التي تركْتَها على بشرة روحي اليوم

أيها الأسد الرومانتيكي.

 

شمسك تشرق طول الليل

واللهِ

إنك بهجتُنا

إن بقيتَ، هذا ما تبتغيه حوائط الغرفة من التفافها الرباعيّ حولنا

وما يبتغيه الباب من مزلاجه

والنافذة من انغلاقها على بالونات احتفالاتنا الليلية

هذا ما تبتغيه المزهرية من انتصابِ تيوليبها الأحمر ليبتهل إلى السماء مباشرة أن ترسلك لنا اليوم وكل يوم

وما تبتغيه التفاحات على المنضدة الصغيرة من بضاضتها، ورائحتها، وسُكَّرها

والنبيذ الأبيض من رَوْقه الذي  ينتمي، بِصِلَة نسبٍ، إلى صفو عينيك

وما يبتغيه الفِراشُ من ورودهِ التي بَسَطها عن آخرها لتشمل سائر أعضائك الحبيبة

وما أبتغيه أنا من انغلاق عينيَّ النِّصْفي لتَذَكُّرِ شكل أصابع يدك اليمنى

 

و ما أبتغيه من بدايات غيابي

إن بقيتَ فهذا ما أبتغيه من تفتّح ثغور جسدي استعداداً للقيام بعملية (البناء الضوئي) بفعل شمسك التي ستشرق طوال الليل.

 

راقصُ التنّورة

هَيئ نفسَك لي

دُر من اليسار الى اليمين

رافعاً يدك اليمنى للسماء

وخافضاً اليسرى نحو الأرض

يا راقصَ التنورة

دُر دوران الشمس ودوران سائر العناصر

وسيدور جسدك مرات ومرات إلى أن يتلاشى

اخلع عنك أثواب الأرض واحداً بعد واحد حتى تصل إلى اللون الأبيض

وإلى أن تكتمل طبقات صفوك وتبدأ روحُك في تصاعدها

سأكون أنا قد انتهيتُ من احتساء قهوتي

وستكون روحي منتظرة على حصيرة خارج الحلقة

وتكون روحك اليسرى مازالت مدلاة نحوها

هاتها، وصاحب روحي إلى هناك

ودُر معي

سيشفُّ الكونُ بنورٍ آخر

وسترفل الكواكب في مدارنا وحدنا.

 

ضع المجاز بجوار الحائط

أيها العاديّ جداً

الجليل جداً

إن تدخل بَهْوِي، ادخله بقدمك الحقيقية

لابساً حذاءك مقاس خمسة وأربعين

لا داعي لتضييق الحذاء ليناسب "الموضة"

وإن تُربّت على ظهري، فربّت بيديك كاملتين

لا تتظاهر بالرقة ـــــــ أيها البدوي ــــــ بالاقتصار على بعض أصابعك دون البعض الآخر

فأنا أريد المودّة والرحمة غير منقوصتين

وإن تحدثني، حدثني بصوتك الحقيقي

دع عنك النايات الكاذبة

حاصرني بكل الحقائق الممكنة

أشهِر في وجهي فاتورة الكهرباء وفاتورة الغاز

صارحني بأسعار اللحم والخضر، وتكلفة مصاريف المدارس

ضع المجاز بجوار الحائط

انبذه للشعراء الحالمين أبداً،

البكّائين أبداً

الذين لا يحصون عدد حبيباتهم ولا عدد جراحاتهم

الذين لا يتوانون عن هجاء أنفسهم في المرآة.

 

سأكونُ سماءً صغيرة

عندما أموت ستصعد روحي للسماء

فقط، لتُثبت حضورها في السجلّ اليوميّ للطيبين من الموتى

وبسرعة خاطفة ــــــ تناسب الأرواح ــــــ ستعود إلى الأرض

في هيئة فراشة بألوان هادئة، تعود

أو في هيئة امرأة رائعة على غرار "سامية جمال" أو "كِيتي"

أو على غرار" لُبنى عبدالعزيز"

أنا سأختار "لُبنى"

لأقضي مع "رشدي أباظة "حياة أبدية حتى بزوغ الفجر

وربما أعود للأرض على هيئتي

فأجمع بين أحبائي القدامى وأحبائي المحدَثين، الحقيقيين منهم وأبطال العالم الافتراضي

