تقدم الكلمة في هذا العدد، ديوان شاعرة سورية، لطالما احتفت المجلة بنصوصها الشعرية. وهي مناسبة لإعادة الإنصات للقصيدة النسائية في فتوحاتها البلاغية وفي قوة خصوصيتها الإبداعية، خصوصا أمام الزخم المهم الذي تحتله هذه التجارب اليوم في المشهد الأدبي العربي. في الديوان قدرة على الإنصات لصوت الذات وهي تتشكل في المعنى.

ديوان العدد

امرأة من خزف الروح (ديوان)

بهيجة مصري إدلبي

الإهداء

علمتني رحلتي أن لا سواكَ

علمتني أن أرى حين أراكَ

علمتني أن أصلي في حماكَ

ثم أفنى حين أفنى في هواكَ

 

كشف

في الروح ذاكرة من شوقها تكِفُ
والقلب من سرِّها كالموج يرتجفُ
إن شفَّها الوجد لا يجدي به سهرٌ
أو حالها الحالُ لا يُجدي به الأسفُ
ما نحن فيها سوى أسماء يحملها
من رعشة البرد في أحزانه الخزفُ
نصحو فتدركنا في صحونا سعةٌ
نغفو فيحملنا من رملنا اللهفُ
في جهلنا تنجلي كشفاً ومعرفةً
تصفو لنرقى لها يوماً ونعترفُ

تُخفي بما حملت أسرارها أبداً
منها لها وبها الأسرارُ تنكشفُ
منها إذا شاقنا شوقٌ تردده
فالعارفون لها هاموا بما عرفوا
والهائمون بها فاضت مواجِدُهم
فالحال خاب به كل الذي وصفوا

وكن روحي لتفنى
لأني لا أرى غيري أراكَ 
فأنتَ أنا وفي سرّي مداكَ
حملتُ إليكَ ما أخفي فهامتْ
مسافاتي إلى أقصى هواكَ
كأنكَ حين تشربُ من دناني
تصبُّ الخمرُ في روحي لظاكَ
فأرفعُ ما ترسّبَ في دمائي
إلى ما قد ترسّبَ في دماكَ
أنا سرّ خفيٌ لا يراني
- لأني لا أرى غيري – سواكَ
فخذْ ما شئتَ من شكّي يقينا
ومن صمتي حياة أو هلاكا
أنا في وحدتي كالماء وحدي
وأنتَ هناكَ في قاعي هناكَ
أحبكَ إنما لأحبَّ نفسي
وأبلغَ سرّها في منتهاكَ
إذا ما الليلُ أغراني بلحن ٍ
وكان حنينُه فيّ انتهاكا
تركتُ الروح تسري في مداها
لأدركَها إذا القلبُ احتواكَ
أنا ما كنتُ إلا كي أراني
وأعرفَني وإن ضلّتْ رؤاكَ
أمزّقُ عن رؤى روحي ضبابا
يحوكُ على مسافاتي شباكا
لأكشفَ ما تراكم في ضلالي
وأعرفَ ما اعترانيَ واعتراكَ
أحبكَ فلتكنْ منّي لأنّي
- وإن جاوزتَ آفاقي – صداكَ
بلغتُ الصمتَ حين أردتَ قتلي
وسهمُكَ كنتَ تشهدُ إذْ رماكَ
رأيتُك والهوى أمسى هلالاً
وكنتَ الريحَ تنصبُ لي شراكا
ولكني لأني لستُ غيري
سأبقى في حمى صمتي ملاكا
وأمضي كي أرى أسبابَ كوني
وتمضي دون حبيَ في عماكَ
أعلمكَ الهوى لا كي تراني
ولكن كي ترى ما في حماكَ
أنا الرؤيا وأنتَ هنا ضلالي
أنا أهديكَ إنْ ضلّتْ خطاكَ
فكن ظلي لتبلغَ سابحاتي
وكن سرّي لتبلغَ مبتغاكَ
وكن نفسي لتعرفَني تماما
وكن روحي لتفنى كي أراكَ

محارة الرمل
أُخبِّئُ الحزن في روحي وأنفيها
لأقرأَ السرَّ في أقصى منافيها
خُلقتُ في حيرةٍ أدركتُ أولَها
وتهتُ حتى سرى في النفس ما فيها
أعانقُ الصمتَ حتى ينجلي وجعي
وأتركُ النفس تصفو في معانيها
وأنزع السهد عن جفني وعن سهري
وروحي الوجدُ يدنيها ويطويها
 فأكشفُ البحرَ أسماءً ومتسعاً
وموجة خبأت سري خوافيها
وسعتُ ما وسع الكون الذي نهضتْ
أسبابه في دمي تبدو فأخفيها
توسد القلب ما أخفيه من شغف
وأيقظ الشعر آلاءً سعتْ تيها
وردد النهر ما فاضت به لغتي
فأشرق الحرف مبتلاً يغنِّيها
 رأيتُ خلف المدى ما كان يقلقني
محارة الرمل حيرى في صحاريها
 فسرتُ حتى انتهى فيما انتهى بصري
ولامسَ الغيبُ روحي من حواشيها
 أنا هناك هنا في ظلِ بينهما
أنا الحقيقةُ والوهمُ الذي فيها
أنا الضلالةُ في جهلي وفي قلقي
وللمسافة في شكي مرافيها
قرأت في لوحي المسلوخِ من جسدي
ما غابَ في النفس يغريها ويغويها
 فآنستْ حيرتي في كشف رحلتها
 سراً يُعاندها حينا ويأتيها
وعدتُ من تعبٍ والصمتُ يسكنني
والنفسُ قد أدركتْ ماكان يضنيها
قالت هنا قلقي أسرارُ معرفتي
والريح في ردهة الأوراق أرويها
تغشت  النفس في الأعماق غاشيةٌ
فضلت الحال في أعماق واديها
أنا الهوى فاحتمل إن تحتمل سبلي
أنا المسافات بي حارت أمانيها
إن شفني ولهٌ أسعى له ولهاً
بالشوق من شوقها روحي أداويها
لا تحسب العشق تضنيني مواجدهُ
فجمرة الوجد بالنيران أطفيها
يسعى لي الغيم مكتوفا بأغنيتي
وبردة السر بالأسرار يلقيها
أنا ابنةُ الريح لا صحراءَ تجمعني
ولا قصائدَ تطويني قوافيها

