أجراس قبل الرحيل

إصدار جديد للشاعر الأردني ادوارد عويس

صدر مؤخراً في عمان/ أيار لعام 2009 ديوان أجراس قبل الرحيل لشاعر الأردن الكبير ادوارد عويس، الراحل في تموز الماضي تاركاً إرثا أدبياً مميزاً. وجاء كتاب عويس الرابع أجراس قبل الرحيل الصادر عن وزارة الثقافة الأردنية كأول إصدار بعد رحيله يحمل قصائد اتسمت بالشمولية في مضمونها مسجلة إحداث تاريخ المرحلة شعراً بدراسة معمقة قدمت تصويراً وافياً للموقف. فجاء الكتاب مشكلاً مدرسة في الفكر الفلسفي المترامي عند تأطير جميع مناحي الحياة بفلسفة شعرية مضمّخة بالصور التي تجلّت في بلاغة اللغة لتشكّل مدرسةً في شعر المرحلة.

حملت هذه المجموعة الشعرية في أغلب قصائدها رسالة الثورة بأبعاد الحس الوطني المتدفق شعراً، فكان له أن يترك بصمة تشكل موقفاً صلباً تجاه الأزمات العربية الراهنة. حيث ترك هنا ادوارد عويس على عاتقه مسؤولية رسالة الطريق الى القدس وبغداد، فعَبرَ من خلال قصائده الى وجدان القارئ بكلمات تخط درب النضال بهمة عالية يستقيها القارئ شعراً، ونذكر من أبياته:

القُدسُ في حَبسِها المشؤُومِ نازفَةٌ   تَهفو للُقيا الذُّرى والدَّمعُ مُنسَكِبُ
مَرْمَى العَصا حَبْسُها والحَشْدُ مُلتَئِمٌ   في قَلبِ يَعْرُبَ والتَّاريخُ مُرْتَقِبُ
كلُّ الخِطاباتِ ما أَروتْ لناظَمأً   ولا شَفى مِن ضَنىً نَفطٌ ولا ذهبُ
إِنَّا نُريدُ دواءً يُستَطَبُّ بهِ   قِوامُهُ العَزم والنِّيرانُ والغَضَبُ


وتضمّن الديوان قصائد عاطفية وفي الغزل أجاد فيها بنقل القارئ من خلالها الى فسحةٍ رحبة جمالية للحياة نذكر منها قصيدة أزف الرحيل وقصيدة ضيعت ألف عشيقة وقصيدة من قبل أن أراك، كما تضمن الكتاب بعض إشعار الرثاء كقصيدة ورأيت وجهك وقصيدة رد عنك الأسى وشعر الحكمة بأبعاده الفلسفية العميقة التي عودنا عليها الذي برز جلياً في قصيدة الشاعر والسيجارة وقصيدة الأرض والفأس، في حين أن الحكمة لم تغب عن بقية قصائده، نذكر منها:

 

لولا ارتحالي في عيونِكِ فتنتي   ما انْهَلَّ صُبْحٌ أَوْ أَطَلَّ مَسَاءُ
لولا اشتعالاتُ الغرامِ لمِا علا   صَرْحُ الحضارةِ أو أُقيمَ بِنَاءُ


وكان لأحد ابرز قصائد الكتاب أن تسجل علامةً خالدة في تاريخ الأدب العربي والتي جاءت كوقفة ثالثة على قصيدتي احمد شوقي وابراهيم طوقان في المعلم وحملت عنوان (قالَ الأميرُ)، أبرز من خلالها جدلية موقف كليهما مسجلاً موقفه الذي أتى بعد خبرة قرابة الثلاثين عاماً كمعلم من معلمي مرحلة الرعيل الأول في الأردن. ومن أبياتها:

 

قالا وكانت في الربوع طلائعٌ   تَطَأُ اللهيبَ وفي القلوبِ كلومُ
قالا وكانا يرصدان بحسرةٍ   نُذُرَ البلاءِ على الربوع تحومُ
ويجيءُ دوري والهوانُ مخيّمٌ   والأرض نهبٌ والبلاءُ مقيمُ
نَشرُ الحقائقِ أولُ الدّربِ الذي   يبغيه نهجٌ للصلاح قويمُ
فإذا صبغْنا بالرياء عقولَنا   تفنى العلومُ ويسقط التعليمُ
ويوسِّع العدوانُ دولةَ حقده   فالنيلُ حدٌّ والفراتُ تُخومُ

صدر للشاعر ادوارد عويس سابقاً ديوان ريادة وديوان رواء المساء وديوان سوار الأغنيات وأجراس قبل الرحيل لهذا العام 2009، ويذكر أن الراحل ترك مخطوطات في طريقها للنشر منها ديوان ليالي القمر الذي قيد الطباعة وديوان أغنيات الى يارا وديوان في الشعر الشعبي ومسرحيات شعرية غنائية ومخطوطة في الفلسفة وعلوم اللغة.

ويذكر أن عويس صاحب نظريات هامة في علم العروض واللغة منها نظرية العروض اللوني الموازية لنظرية الخليل بن احمد الفراهيدي، وهو حامل لقب شاعر الأردن الكبير ولقب قلعة الضاد في الأوساط الأدبية الأردنية، حيث كان أول من أطلق عليه هذا اللقب صحافة جامعة اليرموك، وهو من المؤسسين للحداثة الشعرية في الأردن واحد أبرز الأدباء اللذين رفدوا الحركة الثقافية العربية بغزير إنتاجهم.

ويصل الكتاب الى المكتبات في الأردن في الأيام القريبة المقبلة ليحملنا بآهات الشعر الى عوالم الإبداع والفكر.