يكشف الباحث السوداني في هذه الدراسة الشيقةعن وضع المرأة في الثقافة العربية منذ زمن الجاهلية وحتى العصر العباسي، وعن دور الكثير من النساء في تعزيز مكانتهن بفضل علمهن وفطنتهن وجرأتهن واعتدادهن بأنفسهن، بالرغم من الميل الذكوري الشائع في تلك الثقافة لازدراء المرأة، وتأكيد دونيتها أمام الرجل.

وضع المرأة في الثقافة العربية والإسلامية

فؤاد شيخ الدين عطا

مقدمة:
لا يخفى أن أدوار المرأة في الثقافة العربية والإسلامية ـ فيما يتعلق بإسهامها في الحياة العامة ـ ثانوية، سواء ما تعلق بالدين أو السياسة أو الاجتماع أو الأدب أو العلم. وإن اختلفت تلك الأدوار باختلاف العصور. ولعل من الطريف والغريب معاً أن نذكر هنا ابتداء أن حضور المرأة في الحياة العامة ومشاركتها في السياسة والأدب والعلم والمسائل الدينية كان أبين في العصر الجاهلي، وكان في صدر الإسلام أشد، فيما تراجع ذلك الحضور في العصر العباسي. ووجه العجب أن العصر العباسي هو عصر الانفتاح على حضارات الشعوب الأخرى وثقافاتها، فكان الظن أن تكون المرأة أشد أثراً في الحياة العامة من ذي قبل، الأمر الذي لم يحدث، وربما أشير إلى بعض أسباب ذلك في ثنايا البحث.

أولاً: ظرف المرأة:
اشتد ظرف النساء ـ على ما يبدو ـ في المراكز الحضرية، خاصة في الحجاز، في أواخر صدر الإسلام وبدايات العصر الاموي، وقد يرجع الامر إلى عاملين ظاهرين، ولا نستبعد وجود عوامل أخرى قد لا نتبينها:
أولهما: اثر الإسلام في رهافة الحس الحجازي متمثلاً في مرونة فقهاء الحجاز وظرفهم المعهود.

والثاني: الرفاهية النسبية وسعة العيش التي حظي بها الحجاز في بدايات عصر بني أمية، مما ادى إلى شئ من الفراغ لدى الجيل الثاني، فظهر التسري بالجواري، والإقبال على مجالس الغناء. وكل ذلك مما لا يخفى أثره في تطور الحياة الإنسانية بمختلف جوانبها. وسنلاحظ اثر كل ذلك في غزل ابن ابي ربيعة، ومقولات عائشة بنت طلحة، ومجالس سكينة بنت الحسين وغيرهم ممن سنذكرهم لاحقاً.

 ولا يعني هذا أن المرأة العربية لم تعرف الظرف قبل الأمويين وبعدهم، كلا ولا حصر ظاهرة الظرف في منطقة الحجاز. ولكنه كان أبين واشد في الزمان والمكان المذكورين. فيما يلي بعض مواقف الظرف المتعلقة بالمرأة العربية:

(1) «عن مصعب بن عبد الله: وكانت رملة جهمة الوجه، عظيمة الأنف، حسنة الجسم، وتزوجها عمر بن عبيد الله بن معمر، وتزوج عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وجمع بينهما، فقال يوماً لعائشة: فعلت في محاربة الخوارج مع أبي فديك كذا، وصنعت كذا، يذكر لها شجاعته وإقدامه، فقالت له عائشة: أنا أعلم أنك أشجع الناس! وأعرف لك يوماً هو أعظم من هذا اليوم الذي ذكرته، قال: وما هو؟ قالت: يوم اجتليت رملة وأقدمت على وجهها وانفها»(1). واجتلاء العروس: النظر إليها مجلوة ليلة زفافها، وإنما عنت أنها قبيحة. وقد وافقت الثرياـ إحدى صواحب ابن أبي ربيعةـ عائشة في قبح رملة: لما بلغ الثريا قول عمر بن أبي ربيعة في رملة:

 وجلا بردها وقد حسرته نور بدر يضئ للناظرينا

 قالت: أفٍ له ما أكذبه! أو ترتفع حسناء بصفته لهل بعد رملة؟(2)

ولا نشك في حس عمر بن ابي ربيعة الجمالي وفي حسن اختياره، كما لا نشك في أن حكم المرأتين على رملة لم يخل من أثر الغيرة.

(2) عن أبي حازم المدني: "بينا أنا أرمي الجمار رأيت امرأة سافرة من أحسن الناس وجهاً ترمي الجمار فقلت: يا أمة الله، أما تتقين الله! تسفرين في هذا الموضع فتفتنين الناس! قالت: أنا والله يا شيخ من اللواتي قال فيهن الشاعر:

من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ولكن ليقتلن البريء المغفلا

قلت: فإني أسأل الله أن لا يعذب هذا الوجه بالنار"(3)

فقد تظرف الفقيه ـ كما ترى ـ فوق تظرف الحسناء . وقد كان أبو حازم من جماعة فقهاء الحجاز الذين عرفوا بالتظرف والمرونة، ولعل ذلك من أثر ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين

(3) مرت أعرابية بقوم من بني نمير، فأداموا النظر إليها فقالت: يا بني نمير، والله ما أخذتم بواحدة من اثنتين: لا بقول الله (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) ولا بقول جرير:

 فغض الطرف إنك من نمير فلا كعباً بلغت ولا كلابا

فاستحيا القوم من كلامها وأطرقوا(4)

(4) وعن سائب راوية كثير قال: "كان كثير مديوناً فقال لي يوماً ونحن بالمدينة: اذهب بنا إلى ابن أبي عتيق نتحدث عنده، قال: فذهبت إليه معه، فاستنشده ابن أبي عتيق فأنشده قوله:

 أبائنة سعدى نعم ستبين

حتى بلغ إلى قوله:

 وأخلفن ميعادي وخن أمانتي وليس لمن خان الأمانة دين

فقال له ابن ابي عتيق: أعلى الأمانة تبعتها! فانكف واستغضب نفسه وصاح وقال:

كذبن صفاء الود يوم محله وأنكدنني من وعدهن ديون

فقال له ابن أبي عتيق: ويلك، هذا أملح لهن وأدعى للقلوب إليهن، سيدك ابن قيس الرقيات كان أعلم منك وأوضع للصواب موضعه فيهن، أما سمعت قوله:

حبذاك الدل والغـــنج والتي في عينها دعــــج

والتي إن حدثت كذبــت والتي في وعدها خلــج

وترى في البيت صورتها مثلما في البيعة السرج

خبروني هل على رجل عاشق في قبلة حـــرج

قال: فسكن كثير واستحلى ذلك، وقال: لا! إن شاء الله، فضحك ابن أبي عتيق حتى ذُهب به"(5)

انظر كيف سكن كثير وقد فضل ابن ابي عتيق عليه ابن قيس الرقيات، بل جعله سيده! ولكنه الظرف من كلا الرجلين.

(5) لما تقدم كلثم بنت سريع مولى عمرو بن حريث، إلى عبد الملك بن عمير، وهو على قضاء الكوفة، تخاصم أهلها، قضى لها عبد الملك على أهلها، فقال هذيل الأشجعي:

 أتاه وليد بالشهود يقودهم على ما ادعى من صامت المال والخول

 وجاءت إليه كلثم وكلامها شفــاء مــن الداء المخامـــر والخــــبل

 فأدلى ولــيد عند ذاك بحقه وكان ولــيد ذا مــراء وذا جـــــــــــدل

 وكــان لها دل وعين كحيلة فأدلــــت بحـــسن الدل منها وبالكــحل

 ففتنت القبطي حتى قضى لها بغير قضاء الله في الســـــــور الطول

 فلو كان من بالقصر يعلم علمه لما استعمل القبــــــطي فينا على عمل

 له حين يقضي للنساء تخاوص وكان وما فيه التخاوص والحــــــــول

 إذا ذات دل كلمـــــــــته بحاجة فهم بأن يقضـــي تنحنح أو ســــــــعل

 وبرق عينيه ولاك لســــــــانه يرى كل شئ ما خلا شخـــــصها جلل

قال: فقال عبد الملك: أخزاه الله، والله لربما جاءتني السعلة أو النحنحة وأنا في المتوضأ فأذكر قوله فأردها لذلك.(6) ذكرت هذه الطرفة ـ وإن كانت من ظرف الرجال كالتي سبقتها ـ لأن المرأة كانت سبباً مباشراً فيها.

ثانياً: الفطنة والعلم:
يلاحظ أن ارتباط المرأة العربية بالعلم والفطنة ونفاذ البصيرة لا يكاد يعدو صدر الإسلام وأوائل العصر الأموي، إلا إلى الأندلس كما سنرى ونورد ههنا بعض الأخبار المتعلقة بالقدرات العقلية والعلمية للمرأة مع مراعاة الترتيب الزمني ما أمكن:

(1) مر المغيرة بن شعبة لما ولاه معاوية الكوفة بدير هند، فنزله ودخل على هند بنت النعمان بعد أن استأذن عليها، فأذنت له وبسطت له مسحاً فجل عليه، ثم قالت له: ما جاء بك؟ قال: جئتك خاطباً، قال: والصليب لو علمت أن في خصلة من جمال أو شباب رغبتك في لأجبتك، ولكنك أردت أن تقول في المواسم: ملكت مملكة النعمان بن المنذر ونكحت ابنته، فبحق معبودك أهذا أردت؟ قال: إي والله، قالت: فلا سبيل إليه، فقام المغيرة وانصرف وقال فيها:

 أدركت ما منيت نفسي خاليا لله درك يا ابنة النعمان

 فلقد رددت على المغيرة ذهنه إن الملوك نقية الأذهان.(7)

(2) لما قدم معاوية من الشام ـ وكان عمر قد استعمله عليها ـ دخل على أمه هند، فقالت له: يا بني، إنه قلما ولدت حرة مثلك، وقد استعملك هذا الرجل، فاعمل بما وافقه، أحببت ذلك أم كرهته.(8) هذه أسس السياسة العلمية والعملية!