حوادم
إذا الهوى مسّني في الروح أخفيهِ
وإن سرى في دمي سراً أواريهِ
أنا الخفيّة في أعماق خافيتي
أُخفي رحيق الرؤى في جمر ماضيهِ
أُطارد الوقت كي أمضي بلا زمن
وأحملُ الشوق من دربي وأرميهِ
إذا عرفتُ تشظّى سرُّ معرفتي
وإن ضللتُ أرى وجهي وما فيهِ
أحميكَ مني إذا مافاض بي حلمٌ
وضاق كل كلام كنت أُزجيهِ
لا عاصمٌ لكَ بعد اليوم من حلمي
وإن توسلتَ مني بي لأُنهيهِ
سأطعنُ الروح كي أنهي مواجعها
وأكشف السر في ذاتي لأفنيهِ
ما أنت إلا رمادي حين أقتلني
لن تبلغ الحب إلا حين تفنيهِ
وحين تعبثُ بالدنيا إذا عبثتْ
وتشرب الكأس صرفاً من دواليهِ
وتخنق القول في أحشاء أحرفهِ
وتكشفُ الصمت في أسمى معانيهِ
وتمسك الريح في أحضان نشوتها
وتسكب البحر صبراً في سواقيهِ
لا يعرف الحب إلا من قصائدهِ
ويعرف الخمر من أكواب ساقيهِ
أنا (حوادمُ) في سرّي أُخاطبُني
وأنت آدمُ قد تاهت مراميهِ
إذا أردتَ سبيلي تُهتَ في قلقي
فلا سبيلَ إلى نجوايَ أُبقيهِ
أنا تغشّيتُ روحي في مسافتها
 وأنتَ أنت كَمنْ يمضي إلى تِيهِ

إسراء
من لي إذا الداءُ مني بي سرى الداءُ
وهمَّ بالقلب عشقٌ فيه إغواءُ
أخفيتَ بي ما سرى بالغيب فانكشفتْ
نوافذ الروح لي والكشفُ إخفاءُ
كأنما أسطر ما خطها قلمٌ
فاضت من اللوح والألواح خرساءُ
ترف في مهجتي أسرار حيرتها
في حيرة البوح للأسرار إدلاءُ
حملتُ ما لو بدا للناس حلَّ بهم
من الصبابة أشياءٌ وأشياءُ
فالعشق إن شاء يخفي سر نشوته
والسر لا ينجلي كشفا لمن شاؤوا
نفنى كما النهر يفنى في عذوبته
إن الفناء به فيض وإفضاءُ
حملته فارتدت روحي مسافتها
وغبت عني وما للروح ميناءُ
حلَّ الهوى في دمي سرا ليقتلني
فحلَّ لي منه بعد القتل إحياءُ
ياغائبا قد بدا في غيبه شغفي
وفي الخفاء مرايا غبَّها الماءُ
وما بدا من هوىً مني بلا صفة
فاق الذي قد بدا والروح عمياءُ
نزلت في منزل حفته عتمته
والعتم في معجم الأرواح إبداءُ
فماد بي شغفي حين استوى بصري
ورحت أبصر والأشياء أسماءُ
حارت بكَ الروح والأشواق منزلة
فضمَّها للرؤى في الليل إسراءُ
كأنني والمدى حرف أذوب به
والوجد من نوره وحي وإيماءُ
أطاوع الشوق يعمى حين أبصره
وتنطوي في مدار الروح آلاءُ
فحل بي كيف لي والشوق بددني
والكون أشرق بي والريح إصغاءُ
في القرب يمنحني بعدا يقربني
والبعد في العشق إدناء وإغراءُ
ورددت أضلعي والحال في وله
ما قض صحوتها والصمت إعياءُ
مشتاقة فاضت الأشواق من ولهي
وفجوة الآه في الأعماق ظلماءُ
وذلني ولهي فيمن ولهتُ به
" إن الأعزا إذا اشتاقوا أذلاءُ" [i]

وجد الوجود

/

 

سألتُ الروح عن سرّ الخلودِ
وعن آفاقها خلف الحدودِ
فقالت لي : أنا في الوجد سرٌّ
" وجودُ الوجدِ في وَجْدِ الوجودِ "
فقلتُ لها : أَفيضي كي أراني
إذا ما تهتُ في فيض الشرودِ
فأعمَتْني بفيض ٍ من ضياء
وطافتْ بي على نهر الورودِ
شربتُ السرَّ كأسا من خيال
ورحتُ أغيبُ في الصمت البعيدِ

