تغتسل الشاعرة السورية في القصيدة، في صورها ومعانيها ودهشتها. شكل من التطهير الذاتي من دنس هذا العالم ومما يمور فيه من ويلات. وعبرها تتحرر الذات الشاعرة كي تتحقق كينونتها في مطلق الشعر واللانهائي

أوغاريتيات التجلي

غالية خوجة

رؤايَ جريحة ٌ قربَ النهر..

لماذا

مرَّ المعنى الأزرقُ منْ هنا ؟

كأنهُ

ينتشلُ معناهُ الليلكيّ

أو ْ

كأنه ُ

يبسط ُ أجنحة َ المجهول ..

توامُـضي تغامُـضي ..

تـَـغامُـضي،

تـَـوامُـضي ...

و موتي،

هو الذي يكتبُ " أنا " ..

ما لرعودهِ،

تورِّثُ الحشائشَ أشلائي ؟

ظلـّـي،

لهبٌ يرقصُ في الغيم ..

روحي،

ملائكة ٌ عتيقة ..

و البحارُ التائهة،

ترفرفُ في الكلمات مع الكلمات ..

لن

تفلحَ و تواسيني ..

هل وشَـى النسيان :

سأنساك َ ما

نسيت القصيدة ُ الحنين ؟

ما

تذكـّـرَت الورودُ اللونَ،

و الندى،

و العدم ؟

لماذا

نطقـَـها الوجودُ،

و مضى إلى النار،

و الرمل،

و المطر ؟

أيها الجنون ُالمستيقظ ُ

في

رمادكَ و انتظاري،

لماذا لا تهاجر منْ قلقي ؟

لماذا ..،

نجومك تئز ُّ ؟

ربما،

نبضاتي تتفتـّـق ..

لا،

ربما

الهذيان ُ،

يخرج من بيوض ِ السماء ..

كأنّ

الصخورَ تختلسُ الحلم

أو

كأنّ الليلَ

يتدفق خلف الريح ...

أغصان الأزمنة تتكسّـر ..

ياسمينة ٌعمياء تلمُّ النار ..

و وحدي،

موسيقا تسحرُ الأسطورة ..

ما ..،

للمعاني،

تتشردُ في المراكب ؟

ما،

للبحار ِ،

تتشرّد ُ في المعاني ؟

كلُّ شيء

يحدّقُ

في

كلِّ شيء ..

الشجرُ،

يحدق في الذكريات ..

الذكريات ُ،

في الأرض ..

الأرض ُ،

في المجرات ...

المجراتُ،

في السماء ..

و السماءُ،

تحدق .. في عروقي ...

إلى

متى

" أنا "

تحدق

في  " أنا "  .. ؟ .. ! ..

تجاهلتُ التكوين

و تهادلتُ في اللا تكوين ..:

نجومُ العدم تراقصني ..

و سديمٌ عظيم ٌ يندفعُ منَ القصيدة .. !

كنتُ أعرفُ

أنّ الأبجديةَ تغزو روحي

و أنّ روحي،

تغزو الأسرار ..

ليتني أعرف

كيف

أبذرُ الوجودَ لأحصدَ النسيان ..

ليت الوجودَ

لم ْ

ينسَ

ظلالَـهُ في الوهم ..

لماذا

أناشيدُ الأحوالِ تقرعُ مخيلتي ؟

آهٍ منك ِ،

أجراسَ الفراغ،

كيف تكتبينَ :

الغد وردة تختبئ في الكلمات ؟

أين

تختبئ الكلمات ؟

بياض

من تحتهِ

بياض

من فوقهِ

بياض ..

مع البياض،

نبشتُ قلبي و بحثتُ عني

سألتُ

صفصافاً لم ترَهُ الأرض

فلفحتـْـني الشعشعة ُ بإشارة ..

و هبَّ

ضوءٌ منْ كلِّ ضوء ..

تعارجتْ أعماقي أكثر ..

/ كلُّ عروج ٍ،

يعرجُ

من أعماقي

إلى أعماقي/ ..

اهتزّت الينابيعُ الأولى ..

أطيافُ البداياتِ تترجّـل ..

انفجارٌ بنفسجيّ ..

بعد لحظة ٍ،

ستنوجدُ

لحظةٌ لن تـنوجدَ ولا لِلَـحظة..!

مجراتُ العدم تراقصني

و سديمٌ

عظيمٌ

ينفجرُ مع القصيدة ...

أين أجد أشلائي .. ؟ !

على

بلـّـورات الصمت،

أثرُ الرؤى،

يتدحرج ..

و تتدحرجُ الأمكنة ..

تصطدم الألوان ..

الليالي،

تنزوي في آخر الجبل ..

المجهول،

يموّهُ أبعادَهُ الأشدّ غرابة ..

