يكشف الباحث الفلسطيني هنا كيف أن الممتلكات، التي تركها العرب الفلسطينيون، كانت من أعظم العوامل التي أسهمت في جعل إسرائيل "دولة حيّة"، وجعلت للممتلكات أهمية استراتيجية. لأن من المستعمرات اليهودية الجديدة التي أنشئت بين عام 1948 وأوائل عام 1953، وعددها 370 مستعمرة، كانت 350 منها على أملاك للغائبين الفلسطينيين.

في الصيغ المتنوّعة لتحدّي أرشفة الصهيونية لنكبة فلسطين

أنطوان شلحت

 

يقدّم كتاب "نهب الممتلكات العربية في حرب 1948" للمؤرخ الإسرائيلي آدم راز، الصادر حديثًا في ترجمة عربية عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار (رام الله)، سردية تتعلّق بعمليات النهب من جانب السكان اليهود التي تعرّضت لها الأملاك المنقولة للسكان العرب الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم في إبان نكبة 1948 من مدنهم وبلداتهم، بتفصيلٍ يمكن القول إنه الأوفى إلى الآن، وذلك ضمن سياق تناول كل منها على حدة.

وينوّه المؤلف بأنه نظرًا إلى كون هذا الكتاب هو، بحسب ما يقول، أول كتاب إسرائيلي يضم بين دفتيّه قصة نهب الممتلكات العربية من جانب الجمهور اليهودي إثر النكبة، فقد رأى أنه من الأنسب أن يشمل جميع المدن لاعتقاده بأن هناك اختلافات في عملية النهب هذه بين كل مدينة وأخرى. كما ينوّه بأنه قام بزيارة أكثر من 20 أرشيفًا في سبيل جمع الوثائق التاريخية اللازمة لتأليف كتابه هذا.

ومثلما يشير المؤلف يتكوّن الكتاب من فصلين رئيسيين. فالفصل الأول يقدّم وصفًا لنهب الممتلكات العربية في أثناء ما ينعتها بأنها "حرب الاستقلال" (1947-1949) بحسب التسلسل الزمني الذي ينتهي بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في منتصف عام 1949. أما الفصل الثاني فيناقش النهب من وجهة نظر اجتماعية وسياسية.

والهدف من وراء الكتاب هو، برأي راز، "تسليط الضوء على جانب منقوص من تاريخ تلك الحقبة، ألا وهو تورّط العديد من شرائح الجمهور الإسرائيلي- من المدنيين والمحاربين على حدّ سواء - في نهب ممتلكات السكان العرب". وهو يشدّد على أن هذه ليست قصة نهبٍ بحتٍ فحسب، بل أيضًا قصة لها أبعاد سياسية ذات دلالة. وادعاؤه الجوهري، على صلة بهذا، هو أنّ النهب لم يكن أكثر قبولًا من جانب شخصيات معينة في المؤسستين السياسية والعسكرية عمومًا، ورئيس الحكومة الإسرائيلية الأول ديفيد بن غوريون على وجه الخصوص، فقط، ولكنه كذلك أدى دورًا سياسيًا في تشكّل المجتمع الإسرائيلي وتقاسم السلطة السياسية في الدولة الفتية، وفي تبلور العلاقات بين هذه الدولة (إسرائيل) والعالم العربي، سواء في أثناء الحرب أو بعدها. كما ينطلق من أن أعمال النهب التي انتشرت مثل النار في الهشيم بين الجمهور اليهودي، تمّ دمجها في السياسة العامة الداخلية والخارجية التي نفذها بن غوريون وشركاؤه السياسيون في تلك السنوات.

 ومع كل ذلك وبالرغم مما ينطوي عليه هذا الكتاب من جهدٍ محمودٍ ومن أهمية ملفتة، يلزم أن نمهّد لقراءته، سواء بالنسبة إلى القارئ الفلسطينيّ أو العربيّ، بالإشارة إلى أنه مكتوب من وجهة نظر لا تخفي أنها مؤدلجة صهيونيًا، حيث يقرّ المؤلف منذ البداية بأن ما حدث في عام 1948 كان في قراءة الفلسطينيين نكبة، ولكنه في قراءته "حرب استقلال"، مثلما يقرّ بأن الحركة الصهيونية لم تكن حركة نهبٍ منذ نشأتها، وفي الواقع لا ينبغي أن ينظر إليها على هذا النحو حتى بعد انتهاء "حرب الاستقلال". بكلمات أخرى فإن محتوى هذا الكتاب هو كشف وقائع من الأرشفة الصهيونية، ولكن من خلال النأي عن تفسير أو تحليل طابع هذه الحركة، وكذلك من دون مناهضة مُعلنة لها.

