تكشف لنا هذه الدراسة التفصيلية عن استراتيجيات نهب المياه الفلسطينية، وعمل دولة الاستيطان الصهيوني على جميع الجبهات لحرمان الفلسطينيين من مياههم، وحظرها تجميعهم لمياه الأمطار، واستخدامها للمياه أداة لإبعادهم عن وطنهم وأرضهم التاريخية، كي تتيح المجال للمزيد من التوسع في استعمارها الاستيطاني البغيض

أليس لنا حق في مياهنا؟!

سيد ضيف الله

تشير معظم الدراسات المتخصصة في مجال المياه أن نسبة ما تحصل عليه إسرائيل من المياه، ومن خارج حدود الأراضي العربية المحتلة عام 1967 تبلغ 68 % من اجمالي إستهلاكها للمياه، بينما تحصل الدول العربية من خارج حدودها على 60 % من إجمالي المياه المستهلكة فيها، وهذا يعني مدى حساسية وأهمية عنصر المياه لكلا الطرفين، فأي طرف يمكن أن يستعمل عنصر المياه كورقة ضغط ومساومة بالنسبة للطرف الآخر. ومما زاد الأمور سوءاً هو دخول عناصر خارجية في موضوع الصراع على المياه بين إسرائيل والدول العربية، مثل تركيا والتي تريد وبإيعاز من اسرائيل أن تجعل من المياه سلعة تباع وتشترى مثل النفط، والولايات المتحدة الأمريكية والتي تريد أن تجعل من المياه عنصراً هاماً لأستمرار هيمنتها وسيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، وضمن مفهومها الخاص بالعولمة الأقتصادية، فكل الأطراف المختلفة تتسابق مع الزمن لتحقيق أهدافها وجعلها أمراً واقعاً بالنسبة للأخرين.

وإدراكا منا لأهمية موضوع المياه في الصراع في منطقة الشرق الأوسط، نرى من الأهمية إستقراء بسيط وموجز لوجهات نظر ومواقف الأطراف المختلفة والمعنية بموضوع المياه. 

القانون الدولي والمياه
وهذا ما تطلب منا التطرق لموقف القانون الدولي تجاه المياه، وموقع ملفات المياه في عمليات التسويات السلمية، وتحديداً بين الفلسطينيين وإسرائيل. والهدف كل ذلك هو بلورة رؤية شاملة حول مواقف وأهداف الأطراف المختلفة، ومن ثم التوصل للمقترحات والتوصيات العامة التي يمكن الإستفادة منها. ومن هنا نطرح سؤالا بسيطاً: لكل طرف مواقفه وأهدافه تجاه قضايا المياه، إسرائيل، الدول العربية، الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا، فأي طرف سيتمكن من النجاح والثبات على مواقفه والوصول إلى أهدافه؟ افتقرت الأنهار المتشاطئة منذ منصف القرن السابق لتشريعات دولية ملزمة تحدد ألية الاستفادة من المياه المشتركة للانهار، وتضمن المؤتمر الحادي والخمسون لرابطة القانون الدولي 1966 تقريراً عرف بمبادئ هلنسكي بشأن استخدامات مياه الأنهار الدولية، احتوى أحكاماً عامة لتنظيم العلاقات القانونية بين دول الحوض الدولي، إلا أن هذه المبادئ لم ترق إلى مستوى المعاهدة الدولية الملزمة والتي يمكن الاحتكام لبنودها في حالة قيام نزاع بين الدول المتشاطئة.

وأقرت محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 1974 مجموعة من المبادئ المتعلقة بحل النزاعات الدولية على المياه وكان أبرزها

1 ـ حق الدولة التى تقع في الجزء الأسفل من النهر تسلم إشعار مسبق عن أي نشاط في الدول التى تقع في أعلى النهر والذي يؤثر عليها، ووجوب دخول الأطراف ذات العلاقة في إستشارات ومداولات فيما بينها قبل البدء بأي مشروع في الحوض النهري.
2 ـ منع الأعمال التى يمكن أن تسبب أضرار كبرى لأي طرف من الأطراف، ووجوب التعاون بين الجميع حول المشاكل المعنية.
3 ـ منع أي أعمال تؤدي الى أضرار بيئية في الدول الأخرى.
4 ـ ضرورة تأجيل الأعمال المتعلقة باستغلال المصادر المشتركة في حال توقع أن تكون المفاوضات بين الدول المعنية طويلة.

وقد طورت لجنة القانون الدولي عام 1983 هذه المبادئ، وأقرت أن يعتمد مبدأ توزيع الحصص في المياه من دول الحوض على الإحتياجات الضرورية المتمثلة بجوانبها الإقتصادية والإجتماعية، وترتكز مبادئ القانون الدولي على قاعدتين أساسيتين وهما:

ـ قرارات هيج لعام 1957 وملحقاتها، والتى أقرتها إسرائيل لاحقاً.

ـ معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 والتى تقتضي بحماية المدنيين في حالة الحرب، علما بأن إسرائيل وقعت عليها، ولكنها ترفض الإعتراف بإنطباقها على الأراضي الفلسطينية التي إحتلتها عام 1967، ومع هذا فمبادئ قانون الإحتلال بالقوة تنص على ما يأتي

ـ لا تملك الدولة المحتلة حق السيادة على الأراضي التى إحتلتها، وانما يمكنها ممارسة سلطة مؤقتة عليها نتجت عن عملية الإحتلال غير الشرعي.

ـ إن مفهوم الإحتلال هو وضع مؤقت، ولذا فإن حق الدولة المحتلة في الأراضي التى احتلتها ليس إلا حقا مرحلياً وغير دائم.

ـ عند ممارسة صلاحية الدولة المحتلة يجب أن تراعي المبادئ الآتية:

1 ـ تغطية احتياجاتها العسكرية فقط.
2 ـ احترام مصالح السكان الواقعين تحت الإحتلال.
3 ـ يجب على الدولة المحتلة عدم ممارسة صلاحيتها من لتدعيم وتغطية مصالحها.  

الأطماع الإسرائيلية في المياه الفلسطينية
ـ أطماع اسرائيل في المياه الفلسطينية: منذ احتلال اسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 عملت على تهويد واستنزاف المياه الفلسطينية فيها، وخاصة بعد أن تمكنت من الوصول بسهولة إلى أحواض المياه فيها والسيطرة عليها عبر العديد من الأوامر العسكرية والتي هدفت إلى ترسيخ احتلالها والهيمنة على المياه الفلسطينية. وقامت اسرائيل موازاة مع ما سبق بالتضييق على السكان الفلسطينين وطردهم من أراضيهم المجاورة لينابيع المياه، ومنع الفلسطينين من حفر الآبار إلا بعد الحصول على تصريح خاص من الحاكم العسكري الإسرائيلي وضمن قيود مجحفة مثل عدم استخدام الآبار بعد الساعة الرابعة مساءً، وفي المقابل وفرت جميع الإمكانات المادية والسياسية للمسوطنين بإقامة المستوطنات الزراعية على أراضي الفلسطينيين بعد مصادرتها وحفر الآبار فيها بصورة أضرت بالفلسطينيينن، مثل ما قامت به شركة إسرائيل للمياه "ميكروت" بحفر 17 بئراً جديدة في غور الأردن في الفترة من 67 ـ 78 باستخدام الأجهزة المطورة، مما أدى إلى جفاف 50 بئراً مملوكة للفلسطينيين من 1967 ـ 1980، إضافة لتزايد ملوحة العديد من الآبار الاخرى.