(3) خرجت الثريا ـ بعد أن أسنت وتوفي زوجها ـ إلى الوليد بن عبد الملك وهو خليفة بدمشق في دَين عليها، فبينا هي عند أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان، إذ دخل عليها الوليد فقال: من هذه؟ فقالت: الثريا جاءت تطلب إليك في قضاء دين عليها وحوائج لها، فأقبل عليها الوليد فقال: أتروين من شعر عمر بن أبي ربيعة شيئاً؟ قالت: نعم، أما إنه يرحمه الله كان عفيفاً عفيف الشعر، أروي قوله:

 ما على الرسم بالبليين لو بيـــّــن رجع السلام أو لو أجابا

 فإلى قصر ذي العشيرة فالصا ئف امسى من الأنيس يبابا

 وبما قد أرى به حي صدق ظاهري العيش نعمة وشبابا

 إذ فؤادي يهوى الرباب وأنى الدهر حتى الممات أنسى الربابا

 وحساناً جوارياً خـفرات حافظات عند الهوى الأحسابا

 لا يكثرن في الحديث ولا يتـــبعن ينــعقن بالبـــهام الظِرابا

فقضى حوائجها وانصرفت بما أرادت منه، فلما خلا الوليد بأم البنين قال لها: لله در الثريا! أتدرين ما أرادت بإنشادها ما أنشدتني من شعر عمر؟ قالت: لا، قال: إني لما عرضت بها عرضت لي بأن أمي أعرابية.(9) وأم الوليد وسليمان ولادةُ بنت العباس بن جُزيّ بن الحارث بن زهير بن جذيمة العبسيّ. وقوله "ولا يتبعن ينعقن بالبهام الظرابا" أي: ليست بأعرابية ترعى الغنم تصيح بها وتزجرها. ولا نريد أن ننبه إلى فطنة الوليد، بقدر ما نريد ان ندلل على فطنة الثريا وحضور بديهتها، فضلاً عن علمها بالشعر.

(4) تعد أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر من أشهر النساء علماً وفطنة. وتكاد آثارها العلمية تجل عن الحصر، من حديث وسير وأخبار وشعر.

(5) كذلك كانت عائشة بنت طلحة على قدر من العلم والتجربة، وقد كانت برزة في النساء: خاصمت مرة زوجها ابن معمر حتى سهر ليلها فقالت: إن ابن أبي ربيعة جاهل بليلتي هذه حين يقول:

 ووال كفاها كل شئ يهمها فليست لشئ آخر الليل تسهر.(10) وهو من رائية ابن أبي ربيعة المشهورة. ويكاد كلامها هذا يصرح بأن القصيدة نظمت فيها، وإن لم يصرح ابن أبي ربيعة باسمها.

(6) وقد كانت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان من رواة الشعر ـ كما كان ابوها ـ روى أبو الفرج: "كان عمر بن أبي ربيعة جالساً بمنى في فناء مضربه وغلمانه حوله، إذ أقبلت امرأة برزة ـ البرزة من النساء الجميلة التي تبرز للرجال تحادثهم ـ عليها أثر النعمة، فسلمت، فردَعليها عمر السلام، فقال له: أنت عمر بن أبي ربيعة؟ فقال لها: أنا هو، فما حاجتك؟ قالت له: حياك الله وقربك، هل لك في محادثة أجمل الناس وجهاً، وأتمهم خلقاً، وأكملهم أدباً، وأشرفهم حسباً ! قال: ما أحَبَّ إليّ ذلك ! قالت: على شرط، قال: قولي، قالت: تمكنني من عينيك فأشدهما وأقودك حتى إذا توسطت الموضع الذي أريد حللت الشدّ، ثم أفعل ذلك بك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك، قال: شأنك، ففعلت ذلك به، قال عمر: فلما انتهت بي إلى المضرب الذي أرادت كشفت عن وجهي فإذا أنا بامرأة على كرسيّ لم أر مثلها قط جمالاً وكمالاً، فسلمتُ وجلست، فقالت: أأنت عمر بن أبي ربيعة؟ قلت: أنا عمر، قالت: أنت الفاضح للحرائر؟ قلت: وما ذاك؟ ـ جعلني الله فداءك ـ قالت: ألستَ القائل:

 قالت وعيش أخي ونعمة والدي لأنبهنّ الحي إن لم تخرج

 فخرجتُ خوف يمينها فتبسمت فعلمتُ أن يمينها لم تحرج

 فتناولت رأسي لتعرف مسّه بمخضب الأطراف غير مشنّج

 فلثمت فاها آخذاً بقرونها شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

 ثم قالت: قم فاخرج عني، ثم قامت من مجلسها وجاءت المرأة فشدت عيني ثم أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي وانصرفت وتركتني، فحللت عيني وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله به أعلم، وبت ليلتي، فلما أصبحت إذا أنا بها، فقالت: هل لك في العَود؟ فقلت: شأنك، ففعلت بي مثل فعلها بالأمس حتى انتهت بي إلى الموضع، فلما دخلت إذا بتلك الفتاة على كرسي، فقالت: إيهِ يا فضّاح الحرائر! قلت: بماذا؟ ـ جعلني الله فداك ـ قالت: بقولك:

 وناهدة الثديين قلت لها اتكي على الرمل من جبانة لم توسّد

 فقالت على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد كُلّفت ما لم أعوّد

 فلما دنا الإصباح قالت فضحتني فقم غير مطرود وإن شئت فازدد

ثم قالت: قم فاخرج عني، فقمت فخرجت ثم رُددت، فقالت لي: لولا وشك الرحيل، وخوف الفوت، ومحبتي لمناجاتك والاستكثار من حديثك لأقصيتك، هات الآن كلمني وحدثني وأنشدني، فكلمتُ آدَبَ الناس وأعلمهم بكل شئ".(11)

