هي قصائد شذرية قصيرة يلتقط الشاعر المصري من خلالها صورا ومفارقات شفيفة يسبغ عليها جزءا من سخريته التهكمية السوداء المرة علها تتوهج بالعديد من الدلالات. وبين ثنايا هذه القصائد البالغة التكثيف، يكشف الشاعر عن حس بصري يلتقط أدق تفاصيل المرئي واللامرئي.

قصائد

عزت الطيري

(1)
ديكٌ أّذَّنَ في روما
فاستمع الناسُ إليهِ
وصلّوا
أوَليسَ هو الديكَ الرومىّْ؟؟

(2)
حين تأخَّرَ طفلي
عن جرسِ المدرسةِ
أعادَ الساعةَ للسابعةِ صباحا
ومضى
يتسكع مزهوَّا

(3)
قالت زوجي
مسكين زوجي
يسهر طول الليل يناطح ثورَ الشعرِ
ويسابق خيل الشعرِ
ويعود فيوقظني
يسمعني أحلى أغنيةٍ
في لون عيوني الزرقاءْ
وضفيرة شعري الشقراء
مسكينٌ زوجي
لا يعلم أن عيوني سوداءْ
وضفيرة شعري سوداءْ
لا يدرى
مسكينٌ زوجي

(4)
قالت أمي
تشبهُ لأبيك كثيرا
لكنْ
لم تفصحْ في أي الأشياء
وبكتْ
فتساقط من عيني
محض سؤالْ

(5)
حتى في الجنةِ
أهل شمال بلادي
في الفردوس العذبِ
وفى الكوثرِ
عند مصباتِ الأنهارْ
وجميع صعيد بلادي
في آخر أنحاء الجنةِ
في ركنٍٍ منعزلٍ
بالقربِ من النارْ!!!

(6)
في الجنةِ
حورٌ عينٌ
لرجالِ الجنةِ
ماذا لنساء الجنة
في الجنةِ؟؟

(7)
(مارقتْ سلوى للولدِ العاشقْ)
أعربْ سلوى
ـ سلوى فاعلْ
ـ ليست فاعلْ!!
هل رقتْ سلوى للولدِ العاشقْ؟؟

(8)
وهبْ أنَّ سيدةً في الطريقِ
أشارتْ إليك لتَتْبَعها
هل تصدقها؟
أم تكذّبُ نفسكَ،
هبْ أن سوسنةً نبتتْ
فوق حرفِ السريرِ
وبارقةً لمعتْ
فوق كأس عذابكِ
هلْ؟
إنه الشعرُ يا صاحبى؟؟

(9)
هبْ أن السيارةَ ما مروا
هل كان اليوسفُ
سيصير نبيا
أو ملكا
أو رجلا أجمل من حورياتِ الجنةِ
وتذوب النسوةُ فيه
يقطعنَ الأيدي
بصليل السكينْ

(10)
في الليل اقتلع الإعصار القاتل كل صفوف خيام قبيلتنا
إلا صفَّ خيامي
......
إذ أنى لا أملك
صف خيام
أو فسطاطا
أو
حتى
خيمة

(11)
دوما
كانت كل سلالي فارغةً
واليوم امتلأت
يا فرحةَ وجعي
ِبالحنظلِ
والمرِِ
وكمياتٍ لا بأس بها
من لوعاتٍ
وعذابٍ ساحرْ

(12)
أطفئ سيجارةَ تبغي
ألقيها تحت سريري
وأهشُّ هواء الغرفةِ
وأخبئ صورا ما
تحتَ المرتبة
حين يمر خيال أبى الميت
منذ ثلاثين وداعا

(13)
مرتحلا
من قوسهِ
إلى بقايا قوسْ
يرتب الألوانَ
حين اجتاحها
شعاعُ شمس
وحينما تبعثرتْ ألوانهُ
واختلطتْ
تناول الفأسَ
وشجَّ الرأسْ
يا سيداتي
آنساتي
سادتي
ْوسادة الفرح
تعاونوا
واكتتبوا
واتحدوا
لتنقذوا
قُزَح

(14)
الصيادُ الطفلُ
ألقى بالشبكةِ
والصيد
وراح يسائل
ولماذا ستموت السمكةُ
إن خرجتْ من ماءٍ
ولماذا جدي مات غريقا في البحرِ؟
......
عاد الصياد بلا سمكٍ
والشبكة فاضت
وامتلأت
بالأسئلة الصعبةِ

(15)
كوني قاسية دوما
كي أهفو َ
دوما
لحنانك

(16)
أشم عطرا قادما من البعيد
أظنها
ستعبر الطريق
بعد
ساعتين

(17)
حتى نقبض
في التو
على الضوء
نحتاج كثيرا
لأصابعَ
أخرى

(18)
ذاكرة القمح
هل تحفظ أجدادا قتلى
حُصدوا
من ذاك الفلاح؟

(19)
المطر
غناء الغيوم
النجوم غناء السماء
بكائي
غناء الحبيبة

(20)
قبَّل الجندي المحاربُ
عدوَه الجندي المحاربَ
وبكى على صدره
وقال له
نلتقي
في حرب قادمة

(21)
قصائدي القصيرة
حين حطت عليها
طيور عينيك
طالت

(22)
المراعى توصد أبوابها مبكرا
لا مجالَ لخُضرتها
ِأمام خضرة عينيك

(23)
طلقةٌ حنونةٌ
أردته بنعومةٍ بالغة
مضرجا بعذابه قتيلا
طلقةٌ حنونةٌ
تلك التي انطَلَقت عفوا
من مسدس عينيها

(24)
هذا الرجل الضامر يحلم منذ سنين
بقبر شاسع يضمه
ونعشٍ جميلٍ
يحمله الأصدقاء
وامرأةٍ في أقصى المدينة
تلوح له بدموعها
حين يمرُ للمرة الأخيرة على بيتها

(25)
دعها هكذا، كابيةً وغريبةً
تبثُ الوحشةَ أوجاعَها
لا زوجَ
لا طفلَ
لا رائحة طعام منزلي
لا آنية زهور
تحطُّ على النافذة
لاشيء سواها
أغلقْ بابها عليك
واكتب كذبا ما يعنُّ لك
عن جمالِ غرفتكْ!!!

(26)
الموتُ
محاربٌ قديمٌ
يخطفك كعروسٍ
على حصانه الأسود
ويذهب بك
إلى مهرجان الصمت

(27)
في كتاب طوق الحمامة
أحاديثُ كثيرةٌ
عن الحب
ترى
ماذا سيكون إذن
في طوق الإوزة
أو طوقِ النعامة؟؟

(28)
ثمَّةُ طائرٌ
يخفقُ بعظامهِ
ثمةُ ريحٌ عاتيةٌ
تدربهُ على الموت

(29)
على الجدار
لوحةٌ قديمةٌ
لأشجارٍ تهاجمها الريح بضراوة
لا الأشجار سقطتْ
ولا الريح كفّتْ عن غَيِّها

(30)
ذاكرتي مُلِئتْ
بنساءٍ
وبناتٍ
يسْكنَّ بها
ويعثن جَمالاً
فيها
لكنْ
هل أسكن ذاكرةَ امرأة
واحدةٍ
هل؟

شاعر من مصر