وعلى أنغام "الدانوب الأزرق" في حفل واحد، أراقصهم جميعاً دون ضوابط

الأرواح لا تخضع لضوابط ـــــــ أليس كذلك؟

 

والقهوة، أحدثكم عن القهوة عندما أعود إلى الأرض بهيئتي

سأنتقي أصدق أنواع البُن

لا أفضِّل البن "المُحوّج"

أنا أريده وحده خالصاً نقياً

سأشرب وأشرب وأشرب دون حدٍّ أقصى

الأرواح لا تخشى الأرق ولا تُصاب بالتوتر العصبيّ، ولا تذهب للواعظين من أطباء المخ والأعصاب

 

وعن أعدائي من الأصوليين

سأكون في نهاية الرحلة سماء صغيرة

أستدعيهم إليّ

 فلا يعودون.

 

عندي فهرس كبير

يبدو أنني قد جُننْت رسمياً

أو، على الأقل، صِرت، مخبّلةً بكامل أشيائك

كلما صادفْت لك شبيهاً، أحببته

ووضعته في خانةٍ برأسي بتصنيفٍ مفهرَس

كلٌ حسبَ وجه تشابهه معك

أنا في رأسي فهرسٌ كبير جداً

فصلٌ، لإيحاءات كلماتك عندما لا تقصد شيئاً

فصل، لاهتزاز ساقك اليسرى صعوداً وهبوطاً من عصبية أو نزق

فصل، لارتباكك إثر سماع بعض كلماتي في وجود الغير

فصل، لاشتعالك غضباً عند نطق أحدهم لحرف من اسمي مجرداً من الألقاب

فصل، لشعوثة شَعرك من الأمام بفعل العرق أو الإرهاق

فصل، لنبرة صوتك التي تميل للانخفاض، عبر الهاتف

وفصل، لدرجة قتامة شفتيك

ودرجة امتلائهما بدم الغلمة

 

تصور؟ كل هؤلاء في رأسي

درجة أن الفهرس لم يعد مُنَظَّماً

ولا أستطيع إعادة ترتيبه

 

وأنت، يا مَن ترتع في سائر أنحاء القلب

هل أنت غاضب مني.

 

ما لم أستطع اعتياده

اعتدتُ السهر على أنفاسك بجانبي كل ليلة

اعتدت أن تهش الليل من على وجهي، وتستودعني شمسَك لأكتب عليها وأقرأ

وأن أسمع، فى حضرتك، موسيقاي الهادئة

اعتدتُ أن تنام مبكراً لتصحو مبكراً إلى عملك

وفي الصباح ألا توقظ أحلامي الصغيرة بإضاءة مصباح الغرفة

اعتدت أن تترك لي على السرير زهرة "تيوليب" بيضاء، أصحو عليها براحتي

وأن تأتيني في الظهيرة بفاكهة الجنة

اعتدت أن توقد لي الشموع يوم الخميس، وتنثر على ساعات اليوم ياسمين الفرح

يوم الخميس أو كلما سنحت الفرصة

أو تخلق لي فرصاً و فرصاً لتنثر الياسمين

 فتحيلني عطراً ومقاماتٍ موسيقية

لكن، ما لم أعتده حتى الآن ـــــ يا حبيبي ــــــ أن أضع قصائدي ــــــ كمعلّقاتٍ جاهلية ــــــ على جدران سِجنك الذهبيّ

الذي أتقنْتَ إحكامه لأجنحتي.

 

في آخر كلّ ليلة

بعدما أكون قد كسّرت كلّ الأكواب الزجاجية وأطقم الصيني

وأنا فرِحة جداً

وسكبتُ زيوت المطبخ وعلب الألوان السائلة، على الطنافس والشراشف البيضاء

وأنا فرِحة جداً

وبعدما أكون قد ملأت أجواء البيت الهادئ ضجيجاً وصراخاً

وأناـــــ أيضاًـــــ فرِحة جداًجداً

آتيكَ، في آخر الليل، مختارة

وأبكي بين يديك مثل طفلة ظلّت طيلة اليوم، رعناء

فرِحة بالتخريب

ـــــ سامحني أنت

طهِّرني بمياه يديك

 