هل حقاً كان يتاح لشاعر مثل عمر ـ على فضله وشرفه ومكانه من قريش ـ أن يخالط أميرة أموية في مثل عز فاطمة بنت عبد الملك، آباؤها وأخوانها من الخلائف والملوك؟ وإن تم مثل هذا اللقاء، أليس غريباً أن تحدث عمر بمثل هذا الحديث الذي ينم عن تهالكها؟ مما لا يليق بأميرة عربية ترى لنفسها ولقومها الأفضلية المطلقة على الناس في جاهلية وإسلام ! ربما كان هذا من تزيد عمر، وحرصه على تصوير نفسه موضع حب النساء ولهفتهنّ، وكثيراً ما فعل ذلك.

ثالثاً: الحرية الشخصية والنفوذ:

ارتبط نفوذ المرأة العربية سياسياً واجتماعياً بهامش الحرية المتاحة لها على اختلاف الأزمنة والأمكنة. فكلما وجدت فضاءً واسعاً من الحرية ازداد نفوذها، حتى إذا ضاق ذلك الفضاء تراجع نفوذها

(1) يبدو أن العصر الجاهلي ـ على عكس ما يتصور ـ تمتع بقدر من احترام المرأة وتقدير حريتها الشخصية، على الأقل لدى بعض المجموعات أو في بعض المراكز. لما خطب دريد بن الصمة الخنساء إلى أبيها دخل عليها قائلاً: يا خناس أتاك سيد هوازن خاطباً، فقالت: يا أبي أتراني تاركاً بني عمي مثل عوالي الرماح وناكحة شيخ اليوم وهامة الغد؟ فأشار إليها أن اسكتي خوف أن يسمع دريد كلامها. ثم خرج إليه وقال: امتنعت اليوم ولعلها تجيب غداً، قال: بل سمعت ما قالت. ثم انصرف وقال فيها:

لمن طلل بذات الخمس أمس عفا بين العقيق فبطن ضرس

أشبهها غمامة يوم دجن تلألأ برقها أو ضوء شمس

فأقسم ما سمعت كوجد عمرو بذات الخال من جن وإنس

فلا تلدي ولا ينكحك مثلي إذا ما ليلة طرقت بنحس

وتزعم أنني شيخ كبير فهل خبرتها أني ابن أمس

وقد علم المراضع من جمادى إذا استعجلن عن حز بنحس

بأني لا أبيت بغـير لحــــــم وأبدأ بالأرامل حين أمسي

وأني لا يهر الضـيف كلبي ولا جاري يبيت خبيث نفس

عدد فيها مآثره التي هي السؤدد والجود والنبل، ويا لها من مآثر عند العرب. ولذك قال له والد الخنساء مستبشراً:" إنك للكريم لا يطعن في نسبه وللسيد لا يرد عن حاجته"(12) في دلالة واضحة على شدة اقتناعه بالرجل زوجاً لابنته فهو يمتلك كل المؤهلات المطلوبة لعريس ذلك الزمان! ولكن ابنته ـ لخيبته ـ رفضت العريس المثالي ببساطة، بل ودخلت مع ابيها في حوار مقنع. أين هذامما ينسب إلى كل العصر الجاهلي من قهر المرأة وإكراهها على ما لا تحب؟

 ولما طلق دريد إحدى زوجاته قال:

 أرث جديد الحبل من أم معبد بعاقبة وأخلفت كل موعد

 وبانت ولم أحمد إليك جوارها ولم ترج منا ردة اليوم أو غد

في مغالطة واضحة، فقد بكى ابتداءً انصرام حبل الوصل بينهما، ثم عاد فزعم أنه لم يكن يحمد جوارها! فقالت له زوجته: "بئس المجازاة جازيتني يا أبا قرة، لقد بثثتك مكتومي وأطعمتك مأدومي، وأتيتك باهلاً غير ذات صرار"(13) الجملة الأخيرة تعني أنها لم تمكن أحداً قبله من نفسها، على أنها ـ فيما يبدو ـ لم تعاتبه على طلاقها وإنما عاتبته على قوله"ولم أحمد إليك جوارها" وقد دافعت عن تاريخها معه ـ بل قبله ـ في تعبير حر.

 وقد أسر دريد يوم حنين على يد فتى لا ذكر له ولا غناء في البأس. وقد كان أراد قتله بالسيف فلم يصنع شئيئاً.(14)

رواية أخرى تتعلق بمشاركة المرأة الرجل في شئون الحياة العامة فضلا عن استقلالها ووضوح شخصيتها: "كانت عبلة بنت عبيد الله بن خالد بن خازل بن قيس بن مالك بن حنظلة عند رجل من بني جشم بن معاوية، فبعثها بأنحاء سمن تبيعها له بعكاظ فباعت السمن وراحلتين كان عليهما وشربت بثمنها الخمر، فلما نفذ ثمنها رهنت ابن أخيه وهربت فطلقها. وقالت في شربها الخمر:

 شربت براحلتي محجن فيا ويلتي محجن قاتلي

 وبابن أخيه على لذة ولم أحتفل عذل العاذل

قال: فتزوجها عبد شمس بن عبد مناف فولدت له أمية الأصغر، وعبد أمية ونوفلاً وهم العبلات".(15)

هذه القصة ـ في حال صحتها ـ تشتمل على فوائد عدة: أن تبعث الرجل زوجته في تجارة إلى سوق يشهده القاصي والداني من الرجال، هذه واحدة. الثانية التصرف في بيع الراحلتين. الثالثة أن تشرب الخمر. الرابعة أن تقوم برهن ابن أخيه. الخامسة الهروب على وجهها. لا ينهض بكل هذا إلا امرأة قوية الشخصية نشأت في فضاء من الحرية واسع

وفي خبر هجرة قيلة التميمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على شخصية المرأة في الجاهلية: فقد هاجرت منفردة ابتداءً، ثم رافقها رجل غريب في الطريق فتلازما ليلي أياماً. حتى إذا وصلت إلى المدينة اصطفت مع الرجال في الصلاة. ثم لما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لرفيقها في السفر بالدهناء له ولقومه، اعترضت واستطاعت أن تجعل منها نصيباً لقومها.(16) ما أشد اعتدادها بنفسها!

 ومن النساء العظيمات السيدة خديجة بنت خويلد من سيدات نساء العرب اعتداداً بالنفس وكثرة مال. وقد استأجرت النبي صلى الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ـ ليتجر لها في مالها. حتى إذا ربحت التجارة واستوثقت من كفايته وأمانته أرسلت في طلب الزواج منه.(17)

 وكانت هند بنت عتبة من سيدات نساء قريش في الجاهلية، وأدوارها في معركة احد مشهورة، فهي التي قادت جموع النساء يضربن بالدفوف ويغنين:

 ويهاً بني عبد الدار ويهاً حماة الأدبار

 ضرباً بكل بتار

 إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق

 أو تدبروا نفارق فراق غير وامق(18)

ويذهب الظن إلى أن أثر هند بنت عتبة في موقف قريش السياسي والعسكري كان عظيماً. وذلك لمكانها من أبي سفيان، حتى حملته على الثأر لأبيها وأخيها وعمها الذين قتلوا يوم بدر. وقد اغتبط أبو سفيان غاية الغبطة لهزيمة المسلمين في أحد فقال:

 فبكي ولا ترعي مقالة عاذر ولا تسأمي من عبرة ونحيب

 أباك وإخواناً له قد تتابعوا وحق له من عبرة ونـصيب

 وسلى الذي قد كان في النفس أنني قتلت من النجار كل نجيب(19)

ولا يخفى أن الخطاب ههنا لهند، في دلالة على سطوتها وتمكنها من امر أبي سفيان. وقد كان ابو سفيان تزوج صعبة أم طلحة بن عبيد الله، فلم تزل به هند حتى طلقها، فتزوج بها عبيد الله، وتتبعها نفس أبي سفيان فقال:

 إنا وصعبة فيما ترى بعيدان والود ود قريب

 فإن لا يكن نسب ثاقب فعند الفتاة جمال وطيب(20)

بل إن بلاء الرجال في الحروب كان ـ في أحايين كثيرة ـ تحت تأثير المرأة، لحرصهم على الظهور بمظهر الفرسان أمام النساء. وقد جزع الفارس الشاعر عبد يغوث الحارثي عندما تجمع نساء الأعداء حوله وهو في أسر وذل. وعهده بنفسه من قبل قوياً مانعاً لنسائه، لذلك يستحضر صورة زوجته لتشهد على قوته وبأسه فيما مضى:

 وقد علمت عرسي مليكة أنني أنا الليث معدواً علي وعاديا.(21)

وكذلك جزع الحارث بن وعلة مما يستقبله من أحاديث النساء، لما هرب ونجا يوم الكلاب الثاني. وإن كان ظاهر حديثه يوهم بأنه لا يبالي بأحاديث النساء ما دام قد نجا، فقد جعل أمه وخالته فدى لرجليه اللتين أنجتاه من الموت الوشيك:

فدى لكما رجلي أمي وخالتي غداة الكلاب إذ تحز الدوابر

فقد خاف أن تبادراه باللوم والتعنيف، وأن تعيراه على هروبه، فسبقهما بأن جعلهما فدى لرجليه، في أبيات تنم عن الخجل والإحساس بالعار. وقد أكثر من ذكر تفاصيل هروبه وسخر من نفسه ومن هارب آخر كان معه:

 نجوت نجاء لم ير الناس مثله كأني عقاب عند تيمن كاسر

 خدارية سفعاء لبد ريشها من الطل يوم ذو أهاضيب ماطر

 يقول لي النهدي إنك مردفي وكيف رداف الفل أمك عابر

 يذكرني بالرحم بيني وبينه وقد كان في جرم ونهد تدابر.(22)

فقد سخر من فكرة الرحم، كما سخر من أمه وخالته من قبل. حمله على ذلك حالته النفسية السيئة المترتبة على شعوره بالعار. فهل ينتظر حتى تعيره النساء أم يسبقهن بالسخرية من جملة علاقات الرحم؟