وتظهر هذه النزعة في أماكن كثيرة لعلّ أبرزها في تبنّي المؤلف أقوال وزير "شؤون الأقليات" الإسرائيلي بيخور- شالوم شطريت، في أيار/ مايو 1948، والتي وصفها راز بأنها "تجسّد الحقيقة" التي يؤمن بها. ومما جاء في أقوال شالوم- شطريت كما يوردها الكتاب: "للأسف، ارتكبت أعمال جنائية في الأماكن التي احتللناها، ومن شأنها أن تدمغ السمعة الطيبة للحركة الصهيونية، وأن تدنّس المبادئ التي سارت وتسير عليها، بل حتى أن تثير الشكوك والهواجس القاتمة بشأن نياتنا ونظامنا العتيد، سواء بين الشعوب العربية وشعوب العالم وكذلك بين خيرة أبنائنا ورجالنا في البلاد وخارجها".

بناء على ذلك وجدنا أن أكثر ما يستدعيه تقديم نشر هذا الكتاب بترجمة عربية خاصة، هو استعادة حقيقة وجود صيغ متنوعة ضمن سياق تحدّي أرشفة الصهيونية للأحداث المرتبطة بالنكبة، والتي بذل فيها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار منذ تأسيسه جهدًا بارزًا من أجل تقديمها إلى القارئ العربي والفلسطيني. وقد تطرّق جزء من هذه الكتب إلى عمليات النهب التي خّص لها راز كتابه هذا، كما انعكس الأمر، على سبيل المثال وليس الحصر، في كتب ميرون بنفينستي ("المشهد المقدّس") وغيش عميت ("بطاقة مُلكيّة") ورونه سيلع ("لمعاينة الجمهور") والتي تولى مركز مدار ترجمتها إلى العربية ونشرها في الأعوام السابقة.

في واقع الأمر، تعكس هذه الكتب وتواليها على مرّ الأعوام تراكم محاولات تحدّي الأرشفة الصهيونية والممارسات المتعلّقة بها. كما تعكس، في الجانب الأعمق منها، مساعي تشييد نموذج قوامُه التفسير ما بعد الكولونياليّ، إذ إنه بالرغم من أنّ هذا النموذج ينطلق من داخل الأرشيف الكولونياليّ، فإنه يُنتج معرفة بديلة. وإذا ما استأنسنا في هذا الشأن بما تقوله رونه سيلع أو ما يقوله غيش عميت مثلًا، فهو نموذج يقرأ ما في داخل الطبقات الكثيرة، البادية والمستترة، في الأرشيف الكولونياليّ، ويُغيّر المعرفة حيال الماضي، ويوفّر أدوات جديدة لمواجهة الراهن. ويحرص أصحاب هذا النموذج، على غرار هذين الباحثين، وبدأب، على أن يجاهروا بأن توجههم ينطلق من مُناهضة مُعلنة للكولونياليّة.

 ولا شك في أن مثل هذه المحاولات تكتسب أهميتها من جانبين: الأول، إنتاج كتابة ذات صدقية بشأن إسكات التاريخ في الرواية الإسرائيلية الرسمية، وبشأن الآليات التي تسمح بذلك، وفي مقدمها آليتا المحو والإقصاء. الثاني، أن هذه الكتابة تستند إلى مصادر أولى هي في متناول أيدي أصحاب تلك المحاولات دون غيرهم من الباحثين، لأسباب كثيرة ليست خافية. وبقدر ما إن هذه الكتابة تروم إلى أن تخاطب الإسرائيلي في حيزيّ الوعي والذاكرة، بقدر ما إنها تُيسّر للفلسطينيّ إمكان استجماع معلومات حول ممتلكاته بما في ذلك كنوزه الثقافية التي نُهبت لتشويه حيزيّ وعيه وذاكرته.