ظهرت الأطماع الاسرائيلية على المياه الفلسطينية منذ أن أعلن عن قيامها المزعوم في عام 1948 حيث تبوأ موضوع المياه رأس أولويات اسرائيل لذلك كان قرارها تأميم المياه عام 1949 التي عدتها ملكا عاما للدولة والسيطرة على المياه الجوفية والسطحية وعلى الاّبار الارتوازية بما في ذلك حوض نهر الأردن وما يشكله من أخصب المناطق الزراعية، وكانت اسرائيل تستهلك 500 مليون متر مكعب من المياه الجوفية الفلسطينية قبل عام 1967، فما بالك بعد احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان واحتياجاتها المتكررة للجنوب اللبناني حيث استطاعت السيطرة على الموارد المائية في تلك المناطق ولا أدل من ذلك ما قامت به اسرائيل مؤخرا باقامة سد مائي في الجولان بالقرب من خط وقف اطلاق النار، في سبيل ذلك قامت اسرائيل بما يلي:

1 ـ نقل جميع الصلاحيات بشأن المياه الى الحكم العسكري.
2 ـ منح كامل الصلاحية للحاكم العسكري فيما يتعلق بالياه وحق رفض أي ترخيص دون اعطاء الأسباب.
3 ـ أصبحت جميع مصادر المياه الفلسطينية ملكا لاسرائيل؟
4 ـ تقييد حفر الاّبار الارتوازية.
5 ـ قيام اسرائيل بحفر الاّبار على طول خط الهدنة مع قطاع غزة لاستنفاذ المياه العذبة.
6 ـ حفر العديد من الاّبار داخل المستوطنات الاسرائيل

ومن هنا فان اسرائيل تسيطر على 80 % من الموارد المائية الفلسطينية حيث أن اجمالي الموارد المائية في الضفة الغربية وقطاع غزة 850 مليون متر مكعب سنويا يحصل الفلسطينيون منها على 120 مليون متر مكعب, بينما تبلغ كمية المياه التي تستخدمها اسرائيل ملياري متر مكعب 65 % منها تستولي عليها من الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وجنوب لبنان. يفتقر الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى سبل الحصول على ما يكفي من إمدادات المياه الآمنة. وقد أدت هذه المشكلة التي طال أمدها إلى إعاقة التنمية الاجتماعية والاقتصادية إلى حد كبير في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما حرمت تجمعات كثيرة من حقها في مستوى معيشي ملائم وحقها في الغذاء والصحة والعمل. ولا يزال مستوى استهلاك الفرد الفلسطيني من المياه أقل من المعايير الدولية المقبولة لحماية الصحة العامة. ويؤثر النقص المزمن في المياه على جوانب جوهرية في المعيشة، بما في ذلك النظافة العامة. والأنشطة الزراعية والصناعية، وتربية المواشي والدواجن.

تُعد السياسات "الإسرائيلية" التي تنطوي على تمييز في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي السبب الأساسي للتفاوت الشديد في الحصول على المياه بين الفلسطينيين و "الإسرائيليين". فاستهلاك الفلسطينيين من المياه لا يتجاوز نحو 70 لتراً للفرد يومياً، وهو ما يقل كثيراً عن المستوى الذي توصي به "منظمة الصحة العالمية" وهو 100 لتر للفرد يومياً. وعلى النقيض من ذلك، يبلغ استهلاك الفرد "الإسرائيلي" للمياه يومياً نحو أربعة أضعاف مثيله لدى الفلسطينيين. ويظهر هذا التفاوت بصورة أشد وضوحاً بين التجمعات الفلسطينية والمستوطنات "الإسرائيلية" غير المشروعة التي أُقيمت في الأراضي الفلسطينية المحتلة فيما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي. وتشهد على ذلك حمامات السباحة والمزارع القائمة على كثافة الري والحدائق المزهرة في المستوطنات "الإسرائيلية" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تتناقض بشكل صارخ مع أوضاع القرى الفلسطينية المجاورة التي يعاني سكانها المشاق لتلبية احتياجاتهم المنزلية الأساسية من المياه.

ففي أجزاء من الضفة الغربية، يزيد استهلاك الفرد من المستوطنين "الإسرائيليين" يومياً بنحو 20 ضعفاً عن استهلاك الفرد في التجمعات الفلسطينية المجاورة، والتي لا يكاد استهلاك الفرد فيها يبلغ نحو 20 لتراً في اليوم، وهو الحد الأدنى الذي توصي به "منظمة الصحة العالمية" في حالات الطوارئ.

وتتحكم "إسرائيل" في حصول الفلسطينيين على المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتفرض من القيود على مقدار المياه المتاحة للفلسطينيين ما يهبط بذلك المقدار إلى مستوى لا يفي بتلبية احتياجاتهم ولا يمثل نصيباً عادلاً من موارد المياه المشتركة. وتستخدم "إسرائيل" نحو 80 في المائة من المياه المستخرجة من المخزون الجبلي، الذي يُعتبر مورد المياه الوحيد الباقي للفلسطينيين، وهو مورد مستمد بأكمله تقريباً من مياه الأمطار في شتى أنحاء الضفة الغربية. وقد استولت "إسرائيل" بشكل كامل على نصيب الفلسطينيين من مياه نهر الأردن، كما أن لديها موارد أخرى للمياه لا يشترك فيها الفلسطينيون. ويُحرم عدد يتراوح بين 180 ألفاً و 200 ألف فلسطيني، يعيشون في مناطق ريفية في الضفة الغربية المحتلة، من المياه الجارية. بل إن صنابير المياه لا تحمل المياه في كثير من الأحيان للسكان حتى في البلدات والقرى المتصلة بشبكة مياه.

