الشعر في حياتنا

رسالة القاهرة الثقافية

منتصر القفاش

كان من توابع ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي إعلان الشاعرين حلمي سالم وعبد المنعم رمضان لإقامة أمسيات بديلة تقدم فيه أصواتا شعرية تكشف عما يمور به الواقع الشعري المصري الآن دون الدخول في لعبة التوازنات أو إقصاء شعراء لأسباب غير فنية.

والبحث عن البديل صار هما أساسيا في نواحي مختلفة من المجتمع المصري فكل ما هو رسمي لم يعد فقط عاجزا عن إضافة أي جديد بل أيضا بعيدا عما يحدث في الواقع بالفعل ويحاول أن يجمد هذا الواقع في تصورات شائخة عفا عليها الزمن مثل الحديث عن إمارة الشعر أو الريادة المصرية والكلام عن مدى استحقاق قصيدة النثر أن تكون شعرا ومن الأحق بتمثيل الشعر العربي في الملتقى الدولي الذي انتهى إلى أسماء لم يسمع بمعظمها احد بالإضافة إلى هوجة جائزة الملتقى التي جعلت الشاعر الكبير سعدي يوسف يشعر "كأننا في حلبة سباق للخيول". وكان متوقعا منذ البداية أن يكون الملتقى ابعد ما يكون عن الشعار الذي حمله "الشعر في حياتنا" فهذا الشعار أو السؤال لا تتحمله الاحتفاليات الكبيرة ولا الأمسيات التي يحشد في كل منها أكثر من أربعة عشر شاعرا ولا إرضاء جميع الأطراف فهو سؤال بالفعل يشغل الشعراء والنقاد الجادين ويحتاج إلى حوار وليس صخبا والى أبحاث تتأمله وتقرأ ما يحدث في الشعر العربي الآن لا التوقف فقط عند المقدمات التاريخية، كما يحتاج إلى التفكير في أشكال بديلة لتقديم الشعر إلى الجمهور وهذا دور يقع على عاتق الشعراء أنفسهم.

