تقرير من فلسطين

الفيلم الوثائقي (ONE WAY TIKET)

زينب خليل عودة

ثلاث شبان من غزة هم عوض وعلاء وعماد، هم شخصيات الفيلم الوثائقي بعنوان "تذكرة بلا عودة" (ONE WAY TIKET ) حيث تدور أحداث الفيلم الذي يطرح قضية الشباب الفلسطيني بغزة وتعرض ظروفهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتظهر أحلامهم وطموحهم والتي تحمل عنوانا بارزا الشباب الفلسطيني بين مطرقة الحصار والفقر وسندان الهجرة وبمعنى بين انعدام فرص العمل، واستشراء البطالة، وانهيار الأحلام بالمستقبل الباهر،حيث بات أملهم بالحصول على وظيفة حلمًا بعيد المنال، لا يملك تحقيقه لهم الوطن المثقل بالأزمات وبالهموم، بين تناحر سياسي، وخناق اقتصادي، وحصار إسرائيلي.

لقد جسد الفيلم الوثائقي تذكرة ذهاب فقط (ONE WAY TIKET) للمصور المخرج يحيى حسونة 35 عاما مشاكل ومعاناة الشباب الفلسطينيين في قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عامين وتحديدا في الرابع عشر من حزيران 2007.

مخرج الفيلم حسونة فاز مؤخرا بجائزة دولية على مستوى العالم في مهرجان تمبو "TEMPO FILMFESTIVAL" السويدي، عن فيلمه الوثائقي هذا، ويظهر الفيلم الشخصية الرئيسية الشاب عوض30 عاماً الذي يفكر في الهجرة بسبب إغلاق جميع منافذ الحياة في وجهه، حيث يعيل أسرة مكونة من ستة أفراد جلهم من الأطفال إضافة إلى زوجته، ويقطن بالقرب من مخيم للاجئين الفلسطينيين ويعيش حالة مأساوية يرثى لها كباقي الشباب الغزيين بسبب الحصار الإسرائيلي وإغلاق كافة المعابر في غزة.

وأما شخصيته الثانية عن الشاب علاء 28 عاما، وهو طالب جامعة ضاقت به الحياة، ما أضطره إلى العمل كبائع سجائر في شوارع غزة، ليقتات هو وأفراد أسرته نتيجة عدم توفر فرص عمل رغم أنه يواصل مسيرته التعليمية ويحصل على رسوم الجامعة من بيع السجائر، وتدور في ذهنه أفكار للهجرة من الوطن للتغلب على مصاعب الحياة الاقتصادية التي خلفها الحصار والانقسام السياسي الحاصل في الأراضي الفلسطينية.

فيما يتحدث الفيلم عن الشخصية الثالثة والتي تتمثل بالشاب عماد 25 عاماً الذي لا يملك أي عمل في غزة، ويحلم بالحصول على فرصة عمل وهو من رافضي الهجرة، التي يقول عنها هذا مشروع إسرائيلي تهدف من وراءه المؤسسة الإسرائيلية إلى تفريغ القطاع من الشباب ليذوبوا في الخارج ضمن تجمعات ومؤسسات وأعمال بعيدة عن الوطن.

يشار في ذات السياق إلى أن وطأة الحصار الاسرائيلى المفروض علي غزة اشتدت مما زاد من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتي وصلت إلي اعلي مستوياتها، وخلال هذه الفترة روجت الأنباء كثيرا عن فتح النرويج واستراليا والسويد، باب الهجرة للمواطنين في قطاع غزة خاصة بعد انتهاء الحرب علي القطاع.

كما صدرت مؤخرا العديد من الدراسات والأبحاث، بل واستطلاعات الرأي التي تشير إلى ازدياد غير معقول لراغبي الهجرة من الوطن الفلسطيني إلى أي بلد غير بلده الأم، وإن كان لغزة نصيب الأسد من راغبي الهجرة.

وفى لقاء خاص بموقع الاتحاد مع المصور المخرج حسونة أعرب عن سعادته البالغة للفوز بهذه المسابقة وقدم الجائزة إلى الشعب الفلسطيني بأكمله وقال "الفيلم يعد من الأفلام القصيرة ومدته نحو 18 دقيقة واستمر العمل به نحو 6 شهور في عام 2008 وقد اعتمدت طريقة جديدة في الإخراج غير موجودة حاليا وهى بالأساس مدرسة قديمة تسمى فلهيرتى، وفى هذا الفيلم ركزت الكاميرا على معايشة الشخصية بكل تفاصيل حياتها اليومية أين يذهب، وهو في الشارع، في القهوة، في بيته ومع زوجته وأمه، كيف يفكر وهكذا، وهو يتسلم كوبونة المعونة ويذهب لبيعها لحاجته للنقود وليس للاكل فقط"

وأضاف "لقد تم تسليط الضوء على ظاهرة الهجرة التي يتدافع إليها الشباب الفلسطيني خاصة في هذه المرحلة والحصار وإغلاق المعابر، إضافة إلى إغلاق الجمعيات الخيرية التي أثرت على فئة كبيرة من الفقراء والطلبة والطالبات الجامعيين كانوا يعتمدون على مساعداتها"

وتابع حسونة إنه تم إنتاج الفيلم من خلال شركة دايمونت للإنتاج الفني والإعلامي بإشراف المنتج عمران لباد، ووضعوا فكرته بورشة عمل نظمتها جامعة بير زيت، بدعم من مؤسسة "فوجو" السويدية، وبطاقم تدريب ضم البروفيسور بيو هيلم جويست، والمنسقة زين أبو قاسم.