رأيتُ منازلي وسمعتُ صوتي :
أنا في الوجدِ في العشق الشديد ِ
أما مَنْ يكشف الأستار عني
ويحملني إلى أقصى حدودي
فهام النور حولي ثم أوحى
إلى روحي لتُفضي بالمزيدِ
فقالت لي : هنا في البرد كشفٌ
وكشفُ السرِّ في الليل المديدِ
فقلت لها : إذا الأسماء تاهت
أَعينيني على الوهم الطريدِ
فقالت : أنتِ في برقي مساءٌ
ونور الكشف بي من بعض جودي
إذا أسريتِ لي أخفيتُ سرِّي
فسرِّي خلف خافيةِ المُريدِ
إذا ما شئتِ أسبابي وبابي
أنا في عمق أعماق السّجودِ
فقلتُ لها : أرى قالتْ : عماءٌ
فلمَّا تبلُغي بصر الحديدِ
ولمّا تبلغي آلاء وَجْدي
فمَدّي في مدى مدِّ المدودِ
وقالت لي : إذا أفشيتُ سرّي
بلغتِ وأنتِ من طين ٍعنيدِ
وأغواكِ الخلود فلامكان ٌ
يضم رؤاكِ في سفر الخلودِ
خذي منّي وعنّي سرَّ وجدي
فقلتُ لها : أنا وجدي وجودي
فقالت آه قد أدركتِ سرِّي
وجودُ الوجدِ في "وجدِ الوجودِ "
 

حلول

في الرؤى صمتٌ وفي الصمتِ حجابُ
والمدى لوحٌ إذا ضاق الكتابُ
فغيابي فيكَ عن نفسي حضورٌ
وحضوري فيَّ عن نفسي غيابُ
واقترابي دون وجدٍ فيكَ بعدٌ
وشرودي فيكَ وجدٌ واقترابُ
وصلاتي بين عينيكَ حُلولٌ
وحلولي في المسافات انسحابُ
أنتَ كأسي حين لا تبقى كؤوسٌ
وشرابي حين لا يرقى شرابُ
وجهاتي حين تَمحوني جهاتٌ
وفُراتي حين ينقضُّ السَّرابُ
أنتَ غيبي إن تجلّى فيّ كشفٌ
أنتَ كشفي حين يحتارُ الخطابُ
تهتُ حتى أسرَفتْ في التيهِ روحي
وَتَمادى في رؤى الروح ِ الخرابُ
وَتَماهى في دمي حزناً سؤالي
فيكَ حارتْ حَيْرتي أين الجوابُ ؟!

ذات
أنا ذاتٌ تغشّاها الغمامُ
وضاقَ بها مع الصمت ِ الكلامُ
لها في قبضةِ الأسرار سرٌّ
وإنْ أَسْرَتْ تولاّها السّلامُ
إذا خافتْ تَخَافَتْ لا يَراها
سِواها حينَ يُدركُها المُقامُ
وإنْ أوفَتْ لِما فيها أَفاضَتْ
بما فيها ليكتملَ الهيامُ
أنا ذاتٌ تسامتْ في هواها
وأدركَها به الحلمُ التمامُ
فأرسلتْ الهوى حتى تناهى
وأرسلها لرحلتها الغرامُ
فكان لظلِّها سرٌّ تماهى
كفاها حين أدركَها الختامُ
مَداها أَغلَقَ الآفاقَ بوحاً
فسالتْ مِنْ جوانبهِ المُدامُ
أنا ذاتُ تجلّى مُشتهاها
يعانقُ وجدَها السرُّ الحَرامُ
يُوافيها من الآفاق نهرٌ
ويأخذُها لرحلتهِ الغَمامُ

وسواس الشعر
أغيبُ في الحرف حين السرُّ يتبعُهُ
 سرٌ وحرف سعى فيه تضرعُهُ
وأستعير من الرؤيا نوافذها
 فيستوي في شغاف النور مطلعُهُ
وأمسك الريح من صحراء رحلتها
 فتفرد السر في روحي وتمرعُهُ
وأشْكُلُ النهر في أحلام أغنية
 وأفرقُ البحر في وجدي وأجمعُهُ
فينهض الشعر من أمداء خافيتي
 رملا أشكله بوحا وأبدعُهُ
من غامض ينجلي من حيرة نزلتْ
 أسماؤه فسرى فينا تلوّعُهُ
للشعر هسهسة في الروح نسمعها
تطفو على دمنا نبضا فنسمعُهُ
كأنما شجرٌ يسعى إلى شجر
 كأنما أفقٌ والريح ترضعُهُ
نصفو فيقلقنا نشقى فيسعدنا
 نغفو فيسلبنا منا توجعُهُ
فيه سرى دمعنا والدمع منه سرى
 نبكي تكفكفنا في الليل أدمعُهُ
مذ كان ، كان الهوى أسطورة حملتْ
 كأسا أحلَّ بنا سهدا تجرُعُهُ
للشعر آيته إن فاض نحملها
 وإن تبدى لنا ضيقٌ يوسّعُهُ
يعانق الليل إن طاف الخيال به
 يعيد للقلب ما لو ضلَّ يخلعُهُ
توسوس الريح لي يُوْمي لأضلعها
 فتستوي فيَّ بالوسواس أضلعُهُ
نخفيه يرهقنا .. نبديه يحملنا
 نأتيه يتركنا تيها نضيعُهُ
للأغنيات مدىً للروح نشوتها
فالشعر للغيب مهما غاب مرجعُهُ

حروف
أمد الروح كالطيف الشفيفِ
وكالنهر المعبأ في حروفي
لتُبدي وجدها بوحا وفيضا
 وصمتا فاض بالسر الوريف
فأقرأ ما بدا منها لأخفي
 رحيق الوجد في القلب الرهيفِ
فتنسكب الرؤى في العتم غيما
 كأن الغيم في عتمي حليفي
أفك غيوبه حتى أراني
 أسيرة رجفة اللحن اللطيف
تذوب الريح بي من فرط وجدي
وتفرد في دمي سر الرفيفِ
أهز الصمت كي أنسل منه
 وكي ينسل كالمطر الخفيفِ
فأنهض من تبدد ما تبدى
وأجني ما تنافى من قطوفي
أنا يممت مذ يممت صمتي
وحزني شطر أشواق الخريفِ
أنا الحلم الذي يسعى كفيفا
 ليبدو في رؤى الغيم المنيفِ