احذف قماماتِ رأسي

وحدك تحذف قماماتِ الرؤوس

ووحدك تبدّل بها الفرح

امنحني حلوى الصَفْح

وهدهد قلبي بالرحمات

سَوِّ نتوءاتِ روحي

لأجيئك خضراء من غير سوء

هيئني، إذن، لك

 

في آخر كلّ ليلة

أنا أطلب إليك، من الأمان، سبعين باعاً

وتكون روحي على الفِراش قطنةً مبلّلة

في انتظار من يأتي في آخر لحظة من العمر

ليسحبها في طمأنينة

ويصعد بها

ويعيدها، راضيةً، إليك.

 

مداخل لارتقاء سُلّم اليقين

 

طوبَى

للتي نَذَرَتْ نهاراتِها لخدمة إناث عصافير الكناريا

قُرباناً، وإكراماً لعيون " أم النور"

في الصباح

كانت تُخرِج من قبضتها التفاحاتِ الصفراء مباركةً طيبةً

تُطعمها عصفورةَ كناريا لديها، عذراءَ أيضاً

تتلو عليها آياتٍ تُحصّنُها وتُعينُها على غَضّ البصر عن مباهج المارة

كانت تَعِظُها، وتوصيها بألا تغني كثيراً

وألا تضحك بصوت مرتفع عند مرور الملائكة الصفراء

الصفراء تحديداً

كيلا يطمع الذي في قلبه مرضٌ

وألا تُقَطِّع ما بقفصها من أوراق الجرائد، تجهيزاً لحياة

وأن تظلّ تصلي وتصلي

حتى يأتيها اليقين. 

 

طوبى

للتي نذرت ليلاتها تُتَمتم باسم الرب وهي تفتل من خلاياها العصبية خيوطاً تصنع بها قميصاً سابغاً على مفاتنها

طوبى لها

الراهبة التي لم تكن لتبلغ ذروة يقينها

حتى أتاها، على غير موعدٍ سابق، ملاكٌ له عينان

ولسانٌ وشفتان

يدخّن بشراهة

ويعانق برفقٍ

ويعرف مداخل ومداخل لارتقاء سلّم اليقين.

 

هي لا تريدُ أن تنطفئ

الجذوة تتكئ على الأريكة السوداء الفارهة

تشربُ قهوتها لتظلّ صاحية

هي لا تشاء أن تقف تحت الدشّ البارد لتطفئ نفسها

ولا تشاء التفكّر في أمور أخرى لتنصرف عما يأتيها من أفكار

الجذوة تشرب فنجانَ قهوةٍ آخرَ

ولا تفكر إلا في الجذوة التالية

التي ستأتي معك

وأنت قادمٌ من عملكَ مرهَقاً.

 

لكِ الملكُ اليوم

اجلسي هنا أمام المرآة

وعلى كرسيّ التسريحةِ، مرري المِروَد على عينك اليمنى ثلاثاً، وثلاثاً مرّريه على اليسرى

هكذا، اكتحلي باﻹثمدِ العربيّ وتأهّبي لجمالٍ استثنائيّ، ورؤية حادة

ارفلي في أحلى ثيابك، ورديّ بلون الدفء

وضعي على رأسك التاجَ

واكتملي

 

لكِ الملكُ اليوم أيتها الغواية

عاقري اﻷجساد جميعاً

أنتِ خمرها، ولا خمر لها غيرك

نزهي اﻷجساد عن خلاياها الميتة

واسحقي ــــــ كعادتك ــــــ وحدتها وأذيبي المسحوقَ في عمق المحيط

حرّري الأجساد من عَوراتها

واستخرجي تينها وعسلَها وزعترها وضعيهم على المنضدة لليلة قادمة

ثم أنيري ــــــ بمائكِ الطَهور ــــــ الوجوهَ التي شحبت من الانتظار

 

وعن اﻷرواح

دعي اﻷرواح ــــــ مؤقتاـًـــــ منزويةً بركن الكون

وأقيمي "كرنفال" الجسد

أطلقي حوله ألعابك النارية

وراقصيه كما تحبين، أيتها الغواية، اصعدي به إلى آفاقك العليا

وفي النهاية

ادهني اﻷرواح بــــ "زيتِ البهجة"

وستسطع، هي اﻷخرى بضوءٍ يخطف اﻷبصار

ستسطعُ اﻷرواح

وهي صاغرة .