بل إن سلطة النساء الرقابية الاجتماعية ربما حملت الرجل على الهلاك خوف العار: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى المسلمين يوم بدر عن قتل أبي البختري بن هشام، لأنه لم يكن يبلغه عنه بمكة قبل الهجرة ما يسوء، وكان من أرفق الناس بالمسلمين وهو على شركه أيام شعب أبي طالب وقبله، فضلاً عن أنه كان ممن سعى في نقض صحيفة الظلم والعدوان التي كتبها الملأ من قريش على بني هاشم يقاطعونهم بها. فلقيه بعض الصحابة في المعركة وقصد إلى ذميله بالقتال، فقاتل عنه أبو البختري وآثر الموت على حياة يعير فيها بخذلان ذميله، قاتل وقتل وهو يقول: "لا تتحدث عني نساء مكة أني تركت ذميلي حرصاً على الحياة".(23)

(1) بشر الإسلام منذ البدء المرأة بوضع مميز. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالأ لإكرام المرأة واحترامها مما أدى إلى ظهور شخصيتها وتعاظم أدوارها في المجتمع. وخير مثال لنفوذ المرأة في صدر الإسلام وقوة شخصيتها ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية والعسكرية هو أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وأخبارها أشهر من أن تذكر وأكثر. وقد اشتدت حرية المرأة في التعبير عن رأيها في خطّابها: "خطب عمر بن الخطاب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بعد أن مات عنها يزيد بن أبي سفيان، فقالت: لا يدخل إلا عابساً ولا يخرج إلا عابساً، يغلق أبوابه ويُقل خيره. ثم خطبها الزبير فقالت: يد له على قروني ويد له في السوط. وخطبها علي فقالت: ليس للنساء منه حظ ... وخطبها طلحة فأجابت فتزوجها، فدخل عليها علي بن أبي طالب فقال لها: رددت من رددت منا، وتزوجت ابن بنت الحضرمي! فقالت: القضاء والقدر، فقال: أما إنك تزوجت أجملنا مرآة، وأجودنا كفاً، وأكثرنا خيراً على أهله".(24) فقد عبرت عن رأيها في القوم دون مواربة، وإن كانت قد اشتطت في أكابر الصحابة، فليس عن مثل ابن الخطاب يقال "يُقل خيره"!

كذلك عبرت المرأة عن رأيها في المسائل السياسية وغيرها من الشئون العامة: وفدت سودة بنت عمارة على معاوية بن أبي سفيان ـ وكانت من أنصار علي ـ تشكو ظلم بسر بن أرطاة وتجبره، وكان مما قالت: "لولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة ... فقال معاوية: إياي تهددين بقومك! والله لقد هممت أن أردك إليه على قتب أشرس، فينفذ حكمه فيك، فسكتت ثم قالت:

 صلى الإله على روح تضمنه قبر فأصبح فيه العدل مدفونا

 قد حالف الحق لا يبغي به ثمناً فصار بالحق والإيمان مقرونا

قال: ومن ذلك؟ قالت: علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى".(25)

 فقد اتهمت عاملاً لمعاوية ابتداء بالظلم والجور، ثم ذهبت إلى تفضيل علي على معاوية صراحة! رضي الله عنهم أجمعين.

ولما استخف الحجاج بالنساء بقوله للوليد بن عبد الملك: "دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول" غضبت أم البنين وقالت: إيه يا حجاج، أنت الممتن على امير المؤمنين بقتلك عبد الله بن الزبير وابن الأشعث؟ أما والله لولا أن الله علم أنك من شرار خلقه، ما ابتلاك برمي الكعبة وقتل ابن ذات النطاقين، وأول مولود ولد في الإسلام. وأما نهيك أمير المؤمنين عن مفاكهة النساء، وبلوغ أوطاره منهن، فإن كن ينفرجن عن مثلك فما أحقه بالأخذ عنك، وإن كن ينفرجن عن مثله فغير قابل لقولك. أما والله لقد نفض نساء أمير المؤمنين الطيب عن غدائرهن فبعنه في أعطية أهل الشام، حين كنت في أضيق من القرن قد أظلتك رماحهم، وأثخنك كفاحهم، وحين كان أمير المؤمنين أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم، فما نجاك الله من عدو أمير المؤمنين إلا بحبهم إياه. ولله در القائل إذ نظر إليك:

 أسد علي وفي الحروب نعامة ربداء تصفر من صفير الصافر

 هلا برزت إلى غزالة في الدجى أم كان قلبك في مخالب طائر

 صدعت غزالة جمعه بعساكر تركت كتائبه كأمس الدابر.(26)

وما حسب الحجاج أن يقع كلامه كل هذا الموقع من أم البنين، على أنها أحسنت الدفاع عن جنس النساء، وبينت ان المرأة ليست مجرد ريحانة كما يحسب الحجاج وأمثاله، بل هي عالمة وكاتبة وسياسية. وقد أبدت أم البنين كثيراً من حرية الرأي عندما أثنت على ابن الزبير، وعدت قتله على يد الحجاج ابتلاء له. هذا و"غزالة" المذكورة في الشعر المتقدم مقاتلة معروفة في جيش الخوارج. ومن عجب أن الخوارج على تشددهم وشدتهم في الدين لم تخل أحزابهم ولا جيوشهم من مكانة مميزة للمرأة ـ ربما فاقت مكانتها في الأحزاب الأخرى. فكانت الخارجية ربما خطبت الرجل وتزوجته: مما يحكى عن السيد الحميري انه "اجتمع في طريقه بامرأة تميمية إباضية، فاعجبها وقالت: أريد ان اتزوج بك ونحن على ظهر الطريق. قال: يكون كنكاح أم خارجة قبل حضور ولي وشهود. فاستضحكت وقالت: ننظر في هذا، وعلى ذلك من أنت؟ فقال:

 إن تسأليني بقومي تسألي رجلاً في ذروة العز من أحياء ذي يمـــــن

 حولي بها ذو كلاع في منازلها وذو رعين وهمدان وذو يــــزن

 والأزد أزد عمان الأكرمون إذا عدت مآثرهم في سالف الزمــــــــن

 بانت كريمتهم عني فدارهم داري وفي الرحب من أوطانهم وطني

 لي منزلان بلحج منزل وسط منــــها ولي منـــــــزل للعز في عدن

 ثم الولاء الذي أرجو النجاة به من كبة النار للهادي ابي حســـــــــــن

فقلت: قد عرفناك، ولا شئ أعجب من هذا: يمانٍ وتميمية، ورافضي وإباضية، فكيف يجتمعان! فقال: بحسن رأيك في تسخو نفسك، ولا يذكر أحدنا سلفاً ولا مذهباً".(27) وقد وقع الزواج بينهما ـ حسب الرواية السابقة ـ في دلالة قوية على حرية الاختيار والتزويج لدى المرأة. وكان اكثر ما نقم عليها قومها من الخوارج أنها تزوجت بكافر، وليس أنها زوجت نفسها برجل لقيته في عرض الطريق!

ومن سيدات مجتمع الحجاز فضلاً وعلماً ونفاذ رأي سكينة بنت الحسين بن علي رضوان الله عليهم .روى أبو الفرج أن كبار المغنين بالحجاز وهم ابن سريج والغريض ومعبد أرسلوا إلى حنين مغني العراق أن يزورهم: "فشخص إليهم، فلما كان على مرحلة من المدينة بلغهم خبره فخرجوا يتلقونه، فلم يُر يوم كان أكثر حشراً ولا جمعاً من يومئذٍ. ودخلوا، فلما صاروا في بعض الطريق قال لهم معبد: صيروا إلي، فقال له ابن سريج: إن كان لك من الشرف والمروءة مثل ما لمولاتي سكينة بنت الحسين عطفنا إليك، فقال: ما لي من ذلك شئ، وعدلوا إلى منزل سكينة. فلما دخلوا إليها أذنت للناس إذناً عاماً فغصت الدار بهم وصعدوا فوق السطح".(28) ويبدو أن أمر سكينة لم يكن مجرد شرف ومروءة وعلم وفضل، ولكنها ـ بسبب هذه الفضائل وغيرها ـ كانت نافذة الرأي مسموع الكلمة. وقد كان في دور الرجال ـ لولا مكانتها ـ متسع للمغنين والجمهور جميعاً.

ومن النساء العظيمات الشأن عائشة بنت طلحة رضي الله عنه. وقد ذكر أبو الفرج أنها لما تأيمت كانت تقيم بمكة سنة وبالمدينة سنة، وتخرج إلى مال لها عظيم بالطائف وقصر كان لها هناك فتتنزه فيه وتجلس بالعشيات، فيتناضل بين يديها الرماة. فمر بها النميري الشاعر، فسألت عنه فنسب لها، فقالت: ائتوني به، فاتوها به، فقالت له: أنشدني مما قلت في زينب، فامتنع عليها وقال: تلك ابنة عمي وقد صارت عظاماً بالية. قالت: أقسمت عليك بالله إلا فعلت، فأنشدها قوله:

 تضوّع مسكاً بطن نعمان أن مشت

الأبيات فقالت: والله ما قلت إلا جميلاً، ولا ذكرت إلا كرماً وطيباً، ولا وصفت إلا ديناً وتقى، أعطوه ألف درهم. فلما كانت الجمعة الأخرى تعرض لها، فقالت: علي به، فأحضر. فقالت له: أنشدني من شعرك في زينب، فقال لها: أو أنشدك من شعر الحارث بن خالد فيك؟ فوثب مواليها إليه، فقالت: دعوه فإنه أراد أن يستقيد لبنت عمه، هات مما قال الحارث فيّ، فأنشدها:

 ظعن الأمير بأحسن الخلق وغدوا بلبك مطلع الشرق. فقالت: والله ما ذكر إلا جميلاً، ذكر أني إذا صبحت زوجاً بوجهي غدا بكواكب الطلق، وأني غدوت مع أمير تزوجني إلى الشرق، وأني أحسن الخلق في البيت ذي الحسب الرفيع.(29) إلى غيرها من الأخبار الدالة على شخصيتها ومكانتها في المجتمع

