يصادف صدور العدد الجديد من الكلمة ذكرى شاعر تونس محمد الصغير أولاد أحمد (1955-2016)، والذي ظل وفيا لمساره الشعري والإبداعي الذي انطلق منذ ديوانه الأول "نشيد الأيام الستة" للتواصل مع "ليس لي مشكلة" و"جنوب الماء" ولطالما اعتبر الحراك الشعبي أنبل قصيدة تكتب، كما واصل سيرة الكتابة في وفاء والتزام صارم منتصرا لقيم الشعر والإنسان ونزل بالشعر الى ساحاته الضيقة قرب البسطاء، لذلك ظل يدافع عن الحرية والكرامة الانسانية ضد الاستبداد.

قصيدتان

محمد الصغير أولاد أحمد

 

قلق

 

قلقٌ محضٌ وتفسيرُ أحاجي
وحروفٌ ضلّت الدربَ إلى الحاضر
تعوي
وأنا في الليلِ من دون سراجِ
عادت الناسُ من الجنّةِ والنارِ
وأهلي علقّت أرواحهم
وسط الحجاجِ
بلد هشّمه الأحياءُ بالموتى
فتاهوا وتشظّوا في أقاليمِ الزجاجِ
لا أُبَكِّي أحداً
أبكي على نفسي
وحرٌّ في مزاجي

 

ترانيم الأطلس

النساء :
الجميلاتُ بعضُ الجميلاتِ واحدةٌ :
تلك صاحبة الشال : صاحبتي في الحروف ..
نقاطُ لها ومجازٌ لـ "أوفيد"
أما الطيورُ ..
فتَحتَ المعاطف تنقرُ قلبي ..
وترقصُ ترقصُ ..
هذا الشتاءْ .
النجوم :
وقد نَبَتتْ هكذا مثل فاكهةٍ ..
في غصونِ السماءْ .
الملائكة :
النازلاتُ عرايا
بشعرٍ وفيرٍ ..
ونثرٍ ..
ووحيٍ أخيرٍ،
وحُمّى ..
على آخرٍ الأنبياءْ .
الرعاة :
البهاليلُ. في السفحِ. تحت العَرارْ .
تُراقِصُ سبعُ أفاعٍ مزاميرهم .
والحروزُ المطرّزةُ الخصرِ تحرسهم من ..
ذئابِ المساءْ .
الحمائم :
تزحفُ مثل الجنودِ على جيدِ "جان دارك "
أرقبُها ثمِلاً من مقاهي الفِرِنجة ..
مع كاتبٍ أرمنيٍّ يلفُ الحشيشَ ..
ويتلو الرثاءْ .
القصائد :
آخرُ ما يقرأ الجند قبل الشهادة .
أو .. ما تهمسُ البنتُ للشابِ،
تحتَ الفوانيس ..
في ساحةِ الشهداءْ .
الخيول :
على قلقٍ تجرح الأرضَ،
غرباً .. تقولُ فوارسها ..
لا إله سواه.. يردّ الصدى في الجبالْ .
صوامع تعلو ..
نهودٌ من الجيرِ بيضاء .
خطٌ ..
كتاتيبُ ..
فِقهٌ ..
تفاسيرُ ..
حربٌ ..
خوارجُ ..
أضرحةُ الأولياء .
القصائد:
أزمنةٌ لا مكانَ لها ..
حروف تكاد تقول لقائلها: من أنا؟
العرائس :
فوق سريرِ الصبي ..
يُقَبِّلُها باسماً، ويناولها الشوكولا .
الغيوم :
تروي دعاءَ القبائلْ ..
تمشي على رَسلِها في الجداولْ ..
نحو الحقولْ .
تقولْ .
إلهي!.. تأخرتُ، معذرةً ..
للسنابلِ والحلزون ..
وللوزِ والكِستناءْ .
القصائد:
" أعسرُ من قلعِ ضُرسٍ.."
يقولُ الفرزدق
قبل عودٍ وشيح ..
وبيتٍ.. صريح الهجاءْ.
النهود :
على كلِ لونٍ معلّقةٌ في حبالِ الغسيلِ ..
تسيلُ حليباً ..
يهبُّ عليها: هواء الهواءْ .
الخلاخيل :
ثأرُ الذكورةِ من أسرِها في مياهِ النساءْ .
السلاحف :
حقُّ صديقي من الشِعر ..
لا أدّعيه
يُكَرِّمُها بحروفٍ تحاول معنى وأجنحةٍ .
بحروفٍ تدبُّ، تدبُّ، تدبُّ ..
ولكنّها لا تسيرُ إليّ .

القصائد:

سبعُ صبايا نزلنَ إلى النهر
قبل الغروب
وشيخٌ وراء الضفاف
يباعدُ بين الغصون
يهمّ بهنَّ طويلاً
فينسى يديهِ.. وينسى صلاة العشاءْ .
الحبيبات :
لبنى.. وسَعدَى.. وليلى .
وعاتكةٌ وجِنانٌ.. وإلزا .
يهيئن بيتَ القصيدةِ للشِعر ..
والشوق: للشعراءْ .
النُحاة :
على رأي نيتشه
إذا ما احترمنا قواعدهم
في جميعِ اللغاتِ
تظلُّ الحقيقةُ سيّدة البدءِ والمنتهى .
القبائل :
تحملُ تاريخَها فوق صبرِ الجِمال :
عقوداً من الجلدِ مطويّة في الجرارِ
مناقب أجدادها في الأساطير
أتربة الصالحين
"عليّاً يقاتلُ غولاً "
شعيراً وماءً وتمرا .
و ..
على قدر ألواحها تتهجّى الخلاءْ .