 

أنا عالقةٌ باللّمَم

ما حيلتي

أنا عالقةٌ باللّمم يا الله

مأخوذةٌ بسطوةِ أصابعه

وبالنبيذ القاتم الذي بَذَرْته على شفتيه

بالهالات التي أدرتها سوداء حول عينيه

أنا مولعةٌ بحرائقه التي يشعلها في آخر الليل لتصيبَ مواضعَ القطنِ في مهجتي

آهِ يا لَمَم

يا بهجةَ الروح

أنا لا أريدك أن تغادرني، يا شيطاني الرشيق

أسكِرني بكؤوس "الشمبانيا الإيروتيكية" التي تسكبها في أذني سماعةُ الهاتف طوال الليل

ولا توقظْني بعصير البرتقال حتى ظهيرة اليوم التالي

صاحِبني إلى "حديقة الماسنجر الإيروتيكية"

وانشر على أرضية غرفتي الخاصة زهور "البيبى فلاور" الإيروتيكية.

 

وأنت يا الله

يا خالقَ "الإيروتيكية"

أنا عالقةٌ باللّمَم

مرةً، كأيةِ مراهقةٍ، أجلس إليه في مقهىً صغيرٍ بأحد "المولات"

مقهىً طازج مثل عينيه

آخذُ معه شرابَ "الميلك تشيكر" وأدخّن "شيشةَ التفاح" متغافلةً تماماً عن السنوات التي أضَعتهُا في كتابةِ الشعر العموديّ، بقلم الرصاص، على الورق

ومرة، كأية عجوز، أتشبث بخطوطِ شَيبهِ

وأتوكأ عليها حتى نصل إلى أطلال فندق "بوريفاج"

أجلس أمامه وأطالع خيوط الفضة التي تغطّي أحزان الرجال

ثم أَسيل مع ما أبقاه الزمنُ من عسلِ عينيه الأسود

مضمّخاً بنبراتِ أم كلثوم و"أمل حياتي".

 

وأنتَ يا الله

يا صانعَ العسلِ الأسود، ونبراتِ أم كلثوم

ومسوّياً رأسي كاملة

رأسي ليست ممسوسةً الا باللّمَم([27])

وأنا لا أخجلُ إلا منك.

 

رُقيتي الخصوصية

حزنك بالأمس في منامي كان طفلاً أبيضَ يصرخ في حُرقة

ضممتهُ إلى صدري برفقٍ

وما إن شَرَعتُ في إرضاعه ــــــ شهداً ــــــ ليهدأ

حتى أيقظني صوتُ بكائك بجانبي.

 

انهض من فراشك يا حبيبي

لا صفوَ  كصفو هذه الساعة

روحك أكثر صفواً

انهض لي

أنا أحضرت لك "التيوليب" الأبيض الذي تحبه

والقهوة الخالية من السكّر

أنت لا تحتاج إلى سكّر

وجئتك بفيروزَ، من بعيدٍ مصحوبةً بصوتِ مطر الإسكندرية الخفيفِ، في هذه الساعة من ليلِ نوفمبر

كما جئتك بأناملي

أناملي التي تعرفها جيداً

دعني أُمَرِّر أناملي على كامل جسدك وأنا أتلو عليك رُقيتي الخصوصية

فأُخرج أسقامكَ سُقماً سُقماً

وأُخرجك جواداً تاماً لليلٍ يقفُ على باب غرفتنا

منتظراً، وباكياً من حنين.

 

روحي فقّاعة

 

للمرة المئة

أقول لك: إن روحي فقاعة

وإنها ــــــ كغيرها من الفقّاعات ــــــ لا تملك إلاّ توتّرها السطحيّ.

 

إذن

اقترب

تعال إلى جواري

وبرفقٍ شديدٍ اسحب روحي على شريحةٍ من الزجاجِ رقيقةٍ

لكن تأكّد من غلقِ النوافذ والشرفات

فالهواء يزعجها كثيراً

وبذات الرفق المعهود في يديك، خُذها

أنا آمَن عليها معك

خُذها وضَعها على منضدةٍ لديك

وراعِها على ذوقك

ريثما أنادمُ القصيدة

فتفعلني على رغبتها.

