قاربت هذه الندوة، والتي احتضنت فعالياتها المكتبة الوطنية الأردنية، راهن الدراما الأردنية وحضورها "الباهت" في القنوات الفضائية العربية، وقد توقفت مداخلات المحاضرين عند القفزة التي حققتها بعض الأعمال التلفزيونية في مرحلة تاريخية أساسية من القرن الماضي لتحقق تراجعا لافتا وهو ما أفضى الى طرح تساؤلات تلامس واقع هذه الأعمال في أفق العودة الى نقل صور الحياة الاجتماعية في تمسك بالخصوصية الهوياتية.

واقع الدراما الأردنية وطموحاتها

 

خبراء يبحثون واقع الدراما الأردنية وطموحاتها في محاضرة بعنوان "الدراما الأردنية واقع وطموح" تناقش سبب الحضور الباهت للدراما الأردنية في الشاشات العربية.

(عمّان) استضافت المكتبة الوطنية الأردنية محاضرة قدمها المخرج والممثل حسن أبوشعيرة بعنوان” الدراما الأردنية واقع وطموح، بتنظيم من منتدى النقد الدرامي. وافتتحت المحاضرة صبحة علقم أستاذة الأدب والنقد الحديث في جامعة الزيتونة الأردنية، والتي أدارت الندوة بعدة أسئلة وضعتها أمام الفنان أبوشعيرة لتكون محاور للحديث في المحاضرة، فقد تساءلت عن سبب حضور الدراما الأردنية الباهت في الشاشات العربية وعما إذا كان ذلك يعود إلى نقص في الممثلين أم إلى النصوص أم إلى الإنتاج؟

وأضافت "أين أمجاد الدراما الأردنية؟ أين مسلسلات بير الطي والسقاية والكف والمخرز…؟ ما الذي جرى للدراما الأردنية وسار بها وفيها إلى الخلف بعد سيطرتها على الشاشات العربية سنوات كثيرة؟ من المسؤول عن هذا؟ وكيف نعود بها إلى الأمام؟

وتحدث أبوشعيرة عن الدراما وأهميتها في صناعة الوطن والإنسان، وقال إن "الدراما هي شكل رفيع وأساسي في قراءة المجتمع وإعادة إنتاجه، وهي أسرع وسيلة لإيصال الرسائل الحياتية والمجتمعية إلى المشاهد على الرغم من عدم اعتراف القرار السياسي بكل ذلك، وهي من أهم وسائل الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز الولاء والانتماء إلى الوطن، فالدراما صناعة مهمة ومشروع اقتصادي مهم في بناء جسم الوطن، وإذا أردنا أن نعرف شيئا عن شعب معين فعلينا أن ننظر إلى أعماله الدرامية المنتجة محليا، فهي تعكس لك كل شيء داخل هذا المجتمع سلبا وإيجابا".

وبعد ذلك انتقل إلى الحديث عن الدراما الأردنية من منطلق أن الاعتراف بالسلبيات قد يقود إلى الأفضل، فـ”الدراما الأردنية حاليا ليست وثيقة قابلة للدرس والاستقصاء، ولا تعبر عن معاناة مشاهديها وطموحاتهم، بينما استطاعت على مدى عقدين من الزمن (1970 – 1990) أن تحتل مركز الريادة بامتياز جنبا إلى جنب مع الدراما السورية، إذ لم تكن هناك دراما سورية أو خليجية".

وأكد أبوشعيرة أن "سبب ذلك كان الشغف الذي يعمل به الممثل والمخرج والمنتج والكوادر الفنية العاملة، الشغف المرتبط بالإرادة والعزيمة والتفاؤل الذي جعل التلفزيون الأردني وأعماله الدرامية في الصدارة ومحط أنظار المنتجين العرب على الرغم من قلة الإمكانات المالية والأجهزة الهندسية المتطورة، ويوضح كل ذلك أننا في هذين العقدين تملكنا مكونات الدراما الناجحة كلها من كاتب مثقف ونص هادف ومخرج واع ومنتج قادر وممثلين أكفاء وطاقم إداري وفني متميز، كلهم كانوا يعملون بعشق الهواية ولكن باحتراف مهني".

وبوجع أشار المتحدث إلى أن "الدراما الأردنية تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق، وذلك لأسباب متعددة منها كثرة المتطفلين والدخلاء والأدعياء، وافتقارها إلى الأشخاص المؤهلين القادرين على الحديث عن معاناتها، وضعف أعمالها؛ فقد أصبحت دون محتوى ولا رسالة، وفقدت مخرجها القادر وممثلها المتميز، ناهيك عن تدخل بعض المنتجين وقنوات التلفزيون العربية في الدراما الأردنية وتفريغها من رسالتها ومحتواها، فلم تعد تحاكي الواقع المعيش، والأهم عدم وجود حركة نقدية واعية تواكب الأعمال الدرامية وتوجهها".

أما الطموح والتوصيات التي دعا إليها أبوشعيرة فقد كانت كثيرة، منها أن تكون للدراما الأردنية وزارة وميزانية معروفة من ميزانية الدولة، وتنظيم مؤتمر وطني فني كبير تتبناه الحكومة لمناقشة أحوال الدراما الأردنية وكيف تصل بها إلى الطموح المطلوب، والعمل على توفير الظروف الملائمة للفنان الأردني ليبدع من تأمينات معيشية وحوافز، وأن يلتزم التلفزيون الأردني والإذاعة الأردنية بإنتاج أعمال درامية محلية مدروسة على مدار السنة وليس في شهر رمضان.

واختتمت علقم المحاضرة بقولها "إننا بحاجة إلى تضافر جميع الجهود الرسمية والخاصة والفردية والعامة للخروج من دائرة الحضور الباهت للدراما الأردنية إلى الحضور القوي، إيمانا منا بأهمية الدراما في صناعة الوطن والفرد وتشكيل هويته وقدرتها على أن تكون رافدا مهما من روافد الدخل الوطني".