يرى ما لا يرى إلا عماءً
هي الرؤيا مع الحلم الكفيفِ
كفاني أنتقي مدا لطيفي
 كفى حارت بأسراري طيوفي
أمد الروح أسماء تراءى
كشوفا في غيابات الكشوفِ
فتشرق بي يمامات الأغاني
وتسري في رؤى القلب الشغوفِ
حروفي من فراشات تصلي
على وهج القصيدة والنزيفِ

سؤال
أنا ظلٌ تجلَّى في خيال ِ
وسرٌّ قد تكاثفَ في سؤال ِ
فبعضي من أساطير ٍ توالتْ
وبعضي من تواشيح الكمالِ
سؤالٌ رحلتي وأنا سؤالٌ
تناثر مثل حبات الرمال ِ
أرى بَدئي تجمَّع في انتهائي
ومعرفَتي تناسخُ من ضَلالي
أسافرُ للمدى فأراهُ يأتي
وأتركهُ يناديني تعالي
كأني في احتمالاتي فراغٌ
تلامحَ في مسافات ِ الزوال ِ
أنا لغزُ الوجود أرى وجودي
سؤالاً قد توالى في سؤال ِ
إذا ما البردُ أورثَني يقيناً
تجلَّتْ حيرتي في بعض حالي
أغيبُ فأَنجلي عنِّي وأصحو
فأُدركُ ما تجلَّى في ظلالي
وأدرك أنَّني نورٌ تسامى
وعتمٌ قبلَ ميلاد الليالي
أنا رؤيايَ حين أرى أراني
ولستُ بغير ما أهوى أبالي

بوح
أشرقَ الليلُ بنا لمّا دَنَا
وانثنى بوحاً تجلَّى بيننا
فكأني فكرةٌ أوحى لها
خاطرٌ جازَ المدارَ الممكنا
قالَ من أنتِ؟ أنا روحُ الهوى
" أنا من أهوى ومن أهوى أنا "[ii]
أنا في حال ٍ فنائي شاهدٌ
ووجودي أن يُرى فيَّ الفَنَا
أنا روحٌ حلَّ فيها وجدُها
فإذا الوجدُ لها منهُ دَنَا
وعمائي فيَّ رؤياي به
كفنائي فيه رؤياهُ بنَا
" فإذا أبصرتَني أبصرتَه" [iii]
في صفاء ٍ من تواشيح الضَنى
إنما السرُّ كشوفٌ تنجلي
" فإذا أبصرتَهُ أبصرتَنَا "[iv]
وإذا نادى على روحي انجلتْ
وإذا ناديتُه القلبُ انحنى
وإذا الشوق طواني وجدُهُ
أدركتني الحالُ في أقصى المنى
أنا في العشق غيابٌ حاضرٌ
وحضورٌ شاهدٌ عمّا جنى
إنما العشقُ وحالي غائبٌ
عن أَنَا في الهُوْ فهُوْ ضمَّ الأَنَا
أن أراني في مرايا وحدتي
أهلكتْ  أسرارُ روحي البَدَنا
فكأنّي لم أزلْ في نوره
وكأنّي لم أكنْ يوماً هُنَا

حيرة
في البحر أصبُّ حكاياتي
يغتالُ البحرُ مسافاتي
أحملهُ من قاع الوحدةِ
يُغرقني خلفَ الكلماتِ
أتركهُ في التيه وحيداً
يتلاشى في حبر دُواتي
يابحرُ دموعي تسكنها
من بدء صراخ بداياتي
أتركْ أمواجكَ تحملني
للتيه .. لآيات صلاتي
في صمتكَ صمتي في موجي
أسراركَ خلفَ المرآةِ
في قاعكَ حزنٌ يأخذني
يا بحرُ .. فأَنفضُ أوقاتي
يا بحرُ أنا من عتم الليل
حكاياتي ورؤى ذاتي
أسمائي تحمل آلائي
وفضائي أسرى لجهاتي
كلماتي ضاقتْ برؤاها
وصفاتي حارتْ بصفاتي

أنا قلق
يمر الليل في سري فانسدلُ
على روحي  إذا أعيتْنِيَ الحيلُ
وأدلفُ في مسافاتي بلا أفق ٍ
كمَنْ أسرتْ إلى أحلامها العللُ
أنا في التيه لا بحرٌ أخوضُ به
 فأغرقهُ ونغرقُ حينَ نبتهلُ
أضيقُ بمَنْ إذا ماضاقَ متسعي
ومَنْ لو ضاقَ بي أسرى لي المللُ
أنا قلقٌ أغضُ الريحَ في قلقي
وعن نفسي أراودني وأرتحلُ
إذا حارتْ بي الأيام أتركها
ومن أصدافها أمضي وأنتقلُ
وإن حارتْ بي الأحلامُ أُبدعُها
رمادُ الحلم في كفيَّ يشتعلُ
إذا طفحتْ بي الأسرارُ أكتمُها
ولو شابتْ بأسرار الهوى المقلُ
أنا منّي أرى ما لو أحيطَ به
لأعياهُ الذي حارتْ به السُبلُ