فالشائع في مصر ربما أكثر من غيرها من البلاد العربية أن الشعر ليس له جمهورا ومن هنا رفض الكثير من دور النشر المغامرة بنشر الشعر وحتى إذا نشرته بعدما يدفع الشاعر تكاليف الطباعة فإنها لا تحرص على توزيعه أو تقديمه للقارئ، فالبفعل لا توجد قنوات تساعد على إيصال الشعر إلى الجمهور فهو منبوذ من وسائل الإعلام الرسمية ولا توجد له مجلات متخصصة لذلك صار التفكير في البدائل ملحا وضروريا ويكفي ان اذكر ان التسجيل الوحيد المتاح للشاعر أسامة الديناصوري ـ الذي نسيه ملتقى الشعر ـ وهو يقرأ أشعاره ونصوصه الاخيرة وفرته المدونات على الانترنت وهي من البدائل التي يمكن ان تضيف الكثير للتواصل مع الجمهور ، كما أتذكر هنا موقع قصيدة النثر المصرية الذي أقامه الشاعر عماد فؤاد ـ وتوقف للأسف ـ فهذا الموقع استطاع أن يقدم خريطة لقصيدة النثر المصرية وقدم دواوين كاملة للكثير من شعرائها، وفتح نقاشا حولها شارك فيه الكثير من الشعراء والنقاد المصريين والعرب فهذا الموقع كان الإجابة البديلة عن انتظار صدور مجلة جادة من المؤسسات الرسمية تهتم بقصيدة النثر. ومن المفارقات أن صدرت مختارات من قصيدة النثر المصرية التي أعدها عماد فؤاد في الجزائر وليس في مصر. وعن هذا كتب عماد في مقدمته للمختارات " وليس غريباً أن تصدر في بلد آخر غير مصر، صدورها في بلد كبير بحجم الجزائر لا يدهشني كثيراً، بل يكاد يكون متسقاً أكثر مع طبيعة تلك النُّصوص وشعرائها، فحتَّى هذه اللحظة، لم تزل المؤسَّسة الثّقافية الرّسمية في مصر تتمسّك بشعرائها المكرَّسين لتزيد من تكريسهم، وتنفي شعراءها الجدد وكأنَّهم أبناء سفاح. ليكن، نحن أيضاً تعوّدنا على ذلك، على الرُّغم من أن شعراء قصيدة النَّثر المصرية احتلوا ـ خلال العقدين الماضيين ـ متن المشهد الشِّعري الرَّاهن، فيما تمَّت إزاحة الشُّعراء الآخرين إلى الهامش، حدث هذا من دون مساندة الصَّفحات الثَّقافية أو المنابر أو الدّوريات أو المجلات الرَّسمية المصريَّة البائسة، بل دعنا نقول إنَّ المبدعين المصريين قدَّموا خلال الأعوام العشرين الماضية منابرهم المستقلَّة، التي أخرجوها إلى النُّور من مالهم الخاص ووزَّعوها بأنفسهم، وهي التي أفرزت أجيال مبدعيها الرَّاهنين، تلك المنابر الثَّقافية التي جاءت كاستمرارية لحركة الطِّباعة المستقلّة، والتي بدأت تباشير ظهورها الأول في مصر عشيَّة الحرب العالمية الثَّانية، مع تأسيس جماعة "الفن والحريَّة" في التاسع من يناير عام 1939 بمبادرة من الشَّاعر السُّوريالي "جورج حنين" ورفاقه "رمسيس يونان" و"أنور كامل" و"كامل التِّلمساني"، هذه الجماعة التي أصدرت نشرة "الفن والحريَّة"، وفي العام التَّالي أصدرت مجلة "التَّطور"، والتي كان تأثيرها في الحركة الثَّقافية المصرية كبيراً. واستمرت المحاولات الدؤوب من المبدعين المصريين في إصدار منابرهم المستقلة، وصولاً إلى العقدين الماضيين، هل ننسى ـ مثلاً ـ الدّور البارز الذي قدَّمته مجلة مثل "الكتابة الأخرى"، والتي أشرف على إصدارها طوال عشر سنوات الشَّاعر "هشام قشطة" مع مجموعة كبيرة من الشّعراء والمبدعين المصريين الذين يتصدَّرون المشهد الإبداعي الرَّاهن في مصر؟، هل ننسى الدّور الذي قامت به مجلات أخرى أصدرها الكتَّاب المصريّون على نفقاتهم الخاصة وتوقّفت سريعاً بسبب تعثُّرها المادي، مثل: "الكتابة السّوداء"، و"الأربعائيون"، و"الفعل الشعري"، و"الجراد"، و"إيقاعات"، و"العصور الجديدة"، و"خماسين"، و"شعر" وغيرها؟، من هنا، ولكل ما سبق، نعتبر أن كلّ شاعر من الشُّعراء المتواجدين في هذه الأنطولوجيا، إنَّما قدَّم منجزه الشِّعري بعيداً عن ضجيج الأبواق الرَّسمية، منفرداً، وحيداً، لا يظلَّه إلا نصّه، وعزلته، وإيمانه العميق بما يفعل. "

ولتمام الفائدة نقدم فيما يلي مقدمة عماد فؤاد لأنطولوجيا قصيدة النثر المصريه ورسمه لخريطتها:
رُعاةُ ظلالٍ.. حارسو عُزلاتٍ أيضاً
أول أنطولوجيا لقصيدة النثر في مصر
أعدّها وقدّم لها عماد فؤاد

إلى روح الشَّاعر الصديق "أسامة الدناصوري" الذي رحل عنا في الأيام الأولى لعام 2007، وإلى أرواح مبدعين آخرين فقدانهم في أوج أعمارهم: مجدي الجابري، سيد عبد الخالق، وائل رجب