وحول الرسالة التي أحب إيصالها قال المخرج "كان المقصد توعية الشباب الفلسطيني بخطورة مسالة الهجرة وهذا المخطط الذي يقف وراءه الاحتلال الاسرائيلى لتفريغ الوطن الفلسطيني، كما أن الفيلم رسالة للأوربيين أن هذه الهجرة إلى دولهم سوف تشكل عبئا كبيرا على اقتصادهم خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يوجهها العالم، كما انه رسالة للسلطة الوطنية الفلسطينيين ولكافة المسئولين بضرورة التحرك لإنقاذ الشباب الفلسطيني وتوفير فرص عمل لهم والتعرف على مشاكلهم وإيجاد الحلول العاجلة لها"

وقال المخرج حسونة "لقد بلغني إشادة المشاهدين الحضور في حفل المسابقة حيث أبدوا إعجابهم بالمعالجة الفنية للفيلم والذي نجح من خلال عدم التدخل في أي شي وترك الحرية والشخصيات على طبيعتها" معربا عن سعادته أن الفيلم وصل للعالم وخاصة الاوروبى وحقق نجاحا على الأفلام الأخرى منها الإسرائيلية.

وقال "لقد وضع الفيلم المشاهدين بحقيقة وضع الفلسطينيين في قطاع غزة وهذا الجزء الهام للأسف لم يتطلع عليه العالم وغير معتاد عليه في الإعلام وفى هذا الفيلم تمكنوا من التغلغل بحياة الشباب الفلسطيني ومشاكلهم، هذا الإعلام الغربي الذي يركز فقط على صورة المقاومة بشكل أكبر"

وتسلم حسونة الجائزة بغزة حيث لم يستطع السفر إلى السويد للمشاركة في حفل كان من المقرر أن يقام له بسبب الحصار وإغلاق المعابر.

ويعتبر المصور المخرج، يحيى حسونة الذي يعمل مع وكالة الأنباء الفرنسية في قسم التصوير التلفزيوني، من أبرز الصحافيين الذين برعوا وأبدعوا في نقل حقيقة الصورة إلى العالم الخارجي، وحمل هموم شعبه في كلّ مشاركاته الدولية والمحلية.

كما وبرز حسونة بحسه الوطني وبجرأته القوية إبان الحرب على قطاع غزة، حيث عمل على مدار 22 يوماً على قدمٍ وساق رغم المخاطر الشديدة التي تعرض لها، ويمتلك أرشيفاً كبيراً دليلاً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة.

"وأشار المخرج حسونة إلى أن فيلم ONE WAY TIKET سوف يشارك بمهرجان قادم في سويسرا موضحا أنه يواصل العمل حاليا على انجاز فيلم وثائقي أخر بعنوان أطفال الحدود والذي يظهر معاناة السكان القاطنين قرب الحدود"

ونشير بهذا الصدد أن نتائج استطلاع للرأي حديثة، أجراه معهد دراسات التنمية بجامعة بير زيت، أظهرت أن ما يزيد عن 31% من الشباب الفلسطيني يرغبون بالهجرة والإقامة خارج الوطن لو أتيحت لهم الفرصة، بينما ارتفع عدد المغادرين من الشباب الفلسطيني بقطاع غزة إلى نسبة 20% مقارنة بالسنوات السابقة.

كما أوضحت استطلاعات شاملة للشباب الفلسطيني في شطري الوطن، أن نسبة الراغبين في الهجرة بحثًا عن أمل بتحقيق الاستقرار المادي والأمني والاجتماعي والسياسي من كل جانب، تجاوزت 60 % من الشباب الفلسطيني من مختلف الفئات العمرية، وكذلك الخبرات العلمية،

كما بينت إحدى الدراسات أن نسبة البطالة بين الفلسطينيين من سن 20ـ25 وصلت الى39% كما أن المعطيات الفلسطينية شبه رسمية، بينت تشير إن ما يقارب من 45 الف فلسطيني تقدموا بطلبات رسمية للهجرة منذ أواسط 2006 للممثليات الأجنبية في الأراضي الفلسطينية، هاجر منهم الآلاف.

وأشار تقرير صادر عن معهد دراسات التنمية في غزة IDS إلى أن الحصار الإسرائيلي أدى إلى تضرر الأنشطة الاقتصادية وأدى بدوره إلى ارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة، إضافة لتدني مستويات المعيشة وارتفاع نسبة الفقر رغم وجود المعونات الإنسانية والتنموية المقدمة لقطاع غزة، حيث ما زال هناك أكثر من 80% من الأسر تحت خط الفقر كما تعيش حوالي 66.4% من الأسرة في فقر مدقع.

وختاما يطرح هذا الفيلم الوثائقى أو يضع أمام المشاهد والعالم عند عدة تساؤلات هل ماسبب تفكير الشباب في الهجرة؟ هل تسافر شخصيات الفيلم أم لا، هل رجع أم لا، والى متى تبقى هذه الحدود الخانقة على قطاع غزة، وهل فكرة الهجرة باقية في ذهن أبطال الفيلم؟؟.... ونقول... هل من مجيب؟ وهل من ينقذ شباب قطاع غزة؟ وهل من يحقق آمالاهم وأحلامهم؟ وهل من يؤمن لهم مستقبل مثل شباب العالم؟؟؟؟