يانفس
وترى في الغيب إذا كُشِفَا
سراً والسرُّ به خُسِفَا
ينضُو عن جهل مسافتنا
ما لو أسرى في النفسِ صفَا
وترى في الريحِ إذا عصفتْ
رؤيا والغيبُ بها عصفَا
أسعى حتى يرتدَّ دمي
فأرى من روحي ما قُطِفَا
أَنْأَى والغيمُ يجاورُني
والثلجُ على نفسي نَدفَا
فتَرى ماكان يذوبُ هوىً
للرملِ إلى الأمداء لفَا
للنفسِ بها منها وَلَهٌ
ومن الأحلام بها كِسفَا
يانفسُ أنا مازلتُ كَمَا
أصداءُ العشق بها وَكَفَا
أني مازلتُ كمَنْ وقفتْ
في الريح كما شجرٌ وَقَفَا
أهدي مِنْ أخطاء رمادي
ماضلَّ به حتى أَلِفَا
يانفسُ دعيني في قلقي
قلقي  في الروح يضجُ دَفَا
لا أدركُ أسبابَ وجودي
إلا في نزقٍ ٍ قد أَزِفَا
فتَرى ما في الرؤيا أفقاً
أدركَ للسدرة مُنْعَطَفَا

فيض
إذا فاضَ بالوجد حبي أراكَ
فَتَنْدى حروفي هوىً في هواكَ
وتسعى إليكَ المسافاتُ سراً
فتطوي حنينَ الهوى راحتاكَ
وأحملُ موتي إليكَ لأحيا
فلستَ سوايَ ولستُ سواكَ
إذا ما تجلَّتْ نوافذُ فيضي
وأفضى إليّ الهوى من عُلاكَ
حملتُ الرؤى من رؤاها لتُفضي
إلى الروح لماّ تجلتْ رؤاكَ
وأقبلتُ منّي لأنزع عنّي
 ضلالاً طوى رحلتي في مداكَ
" أحبك حبين حبَّ الهوى
وحباً لأنكَ أهلٌ لذاكَ
فأما الذي هو حبُّ الهوى"[v]
وألبستُ فيه الحنايا هلاكَا
فنجواكَ إذ ضاقَ في الليل بوحي
" وشُغلي بذكركَ عمَنْ سواكَ"
" وأما الذي أنتَ أهلٌ لهُ "[vi]
فغيبكَ عنّي وبي عنْ سماكَ
وسرُّكَ في كل شيءٍ تجلَّى


" وكشفكَ للحجب حتى أراكَ"[vii]
إنما العشق فناء

في الهوى أفنيتُ ذاتي
حين أسرى في حياتي
إنما العشق فناءٌ
قد تجلى في صفاتي
فاسلخوا عني وجودي
" واقتلوني ياثقاتي"[viii]
إنني في الموت أحيا
" فحياتي في مماتي   " [ix]
حيرتي في الروح حلت
حين حارت بي جهاتي
أرهق العمرُ وجودي
وسقى الرملُ لهاتي
فإذا الوهمُ تجلَّى
في بريق الأغنيات
وتخلَّى الصبرُ عني
في الليالي المظلمات
أصبح الصمت ندائي
في وقوفي وصلاتي
ضاق عن نجواي حرفي
وتماهت كلماتي
أرفع الأسرار بوحا
في صعود الأمنيات
فلعل الوجد يبدي
ما سرى في الخافيات
كي أرى ما تاه مني
في المرايا التائهات
هكذا يبدو وصولي
واتصالي وصِلاتي

معراج
كم خلا بي وجهه في خلوتي
وسرى بي من سراب الرحلةِ
فاهتدى سري إلى أسراره
واصطفاني حين فاضت صفوتي
" ياطبيب القلب ياكل المنى"
يا أنيسي في خفايا عزلتي
ها أنا في مهجتي حلَّ الهوى
" جد بوصل منك يشفي مهجتي"
" ياسروري وحياتي دائما"
ياوجودي في مرايا لهفتي
أنا فيك الوجد في غيب الأنا
" نشأتي منك وأيضا نشوتي"
أنت معراجي إذا حلَّ الفنا
وسراجي إن سرت بي عتمتي
وابتهاجي في تواصيل الهوى
وكشوفي  إن تلاشت مقلتي
ما اتصالي حين أصفو في الرؤى
وانحلالي  في حلول الغيبة ِ
وانشغالي فيك عني لهفة
واحتمالي في الليالي وحدتي
غير شوقي في تباريح النوى
ووصالي حين تسري رغبتي
أنت أسراري وما أخفت بها
أنت من إن حرتُ يجلو حيرتي
* الأبيات التي بين " " لرابعة العدوية

 

قلوب العارفين
حملتُ السر واخترتُ اليقينا
وأغلقت الهوى مذ كان فينا
وأدركتُ المنى في القلب نجوى
وشارفت المسافة أن تبينا
فقلتُ وقد تجلى لي وجودي
كلوح فيه ما كنا نسينا
أمد إليك مافي الروح وجدا
لأدرك فيك سر العارفينا
أنا مذ كانت الأسماء حيرى
ومذ كان الهوى جمرا دفينا
كتمت صبابتي  فعرفت قلبي
وفي الأطراف أيقظت الحنينا
فحار القول في نجوى لساني
وبان الحرف من صمتي حزينا
فناديت
ُ الهوى أنْ كنْ صلاتي
وكن غفران كل المذنبينا
فبانت لي خفايا ما تراءتْ
لغيري من جميع العالمينا
ونادتْني هناك الروح سراً:
رأيت ِ؟ فقلتُ : أدركت ِ اليقينا
" قلوب العارفينا لها عيون
ترى ما لايراه الناظرونا"[x]


بلى
بلى .. قلبي طواهُ ما طواهُ
وأدناه وأبعده هواهُ
سعى حتى رأى فامتد معنى
وغاب فغاب فيه ما عناهُ
رمى ما كان يقلقه فأمسى
على قلق يعانق من رماهُ
وطاف منازل الرؤيا فأخفى
منازلها بما ملكت رؤاهُ
تمنى فاصطفاه الوصل سرا
فأدرك سره لما اصطفاهُ
                         ***

