عن لحظات الاغتراب والمنفى والتشظي، يكتب الشاعر العراقي من خلال قصائد قصيرة، تعيد النص الشعري الى مختبره الداخلي، حيث تكتب الذات اغترابها على البياض، وتعيد لألق الرؤى هوامش مفتوحة على التأويل، هي نصوص أقرب الى صرخة شاعر مدوية ضد الصمت الذي أمسى يهيمن على عالم مليء بالإلتباسات والمفارقات المدوية.

صرخة الأرواح

سـوران محـمد

 

١

المدارات الخامدة

حينما  تخرج الروح

 من جسد الأيام

أيا كانت المدارات!

سيموت التجديد هناك

و يكدر نظر الأماني

حينها ستتغير الحركات

 الى أنماط مملة

كبياض ثلوج الطفولة

على رمادية جليد الشيخوخة

أو

بمثابة ضحكة صاخبة

مجردة من السعادة(١)

 

٢

محطات الذاكرة

أثناء الانتظار السريع

عند محطة الرحيل

لن تهبط النظرات

على وجوه المسافرين

أو قراءة  الذكريات على  الجدران،

ولن ترسم صورة القلب والسهم

على النوافذ الضبابية،

أو ترفع رأسك

 كي تتحدق في الغيوم..

ترى كم من نجوم

قد  تتلألأ خلفها؟

ولو أن الجمال لا يدخر،

وكأنما  يتزين  

 لمشاهدة عابرة، خاطفة !

فليكن كذلك

والا مع کل رحيل و ذبول

تنكسر زجاجة القلب

ولن تلتئم الجرح أبدا

*

في هذا المساء البرتقالي

ليس هنالك وقت للتأمل

آن الأوان

 لمغادرة المحطات العتيقة

حيث ان الأشياء بداخلها

   مملة ، مكررة،

وكذلك ظلال البشر

وجروف الفناء!

تختفي مسرعة

ودون الاحاطة

بمعرفة الأسماء!

*

قد يصل القطار فجأة

الى آخر محطة  مأهولة

قادما من بلد الطفولة

على سكة الذاكرة

 کعندليب متلهف مغتم

 بمجرد فتحة في الباب

يطير نحو الفضاء اللاَّمتناهي

ويترك وراءه

عطف الصداقة

و وطن القفص

للأيام الرواكد(٢)

 

٣

وطن المنفی

الی کل من يبحث عن وطن، يجد فيه انسانيته 

- لا علم لدي! -

.................

 تخلدت الی النوم فسألته متحيرا

ما أمر الذي کان يتعشی

من حاويات النفايات؟

فيرمونە المارة أحيانا

 ببنســات قليلــة

أو قطعة حلوی

قال لاعلم لدي

قلت:

فآنظر الی

عيون السويس

لماذا تذرف دمعا 

دون توقف ربيعا و شتاءا

وعندما تسبح الحيتان شمالا

بمحاذات  القوارب المتهالكة ليلا

تشتد بکاءها فتمطر دما

مـــــع الحوريات

فيحمر السطح

 قال

لا علم

لـــــــــدي

**

 

- حنين ضائع-

هذه المرة

لطف المسعف،

 دفء سيارة الإسعاف،

و وجبة  طازجة في المصحة

حالت بينە و بين  القفز

من هاوية القنوط

**

 

- وطن صناديق كرتون -

ولو أن النوم داخل صندوق كرتون

لا يوقي من القرس

في شتاء شمالي،

ولو أن فتات خبز

داخل أوساخ

يسد الرمق

و يفسد حال الكبد!

لكنه  أهون من لعنات أوطان

تخرب أعشاش الطيور

و تخنق أنفاس الأنهر

 

الهوامش:

(١) هذا النص بالانجليزية:

https://www.poemhunter.com/poem/dead-orbits/

(٢) هذا النص بالانجليزية:

https://www.poemhunter.com/poem/memory-stations