ويشيع نظام تحديد حصص المياه في شهور الصيف على وجه الخصوص. وفي كثير من الأماكن لا يحصل الفلسطينيون على المياه إلا ليوم واحد كل أسبوع أو كل بضعة أسابيع، وفي بعض المناطق لا يحصلون عليها طيلة أشهر. وعندما يتعذر الحصول على المياه من الصنابير، يتعين على الفلسطينيين شراء كميات إضافية من المياه التي تُنقل إليهم عبر خزانات متنقلة بأسعار أعلى كثيراً. ويُضطر كثير من أبناء التجمعات التي لا تتصل بشبكة مياه إلى السفر لأميال طويلة للحصول على المياه بأسعار باهظة، وكثيراً ما تكون من نوعية غير موثوق بها. وفي كثير من الأحيان تقع أشد آثار نقص المياه وسوء مرافق الصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية المحتلة على كاهل التجمعات المستضعفة، التي تعيش في مناطق ريفية منعزلة وفي مخيمات اللاجئين المكتظة. وقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة البطالة والفقر فضلاً عن تناقص فائض الدخل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ونتيجةً لذلك، تُضطر الأسر الفلسطينية إلى إنفاق نسبة متزايدة من دخلها على المياه.

وفي قطاع غزة، تُعد نسبة تتراوح بين 90 و 95 في المائة من إمدادات المياه ملوثة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي. ولا تسمح "إسرائيل" بنقل المياه من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، وفي الوقت نفسه فإن مورد المياه الوحيد هناك، وهو المخزون الساحلي، لا يكفي لتلبية احتياجات السكان، فضلاً عن تعرضه للتلوث والتناقص بسبب الإفراط في استخراج المياه وتغلغل مياه الصرف ومياه البحر إليه. ومن جهة أخرى، أدت القيود الصارمة التي تفرضها "إسرائيل" على ما يدخل غزة من مواد ومعدات لازمة لتنمية مرافق البنية الأساسية وإصلاحها إلى تدهور شديد في أوضاع المياه والمرافق الصحية هناك. وعلى امتداد ما يزيد على أربعة عقود، دأبت "إسرائيل" على استغلال موارد المياه بشكل مفرط وإهمال المرافق الأساسية للمياه والصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما استخدمت "إسرائيل" الأراضي الفلسطينية المحتلة للتخلص في نفاياتها، وهو الأمر الذي أدى إلى تلوث موارد المياه تحت سطح الأرض. وهناك حاجة ماسة لاتخاذ تدابير عاجلة لضمان حصول السكان الفلسطينيين على إمدادات كافية ومتكافئة من المياه، وللحيلولة دون إلحاق مزيد من الأضرار بموارد المياه والبيئة. ونظراً لعدم وفاء "إسرائيل" بالتزاماتها، باعتبارها سلطة الاحتلال، فقد أصبح عبء التصدي لهذه التحديات يقع على عاتق الجهات الدولية المانحة، ثم إلى "سلطة المياه الفلسطينية" منذ إنشائها في منتصف التسعينات من القرن العشرين. ولا تتمتع "سلطة المياه الفلسطينية" إلا بسيطرة محدودة للغاية على موارد المياه في الضفة الغربية. فبموجب "اتفاقيات أوسلو" تقتصر مسؤولية هذه السلطة على إدارة مورد مائي غير كاف. وتتحكم "إسرائيل" في كمية المياه التي يمكن للفلسطينيين استخراجها من موارد المياه الجوفية المشتركة، كما تتحكم "إسرائيل" في القرارات المتعلقة ببناء أو تطوير الآبار وبتنفيذ المشروعات الأخرى المتصلة بالمياه. ومن جهة أخرى، فإن أنشطة "سلطة المياه الفلسطينية عرضة للقيود التي تفرضها "إسرائيل"، كما أنها تعتمد على التمويل المقدم من الجهات الدولية المانحة.

وقد تفاقمت هذه العقبات من جراء سوء الإدارة، وتعدد جهات الإدارة، والانقسامات الداخلية في "سلطة المياه الفلسطينية". وقد أصبحت الجهات المانحة تحجم عموماً عن كشف العقبات التي تعوق تنفيذ مشروعات المياه، وكذلك عن التصدي الفعال لها.

الحرمان من المياه كأداة للإبعاد
في يونيو/ حزيران 2009 هدم الجيش "الإسرائيلي" منازل وحظائر تخص 18 عائلة فلسطينية في قرية رأس الأحمر، وهي قرية صغيرة في منطقة غور الأردن في الضفة الغربية. وقد تضرر ما يزيد على 130 شخصاً، بينهم كثير من الأطفال، من هذا الإجراء. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل صادر الجنود "الإسرائيليون" خزان المياه والجرار والمقطورة التي يستخدمها أهل القرية في جلب المياه، وتُرك هؤلاء القرويون بلا مأوى ولا مصدر للمياه في أشد فترات العام حرارةً. ولم يكن هذا الإجراء سوى الأحدث من إجراءات كثيرة مشابهة تستهدف التجمعات الفلسطينية في المنطقة. ففي 28 يوليو/ تموز، 2007 صادر الجنود "الإسرائيليون" عند إحدى نقاط التفتيش العسكرية جراراً وخزان مياه من أحمد عبد الله بني عودة، وهو قروي من قرية حمصة القريبة، وكان في طريقه إلى نبع عين شبلي لجلب المياه لقريته. وقال الجنود لأهل القرية إن عليهم، إذا أرادوا استعادة الجرار والخزان، أن يوقعوا على تعهد بمغادرة المنطقة وعدم العودة إليها، بالإضافة إلى دفع غرامة مقدارها 4500 شيكل "إسرائيلي" (أي ما يعادل حوالي ألف دولار أمريكي)، وهو مبلغ يفوق طاقة هؤلاء القرويين الذين يعيش كل منهم على أقل من دولارين يومياً. وقد تمكن القرويون في نهاية المطاف من استعادة الجرار وخزان المياه بعد أن انتقلوا إلى منطقة أخرى ودفعوا غرامةً مخفضة.

وفي حديث مع منظمة العفو الدولية، قال أحد مسؤولي الجيش "الإسرائيلي" إن السبب في مصادرة الجرار وخزان المياه هو أن مثل هذه المعدات تساعد القرويين على البقاء في المنطقة، التي أعلنها الجيش "منطقة عسكرية مغلقة". وبعد بضعة أيام، صادر الجنود "الإسرائيليون" جراراً آخر يملكه أولئك القرويون. وشهدت السنوات الأخيرة هدم منازل كثيرمن الفلسطينيين الذين يعيشون في قرى حمصة والحديدية ورأس الأحمر وغيرها من المناطق في غور الأردن بصورة متكررة، فضلاً عن مصادرة خزانات المياه الخاصة بهم. وفي كل مرة، كان يُعاد بناء المنازل، وهي عبارة عن خيام وأكواخ بسيطة من ألواح المعادن والبلاستيك. ونظراً لإصرار أهالي القرى على البقاء في أراضيهم بالرغم من ظروف المعيشة البالغة القسوة، فقد دأب الجيش "الإسرائيلي" بشكل متزايد على فرض قيود على سبل حصولهم على المياه كأداة لإجبارهم على مغادرة المنطقة. وبالرغم من وجود آبار كبيرة على مقربة من المنطقة، فإن استخدامها مقصور على المستوطنين "الإسرائيليين" في مستوطنات "روعي" و "بكعوت" و "حميدات". وللحصول على المياه، يتعين على القرويين الفلسطينيين السفر إلى مسافة تصل إلى 20 كيلومتراً لشراء كميات صغيرة.