صحبت الليل حين ثملت صحوا
وحين صحوت أسكرني مداهُ
وبي عشق يصلي في دمائي
ويعرج بي إلى أعلى علاهُ
بلغت مقام من عرفوا فهاموا
وهمت كأنما قلبي شفاهُ
فمن بلغ المقام أقام فيه
ومن عرف الهيام سلا سواهُ
صفت نفسي فحلت من رمادي
وصفو النفس في العلياء جاهُ
بلى .. قلبي دعاه الوجد بوحا
فسار كما السحاب لمن دعاهُ
شهدت فضاقت الأشياء حولي
وحرت فأدركت روحي يداهُ
وقفت فضمني نهر اكتمالي
كمن بلغ الهوى أقصى مناهُ
شربت فبلل المعنى حروفي
كأن الحرف أدرك منتهاهُ
كفى بي أن في نفسي كشوف
ا
تجلى في نوافذها الإلهُ

أدخل في الغيبة
يسعى في القلب تنهدهُ
فكأن الحيرةَ معبدُهُ
أشقى في الرحلة حين أرى
 ويضمُ الطرفَ تشردهُ
فالليل يعانق عتمتَهُ
بوحٌ يشقيه ويسعدُهُ
تنسلُّ الروح على قلق ٍ
والحال يحول تجلدُهُ
من لي إن تاهتْ راحلتي
وسعى بالحلم تمردُهُ
وبدتْ ذاتي في حيرتها
تخفي ما كانت تشهدُهُ
من لي إن ضلتْ باصرتي
خوفا بالصمت أرددُهُ
أسعى للنور أمد يدي
فتصافحني وجدا يدُهُ
وأغيب أغيب ليدركني
 نهرٌ روحي تتغمدُهُ
أدخل في الغيبة يُشرق بي
نورٌ لا يفنى موردُهُ
أمحو ما كان يؤرقني
يسعى بالحرف تهجدُهُ
أطوي باللهفة سر دمي
 كالنهر طواهُ تجددُهُ
أقرأ في الطين مدى حلمي
 فكأن الطين يقيدُهُ
يشتدُّ الوجد فأكتمه
 يغشاني حين أهدهدُهُ
أسرارٌ وضلالٌ ورؤى
ما مرَّ يعانقهُ غدُهُ

كن بي
كن بي فأنت إذا وجدت أكونُ
وبدونك الكون الفسيح سجينُ
وبدونك الأسرار تنسى سرها
ويفيض لحن في الجهات حزينُ
أنا أنت أنت أنا طوانا وجدنا
في البدء أيقظنا الهوى المجنونُ
علمتني الأسماء حين سكنت بي
فسعى من الشك البعيد يقينُ
أنت الهوى أسراره وصلاته
وحروفه وغرامه المدفونُ
لنا ما نشاء من الهوى وحنينه
إن شفنا شوق به وحنينُ
بك تنهض الأحلام من أسرارها
وتذوب في كاف الوجود النونُ
كل الدروب إليك تفضي في الهوى
بك ينجلي  بيقينه التخمين
أسعى كأني غيمة مفتونة
وإليّ يسعى قلبك المفتونُ
فكأنما الأشياء تسعى حولنا
حينا ونسعى حولها فتبينُ
أنا في الهوى أسطورة مرصودة
وخرافة وحقيقة وظنونُ
في راحتيك تذوب كل أصابعي
وتفيض بالوجد العميق عيونُ
من صمتنا ضم الوجود سكونه
فكأنما بدء الوجود سكونُ
وتشكلت من بوحنا أسماؤه
فطوته أسرار بنا وشجونُ
كن بي يحل بنا المدى بصلاته
وتفر من أسر الزمان سنينُ
وتشف آيات لنا من مهدها
ويفيض منا لؤلؤ مكنونُ
وتعانق الرؤيا حروف غنائنا
فكأننا للمعجزات معينُ
وكأننا في الأبجديات الرؤى
وكأنما نسك المحبة دينُ

يغشى الهوى
روحي لأسرار الرؤى عطشى
أخشى معارجها ولا أخشى
إن ردني قلقي إلى قلقي
يغشى الهوى في القلب ما يغشى
عشقي يكبلني ويطلقني
أخفيه لا يُخفى ولايُفشى
فأهيم في أسرار خافيتي
علَّ الرؤى من غيبها تنشى
يا من له أسعى وبي دنف
نقّشّ الهوى في أضلعي نقشا
يلقي سكينته على فزعي
ويعد لي نحو المدى ممشى
يمتد في نزعات مضطربي
والنفس تنبش نشوتي نبشا
فأخال أني تهت عن سببي
والريح تحمل للرؤى نعشا
فإذا نوافذه تعانقني
وترشني من نوره رشّا
فكأنني عمياء مبصرة
وكأنما حلم الرؤى أعشى

مالي
تفيض الروح من فرط الخيال
فأعصر خمرةً عتمَ الليالي
يشف النهر عن أسرار وجدي
ويتلو آيةً نشوى خلالي
فأسعى والهوى يسعى رسولاً
رسالته تجلت في كمال
ألف الحرف بالمعنى فأبدو
رؤى والحرف ينهض من سؤالي
وأختبر الكلام بفيض صمتي
وسر الصمت من سر الجمال
عجنت الحب من قلق ونجوى
ليبدو  ـ إن أشرت ـ على مثالي
كما شاءت له نجواي يسعى
يقينا أم ضلالا في ضلال
منحت صلاته محراب قلبي
فأدمن في تنسكه وصالي
وحل كما حللت به تماما
ورد علي في سكري ظلالي
وصار إذا مشيت مشى أليفا
ويسكن إن أردت هنا حيالي
إذا غنيت من صوتي تجلى
وإن أسرفت لملم لي رمالي
أنا الحب استعنت به عليه
فقل لي حينما ألقاك مالي
وما للروح تنتفض احتراقا
ويدخل في متاه الصمت حالي
وتنسل الرؤى كالخيط مني
ويختلط الجنوب مع الشمال
وينهض من دمي نهر يصلي
وتنهمر النجوم من الدوالي
هل الحب الذي يسعى خيالا
سواه إذا تكلل بالوصال
وهل يفد الضلال إليه منه
كما يفد الخلود من الزوال