وستذكر القصيدة يوما أنك راعيتها إذ كنتَ تدخُّن بشراهة

وأنك كنت تغالب التدخين لأجلها فغلبكَ

وأنها شاركتك قهوتك الـــــ (بين المضبوطة والزيادة)

وأنكما انصهرتما معا في موسيقى "موتسارت "بطعم فيروز.

 

ستذكر القصيدة التي ستفعلني

أنك زاوجتَ بين روحي الفقاعة التي لديك وبين روحك

وضعتهما على قطعةٍ من مخملٍ، بنفسجية وناعمة بما لا يخدش الفقاعة.

 

سأودع روحي لديك حتى تتهيأ القصيدة

وأعِدْها لي وقتما شئتَ بذات الرفق

على الشريحة الزجاجية

لكن

لا تمسَسْها.

 

صكّ الغفران

لم يكن الكاهن الذى منَحَنى حقيبة الصكوك، مخاتلاً

كان عارفاً

كان يعلم أني سأوزّعها على العاشقين وحدهم

هو كُشِفت عنه الحجب، إذ كان يقول في صكوكه :

ربنا يرحم العاشقين، بمقتضى هذا الصك، ويتجاوز عن اللّمَم كله

ويُصغّر الكبائر للشعراء منهم

وكان يقول :

الشعراء ليسوا بغاوين

الشعراء متْبُولون في نقيعِ العشق

مضمّخون بالآلام

المجاز كبيرهم، وديدنهم اللوعة

والعشق والألم صنوان

بَطَلان، عند أقدامهما العاشق "كومبارس".

ربنا امنح العاشقين، بمقتضى هذا الصكّ، فردوسَ الفرح

واحفظ عليهم صفاء الوجد

يسّر لهم الحلول والتوحد

واعجن الرغبةَ بالموسيقى الهادئة

اعصم النشوةَ من أن تكون رفيقةَ الملامةِ

واللذةَ من أن تأتي ومعها الوخزاتُ، التي تعرفُها

وأَعِد تشكيل الآلام لتكون بهجةً وسلاماً

ودع الرِّجفة كما هي.

شيطانُ (المغيرات صُبحاً)

الشيطانُ

الذي ظهر لي في السادسة من صباح غرة "ربيع الأول"
كان مخموراً إلى حدّ السطوع

شهياً، كَرُمّانِ السماء
أخذني من رسغي، و أسرى بي إلى صلاة التراويح

القارح!
لا يُصَلّي إلا بــــــ "البقرة" و "آل عمران"
كان رجيماً حقاً
يطيل السجود إلى أن تتمزق صمامات قلوب المصلين
وتسيل دماؤهم .


صباحٌ جميل، شيطاني الأبيض
عليكَ السلامُ، وأنت سلامٌ
تعرف؟
نظراتك بلون (المغيرات صُبحاً)
توضّأ

 وأوقِد على دلّة القهوة
ريثما أزيّن كعكةَ الفاكهة.


شيطاني الذي في الأعالي
إن كان ضرورياً أن تأتي في الصباح
فأَنزِل على قلبي ــــــ قبلما تجيء ــــــ أبجديةً لم يمسَسها قبلي بشر
وهاتِ معك ــــــ في علبة من القطيفة الحمراء ــــــ كل تاءات التأنيث ونونات النسوة، وهذه، وتلك، وهُن، وهاتين و....

 

شيطاني الطيب
أنا لا أومنُ إلا بالحدودِ القصوى
فتوقّع مني كل شيء
مثلاً:
تلك "منطقة حرة"
لا يسري فيها قانونُ "المنفعة الحدّية".

 

ما بيننا سِرٌّ صباحيٌّ
من على أريكته بالفردوس الأعلى
يهبط على الشراشف
شيطاني الحلال
إذ يغادرُ الصغار في حافلاتهم المدرسية
يتسرب من بين أصابع قدَمَيّ، مُتخذاً طريقه إلى غدتي النخامية
وراوياً سائر أنحائي بسوائله المسحورة
وناثراً عقود الياسمين في كل اتجاه
هكذا تكون الصباحات
لا يشغلنا ضجيج العالم
ولا ارتفاع أسعار السلع الأساسية
ونغفل عن فنجانَي قهوةٍ
بَرَدَا على "الكومودينو" الذي ارتبك بجوارنا.

