أربع مائة وواحد وستين عملا فنيا تم تقديمه في معرض أبعاد تشكيلية في مسقط العمانية، تمثل مختلف اتجاهات ومسارات للعديد من التجارب التشكيلية لمجموعة من الشباب العمانيين من أجل تقديم بعض من أفكارهم ورؤاهم الجمالية، المعرض الذي امتد لفترة فتح الباب لمناقشة وظيفة الفن وانفتاحه على سيكولوجية الإنسان وأيضا لتقريب الزوار من راهن ومستقبل التجربة التشكيلية العمانية.

«أبعاد تشكيلية» معرض عُماني يجمع الرسم بالنحت

 

مسقط - لا يزال المعرض الفني التشكيلي الجماعي “أبعاد تشكيلية” في نسخته الثالثة المقامة حاليا في النادي الثقافي بالقرم، يقدّم مجموعة من الأعمال الفنية للشباب العُماني في إبراز لتباين أفكارهم ورؤاهم الجمالية المختلفة. أعمال رسمتها ونحتتها أنامل فنانين عُمانيين شبان تؤسّس لحضور فني مغاير، حيث حقيقة الفن الذي يُعدّ لغة شاملة، تتوافق مع سيكولوجية الإنسان ودوافعه النفسية الذاتية.

المتابع لأعمال المعرض يجد أربع مئة وواحد وستين عملا فنيا في مختلف المسارات التشكيلية، لمئة وواحد وسبعين فنانا وفنانة.

ويجد المتابع لأعمال المعرض أربع مئة وواحد وستين عملا فنيا في مختلف المسارات التشكيلية، لمئة وواحد وسبعين فنانا وفنانة، من بينها لوحات للفنان التشكيلي محمد البلوشي الذي يقول “الرسم موهبة تسكنني منذ الصغر، أخذت مسار التعلم الذاتي من خلال الممارسة المستمرة، أرسم في كل مكان، في الكتب والدفاتر والمذكرات، ودائما ما أحاول توسيع دائرة معارفي من خلال القراءات والحوارات، وأيضا التأمل والتدبّر في الطبيعة والمخلوقات والتفكير في المواقف والتجارب، كل هذه الممارسات انعكست في أعمالي الفنية”.

ويضيف البلوشي “أتوجه الآن نحو تجربة البحث عن الذات وتحقيقها، والسعي في هذه التجربة للمزيد من الرسم والاحتكاك بتجارب الآخرين، إلى أن تتشكّل رؤية مستقبلية واضحة، فاللوحات رفيقة لرحلة تجاربي الخاصة، في حين تتزامن رحلة البحث عن الكثير من التساؤلات التي تشغل تفكيري، مثل سؤال من أنا؟ وفي حين آخر هي عبارة عن تصوير لحديث مع شخص ما، وكثيرا ما أرسم لوحة لأرسم فقط”.

وعن المدرسة التي يتبعها حين يرسم يقول “عندما أرسم لا أضع في تفكيري مدرسة معينة، ولكن من خلال ممارستي للرسم في فترات الضغوط واتخاذه كطريقة للتعبير عن نفسي وأفكاري ومشاعري أتبع بشكل كبير مسار المدرسة التعبيرية”.

ويتحدّث البلوشي في السياق ذاته عن مشاركاته داخل السلطنة وخارجها قائلا “جائحة كوفيد – 19 أدّت إلى توجه كبير نحو التحوّل الرقمي ومن هذا المنطلق أسعى جاهدا لإثراء المحتوى الإلكتروني بالأعمال الفنية المرتبطة بالبيئة العُمانية على مواقع التواصل الاجتماعي، منها مشاركتي في معارض فنية رقمية في السلطنة ومؤسسة خاصة في الكويت خلال فترة الجائحة، ومع الرجوع إلى الحياة الطبيعية كانت مشاركاتي الأخيرة في معرض أبعاد تشكيلية في نسخته الثالثة، وأنا سعيد بهذه المشاركة”.