وفي السنوات الأخيرة، اتجه الجيش "الإسرائيلي" إلى بناء خنادق لمنع المرور بين القرى والمناطق المحيطة. كما نصب الجيش نقاط تفتيش على الطرق الرئيسة التي يخضع مرور الفلسطينيين عبرها لقيود مشددة. وكان من شأن هذه القيود أن تجعل الوصول إلى موارد المياه أمرا أصعب وأكثر تكلفةً بالنسبة للفلسطينيين في المنطقة، إذ يتعين عليهم أن يسلكوا طرقاً طويلة ملتفة، وكثيراً ما يُضطرون للانتظار عند نقاط التفتيش، حيث يتهددهم خطر مصادرة خزانات المياه الخاصة بهم. ففي قرية الحديدية، قالت إنعام بشارة، وهي أم لسبعة أطفال، لمنظمة العفو الدولية: "نحن نعيش تحت أقسى الظروف، بلا ماء ولا كهرباء ولا أية خدمات. ولكن نقص المياه هو أكبر مشكلة. فالرجال يقضون معظم ساعات اليوم... (في الذهاب) لإحضار الماء، ولا يستطيعون إحضاره دائماً. ولكن ليس أمامنا خيار آخر، فنحن نحتاج إلى قليل من الماء للعيش ولإعاشة الأغنام. ومن دون ماء لا توجد حياة. لقد عزلنا الجيش "الإسرائيلي" عن جميع المناطق الأخرى.. العيش على هذا النحو ليس من اختيارنا، فقد كنا نتطلع أيضاً أن تكون لدينا بيوت جميلة وحدائق ومزارع، ولكن هذه الامتيازات مقصورة على المستوطنين "الإسرائيليين".. أما نحن فمحرومون حتى من المرافق الأساسية". ونظراً للقيود الصارمة المفروضة على سبل الوصول إلى المياه، يعجز أهالي القرى الفلسطينية عن زراعة أراضيهم، أو حتى زراعة كميات صغيرة تكفي لاستهلاكهم الشخصي ولإطعام ماشيتهم، ومن ثم يُضطرون إلى تقليل وجباتهم.

وعلى مر العصور، كان الفلسطينيون في غور الأردن يعتمدون في كسب أرزاقهم على الزراعة وتربية الأغنام والماعز وبيع ما ينتجونه من الحليب والجبن. أما في السنوات الأخيرة، فقد كان من شأن نقص المياه أن يجعل من المستحيل على القرويين زراعة الأراضي الخصبة بطبيعتها أو الاحتفاظ بأكثر من رؤوس قليلة من الماشية، التي أصبحت وسيلتهم الوحيدة للعيش في الوقت الحالي. وقد أدى نقص المياه بالفعل إلى إجبار كثير من أهالي القرى على مغادرة المنطقة، وتتزايد الأخطار التي تهدد معيشة التجمعات السكانية الباقية.

وعلى النقيض من ذلك، تتمتع المستوطنات "الإسرائيلية"، التي أُقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة بالمخالفة للقانون الدولي، بحرية مطلقة في الحصول على المياه لزراعة مساحات شاسعة من المزارع. وتُعد الزراعة باستخدام مياه الري النشاط الاقتصادي الرئيسي في المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية، ويُصدر معظم إنتاج هذه المستوطنات. وتُعد المساحات الخضراء الشاسعة في المستوطنات "الإسرائيلية" غير القانونية مقابل القرى الفلسطينية المقفرة دليلاً صارخاً على سياسة التمييز التي تنتهجها "إسرائيل" تجاه الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبينما يعاني القرويون الفلسطينيون أشد المشاق كل يوم للحصول على ما يكفي من المياه لاحتياجاتهم الأساسية، لا تكف رشاشات المياه في المستوطنات "الإسرائيلية" القريبة عن ري الحقول في منتصف النهار، حيث تُهدر معظم كميات المياه نظراً لتبخرها حتى قبل أن تصل إلى الأرض.

حظر تجميع مياه الأمطار
وتعتمد التجمعات الريفية التي لا تتصل بشبكة مياه على مياه الأمطار التي تُجمع سواء لتلبية احتياجاتها المنزلية أو احتياجات الزراعة. وتبعاً لكمية الأمطار التي تنهمر سنوياً، يمكن للمياه التي تُخزن في صهاريج تحت الأرض خلال موسم الأمطار أن توفر إمدادات المياه للعائلات لعدة شهور. وعندما تنفد الكميات التي جُمعت من مياه الأمطار، يُضطر أهالي القرى إلى شراء كميات إضافية من خزانات المياه وتخزينها في الصهاريج. وفي 15 يناير/ كانون الثاني،2008 هدمت القوات "الإسرائيلية" تسعة صهاريج لتجميع مياه الأمطار في قرية بيت أولا الواقعة شمال غرب مدينة الخليل. وكانت الصهاريج قد بُنيت في يونيو/ حزيران 2006 كجزء من مشروع زراعي لتحسين مستوى الأمن الغذائي، وتمتلكها تسع عائلات. وتولى الاتحاد الأوروبي تمويل المشروع من خلال اثنتين من المنظمات المحلية غير الحكومية، وهما "لجان الإغاثة الزراعية الفلسطينية" و "جماعة المياه الفلسطينية". وطبقاً للمخطط، كان مسطح الأرض مقسماً طبقاً للطريقة التقليدية، وزُرعت فيها 3200 شجرة من أشجار الزيتون واللوز والليمون والتين.

وكانت الصهاريج تمثل جزءاً حيوياً من المشروع، حيث كان من المزمع أن يوفر كل صهريج المياه لمساحة تتراوح بين 10 دونمات و 12 دونماً (أي ما بين هكتار و 2.1 هكتار). كما شارك المزارعون بنصيب كبير من التكاليف الإجمالية للمشروع. وقال أحد هؤلاء المزارعين، ويُدعى محمود آدم، لمنظمة العفو الدولية: "لقد أنفقنا كثيراً من الأموال، وكنا نبذل أقصى ما في وسعنا في هذا المشروع. فهذه أرض جيدة، وكان هذا المشروع مفيداً جداً. وقد فكرنا طويلاً في تقسيم الأرض وبناء الصهاريج بأفضل طريقة، لتحقيق الاستفادة القصوى من الأرض، وزرعنا أشجاراً لا تحتاج إلى مياه كثيرة... فحتى إذا لم تتوفر أمطار كافية في ذلك العام لملء الصهاريج، فإن المياه التي تم تجميعها كانت مفيدة للشجيرات النابتة، وكانت تنمو بشكل جيد... ولكنهم (جنود الجيش "الإسرائيلي") هدموا كل شيء، فقد أخذوا يجوبون الأرض بالجرافات عدة مرات واقتلعوا كل الأشجار.. إنني أشعر بالألم في كل مرة أجيء فيها إلى هنا وأشاهد الدمار، فقد ضاع كل ما بنيناه. لماذا يُقْدم أي شخص على مثل هذا الدمار؟ وما النفع الذي يعود من جراء عمل كهذا؟".

