هي مجموعة قصائد للشاعر المغترب، بن يونس ماجن، تستلهم اللحظة الراهنة بكل تجلياتها، عبر سفر وترحال بين ما تعيشه الإنسانية وبين ما تقاسيه، من الوباء الى بشر الوباء، ثنائية يكتب صداها الشاعر وهو يحافظ على سخريته المرة من هذا المشهد الكاريكاتوري، والتي أمسى العالم يرسخ صورته اليوم.

قصائد

بن يونس ماجن

 

الفراشة القزحية

ايتها الفراشة القزحية

لا تقربي مستعمرات العنكبوت

فلا داع للغرور والنرجسية

 

يحدث احيانا ان الزهور الاصطناعية

قد تتناسل على وسائد العشب الاخضر

ويربض الظل فوق شجرة سنديان قديمة

ومن وقت لأخر تنفلت اوراق الخريف المتساقطة

وهو مضرج بالحزن

 

مثل طائر نورس يدمن على رشف  ندى السراب

ويغافل الامطار الاستوائية

التي ضاقت بأنفاس غيمة شاردة

 

حبة كرز حمراء تلمع فوق ندف الثلج المتراكم

ماذا سيحدث لو بزغت الشمس بدون استئذان

وانصهرت عبر مسامات الغروب

 

ايتها الفراشة القزحية

في هذا الزمن العربي الرديء

هل ابكي على ضياع قرطبة

ام ابكي على هتك عرض القدس

 

على ضوء شمعة نحيفة

كتبت أخر مرثياتي لقط اسود

زهرة اللوتس في حديقتي

تتحول الى نجمة متدلية

فوق شجرة بامبو الصينية

 

ليس ضروريا ان يعرف الحطاب ابجدية الفحم

من الصعب تحديدها في قاموس الاشجار

فقط المنشار قادر على تصنيفها

 

القصيدة المصابة بفيروس كورونا

على سرير انفرادي

في غرفة الطوارئ

ابرة مصل مفخخ

وبالذخيرة الحية

تدخل في مناورات

مع شاعر مشاغب

 

من ثقوب ابواب المصحة

شاعر متوتر الاعصاب

يمد لسانه للنقاد

من الاطباء والممرضين

 

في زمن الحجر الصحي

وضع بعضهم اسمي

على قائمة الممنوعين

من كتابة الشعر

 

وضعوا "الفيتو" على خربشاتي

وعلى ايديهم

تعلمت قواعد الحلال والحرام

سطل دهان وفرشاة

وقصيدة مبتورة الجناحين

تصعد مع الشاعرالى المشنقة 

لتقرأ الفاتحة على روحه المنبوذة

 

على طاولة التشريح

قصيدة يتم تذويبها في حامض الكبريت

تدخل الى غرفة التخدير ولم تخرج

مكونات لقاحها يكتبونها على شواهد القبور

 

اللقاح مطلوب حيا او ميتا

 تسخر منه الكمامات المستعملة

 عند قراءة الصلوات الاخيرة

لقصيدة مصابة بفيروس كورونا

 

 

طلقات من مسدس فارغ

لا داعي للانكار

فقد سمعنا أكثر من مرة

عن طلقات من مسدس فارغ

تعلن  للجماهير الغاضبة

تحطيم الاصنام الفولاذية

وسقوط رموز العنصرية

مثل تجار العبيد

وتجار الارهاب

ولصوص الارض

وأصنام العرب الصهاينة الجدد

 

ولكن لم نسمع عن اوجاع النساء

في مخيمات النزوح

والتحرش  الجنسي والاستغلال والابتزاز

ولا عن الشيوخ والاطفال اليتامى

واضطهاد الاقليات

ولا عن تفجيرات المرفأ اللبناني

 

وسمعنا عن تقسيم الشمس والقمر

وتقويم الليل والنهار

والاسود الفاحم

والابيض الناصع

وسمعنا عن انتحار الشعراء

في الخمارات وعن قصائدهم النتنة

وسمعنا عن الاسرائيلي المدلل

وخرافة الهولوكوست

واسطوانة اللاسامية

 

اما جائحة كورونا

فصارت ترسم خرائط الغضب

وطقوسات الازدحام

في البيوت الآيلة للسقوط

وانكسارات الحجر الصحي

وانتفاضات من نوع أخر

وديناصورات ورقية

في مهب الريح

 

ان الرش بالملح

لا يغير طعم الانتقام

الكل يسير بين الالغام

وفي جيبه تقويم بلا أرقام

 

 

كل الحلول بيد الزعيم

من رحم الشوارع العربية البائسة

يخرج شعب مسربل بهزائم خانقة

الليل عندهم رتيب الخطوات

حتى الغراب يدخل في حداد كبير

ويرتدي أعلاما سوداء منكسة

 

شعب مل من الحروب الدونكشوطية

والصراعات الطائفية

وحفلات مصارعة الثيران

على مدرجات جامعة الدول العربية

 

شعب صار كرصاصة فارغة

مرمية في الشوارع الخلفية

في مواسم الزبالة السياسية

ومن فرط البلاغات العسكرية

والتهديدات النسفية

يدخل مرحلة الكوما المزمنة

ويندب حظه لكواكب المجموعة الشمسية

 

شعب يركض تحت شمس النهار

ثم يعتذر للظل عن  حصاره لفيئه

ويسأله الظل عن السر الكامن

 الذي جعل زعيمه المناضل

يحقق الانتصارات تلو الانتصارات

في جميع حروبه الوهمية

مع "اسرائيل"  العاتية

منذ "الجاهلية" حتى عصر الكورونا الوبائية

 

كل الحلول بيد الزعيم                    

حين يضع وراء اذنه قلم الليزر                

وقبل ان يجف الحبر البنفسجي                      

يتحول الشعب في حلقه        

الى  شوكة مستحيلة البلع

ما عاد يستطيع التواصل

الا وراء الميكروفونات البلاستيكية

وامام سخرية الملايين

 يتهجى في كتاب "الامير"

يقرأ ويمحص ويرتعش ويتطير فزعا

كأنه تناول التخدير بالابر الصينية