نبع
أنا جئت من أقصى الهوى أسعى
والشعر من عشب الرؤى يرعى
تمشي معي أسراره غيبا
فأغيب أسمع في دمي وقعا
أدعو خيالات الهوى تأتي
مكتوفة بقصائدي طوعا
فأضمها شغفا لكي تسري
ما شاءت الرؤيا لها مسعى
فإذا فردت أصابعي نهضت
حولي فراشات الهوى جزعى
فكأنني من طين حيرته
وكأنه في حيرتي يسعى
وكأنني والحال في قلق
جمع المدى في أضلعي جمعا
وإذا طويت دفاتري طويت
سحب طويت بها دمي دمعا
أنا في الهوى لا شيء يشبهني
باسمي أنا وبإسمه ندعى
وجهي له مرآة ترسمه
وأطوف حول جلاله سبعا
إن شاء يبدي ما يبدده
أو شئته خلع الجوى خلعا
وإذا أردت أدور في فلكي
وقصائدي من وجدها صرعى
أنا إن أحن إلى نوازعه
أحني له من أضلعي ضلعا
وأنام في أسرار رحلته
وأذوب في خلجاته شمعا
فإذا تبدت لي مذلته
أذللته وصدعته صدعا
ورجعت أطفئ نار لوعته
ونزعته من أضلعي نزعا
وغسلت روحي من غوايته
ودفعته عن أحرفي دفعا
وحملت أسراري لعزلتها
ورفعتها بصفائها رفعا
وسعيت أنضو عن دمي قلقي
وتركت أطياف الرؤى فزعى
أنا في مضارب وحدتي وحدي
نبع يعانق في الهوى نبعا

أبدو .. ولا أبدو !
من قربه يتناسل البعدُ
وببعده يتكاثف الودُّ
فكأنني نور يكللهُ
عتمٌ وعتمٌ نوره وجدُ
أسعى لهُ ولَهَاً فيأخذني
في رحلتي خلف الرؤى الحمدُ
يمتدُّ بي بصري فلا جهةٌ
تغتاله .. يعمى فأمتدُّ
أنا حيرةٌ حلَّ اليقينُ بها
فكأن ناري وهجها بردُ
وكأن بي صحراء قاحلة
وكأنني يغشاني الوردُ
وكأنني في الغيب أغنيةٌ
وكأنني أبدو ولا أبدو
وقتي تعانقه مشانقهُ
وعلى حروفي ينهض الخلدُ
سري يكبلني فأطلقه
فكأنما أفقي هو القيدُ
أرتدُّ من قلق إلى قلق ٍ
أغفو على قلقي فيشتدُّ
أسري تغيبني نوافذُهُ
والغيب بي بالكشف يرتدُّ
في الريح أقرأ ما ينازعني
وأراود الأسرار إذ تعدو
فيعيدني صمتي لعزلته
فكأنه لمسافتي غمدُ
أفضي لخافيتي مدى تعبي
ونوافذ الأحلام تنسدُّ
فتجيبني لا تحزني ودعي
تلك الرؤى من غيبها تبدو
فأذوب في رؤياي من وله ٍ
يسعى فليس من الهوى بدُّ
وأهيم في الأسرار حائرةً
والحائران : القربُ والبعدُ
في داخلي ضدان ما ائتلفا
والمقلقان : الحزن ُ والسعدُ
لا ينجلي حسن بمفرده
فالنور في الأعماق يسوّدُ
والشهد في أعماقه مرٌّ
والمرُّ في أعماقه شهدُ
كلٌ تكامل في تناقضه
والشاهدان : المهدُ واللحدُ
كلٌ تباين في تكامله
فالضد يُكملُ سره الضدُ

وصل
أيقظ الوجد رعشتي في شفاهي
ودعاني لسره المتناهي
قلتُ والحال قد تحول عني
وطوى غفلةَ الوجود انتباهي
يا إلهي إليك روحي تناهتْ
وطواها طوافها في التناهي
كيف أبدي ولست أدرك مابي
أنت من يدرك الذي مدَّ آهي
بي من الحب ما يذيب كياني
ومن الشوق ما يكبل فاهي
لبس الحرف حيرتي فطواني
وبدا السر في المعارج ساهي
عطل الحب أبجدية بوحي
فامنح الروح وصلها يا إلهي

