في تشرين القطاف، تعدل الشاعرة والباحثة الجزائرية موسمها الى أوجاع، أوجاع امرأة في أجل الحالات. ومن خلالها تعبر بالمرأة الى لحظتين فارقتين. في أن تكون ذاتها وفي أن تكون أنثى فقط. وفي هذا التوازي بقية تفاصيل تشكلها الشاعرة صور.

مواجع تشرينيّة

بهاء بن نوار

تبدين أحلى

حين تضطرم الأعاصيرُ

ويعوي الموتُ في عينيكِ.. في شفتيك

في حركاتِ كفكِ

واختلاجاتِ الجفونِ

الناعساتْ

 

تبدين أحلى

حين تضطرمُ الفجيعةُ

والمواجعُ تغتلي

ويضيعُ صوتُكِ في رؤى تشرينَ

في حمّى الرّياحِ المعولاتْ

 

تبدينَ أحلى

حين تنفتحُ الجراحْ

وتلبسين حدادَ أحرفكِ

التي لم تنبجسْ

كلماتكِ التعبى

التي لم يمحُها شفقُ الزوالْ

 

تبدين أحلى

والعواصفُ ترتمي

وترفرف الأنواءُ من وتدٍ

إلى وتدٍ مُذالْ

 

تبدين أحلى

حين يحتدمُ الخيالْ

وتضيعُ فيكِ الأمنياتُ

ويمّحي منكِ السّؤالْ

 

تبدين أحلى

حين تشتعلين كالإعصار

كالوهَج الجحيميّ المثقب

كالشياطين تغاوتْ... واستشاظتْ

في بآبئ عينكِ الصّخريّة الأوجاعِ

فيما قيلَ من شجَنٍ

وفيما لن يقالْ

 

تبدين أحلى

حين تنكسر المرايا

والأساورُ

والنقوشُ الضاحكاتْ

وتذوبُ أصباغُ الشفاهِ

ويُهرَقُ العطرُ المعتّقُ

يُنثَر الكُحْلُ المؤرّقُ

تذبلُ الشاماتُ

تنتحرُ الرّموشُ المستعارهْ

وشرائطُ الدانتيلِ

والغمّازةُ البكماءُ

والشعرُ المعمّدُ بالنسائمِ

والأكفِّ الحانياتْ

 

تبدين أحلى

حين يهصرُكِ الصّقيعْ

وحين تغمرُكِ الجماجمُ

والعظامْ

ويضمّ خصرَكِ

طيفُ أشواقٍ

ومأتمُ أغنياتْ

 

تبدين أحلى

حين تقتتلُ القصائدُ

في حضوركِ

حين ترتفعُ الحرائقُ

تُصعَقُ الآهاتُ

تغلي بركةُ الدّمِ فيكِ

تشتعلُ البراكينُ

ويعوي الموتُ

في ليلٍ من اللهبِ المحنطِ

والأماني الجامحاتْ

 

تبدين أحلى

حين تعلو صوتَكِ الدّافي

الصّخورُ الناتئاتْ

وقصيدةٌ جذلى

مِنَ الحسَكِ المسنّنِ

والسّكاكينِ الجريحةِ

والقروحِ الناغراتْ

 

تبدين أحلى

حين تفترشين أجسادَ الخفافيشِ

المكسّرَةِ الجناحْ

وتراقصين الجنّ والأشباحَ

واللهبَ المعرّشَ

في شرايين الجراحْ

 

تبدين أحلى

حين تهدرُ فيكِ

أسرابُ الوحوشِ الفاتكاتْ

وقيامةُ الدّمِ

والجنائزُ

والقبورُ المشرَعاتْ

 

تغدين أنثى

حين تلتهمين أفئدةَ الرّجالْ

وتبعثرين جماجمَ العشاقِِ

تعتصرينَ أكبُدَهمْ

عروقهُمُ

سخينَ الدّمعِ فيهمْ

والدّماءَ الظامئاتْ

 

شاعرة وباحثة جزائرية