تخصنا الشاعرة المصرية بقصيدة جديدة وهذه المرة عن الشاعرة وظلها حيث تصبح الكينونة أكثر تجلي في الإفصاح والبوح عن هذا الأثر الذي يسكنها وتضفي على النص جزء بالغا من أثار الجرح واللاطمأنينة تتقصى بحثا عن انعتاقها من شرنقة الدائرة الفضفاضة بجميع مرجعياتها التي تجعل من هذا الصوت الإبداعي أثرا بليغا للنص فقط.

عدوّ في الشقّة المقابلة

رضـا أحـمد

 

اقترفت بعض الأخطاء الآمنة؛

المرآة المكسورة كانت أكثر حظًّا

في رؤيتي أتمزق إلى صور غرباء

تورطوا في كتاب.

 

حياتي تلك المساحة المألوفة لي

ربما جرى تأجيرها لامرأة أخرى قبل أن أولد،

أشك في أنها كانت على علاقة مع الكتب

الموسيقى وفرضيات الأذى العصامية تلك،

لا أكاد أسمعها في الليل تحفر نفقًا تحت جلدي

إلى جهة مجهولة في ذاكرتي لم يفسدها الحب والخوف.

 

يوم كنت في حاجة إلى الفطنة

أعدت تشكيل تجاربها إلى قنافذ عمياء

تلتصق بكَ كعدوّ محتمل

أو صديق قديم حرم التّجوال في غابتها،

لم أكن بعيدة عن الألم؛

الأرواح تذبل

حين تبصر مخاوفها تتجسد في غواية

تخفي خنجرًا أو منديلًا.

 

أشعر بالخوف

حين أخرج من البيت

أرمي شوكة مع كلّ خطوة؛

أتمرّد على البكاء

وأعرف كم توجع الطّرق البعيدة

وكيف تنزع الغربة عنا الدّرعَ المقدّس

وتزعج طمأنينة السّماء السّابعة.

 

أنظر إلى عيني

أجدها تصطحب عشّاقًا إلى مأواها الموحش

ولا أتفاجأ حين أتورط

في نظرة حنين إلى غريب على الطريق.

 

هذا ليس أسوأ ما رأيتُ

في قفصها الصدري الضيق

تنمو الطمأنينة على شكل قلب، وربما فراشة؛

لا أحد يدري ما يجري في الحزن والظلام،

تبدو ناجحة أكثر مني في تلقي الصفعات بودّ

العبث بمخاوفها والعثور على أجزاء في جثتها جيدة الاستعمال.

 

تُنبئني جدرانها المتداعية بأنها وجدت أسماء خفيفةً للهزيمة

ووظيفة للساني غير لعق "الآيس كريم"

والدوران حول تفاحة قبل قضمها؛

المسكين يبدو عالقًا في حنجرتي

حيث لا صوت يقفز فرحًا حين أناديه

ويقول ممتنًا: كيف عثرت عليّ

أحتاجك، تعاليْ نخطّط لسرقة بنك

أو ننقذ رصاصة متورطة في جنازة،

لا بكاء يفتح صنبور الأماني الضائعة

على موجة "مازلت أريد هذا الرجل ولو رأسًا"

لا بقع لكلمات حبّ يمحوها أول مغفل تلتقيه في الجوار

يخبرها بصدق لون عينيها الحقيقي

وزغب بشرتها القاسي

والملح الذي تكاثر في حلقه حين ذاقها أول مرة

قبل أن يمررها إلى جاره.

 

تتجاهل الأسئلة عن برنامجها اليومي في جذب العملاء والخونة؛

هكذا تصف والدتها أحبّاءها

وأولاد الجيران الذين ينقلون الأخبار والتوابل

إلى العدوّ في الشقة المقابلة.

 

أسترد عينيّ بصعوبة

على أمل أن تظهر أمامي في المرأة

أو تعلن عن حاجتها إلى مكانها في رأسي

أسيطر على قافلة "هلاوس" داخل ملامحي؛

كنت قطة وفأرًا معا،

لا كنت زرافة خضراء ببقع بنفسجية

شعرت بالملل أثناء جولة عاطفية بصحبة قطيع أفيال،

وأحيانا لبؤة تجرف تاريخها الدموي من ذاكرة غزال صغير

قبل أن تلتقطه من فخاخ صياد.

 

لا وجود لصكّ إيجار أو بيع في جسدي

أو حتى آثار تعذيب أو عضّة حب؛

بالتأكيد أبي وأمي بارعان

في تشكيل عصابة لصوص أو فرقة سيرك

لا أستطيع شكرهما بجدية

على روح مازالت خائفة من المكوث في حظيرتي.