توطئة

نعم؛ .. نحن رُعاةُ ظلالٍ، وحارسو عُزْلات أيضاً، .. طوال عقود خلت، و"قصيدة النَّثر" المصريَّة تتواجد في الظِّل، وتنأى بنفسها عن أضواء النِّيون المشعّة في ردهات المهرجانات واحتفالات المؤسَّسات الثَّقافية المصريَّة الرَّسمية، صرنا نتعرَّفُ على بعضنا البعض مثل لصوص الحانات ومجرمي الطَّريق، نخطُّ سطورَنا ثم نمحوها، لنخطَّها من جديد، ندَّخر من مالنا - القليل أصلاً - كي نطبع كتبنا على نفقاتنا الخاصة، ثم نوزِّعها على أصدقائنا يداً بيد، أو عبر عناوينهم البريدية الموزّعة على شتَّى بقاع الأرض، نحن - في عرف الآخرين - أولاد ضلال، وأفَّاقون، وتجَّار كلمات، وفي أفضل الأحوال: نحن أصوات "لم تتشكَّل خصوصياتها بعد"، ومحاولات "لم تزل في طور التَّكوين"، وحين نعرِّف أنفسنا، نقولُ بابتسامةٍ: "نعم، نحن رُعاةُ ظِلالٍ، وحارسو عُزْلات أيضاً".

ستكون هذه الأنطولوجيا - في ظنِّي - هي الأولى من نوعها، وعلى الأرجح؛ ستكون أوَّل أنطولوجيا لقصيدة النَّثر المصريِّة تصدر حتَّى الآن بين دفَّتي كتاب، وليس غريباً أن تصدر في بلد آخر غير مصر، صدورها في بلد كبير بحجم الجزائر لا يدهشني كثيراً، بل يكاد يكون متسقاً أكثر مع طبيعة تلك النُّصوص وشعرائها، فحتَّى هذه اللحظة، لم تزل المؤسَّسة الثّقافية الرّسمية في مصر تتمسّك بشعرائها المكرَّسين لتزيد من تكريسهم، وتنفي شعراءها الجدد وكأنَّهم أبناء سفاح، ليكن، نحن أيضاً تعوّدنا على ذلك، على الرُّغم من أن شعراء قصيدة النَّثر المصرية احتلوا - خلال العقدين الماضيين - متن المشهد الشِّعري الرَّاهن، فيما تمَّت إزاحة الشُّعراء الآخرين إلى الهامش، حدث هذا من دون مساندة الصَّفحات الثَّقافية أو المنابر أو الدّوريات أو المجلات الرَّسمية المصريَّة البائسة، بل دعنا نقول إنَّ المبدعين المصريين قدَّموا خلال الأعوام العشرين الماضية منابرهم المستقلَّة، التي أخرجوها إلى النُّور من مالهم الخاص ووزَّعوها بأنفسهم، وهي التي أفرزت أجيال مبدعيها الرَّاهنين، تلك المنابر الثَّقافية التي جاءت كاستمرارية لحركة الطِّباعة المستقلّة، والتي بدأت تباشير ظهورها الأول في مصر عشيَّة الحرب العالمية الثَّانية، مع تأسيس جماعة "الفن والحريَّة" في التاسع من يناير عام 1939 بمبادرة من الشَّاعر السُّوريالي "جورج حنين" ورفاقه "رمسيس يونان" و"أنور كامل" و"كامل التِّلمساني"، هذه الجماعة التي أصدرت نشرة "الفن والحريَّة"، وفي العام التَّالي أصدرت مجلة "التَّطور"، والتي كان تأثيرها في الحركة الثَّقافية المصرية كبيراً، واستمرت المحاولات الدؤوب من المبدعين المصريين في إصدار منابرهم المستقلة، وصولاً إلى العقدين الماضيين، هل ننسى - مثلاً - الدّور البارز الذي قدَّمته مجلة مثل "الكتابة الأخرى"، والتي أشرف على إصدارها طوال عشر سنوات الشَّاعر "هشام قشطة" مع مجموعة كبيرة من الشّعراء والمبدعين المصريين الذين يتصدَّرون المشهد الإبداعي الرَّاهن في مصر؟، هل ننسى الدّور الذي قامت به مجلات أخرى أصدرها الكتَّاب المصريّون على نفقاتهم الخاصة وتوقّفت سريعاً بسبب تعثُّرها المادي، مثل: "الكتابة السّوداء"، و"الأربعائيون"، و"الفعل الشعري"، و"الجراد"، و"إيقاعات"، و"العصور الجديدة"، و"خماسين"، و"شعر" وغيرها؟، من هنا، ولكل ما سبق، نعتبر أن كلّ شاعر من الشُّعراء المتواجدين في هذه الأنطولوجيا، إنَّما قدَّم منجزه الشِّعري بعيداً عن ضجيج الأبواق الرَّسمية، منفرداً، وحيداً، لا يظلَّه إلا نصّه، وعزلته، وإيمانه العميق بما يفعل.