وللعلم، أثار كتاب راز هذا لدى صدوره باللغة العبرية، سجالًا مثيرًا بين مؤلفه ورونه سيلع (مؤلفة كتاب "لمعاينة الجمهور") دار على صفحات موقع "هعوكتس" (اللسعة) الإلكتروني باللغة العبرية. ومن جملة ما وجهته هذه الأخيرة إلى راز أنه عند استخلاص النتائج، قام بنسخ موقف بن غوريون الذي يرفض تحمّل مسؤولية سيادية عن أفعال النهب ويتهم بها الأفراد، مشيرة إلى أن محاولة تصوير النهب المنظم كجرائم شخصية نفذها أشخاص "عاديون" و"معياريون" تقلّل من المسؤولية السلطوية المباشرة عن المظالم والممارسات الإجرامية، على الرغم من أن المسؤولية السيادية تصرخ عاليًا من صفحات الكتاب. وأضافت سيلع: إنني أدعّي أنه حتى لو لم تتخذ الحكومة قرارًا رسميًا بارتكاب عمليات السطو، فإن المسؤولين الرسميين مثل قادة الجيش، أو مديري المؤسسات الرسمية، أو الهيئات التي عملت تحت إمرتهم، أو العديد من المسؤولين المحليين في المستوطنات، قد اتخذوا قرارات بالنهب من الناحية الفعلية. بل إن الدولة، من جانبها، قلّلت من تقديم لوائح الاتهام وتقديم لصوص أفراد للمحاكمة قياسًا بالوضع الميداني. كما استهجنت استخدام "الممتلكات العربية" بدلًا من "الممتلكات الفلسطينية". وأخذت على الكتاب تجاهله عمليات النهب ومصادرة الغنائم المنظمة للثروات الثقافية والروحية والأرشيفات والتمثيلات البصرية الفلسطينية، والتي كانت جزءًا مهمًا من المحو التاريخي والثقافي الذي تمّ في النكبة، ومنها مثلًا المكتبات الفلسطينية - كما أوضح غيش عميت في كتابه "بطاقة ملكيّة" الذي لم يحظ سوى بإشارتين هامشيتين فقط لدى راز، وبيني برونر في فيلمه "نهب الكتب الأكبر". وأشارت سيلع، من باب المكاشفة النزيهة، إلى أنها ابتداء من عام 2000 اكتشفت عددًا من المحفوظات ومجموعات الصور التي نُهبت في عام 1948 لمصورين فلسطينيين بالإضافة إلى أرشيفات أخرى لاحقًا وهي خاضعة لنظام إداري قمعي في الأرشيفات الإسرائيلية، وإلى أن المؤرّخ توم سيغف كان أول من تناول الموضوع بشكل مكثف في الثمانينيات، وورد ذكره هو الآخر في هامشٍ هامشيّ، فيما أن شيرين صيقلي، التي تناولت ظاهرة النهب في حيفا من المنظور العائلي الفلسطيني، وشهادات لفلسطينيين أيضًا في الأرشيفات الإسرائيلية ودراسات أخرى مثل كتب نور مصالحة كلها، غائبة عن كتاب راز. في المقابل نفى راز كل هذه الاتهامات، وفي الوقت عينه أكد أنه صهيوني وأنه لا يعتقد أن الصهيونية ذات طيف سياسي واحد ووحيد بل مجموعة أطياف.

وأضاف: إن ما أدعيه في الكتاب هو أن السماح بعمليات النهب الفرديّة كان تجسيدًا لنهج سياسي سعى لكي تكون أكثرية الجمهور اليهودي ضالعة في السياسة الملزمة بتفريغ البلد من سكانها العرب. كما أدعي أن النهب الكبير ترتبت عليه نتيجتان اجتماعيتان مهمتان: الأولى، أن الناهب الذي غزا بيت جاره وأفرغه من ممتلكاته قام بعمل إجرامي بالمعنى البسيط لهذا العمل؛ الثانية، أن هذا الناهب ومن خلال عمليات النهب تحوّل رغمًا عنه إلى شريك في نهج سياسي عمومي يقف في صلبه هدف عدم عودة أصحاب هذه الممتلكات. وشدّد على أنه أورد في الكتاب اقتباسات كثيرة تثبت من وجهة نظره أن إجازة عمليات النهب كانت جزءًا من سياسة بن غوريون. فضلًا عن ذلك أظهر أن بن غوريون هو الذي قاد سياسة الطرد وهدم القرى وتجفيف البساتين وما شابه ذلك.