استهداف التجمعات المستضعفة ـ تلال جنوب الخليل
في تلال جنوب الخليل، يعتمد القرويون الفلسطينيون بالأساس على تربية الأغنام والماعز لتدبير سبل العيش، إلا أنهم أصبحوا خلال السنوات الأخيرة يواجهون تحدياً متنامياً يتمثل في الجفاف الذي يستمر لفترات طويلة، ما يؤدي إلى نقص إمدادات المياه التي يمكنهم تجميعها خلال موسم الأمطار وانخفاض الناتج من المحاصيل التي تُستخدم كعلف للماشية والنباتات التي تُستخدم كمرعى لها. ومما فاقم من سوء أوضاع هؤلاء القرويين تزايد القيود التي يفرضها الجيش "الإسرائيلي" على وصول القرويين إلى المياه وإلى أراضي المراعي. ففي قرية سوسيه الفلسطينية، هدم الجيش "الإسرائيلي" معظم صهاريج المياه، بالإضافة إلى عشرات المنازل، في عامي 1999 و 2001. أما الصهاريج الباقية، وكذلك أحد المراحيض، فقد صدرت أوامر بهدمها ولم تُنفذ بعد. وقد فُجرت صهاريج المياه، وبعضها قائم منذ قرون، أو هُدمت بالجرافات ومُلئت بالحجارة والأسمنت للحيلولة دون إصلاحها. كما دُمرت معدات استخدام الطاقة الشمسية في التدفئة، والتي كانت قد قُدمت كمنحة للقرويين.

وكما كان الأمر في حالات أخرى، فقد كان السبب الرسمي لهدم هذه الأبنية هو أنها بُنيت من دون تصاريح، في حين أن الجيش "الإسرائيلي" يرفض على الدوام منح هذه التصاريح للفلسطينيين في المنطقة. أما الهدف فواضح، وهو طرد السكان من القرية بغية إفساح المجال لتوسيع مستوطنة سوسيه "الإسرائيلية". وقد صاحب توسيع مستوطنة سوسيه في عقد التسعينات من القرن العشرين تزايد المضايقات التي تعرض لها السكان من المستوطنين، وكذلك الجهود التي بذلها الجيش لطرد السكان. ومنذ أن هدم الجيش "الإسرائيلي" معظم كهوف الفلسطينيين، وهي أبنية تاريخية شُيدت منذ آلاف السنين، أصبح هؤلاء الفلسطينيون يعيشون في خيام وأكواخ ويتهددهم على الدوام خطر طردهم عنوةً من المنطقة. وقد اضطُر أكثر من نصف القرويين فعلاً لمغادرة المنطقة، ورحل كثيرون منهم بعد هدم صهاريج المياه عامي 1999 و 2001  بينما رحل آخرون إثر القيود التي فُرضت منذ ذلك الحين على الوصول إلى المياه والأراضي.

إطلاق النار على خزانات المياه من أجل "التدريب على التصويب"
على أسطح معظم منازل الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، توجد خزانات للمياه للاستفادة منها في الأوقات التي تشح فيها المياه. وكثيراً ما كانت هذه الخزانات هدفاً لنيران الجنود "الإسرائيليين". سألت منظمة العفو الدولية أحد الجنود الذين يخدمون في المنطقة عن السبب الذي يجعل خزانات المياه الموجودة فوق أسطح منازل الفلسطينيين في شتى أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة هدفاً دائماً لإطلاق النار، فأجاب قائلاً "خزانات المياه هي هدف جيد من أجل التمرين على التصويب. فهي موجودة في كل مكان، وحجمها ملائم لكي يصوب المرء عليها ويضبط سلاحه، أو لكي ينفس ما يشعر به من إحباط، أو لكي يلقن الأطفال في المناطق المجاورة درساً، فهم يلقون الحجارة عليه ولا يستطيع أن يمسك بهم، أو لكي يكسر حالة الملل والرتابة التي تنتابه خلال مهمة الحراسة".

تدمير مرافق المياه الأساسية
خلال العملية العسكرية التي شنتها "إسرائيل" على قطاع غزة ودامت 22 يوماً في ديسمبر/ كانون الأول 2008 ويناير/ كانون الثاني، 2009 وأُطلق عليها اسم "عملية الفولاذ المصهور"، أدت الهجمات "الإسرائيلية" إلى إلحاق أضرار بالمرافق الأساسية للمياه والصرف الصحي في غزة تُقدر بنحو ستة ملايين دولار أمريكي. فقد دمرت الدبابات والجرافات "الإسرائيلية" أو أضرت أربعة مستودعات للمياه، و 11 بئراً، وشبكات المجاري ومحطات ضخ المياه، بالإضافة إلى 20 ألف متر من أنابيب المياه الرئيسية. كما لحقت أضرار بمصانع لمعالجة مخلفات المجاري في شمال ووسط غزة، مما أدى إلى طفح المخلفات على مساحة تزيد على كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية والمناطق السكنية، وأسفر ذلك عن تدمير المحاصيل فضلاً عن المخاطر الصحية. وعادةً ما كان تدمير المرافق الأساسية للمياه أو إلحاق أضرار بها أمراً مصاحباً للهجمات العسكرية "الإسرائيلية" في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال السنوات الأخيرة. ففي إحدى عمليات التوغل، التي نفذتها القوات "الإسرائيلية" في أواخر يناير/ كانون الثاني وأوائل فبراير، 2003 في مدينة رفح، وهي أفقر مدن قطاع غزة وتقع في أقصى جنوب القطاع، دمرت القوات "الإسرائيلية" اثنتين من الآبار العامة التي توفر مياه الشرب لنصف سكان المدينة البالغ عددهم نحو 120 ألف نسمة.

وكانت البئران ضمن 102 من الآبار التي دمرها الجيش "الإسرائيلي" في قطاع غزة في غضون أقل من عام، من 1 يوليو/ تموز 2002 إلى 31 مارس/ آذار، 2003 ونتيجةً لذلك، تعّين على السكان أن يعتمدوا على مصادر بديلة للمياه، لم تكن آمنةً في كثير من الأحيان، مثل الآبار الزراعية، وهي غير مخصصة لتوفير مياه الشرب ومن ثم لا تخضع لرقابة السلطات المسؤولة عن المياه، ولا تُضاف إليها كميات كافية من الكلور للتطهير. وفي تقرير لتقييم الاحتياجات في أعقاب عمليات التوغل في مايو/ أيار، 2004 وصفت هيئات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة الوضع على النحو التالي: "في أعقاب عمليات التوغل في مايو/ أيار، تدهورت الصحة العامة من جراء الأضرار التي لحقت بشبكات المياه والصرف الصحي والمرافق التي تعاني من التكدس. وذكر مستشفى تابع لوزارة الصحة في بلدة تل السلطان أنه خلال الفترة من 1 إلى 17 مايو/ أيار، نُقل إلى المستشفى 848 طفلاً، أي بمعدل نحو 50 طفلاً في اليوم، كانوا يعانون من أمراض شتى، من بينها الإسهال والأمراض الجلدية، وخلال الفترة من 22 إلى 31 مايو/ أيار، نُقل إلى المستشفى 1363 طفلاً، أي بمعدل 151 طفلاً في اليوم".