لا

صمْـت

للصمت

كي

يفكـّـرَ بالصمت ...

انفجرتْ مخيلتي نجوماً،

مياهاً بدئية،

و عماءً أبديّـا ...

حشائش الإيقاع تبتهل ..

عظامي،

تقفز من نار إلى نار ..

المعاني،

بأقراطها القمرية،

و خلاخيلها المشتعلة،

تراقص النار ..

كل شيء

على

وشكِ التشكـّـل ..

ستتشكـّـلُ دموعُ الساحرات،

زيتوناً ..

أقاويلُ البحار،

ستائرَ للغيم ..

احتمالاتُ الريح،

أسماكاً مجنونة ..

سيتشكـّـلُ

ما يعبرُ

كبلـّوراتِ صمت ٍ عابرة ..

لن

يخبرَني الصوت ُ

ولا

الظلُّ

و لا

الصدى

و لا الصمت ُ:

أنها

بعضٌ

منْ

" أنا " ..

و لن

أسمحَ للكلمات بذلك .. !

و كانَ عليّ

أنْ أكون :

شظايا نبضٍ و موسيقا،

و قنبلة ً

تفجّـرَتْ قبلَ قليل ..

آه ...،

نثاراتُ جسدي

تحزمُ روحي

و تـنثرُ تويجاتِـها في كلّ غمام ..

و كان عليّ

أنْ

أمرّ منَ البرزخ ..

رأيتُ :

طفلا ً بين الخرائب و الأحلام

رأتني شظايا الأسئلة

و أشارت " مغارةُ بيت لحم " :

هذا الطفل أنت ..

فقال :

" سلامٌ عليّ يوم ولدتُ "

قلتُ :

و يومَ تشظيتُ ..

و تلفـّـتت الظنون ..

ثمة

موتٌ أبيض،

مكللٌ بالزعفران و الزيزفون،

يمرّ مبتسماً ..

آه ٍ ، يا الأبديّ،

روحك تـنفذ في روحي ..

روحي،

في روحك ..

فمنْ

أيّ

فناء ٍ

سيأتيني الفناء ؟

آه ٍ ، يا الفناء،

بيني و بينك،

بيني ..

بينك و بيني،

حَـبْـل ُ سُـرّة ِ الكون ..

و لا منتهياهُ :

مخيلتي،

و رحمُـكَ الشمولي ..

فمِـنْ

أيّ وجود

سيعبرُ الوجود

ليلقى الوجود ؟ !

أنا المجهول ..

يراني المجهول فيتزلزل ..

ما للكون

ينزوي

في نقطة منْ " أنايَ " ؟

هل رأى

روحي سؤالا ً يتفجّـر ؟

بعدُ

لمْ

أبدأ ْ ..

لن

تتبدّى

نهايتي لنهايتي ..

أ لأنها الـْ

بغتة ُ تباغتُ البغتة ؟

أمْ

لأنني

شعوذة ُ الخرافة الذهبية ؟

في المكان،

يحذف المكان :

حضورَهُ و موتي ..

في اللا مكان،

أنزح أزمنة ً كريستالية ..

إلى

متى

أموج وراء النهايات ؟

قبل أنْ تكونَ الكلمة:

"كُـنْ "..،

كنتُ ..

قبْـلَ أنْ

تتزحزح الإشارتُ معان ٍ:

صداعَ الغيم و البساتين ِ،

صرتُ ..

دمي،

ياقوتٌ مذاب...

و بصيرتي،

سحريّـة ..

كيفما

رقصتْ مناجمُ الغيب،

لمعتْ بطقوسي ..

كيفما

استدارت الأرض و السماوات،

تراني و "الأقصى"،

سديماً

عظيماً

سيظل

ينفجر مع القصيدة ..

روحي،

الشمس ُ ..

قلبي ، القمر ُ ..

و الأكوانُ،

في أزمنة الشهيد،

شهيدة ..

تلاطمي أكثر،

موسيقا الغياب ...

وحده الشعرُ،

مقبرتي و قيامتي ..

الله .. ، الله ...

نبضي حجرٌ،

و مشاعل ٌ،

و أجراسٌ يقرعها السحاب ..

جمجمتي

موسيقا

تهبّ

منْ كلّ موسيقا ..

مناسك لا يجهلها الشجر ..

و صلواتٌ،

يتوارثها الأرجوان ..

أتخلى عن دمي لدم القصيدة ..

أهرب منَ اللا مكتوب ..

فلماذا

يظل يرنّ ؟

و يرنّ ؟

و يرنّ ؟

و يرنْ نْ نْ نْ ... ؟

***

 

شاعرة سورية

أوغاريتيات التجلي/ مؤسسة ناجي نعمان للثقافة بالمجان/ 2011