هنا خلاصات لقاء علمي ناقش راهن الأدب في الجزائر ومساهمة المرأة في المتخيل الروائي، في ظل وضعية التشتت وغياب النقد. النقاش الذي توقف عند العشرية الأخيرة لراهن الإبداع الجزائري في لقاء احتضنته العاصمة الجزائرية ونظمه مركز الأبحاث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران ومركز الدراسات المغاربية استكمالا لمشروع كبير أطلقه الراحل حاج ملياني.

حقول الأدب الجزائري 2010 - 2020 الراهن والتحولات

 

لقاء علمي يناقش الرهان الأدبي في الجزائر ومساهمة المرأة في كتابة الرواية.

الجزائرشكل موضوع “راهن الإبداع الأدبي في الجزائر” الشهر الماضي بالجزائر العاصمة محور اليوم الدراسي “حقول الأدب الجزائري 2010 - 2020 الراهن والتحولات” المنظم من طرف مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران ومركز الدراسات المغاربية في الجزائر وذلك في إطار استكمال المشروع الذي أشرف عليه الراحل حاج ملياني.

وتناول المتدخلون خلال الجلسة الأولى من هذا اللقاء العلمي الذي احتضنه قصر الثقافة مفدي زكريا مداخلات حول الراهن الأدبي في الجزائر بالتركيز على تحليل معطى الإنتاج الروائي والرواية النسوية والأدب الأمازيغي، وكتابة الشعر، والنشر والناشرون وترجمة الأدب وتعدد اللغات وكذا أهم مكوناته وتجاربه.

وفي هذا الإطار، استعرضت الناقدة ليلى موصدق أهم محاور مشروع البحث “حقول الأدب الجزائري 2010 - 2020 الراهن والتحولات” الذي أطلقه مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بإشراف الراحل حاج ملياني، حيث عمل المشروع منذ انطلاقته في يونيو سنة 2019 على إنجاز مسح ميداني للحقل الأدبي في الجزائر من خلال مقاربات ومناهج عمل مختلفة وضمن محورين رئيسيين، ركز الأول على الفاعلين في حقل الإبداع حيث نظمت ورشات حول الكتابة والنشر في الجزائر تم خلالها توزيع استبيانات على الكتاب والناشرين بهدف الوقوف عند رؤاهم محول صناعة الإبداع.

وأشارت المتدخلة إلى أن المحور الثاني من المشروع الذي يهدف إلى إنجاز “قاعدة بيانات” حول الأدب الجزائري الذي كُتب ونُشر بين عامي 2010 و2020، ركز على الممارسة النقدية في الحقل الأدبي ممثلة في المدونات والمجموعات الأدبية والصحافة الأدبية، مبرزة أن العمل استخدم العديد من الأدوات المنهجية تنوعت بين البحث الميداني والمقابلات إلى جانب تسجيل المقابلات على شكل “بودكاست” مع الروائيين وهو ما أثمر تراكم معطيات ميدانية غزيرة وعميقة حول الأدب والنقد في الجزائر وفاعليه في اللغات الثلاث.

وأوضح الأكاديمي محمد داود في مداخلته أن “الحقل الأدبي في الجزائر يتميز بالتعدد على المستوى اللساني وباللغات الثلاث (العربية، الفرنسية والأمازيغية ) كما أنه متنوع في ما يخص فضاء النشر وذلك عبر دور النشر العربية التقليدية على غرار مصر ولبنان وسوريا وأيضا على مستوى دور النشر في فرنسا وكندا”، مشيرا إلى بعض التجارب لكتاب جزائريين في المجال ومنهم الروائي الطاهر وطار.

وبالمناسبة قدم داود مسحا شاملا لمسار تطور الأدب الجزائري وكذا التطورات التي شهدها مجال النشر والصحافة الأدبية والمعارك الأدبية وبروز مصطلح “الأدب الاستعجالي” وغيرها من القضايا الثقافية، مبرزا أن “الحقل الأدبي في الجزائر عرف تحولات مستمرة كما أنه جد معقد ولا يمكن حصره وذلك لأنه حقل مشتت ومتشظ لظروف تاريخية وسياسية كما أنه يعاني من عدة إشكالات ضمنها غياب المتابعة النقدية ومؤسسات وهيئات التثمين وأيضا غياب المجلات المتخصصة وقلة الندوات والمقاهي الأدبية”.

