للشاعر العراقي علاقة وجودية بموضوعة الانكسار، في هذه القصائد صور ووجوه لحالات الحياة التي تلتقطها عين الشاعر من حقلها البصري، كي تؤثث منها حالات شعرية بعمق إنساني قد تخبو وقد تحتاج ل"صائغ" شعري يرتق خيباتها في واقع العراق المترع بالمآسي والخيبات.

قصائد

ياسين طه حافظ

 

الحياة

يتفتح الزهر المطالب بالحياة

يؤم مخبأها فيحتل الهضاب

ويلم في الوديان أنجمه ملونةٌ

وتخفق في فضاء الله قبرة الشباب.

حتى تجيء لنا الحياة ببزة أخرى

مدججة وغاصبة تدوس على الرقاب

فنعود نسحب أرجلاً تعبت من اللاشيء

ثم نلوذ، نرجو بقعة من شمس ذاكرة

تدفئ

        أو تعوض عن غياب.

حتى تزول ممالك أولى ورثناها، فليس

 سوى بؤساء، في أطمارهم يتسولون

وعوالم نكصت وأبراج خراب.

الأرض صدت وجهها، وتدثرت بجفاف آب

ما عاد من خيط على الأفق البعيد

اشجارنا يبست

وأوجهنا تموت على الكتاب.

صائغ

سادتي

ما قصصت عليكم حكايات آبائنا

أو كشفت خيانات أصحابنا.

أنا ما أضحكتكم سطوري

ولا أرسلتني ملهمة الشعر كيما أجيء

لسادة هذي القصور ِ

بأحلى الثمار وأقوى النسور ِ

فأنا رجل صائغ جاء من عالم آخر

يصنع من فكرة طائراً،

يصنع من طائر فكرةً،

يصنع من نفسه خبراً للعصور.

الوصول

أنا أهرق عاطفة وكلاما وأرسم في

أسطر متقنات مغامرة للوصول

وإذا ما وصلت ولم أطرق الباب بعد،

أطلت تكلمني:

ما رأتني ذاك الفتى الذي بدأ الرحلة

في أول الفصول.

فأنا الآن مرتعش

وأدب دبيباً

ولا أستطيع أحرك باباً، ولا

أعرف ساعتها ما أقول.

وبدأت أدور كمن ضاع في بيته،

ليس يعرف أي الحلول.

وهدأت نفسي وقلت:

إن هذا يزول وذاك يزول ولكن ذاك

الذي هو أنت

يظل يعيش ويحضر كل المجالس، كل الفصول،

إنتبهت لصوت يعاتبني:

"أيها الرجل العاقل ماذا تقول؟"

شاعر من العراق