والجدير بالذكر أن الهجمات الانتقامية وغيرها من الهجمات المتعمدة التي تشنها القوات "الإسرائيلية" على المرافق الأساسية للمياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذلك على محطات الطاقة وغيرها من المرافق، مما يؤثر بشكل مباشر في إمدادات المياه وفي جودتها، تُعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.

الحصار يحول دون الإصلاح وإعادة البناء
وفي قطاع غزة، تُعد نسبة تتراوح بين 90 و 95 في المائة من إمدادات المياه، المستمدة من مخزون المياه الساحلي، ملوثة وغير صالحة للشرب بسبب تسرب مخلفات الصرف الصحي ومياه البحر. ونظراً للحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على قطاع غزة، لا يمكن إدخال المواد والمعدات اللازمة بشدة لإصلاح وإعادة بناء مرافق المياه ومعالجة مخلفات الصرف الصحي. والنتيجة هي مزيد من التدهور لمرافق المياه والصرف الصحي، وهي في حالة مزرية أصلاً بعد عقود من الإهمال. وتؤدي القيود المفروضة على إدخال الوقود والمواد الكيميائية إلى قطاع غزة إلى مزيد من المعوقات في تشغيل مصانع معالجة مخلفات الصرف الصحي والآبار ومرافق تحلية المياه. ونظراً لنقص الطاقة في مرافق معالجة مخلفات الصرف الصحي القائمة، أصبح نحو نصف كمية المخلفات (وتُقدر بنحو 70 ألف متر مكعب يومياً) تُصرف في البحر من دون معالجة، ما يؤدي إلى تلوث الساحل ومصايد الأسماك، التي تُمثل جانباً مهماً من سبل العيش بالنسبة لأهالي غزة.

وقد سُلطت الأضواء على نطاق المشكلة في 27 مارس/ آذار،2007 عندما انهار أحد أحواض تجميع مياه الصرف الصحي في شمال غزة، فتدفقت مياه الصرف على قرية أم النصر البدوية القريبة، ما أدى إلى مصرع خمسة أشخاص وتشريد المئات.

وذكر البنك الدولي أنه "في نوفمبر/ تشرين الثاني، 2008 تعطلت معظم آبار المياه بسبب نقص قطع الغيار، وكانت الآبار الأخرى الباقية تعمل بنصف طاقتها. وأدى انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الوقود لتشغيل المولدات إلى التأثير في توزيع المياه وضخها إلى خزانات المنازل. وتبلغ طاقة مصنع تحلية المياه في خان يونس 90 متراً مكعباً في الساعة، ولكنه كان يعمل بطاقة 30 متراً مكعباً فقط نظراً للنقص في قطع الغيار والمواد الكيميائية.. ونتيجةً لذلك، لم تكن مياه الشبكات تصل إلى ما يزيد على 50 في المائة من المنازل في ذلك الوقت، وظلت بعض المنازل بلا ماء لأكثر من 10 أيام". وبالرغم من وعود "إسرائيل" بالسماح بدخول المواد التي يحتاجها قطاع المياه والصرف الصحي بشدة، فلم يطرأ تقدم يُذكر.

الولاية على الأراضي بموجب "اتفاقيات أوسلو"
نصت "اتفاقيات أوسلو" على تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق أُطلقت عليها أسماء "المنطقة أ" و "المنطقة ب" و "المنطقة ج". وفي المنطقتين "أ" و "ب" تخلى الجيش "الإسرائيلي" للسلطة الفلسطينية عن مسؤولية الشؤون المدنية، أي تقديم الخدمات للسكان. وتشمل المنطقتان معاً نحو 95 في المائة من السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية، في حين أن المنطقتين لا تمثلان سوى 40 في المائة من مساحة الضفة. وفي المنطقة "ج"، يحتفظ الجيش "الإسرائيلي" بالولاية الكاملة على جميع الشؤون. وتضم هذه المنطقة نحو 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية، بما في ذلك جميع المخزونات الأرضية وسبل الوصل إلى موارد المياه وجميع الطرق الرئيسية في الضفة الغربية. ولا تتصل المنطقتان "أ" و "ب" جغرافياً، بل تتفتتان إلى جيوب منفصلة تحيط بها المستوطنات "الإسرائيلية" وطرق المستوطنين والمنطقة "ج"، ومن ثم، فإن توصيل الخدمات إلى المنطقتين "أ" و "ب" يتطلب المرور عبر المنطقة "ج". وقد حالت هذه الترتيبات دون تنمية مرافق أساسية كافية للمياه والصرف الصحي. ويعيش معظم الفلسطينيين في المنطقتين "أ" و "ب"، ولكن مرافق البنية الأساسية التي تخدمهم تقع في المنطقة "ج" أو تمر خلالها. وتُقيَّد أو تُمنع تنقلات الفلسطينيين في المنطقة "ج"، ونادراً ما يسمح الجيش "الإسرائيلي" بأنشطة إنشائية أو تنموية.

التحكم في المياه في الضفة الغربية المحتلة
ـ تحدد "إسرائيل" كمية المياه التي يمكن للفلسطينيين استخراجها من مصادر المياه الجوفية المشتركة، كما تحدد المواقع التي يمكن فيها استخراج المياه.

ـ تتحكم "إسرائيل" في جمع مياه الأمطار أو الينابيع في معظم أنحاء الضفة الغربية. وكثيراً ما يقوم الجيش "الإسرائيلي" بهدم الصهاريج التي يقيمها الفلسطينيون لجمع مياه الأمطار.

ـ لا يُسمح للفلسطينيين بحفر آبار جديدة أو إصلاح الآبار القديمة من دون تصاريح من السلطات "الإسرائيلية"، وهي تصاريح يصعب، بل وكثيراً ما يستحيل، الحصول عليها. ولا يقتصر الأمر على ذلك، إذ يتطلب مد أنابيب بين الآبار والقرى والبلدات الفلسطينية الحصول على تصاريح "إسرائيلية".