عن الأرشفة الصهيونية
بالعودة إلى موضوع الأرشفة الصهيونية، نشير إلى أنه في كانون الثاني/ يناير 2018 أثار تقرير جديد كشفه مدير "أرشيف الدولة" في إسرائيل جدلًا واسعًا بين الدوائر ذات الصلة في شأن سياسة كشف المواد الأرشيفية لمعاينة الجمهور، في هذا الأرشيف تحديدًا والأرشيفات الحكومية الرسمية عمومًا، حيث كتب أن هناك الكثير من المعيقات التي تمس بسير العمل السليم في الأرشيف، وهي مرتبطة بمنهج كشف المواد وإتاحتها أمام الجمهور للاطلاع. واستهلّ تقريره قائلًا إن إسرائيل "لا تعالج المواد الأرشيفية الخاصة بها كما يُتوقع من دولة ديمقراطية"، فالأغلبية الساحقة من المواد الأرشيفية مُغلقة ولن يتم فتحها أمام الجمهور إلى الأبد. أما المواد القليلة التي يتم عرضها فتكون ضمن تقييدات غير معقولة، حيث لا توجد رقابة عامة على إجراء الكشف وليست هناك شفافية. وأورد التقرير عددًا من الذرائع التي تستخدم من قبل الجهات المسؤولة لمنع كشف معلومات معينة. ومن بين هذه الذرائع أن "كشف الحقائق قد يشكل وسيلة بأيدي أعدائنا وخصومنا بل قد يؤدي إلى إضعاف عزيمة أصدقائنا"؛ "كشف الحقائق قد يؤدي إلى إلهاب مشاعر السكان العرب في البلد و/ أو في الأراضي الفلسطينية"؛ "كشف الحقائق قد يؤدي إلى إضعاف حجج الدولة في محاكم البلد أو المحاكم في العالم"؛ "هناك خشية من كشف معلومات قد يتم تفسيرها بأنها جرائم حرب إسرائيلية".

وحدا هذا التقرير ومنهج كشف المواد الأرشيفية المعمول به في إسرائيل عمومًا، بالبعض إلى أن يستنتج أن إسرائيل تتخندق أكثر فأكثر في الوضعيّة الكولونياليّة.

في ضوء الحق والعدل
أخيرًا يتعيّن أن أذكر أن أي بحث يرتبط بموضوع النهب الصهيوني في فلسطين يعيد إلى أذهاننا كتاب هنري كتن "فلسطين في ضوء الحق والعدل"، الذي نشر بالإنكليزية في لندن عام 1969، وظهرت ترجمته العربية عن دار النهار في بيروت عام 1970، بتوقيع الكاتب المصري وديع فلسطين. وكتن، الذي ولد عام 1906 وتوفي في باريس عام 1992، هو من أسرة عربية مقدسية، ويُعدّ من كبار علماء القانون في العالم العربي. وقد عمل في فلسطين قبل النكبة، وعايش أحداثها وآثارها بعدها، فكان ممثلًا لعرب فلسطين أمام الأمم المتحدة، بتكليف من الهيئة العربية العليا، في الدورة الخاصة للعامين 1947 و1948؛ وانتدب من قبل جامعة الدول العربية عضوًا في وفدها، الذي بحث قضية فلسطين مع الوسيط الدوليّ الكونت برنادوت. وله مؤلفات قانونية عديدة.

 ويجسّد كتاب كتن هذا، بالمعطيات الدقيقة، متطلبات مهمّة لفهم معنى النكبة الفلسطينية، لا تزال لها أولوية، من خلال إشارته إلى أن إسرائيل استولت في عام 1948 على ممتلكات نحو مليون لاجئ فلسطيني، المنقول منها وغير المنقول، مؤكدًّا أن هذا النهب هو أكبر سرقة جماعية حدثت في تاريخ فلسطين. وحتى يخفي الإسرائيليون معالم هذه الفعلة أسموها "استيعاب الأملاك المتروكة". ومثل هذه الألفاظ الخادعة لا تُغيّر من طبيعة العمل، لأن ما سمي بـ "الاستيعاب" لا يعدو كونه استيلاء على ممتلكات الغير بلا وجه حق.