من جهتها قاربت الباحثة فوزية بوغنجور (مركز كراسك) إشكالية “رواية الشباب” مركزة على واقع سوق الكتاب لفئة الناشئة، أين عرضت نتائج دراستها الميدانية لعينات من سبعة كتاب شباب أجرت معهم لقاءات مركزة على تحليل معطيات السن والجنس وكذا تواصلهم مع دور النشر وصيغة النشر المعتمدة، إضافة إلى مدى قراءتهم للإنتاج الروائي لمختلف الأجيال الإبداعية.

وفي نفس الجلسة العلمية تحدثت الباحثة نادية بن طيفور في مداخلتها عن “رؤى حول كتاب الشباب باللغة الفرنسية في الجزائر: رهانات وتعليمية”، فيما تناولت الباحثة حكيمة بلال موضوع “النشر في الحقل الأدبي الأمازيغي” في حين قدم الروائي أحمد طيباوي شهادته حول الجوائز الأدبية.

وفي جلسة أخرى قدمت عدة مداخلات تمحورت حول علاقة الصحافة بالمشهد الأدبي في الجزائر. وتحت عنوان “الصحافة الأدبية وتأثيرها في المشهد الأدبي” أكد الروائي والكاتب الصحافي إسماعيل يبرير “ضرورة تأسيس صحافة أدبية متخصصة لتأهيل المشهد الأدبي، ولتكريس تقاليد أدبية وكذا تحديد سمات الخطاب الأدبي الجزائري”. كما شدد المتدخل على ضرورة “منح شفرات هذا الخطاب للقارئ من كل المستويات والفصل في مسألة الأجناس الأدبية وفق منظور معرفي”.

واعتبر صاحب رواية “وصية المعتوه” أن ذلك ضروري في ظل المشهد الإعلامي الجديد وتمركز فضاءات التواصل الاجتماعي التي سمحت بتواجد ظواهر كتابية غير أدبية تقدم تحت أجناس أدبية معروفة مثل الرواية والشعر وغيرها. واعتبر في هذا السياق أن غياب الصحافة الأدبية المتخصصة في الجزائر ساهم في انتشار مثل هذا “الأدب”.

باحثون جزائريون: أدبنا يعاني من التشتت وغياب النقد

كما أشار المتحدث إلى النقص الكبير في الملاحق الأدبية المتخصصة في “الساحة الأدبية الجزائرية، وهو ما يعيق تشكل مشهد أدبي رصين”. وقال بخصوص دور الصحافة الأدبية المتخصصة في تحقيق المشهد الأدبي إن هذا الأخير لا يقوم دون منصات محترفة تؤطر وتمنح الشرعية الأدبية للمنتوج في أي بلد.

وتضمنت مداخلة الصحافي والكاتب أمزيان فرحاني شهادته وتجربته في الصحافة الأدبية الحالية، وتساءل في البداية “هل هناك فعلا نقاد الصحافة الأدبية والثقافية في ظل استمرار تقليل البعض من أهمية صحافيي الأقسام الثقافية؟”.

وأكد فرحاني من جهة أخرى على ضرورة الذهاب نحو التخصص في المجال الثقافي والأدبي لتمكين الصحافي من التمكن من عمله وتقديم عمل متكامل، لأنه يعرف خصوصيات الميدان الذي يتحدث عنه. وقال بخصوص التعددية اللغوية في الكتابة التي طرحت من بعض المتدخلين “إن ذلك يرث الحقل الإبداعي ولكن لا يجب التركيز عليه إنما العمل على إبراز العوامل المشتركة في هذا الأدب”.

ولفت المتحدث أيضا إلى اكتساح المرأة في المدة الأخيرة لمجال الكتابة كما برزت أيضا في الساحة الأدبية الكثير من الأسماء الشابة التي تؤكد كما قال وجود اهتمام من هذه الفئة بالجانب الإبداعي. وفي ختام هذا اليوم الدراسي وعد المنظمون بمواصلة العمل بمجموعة من الندوات من بينها ندوة حول النشر والناشرين وأيضا ندوة حول السينما والمسرح والأدب وأيضا ملتقى تكريمي للراحل حاج ملياني.