شغف
حارَ الهوى بيننا والحالُ يُغرينا
من حالنا الوجدُ صلّى في مآقينا
من لهجةِ الصمتِ نُبدي بوحَنا قَلَقَاً
والبوح من قلقِِ الأسرارِ ِ يأتينا
قال :امنحي أحرُفي أسماءَ رحلتِها
قلتُ : الحروفُ انمحتْ رسماً وتكوينا
كادَ المدى ينمحي منْ حولنا شَغَفاً
لمّا تجلّى بنا ماكادَ يُخفينا
يسعى بنا الوجدُ ، تغشانا نوازعُهُ
 وينمحي العتمُ فجراً من ليالينا
نمشي وفي حالِنا مِنْ فيضِ نشوتِنا
 ما لو بدا تهطلُ الدنيا رياحينا
قالَ: استعيري من الأشياءِ خمرتَها
 لعلَّها من لظى الأسرار تكفينا
لا تُشرقُ الروحُ إلا حين نُشعلُها
فيضاً من البوح يَسري سرُهُ فينا
ياريحُ لا تُسرفي في كشف رحلتِنا
 فالرملُ خبَّأ مُذْ كنَّا أغانينا
لا تُشعلي في المدى بردَ الرؤى سُحُبَاً
ضمّي قصائدَنا لماّ توافينا
ولملمي ما نسينا في الجهاتِ هوىً
إنْ أسرفَ التيهُ في أضلاعنا طينا
يُلقي علينا رؤىً تجلو مسافتنا
فينهضُ الماء من آلاءِ ماضينا
ونطلقُ الأحرفَ الملقاةَ في دمنا
 لعلَ رعشتها في القرب تحيينا
                           ***

أدركتُ ما أنبأتْ عيناهُ من لَهَفِي
كأنَّما ظلُنا قد طافَ يسقينا
رأيتُه ينجلي مرآةَ ترسمُني
وكانَ يبصرُ بي حالَ المحبينا
فقلتُ :أنتَ أنا ،فاحتارَ قال: أنا
 أبصرتُ ما حلَّ بي وجداً يعنّينا
فقلتُ :كن سَكَنِي قال :اسكني رئتي
وقال :إن الهوى شاءَ الذي شينا

أنا المعنى
أنا المعنى حضوري في غيابي
وكشفي خلف أسرار الحجابِ
أفيض من الحروف إذا تجلت
وأختصر العبارة في الخطابِ
أخيط من السحاب وشاح روحي
ومن روحي أفيض على السحابِ
إذا غابت حروفي ذبت فيها
وطاف الصمت من وجد الكتابِ
وإن حار السؤال طويت فيه
سؤالا شف عن سر الجوابِ
أعلق من أصابعه خيالي
ليدرك في مسافته اقترابي
أنا الحب اكتملت به وفيه
إذا ما شفني الوجد انطوى بي
وأشرق من خفايا أغنياتي
وألقى بي على باب الضبابِ
هو الحب الذي أسعى إليه
سعى لي حينما أشرعت بابي
به حلت قصائد من خيال
وخف النهر مضطرب الإهابِ
فطاوعت الخطا لما دعاني
وطاوعني على صحوي شرابي
وكلمني وألقى الحرف بوحا
لينسل من معانيه ترابي
لمست الورد أشرق من حنيني
دعوت البحر أمعن في ركابي
طويت الريح فاكتملت غناء
كأن الريح والأسرار دابي
أنا المعنى يبددني وضوحي
ويكشفني بغيبته غيابي

 

 

 

سيرة:

بهيجة مصري إدلبي

ـ عضو اتحاد الكتاب العرب

  ـ عضو في اتحاد كتاب بلا حدود ألمانيا

  ـ عضو في اتحاد كتاب الإنترنت العرب

  ـ عضو جمعية العاديات بحلب

ـ عضو نادي التمثيل العربي بحلب

الجوائز الحائزة عليها  :

 ـ جائزة عكاظ للشعر للعام / 1998 /

ـ جائزة دار الفكر للرواية العربية للعام / 1998 /

 ـ جائزة طنجة في المغرب العربي للعام / 2000

ـ جائزة الشيخ بدر الدين نعساني للشعر للعام / 2000/

ـ جائزة الصدى للرواية العربية دبي  للعام / 2001 /

ـ جائزة المزرعة للقصة القصيرة للعام / 2002  /

ـ جائزة أفضل نص مسرحي السعودية للعام 2003

ـ جائزة ناجي نعمان الأدبية ـ لبنان للعام/ 2003

 ـ جائزة الإبداع في الشارقة  للعام 2004

صدر لها :

1 ـ في الشعر  المجموعات التالية :

   1ـ في ساعة متأخرة من الحلم   2 ـ أبحث عنكَ فأجدني

    3 ـ على عتبات قلبكِ اصلّي          4 ـ خدعة المرايا

    5ـ قالت لي السمراء         السمراء في برج الحداد 

                    ( إلى الشاعر  نزار قباني)

   7  ـ نهر الكلام يعبر من دمي   8 ـ رحلة الفينيق

    9 ـ سفر التكوين               10 ـ  تقاسيم حلبية 

2 ـ في الرواية :

1 ـ رحلة في الزمن العمودي

2  ـ ألواح من ذاكرة النسيان / دار الفكر دمشق 2002

  3   ـ الغاوي / منشورات دار كنعان / 2003/

3 ـ في أدب الأطفال :

   1 ـ الضاد تغني "أناشيد للأطفال"  (الصادر عن المجلس  الأعلى للطفولة في الشارقة 2001)

2 ـ الضاد تغني تتمة أجزاء السلسلة للأطفال

3 ـ مغامرات صائل،       قصة

4 ـ مملكة اللغة،          مسرحية

5 ـ الضاد تحكي أربعة أجزاء، قصص

 6  ـ حجر بيد ودم بيد،       شعر

4 ـ في النقد

1ـ القصيدة الحديثة بين الغنائية والغموض / دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة 2005

2ـ وأنجزت جنوني

3ـ قراءات في الشعر العالمي / نيرودا ـ ألبرتي ـ لوركا /

سورية ـ حلب ـ ص ب / 13525 / جوال / 093555481 / إيميل / baheega@hotmail.com



[i] عجز بيت للحلاج

[ii]  الحلاج

[iii] الحلاج

[iv] الحلاج

[v] ـ2  ـ 3 أبيات رابعة العدوية

 

 

[viii] ـ 2 للحلاج

 

[x] رابعة العدوية