 

مساء الخير يا عصير الخوخ

ثمارُ الخوخ التي تعتصرها كل ليلة ببطءٍ في فمي عبر سماعة الهاتف
كيف تقطفها من الجنة
أمِن وراء ظهور الملائكة تقطفها؟
كيف دخلتَ أصلاً
أَدَخَلتَ بصفتكَ ملاكاً زميلاً
لا أظن
وأنتَ الشيطانُ الجنوبيّ 
المعجونُ بالتوابل الحارقة

أم دَخلتَ بوصفك رباً للغبطة

المهم، يا عصيرَ الخوخ
أية لذةٍ هذه
أنا أموتُ عليها
لكني سآخذك وحدك يا عصير الخوخ
وسأغلق سماعةَ الهاتفِ لتأجيلِ هذه اللذة 
لكن إلى متى؟

والله لا أدري إلى متى.

 

 

([1]) كلمة تركية تعنى رحيق التفاح.

([2]) مرحلة ما قبل الحضانة للأطفال.

([3]) ذكور حيوان عروس البحر المائى.

([4]) الإسم العربى لحيوان عروس البحر.

([5]) مطعم و بار بالاسكندرية.

([6]) لغة أهل "سومر" وسميت كذلك لاستخدام المسامير في الكتابة على الطين الطري ثم يترك ليجف.

([7]) الزيت المستخدم في التعميد.

([8]) مقام موسيقي شرقي يفضل استخدامه في قراءة القرآن الكريم وحلقات الذّكر.

([9]) بطل الملحمة السومرية وهو ملك أسطوريّ وثلث إله، ظل يبحث عن الخلود حتى
       مات.

([10]) البذاذة تعني الرثاثة في الملبس، و الرواية منسوبة إلى (رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم). رواها أبو داود عن أبي أُمامةَ بنِ ثعلبةَ الأنصاريّ.

([11]) هو نبات يقلل ظهور الشَعر و يقضي عليه بتكرار الاستعمال.

([12]) من أغلى العطور الأنثوية الجاذبة للرجال.

([13]) ينقع الحمص لمدة يوم كامل في الماء ويُصفّى  ويشرب الرجل ماءه لتعزيز القدرة 
      الجنسية (إحدى التمائم العشر اليهودية  للعلاج التي أوصى بها الحاخامات)

([14]) طقس يهودى للطهارة ،سِفر العدد، الإصحاح 19.

([15]) طقس مسيحي يقام في ذكرى "خميس العهد" أسوة بالمسيح عليه السلام.

([16]) نهر بالهند يقدّسه الهندوس ويتطهّرون فيه بهذه الطريقة.

([17]) بذور نباتية تفيد في منح الفحولة والخصوبة.

([18]) عقار طبي للمرأة من آثاره، زيادة الرغبة الجنسية لديها..

([19]) هي بطالة تنشأ بسبب نقص المعلومات لدى الباحثين عن العمل وأصحاب الأعمال الذين تتوافر لديهم فرص عمل". د.رمزى زكى ـــــــ الاقتصاد السياسي للبطالة ـــــــ عالم المعرفة ص 29، 1997.

([20]) التابوت الذي حُفظت به ألواح العهد، الوصايا العشر ويعرف أيضا بتابوت الشهادة وفقاً للتراث اليهودى (الخروج 26، 30،...).

([21]) سورة الجن.

([22]) مادة أسطورية يُعتقد أنها تستطيع تحويل الفِلزّات الرخيصة (كالرصاص) إلى     ذهب ويمكن استخدامه في صنع إكسير الحياة..

([23]) عشبة يعتقد أنها تمنح الخلود كما جاء في أسطــورة جلجـــــــامش ظـــــــــل يبحث عنها  حتى الموت ومات دونها..

([24])مقطوعة موسيقية للرقص الشرقي.

([25]) "مين أو منو" إله الخصوبة عند المصريين القدماء..

([26]) من معلقة امرؤ القيس (بتصرف).

([27]) اللمم: صغار الذنوب.