ـ يسيطر الجيش "الإسرائيلي" على القرى التي يتعين على سيارات خزانات المياه أن تستخدمها لنقل المياه إلى القرى الفلسطينية التي لا تتصل بشبكة مياه. وتُغلق كثير من الطرق أمام الفلسطينيين أو تُفرض قيود على عبورهم، وهو الأمر الذي يؤخر سيارات خزانات المياه أو يجبرها على أن تقطع طرقاً ملتفة أطول، مما يزيد بشكل كبير من أسعار المياه.

ـ ومن شأن هذه القيود أن تجعل من الصعب للغاية على الفلسطينيين الوصول إلى المياه أو إقامة وصيانة المرافق الأساسية للمياه والصرف الصحي.

التزامات "إسرائيل" بموجب القانون الدولي
يتعين على "إسرائيل"، على ضوء احتلالها العسكري للأراضي الفلسطينية المحتلة، أن تتقيَّد بأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبالرغم من رفض "إسرائيل" لهذا المبدأ، فقد أكد المجتمع الدولي مراراً، بما في ذلك جميع هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أن "إسرائيل" ملزمة بالتقيِّد بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في ممارساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما أهاب المجتمع الدولي مراراً بـ "إسرائيل" أن تحترم التزاماتها. وتقع على عاتق "إسرائيل"، باعتبارها سلطة الاحتلال، مسؤوليات محددة في احترام الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، بما في ذلك الحق في مستوى معيشي ملائم، فضلاً عن الحق في المياه والحق في الغذاء والحق في الصحة والحق في العمل. ولا يقتصر واجب "إسرائيل" على الامتناع عن اتخاذ إجراءات تنتهك هذه الحقوق، بل يجب عليها أيضاً حماية السكان الفلسطينيين من تدخلات الأفراد في حقوقهم، وكذلك اتخاذ خطوات محددة ومدروسة لضمان إعمال هذه الحقوق بشكل كامل.

وفي الوقت الراهن يستمر سريان الأوامر العسكرية بالسيطرة على موارد المياه الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي الأوامر التي أصدرها الجيش "الإسرائيلي" بُعيد احتلاله لهذه الأراضي (الأمر العسكري رقم،92 الصادر في يونيو/ حزيران، 1967 والأمر العسكري رقم، 168 الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني، 1967 والأمر العسكري رقم، 291 الصادر في ديسمبر/ كانون الأول 1968). ولم يكن من شأن "اتفاقيات أوسلو"، الموقعة في عام،1993 أن تغير من الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي لا تزال تحت الاحتلال "الإسرائيلي" وتخضع لسيطرته الفعلية. والواقع أن "اتفاقيات أوسلو" تنص بشكل محدد على أن "تُعالج مسألة ملكية المرافق الأساسية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي في الضفة الغربية في مفاوضات الوضع النهائي" (المادة 40). إلا إن مفاوضات الوضع النهائي، التي كان مقرراً أن تُعقد في أواخر عقد التسعينات من القرن العشرين، لم تتم حتى الآن.

ظلت صهاريج تجميع مياه الأمطار تُستخدم في المنطقة على مدى قرون. ومعظم الصهاريج صغيرة لا تزيد سعتها على 50 متراً مكعباً. وتُبنى الصهاريج بالطريقة النبطية التقليدية، حيث تُحفر حفرة في الأرض ذات شكل مستدير أو مربع، وتحاط جوانبها بالحجارة أو الأسمنت لمنع التسرب، وتكون لها فتحة تُغلق في حالة عدم استخدام الصهريج للحيلولة دون تبخر المياه أو تلوثها. وتُجمع مياه الأمطار في الصهاريج خلال موسم الأمطار وتُخزن لاستخدامها في باقي مواسم السنة التي تتسم بالجفاف.

وأدلى عمار حجازي، السكرتير الأول بالبعثة المراقبة الدائمة لفلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم، ببيان أمام اللجنة الثانية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية حول بند السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية. وقال في البيان: "أنه على الرغم من المحاولات الإسرائيلية الدؤوبة لأكثر من 42 عاما من الاحتلال من أجل تجريد الفلسطينيين من العناصر الأساسية للبقاء وللحياة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، واستهداف سبل عيشهم ومواردهم، وعلى الرغم من كل أنواع القسوة والتدمير والعدوان، فإن الفلسطينيين، وهم السكان الأصليون لهذه الأرض، ولهم جذور عميقة فيها، كما كانت منذ آلاف السنين، ما زالوا يعيشون هناك متحديين كل المحاولات الرامية إلى إجبارهم على التخلي عن وطن أبائهم وأجدادهم. وحول مسألة المياه باعتبارها من أهم الموارد الطبيعية ومصدرا للحياة نفسها، أشار حجازي الى تقرير نشرته منظمة العفو الدولية يناقش بالتفصيل الممارسات التمييزية وغير القانونية التي تقوم بها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ذكرت فيه أنه في حين يتمتع المستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين بحرية الوصول إلى المياه الفلسطينية، ويستهلك الفرد منهم ما يصل إلى 300 لترا في اليوم، فإن الفلسطينيين لا يحصلون على الحد الأدنى من الماء الذي حددته منظمة الصحة العالمية لتوفير حياة كريمة وصحية فالفرد الفلسطيني بالكاد يحصل على 70 لترا من الماء يوميا، وفي بعض الحالات على 20 لترا في اليوم، وهو الحد الأدنى الموصى به لحالات الطوارئ الإنسانية".

وبينما تقوم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بتحويل المياه الفلسطينية لاستخدام المستوطنين غير الشرعيين، والتي هي بلا شك واحدة من أكثر الأمثلة الصارخة للسياسات التمييزية للاحتلال، فإنها لا تزال تنكر على الفلسطينيين حقهم في إصلاح شبكات المياه القائمة، وحفر الآبار وبناء الصهاريج، أو القيام بأي عمل يمكن أن يساعد في إدارة أزمة المياه، هذا إلى جانب السياسات والممارسات الإسرائيلية غير القانونية الأخرى من مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني، وبناء الجدار والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وحرمانه من استغلال موارده الطبيعية وآثارها الكارثية على أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية وخاصة على قطاع الزراعة التي هي واحدة من الركائز الأساسية للاقتصاد الفلسطيني. وأضاف حجازي أن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لا تكتفي بسرقة المياه وفرض العطش ألقسري على الفلسطينيين، بل تقوم أيضا بسرقة الأراضي من الفلسطينيين بصورة غير مشروعة عن طريق استغلال المحاجر في الضفة الغربية، كما ورد في تقرير اللجنة الاقتصادية. لغربي آسيا (الإسكوا) بالكشف مؤخرا عن استغلال إسرائيل غير المشروع للموارد الطبيعية الفلسطينية حيث تعمل 11 شركة إسرائيلية بصورة غير قانونية في محاجر بالضفة الغربية وتستخدم 75 في المائة من الناتج لأنشطة البناء غير القانوني، في انتهاك لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال. وفي تحد سافر للإرادة الجماعية للمجتمع الدولي، ممثلا في العديد من القرارات التي تدعو السلطة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن النشاط الاستيطاني غير المشروع وعن مصادرة الأراضي الفلسطينية وفرض العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين، لاتزال إسرائيل مستمرة في انتهاج هذه السياسات والممارسات غير المشروعة.

