ثلاثة أعوام من عمر «الكلمة»

رسالة القاهرة

ثلاثة أعوام من عمر «الكلمة»

ثلاثة أعوام من عمر «الكلمة»

صبري حافظ

تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن! فقد كنت أود أن اكتب هذه الافتتاحية في استقبال عام رابع من عمر «الكلمة» أقدم فيها أنجازات عام مضى، وأحلام «الكلمة» في التطور والاستمرار بدفع جديد، وطاقة فتية، في العام الرابع. فقد استطاعت «الكلمة» في عمرها الغض أن تكون منبرا أساسيا مسموع الصوت في الساحة الثقافية العربية، حيث تحتفل الصحافة العربية من المحيط إلى الخليج بكل عدد جديد يصدر منها، وبكل مجلة جديدة تنتهي «الكلمة» من ترقيمها. كما وصل صوتها إلى كل دارسي الأدب والثقافة العربية والمهتمين بهما في الجامعات ومعاهد البحث في ثقافتنا وآدابنا في شتى بقاع العالم. لقد استطاعت أن تكون بحق مجلة الثقافة العربية المعاصرة من المحيط إلى الخليج، ومنبر الكلمة الحرة المستقلة، فقد اجتمع على صفحتها كتاب ومبدعون من كل أنحاء الوطن العربي، لا تجمعهم إلا الرغبة المخلصة في الارتقاء بالثقافة العربية، والتناول الجاد لمشكلاتها وقضاياها. والتف حولها قراء من كافة قارات الأرض، فقد حافظت على ثقة القراء الذين التفوا حولها منذ أعدادها الأولى، واكتسبت شرائح واسعة من القراء الجدد. حيث تجاوز عدد زوار موقعها في الشهر الواحد أكثر من أربعمئة ألف زائر، كما تجاوز زوارها في عامها الثالث وحده الأربعة مليون زائر.

وقد حرصت «الكلمة» على استقلالها، وبدأت وتطورت وفق تصور يعي أهمية هذا الاستقلال، ويدرك أنه ـ كما كررت في أكثر من افتتاحية ـ لا وجود للاستقلال الفكري إلا من خلال الاستقلال الاقتصادي. ولذلك كان هدف مشروع «الكلمة» منذ البداية أن تحقق هذا الاستقلال الاقتصادي، كي تحافظ على استقلالها الفكري وتروده وترسخه كقيمة أساسية في الواقع العربي، وأن تعمل منذ عامها الأول، وبعد أن التف حولها القراء على بناء الأرشيف الرقمي للمجلات العربية، وإتاحته كخدمة بالاشتراك للجامعات الغربية أساسا، ولغيرها من الجامعات القادرة على الاشتراك في مثل هذا النوع من الأرشيفات. ومن خلال هذا الدخل المستقل الذي كان التخطيط أنه سيبدأ في العام الرابع من عمر «الكلمة» تنفق «الكلمة» على نفسها، وتدفع مكافآت لكتابها، وتصبح بذلك أول مشروع ثقافي عربي مستقل بحق، لا يعتمد على دولة، وليس عالة على أي فرد أو مؤسسة.

ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن. ولذلك أجدني مضطرا إلى أن أعلن للقراء أن «الكلمة» ستتوقف مؤقتا بعد هذا العدد، وسوف تستأنف الصدور قريبا في ثوب جديد.