وعن لوحة “خلف الجدران” تقول صاحبتها الفنانة هدى الراشدية “ثمة إشكالات تواجه المجتمع في الوقت الراهن أصبحت حديث الشارع والبيت، ألا وهو الابتزاز الإلكتروني حيث تنطلق لوحتي من هذه الفكرة”. وتضيف “إن لم نواجه هذا المبتز سوف نكون خلف الجدران سجناء خوفنا إلى الأبد”.

واللوحة تتحدّث عن الابتزاز الإلكتروني وما ينجرّ عنه من قلق وخوف لدى الفتاة، وجاء هذا العمل، كما توضّح الراشدية “من أجل التعبير عمّا يجول في قلب كل فتاة وقعت تحت هذا الضغط، ورسمتُ هذه اللوحة وكلي أمل أن تكون عزاء ومواساة للفتيات اللاتي تعرّضن لهذه المشكلة”.

وعن علاقتها بالفن، تقول “تخصّصي انصبّ أساسا على تصميم الغرافيك الذي فتح لي آفاقا نحو الرسم الرقمي، وكانت بدايتي في العام 2019 برسومات كرتونية والموشن غرافيك”، لكن أول تجربة لها في الرسم الواقعي والتعبيري كان في العام 2020، حيث شاركت في مسابقة ضمن جامعة الشرقية في معرض افتراضي للرسومات”.

ومن جانبه يقول النحات ياسين السيفي عن عمله المعنون بـ”قوسان”، “حاولت تجسيد معاناة الأشخاص المصطفين في طوابير ‘العيش’ (الخبز)، وهذا ما لمسته في بعض الدول، بحيث يدلّ القوس الأول على معاناة الأشخاص جاهدين للوصول إلى رغيف الخبز، ويتّضح ذلك من خلال هيئة الشخص الضعيف وظهور عظامه وهو يُحاول أكل الرغيف السميك مقارنة بنحافته، أما عن المسافة التي بين العملين، فهي ليست ثابتة قد تتغيّر من يوم إلى آخر، وذلك لأنها تمثل طول الطابور الذي يقف فيه المئات من الأشخاص يوميا للحصول على رغيف الخبز، وهذا الأمر يتغيّر من يوم إلى آخر قد يكبر الطابور أو يقل، أما القوس الثاني فنلاحظ فيه خروج الشخص من الطابور بعد الحصول على رغيفه وبطنه ممتلئ في حين أن سُمك الخبز قل بعد أن تمّ تناوله، ويندرج عملي ضمن المدرسة السريالية”.

وضمن المدارس التعبيرية والتجريدية والسريالية تندرج اللوحات التي ترسمها الفنانة التشكيلية زينب الخضورية والمعنونة بـ”ابتلاع الكلمات” و”الرجوع إلى الذات” و”تفاصيل الأوراق”، وهي في ذلك تقول “في لوحة ‘ابتلاع الكلمات’ شبّهت المشاعر بالوجوه التي تبتلع كلماتها في جوفها حتى تفقد تلك الكلمات بريقها وتختفي ملامحها مع مشاعرها، في حين تحظر في لوحة ‘تفاصيل الأوراق’ شخصيتان تحملان تفاصيل عميقة مثل ورقة لديها جهتان وتملك في كل جهة تفاصيل خاصة بها، أما لوحة ‘الرجوع إلى الذات’ فتتحدّث عن عودة الإنسان إلى ذاته التي أهملها، تلك الذات المكونة والوحيدة مثل حارس لمتحف لا يزوره أحد”.

أما الفنانة زينب البوسعيدية فتقول عن لوحاتها “في ‘عبق من الماضي’ رسمت قاربا يرسو على الشاطئ تعبيرا عن أهميته في الحياة اليومية، وعلاقة أصحابه بالصيد وحياتهم اليومية، أما لوحة ‘سفينة تقليدية’ فهي تشير إلى الرحالات التي قمت بها لفترة من الزمن وعلاقتها بالبحر قديما، في حين تُشير لوحة ‘بيت السعادة’ إلى الهدوء والسكينة في البيت من خلال استخدام الحمام الزاجل رمزا للسلام، بالإضافة إلى بيان مكنونات التراث العُماني للدلالة على الراحة والسكون قديما، بعيدا عن ضجيج التقنيات الحديثة في الحياة اليومية، وما يواجه المجتمع من صخب في الحياة المعاصرة”.