توج الكاتب التنزاني من أصل عربي، عبد الرزاق قرنح، بجائزة نوبل للأدب تقديرا لسرده "المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات"، بحسب لجنة التحكيم التي أشادت بـ "تمسّكه بالحقيقة وإحجامه عن التبسيط".. في هذا التقرير نقترب من آراء قرنح وكتاباته في لحظة انتقالية يشهدها العالم حيث يرصد إرث الاستعمار وأثره في ترك الأوطان.

عبد الرزاق قرنح وجائزة نوبل للأدب 2021

 

عبد الرزاق قرنح، تنزاني أصله عربي، يرصد إرث الاستعمار وأثره في ترك الأوطان

من أصول عربية، وُلِد في زنجبار -تنزانيا حاليا- وانتقل إلى بريطانيا عام 1968  وترصد كتبه إرث الاستعمار وآثاره على مَن يضطرون لترك أوطانهم. الروائي عبد الرزاق قرنح الفائز بجائزة نوبل للآداب لعام 2021. وقال الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح، الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب لعام 2021 يوم الخميس 07 / 10 / 2021، إن على أوروبا استقبال المهاجرين بمشاعر العطف والرحمة بدلا من الأسلاك الشائكة وإن سلوك الحكومة البريطانية "مقزز إلى حد ما" تجاه الساعين للجوء. كما أكد الكاتب، والذي ظل يرصد في كتبه إرث الاستعمار وأثاره على الأشخاص الذين يضطرون لترك أوطانهم، إنه فوجئ تماما عندما اتصلت به الأكاديمية السويدية لإبلاغه بفوزه بالجائزة.

سيرة حياة

ولد قرنح في زنجبار، تنزانيا حاليا، وانتقل وهو طالب الى بريطانيا في 1968. وتصور رواياته، التي نُشرت أولاها عام 1987، بشكل متكرر النازحين والغرباء الذين يتصالحون مع هوية في حالة تغير مستمر. وتحدث بشاعرية عن تجربة الهجرة، عن ترك المرء للأسرة وجزء من حياته للعيش في مجتمع جديد يشعر فيه على الدوام بأنه غريب. وأضاف قرنح (73 عاما) أنه يشعر أن الحكومة البريطانية تبدو سيئة تجاه أولئك الذين يسعون للحصول على اللجوء السياسي.

وقال لرويترز في حديقته في كانتربري بإنجلترا "في الوقت الحالي ، يبدو أن سلوك الحكومة مقزز إلى حد ما إزاء الأشخاص الذين يطلبون اللجوء أو الذين يسعون لدخول هذا البلد. "يبدو أنهم يستغربون بأن القادمين من أماكن صعبة يريدون المجيء إلى بلد ينعم بالرخاء. لماذا يستغربون؟. من ذلك الذي لا يرغب في المجيء لبلد أكثر رخاء؟. هناك نوع من الخسة في هذه الاستجابة". يقدم قرنح عمله باعتباره محاولة لسد الفجوة بين العمل الأكاديمي عن الاستعمار والمعرفة الشعبية به. وقال "هذا مجال يمكن للأدب أن يلعب فيه دورا. ليس بأسلوب تعليمي بل من خلال السرد والتواصل ومن خلال الحديث عن الأشياء، ومن خلال جعل الناس يعيشون (الحدث)".

وبعد يوم من تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون "بالدفاع عن تاريخنا والميراث الثقافي" ضد أولئك الذين يهاجمون ماضي بريطانيا، قال قرنح إنه يرفض محاولات الاحتفال بتاريخ انتقائي. وأضاف "يجب أن تعرف. لو أن هناك أمورا فظيعة يتعين معرفتها، لابد أن تُعرف. لا يمكنك أن تكتفي بالقول إنها هراء يزعجنا".

الفائز بنوبل الآداب: اللاجئون الأفارقة لا يأتون إلى أوروبا فارغي الأيدي

ودعا الفائز بنوبل للآداب لعام 2021، الروائي قرنح، الخميس 07 / 10 / 2021 أوروبا إلى اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من إفريقيا بمثابة ثروة، وشدد الكاتب المقيم في المنفى ببريطانيا بعد هروبه من تنزانيا على أن هؤلاء "لا يأتون فارغي الأيدي". وقال قرنح في مقابلة مع مؤسسة نوبل إن "كثيرين من هؤلاء (...) يأتون بدافع الضرورة، ولأنهم بصراحة يملكون ما يقدّمونه. وهم لا يأتون فارغي الأيدي"، داعيا إلى تغيير النظرة إلى "أشخاص موهوبين ومفعمين بالطاقة".

يتميّز الروائي عبد الرزاق قرنح المولود في زنجبار والمقيم في بريطانيا بأعماله التي تغوص في آثار الاستعمار والهجرة على الهوية. وهو كوفئ بالجائزة الأدبية الأرقى تقديرا لسرده "المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات"، بحسب لجنة التحكيم التي أشادت بـ "تمسّكه بالحقيقة وإحجامه عن التبسيط".

ولجأ عبدالرزاق قرنح، المولود في زنجبار، وهو أرخبيل يقع قبالة ساحل إفريقيا الشرقية بات جزءا من تنزانيا، إلى بريطانيا في نهاية الستينيات بعد بضع سنوات من الاستقلال في وقت كان عرب المنطقة يتعرّضون للاضطهاد. ولم يتسنّ له أن يعود إلى زنجبار سوى في العام 1984.

وكشف قرنح في تصريحات لوكالة "بي أيه" البريطانية "لم أستوعب بعد أن الأكاديمية قررت تسليط الضوء على هذه المواضيع المتجذّرة في أعمالي كلها. ومن المهمّ التطرّق إليها والتناقش فيها"، معربا عن فخره الكبير بهذه الجائزة. ويعيش قرنح في برايتون في جنوب شرق إنكلترا وهو درّس الأدب في جامعة كنت حتّى تقاعده منذ فترة قصيرة. واعتبرت الحكومة التنزانية أن تكريم قرنح يشكّل فوزا لتنزايا وللقارة الإفريقية برمّتها. وقال الناطق باسم الحكومة التنزانية في تغريدة على "تويتر" توجّه فيها إلى الفائز "كرّمتم من دون شكّ مهنتكم على أفضل وجه. فوزكم هو فوز لتنزانيا وللقارة الإفريقية برمّتها".