كما نقرأ فيه أن الممتلكات، التي تركها العرب الفلسطينيون، هي من أعظم العوامل التي أسهمت في جعل إسرائيل "دولة حيّة". فإن ترامي مساحتها وكون معظم المناطق بطول الحدود يتألف من أملاك للغائبين، جعلت للممتلكات أهمية استراتيجية. ومن المستعمرات اليهودية الجديدة التي أنشئت بين عام 1948 وأوائل عام 1953، وعددها 370 مستعمرة، كانت 350 منها على أملاك للغائبين. وفي عام 1954 عاش أكثر من ثلث سكان إسرائيل اليهود في ممتلكات الغائبين، كما أن ما يقرب من ثلث المهاجرين الجدد (وعددهم 250 ألف نسمة) استقروا في مناطق داخل مدن تركها العرب. ولقد تركوا مدنًا بأسرها مثل يافا وعكا واللد والرملة وبيسان والمجدل و388 مدينة وقرية وأجزاء كبيرة من 94 قرية أخرى. وهناك عشرة آلاف متجر ومشروع ومستودع تركت في أيدي اليهود. ولدى انتهاء الانتداب، بلغت جملة مزارع الأشجار الحمضية في أراضي إسرائيل نحو 240 ألف دونم، نصفها كان مملوكًا للعرب.

 

 

https://diffah.alaraby.co.uk/file/getcustom/ea28a87d-fb52-473f-bfe7-9e751de067c7/a2121204-f377-466a-80dc-a97ade40acf8

صور أرشيفية لنهب الممتلكات الفلسطينية إبان نكبة 1948


وبحلول عام 1956، كان هناك 73 ألف دونم بين أراض مزروعة أو صالحة للزراعة، وفي عام 1951-1952 أنتجت بساتين العرب السابقة مليونًا وربع مليون من صناديق الفاكهة، صُدّر منها 400 ألف صندوق. وزوّدت الفاكهة العربية المُصدرة إلى الخارج إسرائيل بنحو 10 بالمئة من واردات العملة الصعبة الناتجة عن صادرات عام 1951. وفي عام 1949، كانت غلة الزيتون من بساتين العرب التي تركوها تحتل المنزلة الثالثة في صادرات إسرائيل الرئيسية، بعد الحمضيات والماس. وبلغت الأهمية الاقتصادية للممتلكات العربية ذروتها من عام 1948 إلى عام 1953، وهي فترة أضخم هجرة يهودية إلى فلسطين.

ولم تقتصر مصادرة إسرائيل لأملاك الفلسطينيين على أملاك اللاجئين وحدهم، بل إن الفلسطينيين الذين بقوا في الأراضي التي استولى عليها الإسرائيليون حُرموا من أراضيهم بأساليب شتى، منها ما هو إداري ومنها ما هو تشريعي. ومن إجراءات المصادرة، التي اتخذت شكلًا تشريعيًا، توسيع نطاق قانون أملاك الغائبين ليشمل المقيمين الفلسطينيين الذين غيّروا أماكن إقامتهم قبل أول آب/ أغسطس 1948، والأنظمة التي صدرت في عام 1949 وقضت بتفويض وزير الدفاع الإسرائيلي بأن يعلن أن مناطق معينة هي "مناطق أمن" يطرد منها جميع سكانها العرب، والقانون الخاص بالأراضي غير المزروعة (1949)، وقانون نزع الملكية (1950)، وقانون الاستيلاء على الأراضي (1953) وقانون التقادم (1958) وغيره.

ويخلص هنري كتن إلى أنه من الحقّ أن يقال إن إسرائيل عاشت وازدهرت إلى حد كبير تأسيسًا على ما نهبته من أملاك اللاجئين العرب في فلسطين بعد عام 1948.

(*) هذه المقالة هي نصّ التقديم للترجمة العربية لكتاب "نهب الممتلكات العربية في حرب 1948" من تأليف المؤرخ الإسرائيلي آدم راز الصادرة حديثًا.

 

 

 

عن (ضفة ثالثة(