قصرنا أنطولوجيتنا هذه - إذن - على شعراء النَّص الشِّعري المصري الجديد، ذلك النَّص المنفي قسراً في وطنه، رغبة منَّا في اكتشاف أرض جديدة، أرض طالما غضَّ الآخرون أبصارهم عنها تحت وطأة ما أشيع عن أصحابها من "غموض" و"فقر في الموهبة" و"شحّ في الأفكار"، سعياً منهم إلى وضع هذا النّص تحت "الإقامة الجبريّة"، وتضييق خناق التّعتيم عليه ووأده بمحاولات مستمرّة ودؤوبة يحسدون عليها، وعلى الرُّغم من ذلك، استطاع شعراء هذا النَّص أن يجدوا فضاءات أوسع وأرحب لنصوصهم عبر وسائل عدّة، من أهمّها نشر نصوصهم ودواوينهم على العديد من المواقع والفضاءات الثَّقافية العربية المتخصّصة على شبكة الإنترنت، والمشاركة في المهرجانات الشِّعرية والثّقافية العربية والعالمية، وإصداراتهم التي تخطَّت الحدود المصريّة، ولا يعني حديثنا هنا أننا نقدِّم شعراء مصر الجدد فقط، بل إنّ هذه الأنطولوجيا إنّما تقدم شعراء من ثلاثة أجيال، هي السّبعينات والثّمانينات والتسعينات، ثلاثة أجيال قدّمت قصيدة النّثر بأشكال متباينة ومختلفة، يكاد يكون لكلّ شاعر منهم منطقته الخاصّة، والتي لن نعدم - بالتّأكيد - تقاطعها وتشابكها واستفادتها مع ومن شعراء آخرين في الآن نفسه.

كلّ من تورّط في عمل مختارات شعرية أو إبداعية من أيّ نوع، يعرف جيداً أنّه وهو يختار اسماً ما ليكون ضمن مختاراته، إنّما يقصي اسماً آخر، لذا لا نستطيع - نهايةً - أن نزعم بأنّ هذه الأنطولوجيا تغطّي كافة الشُّعراء المصريين الرَّاهنين الذين يكتبون ما اصطلح على تسميته بـ"قصيدة النثر"، فثمّة العديد من الأسماء الأخرى التي قدَّمت منجزها اللافت ضمن هذا الإطار، وحالت مساحة العمل دون ضمّ أسمائهم إليه، كانت مهمّتنا أن نقدّم شرائح مختلفة ومتباينة من شعراء راهن "قصيدة النَّثر المصرية"، والذين لن نبالغ حين نقول إن وضعهم في أنطولوجيا واحدة شيء يكاد يكون مستحيلاً، ليس فقط بسبب ضخامة عدد من يكتبون هذا النَّوع من الشِّعر في مصر اليوم، بل أيضاً بسبب شساعة المنجز الشِّعري الذي نتج عن أصحاب هذا التَّيار خلال الأعوام العشرين الماضية، ما يشكِّل خارطة متشابكة الأطراف والتَّيارات، ويصبح الخوض فيها أمراً شديد الصُّعوبة والتَّعقيد.

تنويه: رتبت الأسماء تبعاً للترتيب الأبجدي للإسم الثاني للشعراء.
محمد آدم
عماد أبو صالح
رنا التونسي
هدى حسين
علاء خالد
حسن خضر
فارس خضر
محمود خيرالله
إبراهيم داود
أسامة الدناصوري
عبد المنعم رمضان
ميلاد زكريا يوسف
ياسر الزيات
حلمي سالم
رفعت سلام
ياسر شعبان
جرجس شكري
محمد صالح
أحمد طه
كريم عبد السلام
عاطف عبد العزيز
ياسر عبد اللطيف
فتحي عبد الله
عزمي عبد الوهاب
عماد فؤاد
صفاء فتحي
محمود قرني
فاطمة قنديل
محمد متولي
إيمان مرسال
علي منصور
مهاب نصر
زهرة يسري
أحمد يماني
أشرف يوسف