عبد الهادي التازي ضيفا على لقاء الشهر

عقدت الجمعية المغربية للبحث في الرحلة يوم الخميس 8 مارس بكلية الآداب بالرباط التي تتخذها مقرا لها فاتحة أنشطتها العلمية بلقاء ميمون مع العلامة الدكتور عبد الهادي التازي، وذلك في إطار لقاءاتها الشهرية التي برمجت لتقديم قراءات في الكتب التي تتناول النص الرحلي الأخاذ إن دراسة أو تحقيقا.

وقد ترأس هذا اللقاء الباحث بوشعيب الساوري وكان الكتاب المحتفى به يحمل عنوان: "رحلة الرحلات، مكة في مائة رحلة مغربية ورحلة". لم يترك الأستاذ عبد الرحيم مؤذن/ قارئ الكتاب حجرا بين ثناياه إلا قلبه؛ إذ أمتع الحاضرين بقاعة محمد حجي بقراءة جمعت بين حسنيي الأسلوب البلاغي والإبلاغي، افتتحها بالإشارة إلى أهمية الكتاب والبعد المونوغرافي فيه والذي هو في حاجة إلى تأمل طويل قياسا إلى الثراء المعرفي الذي راكمه الدكتور عبد الهادي التازي بفتوحاته وكشوفاته المتجددة عن ابن بطوطة وعن غيره من الرحالة. كما نبش القارئ في عنوان المؤلف مشيرا إلى البعد الأنطولوجي في عبارة "رحلة الرحلات" وإلى اللامنتهي فيها، وإحالتها على المكان / المأمول؛ مكان الماضي والحاضر والمستقبل. كما أن العنوان في صيغته " مائة رحلة ورحلة" يستدعي النموذج الألف ليلي وليلي معلنا عن بداية الحكاية والرحلة؛ رحلة الأشخاص والأفكار والوجدان عبر زمان يطرز أولى لحظاته الرحالة ابن العربي المعافري ويعقد سبائك أيامه الملك الراحل محمد الخامس، مرورا برحالين شكلت الرحلة ماء موائدهم وتاج مفرق علمائهم... وعبر هذا الامتداد الزمني تتجلى أهمية الجهد الذي بذله المؤلف خصوصا أنه تتبع المخطوط والمحقق، المرتحل والمرتحلة، المغربي وغير المغربي... وحدها مكة - محور العالم ظلت الوجهة والتيمة والرٌحلة والانمحاء.. وكل الأسماء والصفات.

وبالرغم من الهم التوثيقي المونوغرافي للكتاب، لم يفت قارئه التعريج على أدبية الخطاب الاستحجازي التي يضمنها الانتقال من المناسكي المشترك إلى الفيض الشاعري المتفرد والذي يصل ذروته مع إشراقة الوصول إلى عتبة المكان المقدس؛ حيث يتضمخ النثري بالشعري، الفردي باللاوعي الجمعي، والحاضر بالماضي الإبراهيمي والمحمدي؛ إنها رحلة الرحلات.

وقد سمحت هذه القراءة باستنبات خلاصات أولها من وحي التاريخ؛ فتاريخ الحرمين الشريفين ليس وقفا على الحجاز بل هو التاريخ الممتد إلى بلاد المغرب الكبير. وثانيها مستلهم من كنه أدب الرحلة وهي إمكاناته في المقاربة والاقتراب من موضوعة "المكان" من خلال تداخل الأنظمة التعبيرية، الأدبية وغير الأدبية، فضلا عن مستويات التفكير والتأويل.

وفي نهاية هذا اللقاء/ الباكورة الناجح، أشار الأستاذ بوشعيب الساوري الذي ترأس هذا اللقاء إلى أهم لأنشطة العلمية للجمعية في المستقبل القريب ومن بينها تنظيم ندوة حول آفاق البحث الرحلي في المغرب، فضلا عن احتفائها بضيف شهر جديد.

                           عن الجمعية المغربية للبحث في الرحلة.