وذكر حجازي أن التقارير الدولية تشير إلى أن السلطة القائمة بالاحتلال، حتى الآن استكملت 58 % من الجدار غير القانوني البالغ طوله 705 كيلومترا، في انتهاك صارخ لفتوى محكمة العدل الدولية في 9 تموز/ يوليه 2004. وأن 85 % من مسار الجدار يمتد في عمق الضفة الغربية ملتهما ما لايقل عن 10 % من المساحة الإجمالية للأراضي المحتلة. هذا علاوة على القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل، مع المئات من حواجز الطرق مما يمنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم وبالتالي حرمانهم من محاصيلهم وحرمان الفلسطينيين من الرعاية الصحية والتعليم وغيرها. وتطرق إلى الوضع الإنساني الخطير في قطاع غزة بسبب استمرار إسرائيل في فرض العقاب الجماعي والحصار القاسي على الشعب الفلسطيني بأكمله في غزة. وقال أن إسرائيل لم تكتف بحرمان الفلسطينيين في قطاع غزة من حقوقهم الأساسية، بل شنت حربا إجرامية ضد السكان ألحقت أضراراً بشرية ومادية وبيئية هائلة، ولقد دمرت حرب إسرائيل والحصار على غزة كل قطاع من قطاعات الاقتصاد، خاصة الزراعة وصيد الأسماك، فضلا عن الاستخدام غير المشروع للأسلحة مثل قنابل الفوسفور الأبيض. وعلى الرغم من دعوات المجتمع الدولي إلى الرفع الفوري للحصار إلا أن إسرائيل مستمرة في تجاهلها الصارخ لقرارات الشرعية الدولية ولإرادة المجتمع الدولي وللقانون الإنساني الدولي.

ثم تطرق حجازي إلى الآثار البيئية المدمرة لاستغلال إسرائيل المنهجي وغير المشروع للموارد الطبيعية الفلسطينية ولسياساتها التمييزية، فذكر أن عشرات المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة والمصانع الكيماوية تعمل دون رادع ولا تلتزم بالقواعد البيئية وتقوم بإغراق النفايات في الأرض الفلسطينية مما يؤدي إلى تلويث المياه والآبار وتدمير الحقول الزراعية، وبالتالي التأثير على صحة الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة. وأكد أن الشعب الفلسطيني، رغم السياسات والممارسات الإسرائيلية الوحشية وغير القانونية، سيواصل السير قدما لإنهاء الاحتلال، وممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في السيادة الكاملة على موارده الطبيعية وإقامة دولتة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة، وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة. ودعا عمار حجازي في ختام كلمته جميع الدول الأعضاء لدعم وتأييد الشعب الفلسطيني لتحقيق العدل والسلام، ولا شك أن هذا بمثابة اختبار لقدرتنا على الصمود كشعب مضطهد تحت الاحتلال واختبار لمصداقية المجتمع الدولي. وأكد على أن الشعب الفلسطيني قرر أن له خيار واحد وهو النصر على القهر والقمع والاستغلال من أجل مستقبل ينعم فيه بالحرية والسلام والازدهار وان قيام اسرائيل بناء جدار الفصل العنصري يتطابق بنسبة 100 % مع مسار الأحواض المائية واّبار المياه الجوفية في الضفة الغربية، ويستهلك الفرد الاسرائيلي نحو 4 أضعاف استهلاك المواطن الفلسطيني ويستهلك المستوطن الاسرائيلي في الضفة الغربية نحو 7 أضعاف المواطن الفلسطيني.

نتائج السياسة الاسرائيلية في السيطرة على المياه في فلسطين:

1 ـ تدمير أجزاء كبيرة من المرافق المائية مثل هدم الاّبار وتدمير شبكات الري والخزانات وخطوط المياه في الضفة الغربية.
2 ـ العجز الكبير في الخزان الجوفي.
3 ـ تزايد معاناة السكان اليومية من أجل الحصول على مياه الشرب.
4 ـ تدمير اسرائيل للعديد من المدن الفلسطينية بعدم تزويدها بالمياه.
5 ـ تزايد نسبة الأملاح في معظم اّبار الضفة الغربية وقطاع غزة مما أدى الى انخفاض الانتاج الزراعي.

ولقد قامت اسرائيل بالتعاون مع سلطة المياه الاسرائيلية (مكروت) بحفر 500 بئر على امتداد حدود الضفة الغربية مع اسرائيل والحدود الشمالية بقطاع غزة تعمل 18 ساعة يوميا وتضخ كميات هائلة من المخزون المائي الفلسطيني وتصل هذه الاّبار الى الطبقات الرئيسة الحاملة للمياه الجوفية للحوضين الغربي والشمالي الشرقي مما يؤدي الى لسحب كميات كبيرة من المياه من هذه الأحواض لصالح المستوطنات ونقل قسم كبير منها الى داخل اسرائيل، اضافة الى ذلك قامت اسرائيل بربط الحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي ببحبرة طبريا من خلال الشبكة المائية الرئيسة عن طريق المشروع القطري ولهذا تم تحويل موارد نهر الأردن وقسم من مياه الحوض الغربي الى النقب.

واما بالنسبة للمياه العربية
لقد كان هدف اسرائيل من اجتياحاتها المتكررة للبنان هو السيطرة على المياه ففي عام 1978 تمكنت اسرائيل من السيطرة على مياه نهر الليطاني وقامت بتركيب مضخات كبيرة قرب جسر الخردلي ومد أنابيب ضخمة بطول عشرة كيلومترات من مجرى النهر حتى بلدة الطيبة كما شيدت اسرائيل خزانات ضخمة على الأطراف الجنوبية لبلدة عيتا الشعب لتخزين مياه الليطاني وتوزيعها على المستوطنات في منطقة الجليل الأعلى كما قامت اسرائيل بتحويل مياه نهرالليطاني الى بحيرة طبريا، كما سيطرت اسرائيل على مياه نهر الحاصباني وتطل على مجرى نهر الليطاني والوزان. وهناك محاولات اسرائيلية مع تركيا لامدادها بالمياه والتحكم في مياه نهري دجلة والفرات كما أن هناك دور لاسرائيل في الصراع على مياه نهر النيل وان اهتمام اسرائيل باثيوبيا لأنها تعتبر نافورة مياه نهر النيل. ومن هنا فان الأمن المائي العربي يبقى مهددا بسبب السياسة الاسرائيلية وان أي حل سياسي للقضية الفلسطينية لن يحدث الا عبر موضوع المياه.

نابلس ـ فلسطين