ويعد شعر عمر بن أبي ربيعة معرضاً لشخصية المرأة وتصويراً لحريتها في المجتمع ونفوذها. تاتي في مقدمة النساء اللائي ذكرهن عمر الثريا بنت علي الأموية ورملة بنت عبد الله الخزاعية: عن أيوب بن مسلمة بن إبراهيم بن هشام المخزومي أن ابن ابي ربيعة "كان مسهباً بالثريا بنت علي بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر، وكانت عرضة ذلك جمالاً وتماماً، وكانت تصيف بالطائف، وكان عمر يغدو عليها كل غداة إذا كانت بالطائف على فرسه، فيساءل الركبان الذين يحملون الفاكهة من الطائف عن الأخبار قبلهم، فلقي يوماً بعضهم فسأله عن أخبارهم، فقال: ما استطرفنا خبراً، إلا أنني سمعت عند رحيلنا صوتاً أو صياحاً عالياً على امرأة من قريش اسمها اسم نجم في السماء وقد سقط عليّ اسمه، فقال عمر: الثريا؟ قال: نعم، وقد كان بلغ عمر قبل ذلك أنها عليلة، فوجه فرسه على وجهه إلى الطائف يركضه ملء فروجه، وسلك طريق كداء ـ وهي أخشن الطرق وأقربها ـ حتى انتهى إلى الثريا وقد توقعته وهي تتشوف له وتشرف، فوجدها سليمة عميمة ومعها أختاها رضيا وأم عثمان، فأخبرها الخبر، فضحكت وقالت: أنا والله أمرتهم لأختبر ما لي عندك، فقال عمر في ذلك هذا الشعر:

 تشكى الكميت الجري لما جهدته وبين لو يستطع ان يتكلما

 فقلت لـه إن ألـق للـعين قـرة لهان علينا أن تكل وتسأما

 لذلك أدني دون خيلي رباطه وأوصي به أن لا يهان ويكرما

 عدمت إذاً وفري وفارقت مهجتي لئن لم أقـل قرناً إن الله سلما".(30)

ثم تغزل عمر في رملة بنت عبد الله فغضبت عليه الثريا وهجرته، يقول في رملة:

 أصبح القلب في الحبال رهينا مقصدا يوم فارق الظاعنينا

 قلت من أنتم فصـــدت وقالت أمبد سؤالك العالمــــــينا

 نحن من ساكني العراق وكنا قــبله قاطنـــين مكة حيــــنا

 قد صدقناك إذ سألت فمن أنـــــــت عسى أن يجر شأن شـئونا

 ونرى أننا عرفناك بالنعـــــــــت بظن وما قتـــــلنا يقيـــــــــنا

 بسواد الثنيتيــن ونـــــــــعت قد نراه لناظر مستبيـــــــنا

واشتد فساد ما بين الثريا وعمر حتى تدخل ابن أبي عتيق فأصلح بينهما.(31)

ولعل في كثرة النساء اللائي تغزل فيهن عمر بن أبي ربيعة، وفي إشاراته المتكررة إلى اجتماعه بهن في مواسم الحج، وفي اختلاف الرسل بالرسائل والهدايا بينه وبينهن، لعل في كل ذلك ما يدل على استقلال شخصية المرأة ونفوذها ومقدار الحرية الي كانت تعيشها آنذاك: روى أبو الفرج: "واعد عمر بن أبي ربيعة نسوة من قريش إلى العقيق ليتحدثن معه، فخرج إليهن ومعه الغريض فتحدثوا ملياً ومُطروا، فقام عمر والغريض وجاريتان للنسوة، فأظلوا عليهن بمطرفه وبردين له حتى استترن من المطر إلى أن سكن، ثم انصرفن، فقال له الغريض: قل في هذا شعراً حتى أغني فيه، فقال عمر:

 ألم تســأل المنزل المقـفرا بيــاناً فيكـــتم أو يخبرا

 ذكرت به بعض ما قد شجاك وحق لذي الشجو أن يذكرا

 مبيت الحبيبين قد ظاهرا كساءً وبردين أن يمطرا

 وممشى الثلاث به موهناً خرجن إلى زائر زورا

 إلى مجلس من وراء القبا ب سهل الربا طيب أعفرا

 غفلن عن الليل حتى بدت تباشير من واضح أسفرا

 فقــــــــمن يعفــين آثارنا بأكسية الخزّ أن تُقـــفرا

 مهاتان شيـــعتا جؤذراً أسيلاً مقلده أحــــــــورا

 وقمن وقلن لو ان النها ر مد له الليل فاستأخرا

 قضينا به بعض أشجاننا وكان الحديث به أجدرا".(32)

غير أن الأزمان المتأخرة من العصر الأموي لا يحفل بكبير شئ من أدوار المراة في المجتمع.

حتى إذا انتقلنا إلى العصر العباسي لم نكد نجد شأنا للمرأة، فقد كان ملوك بني العباس الأوائل من أشد الناس غيرة على النساء، وحرصاً على الوضع المثالي للمراة حسب تصورهم. إلى الحد الذي حمل المهدي على نهي بشار الشاعر من ذكر النساء في شعره!(33)  ولست أدري كيف يكون شعر بلا ذكر للنساء؟ ويبدو أن الخلفاء المتأخرون منهم تسامحوا ـ نسبياً ـ في أمر النساء:" عن ابي أحمد بن الرشيد قال: كنت يوماً بحضرة المأمون وهو يشرب، فدعا بياسر فأدخله وساره بشئ ومضى وعاد. فقام المأمون وقال لي: قم، ودخل دار الحرم ودخلت معه، فسمعت غناءً أذهل عقلي ولم أقدر أن أتقدم ولا أتأخر. وفطن المأمون لما بي فضحك ثم قال: هذه عمتك علية تطارح عمك إبراهيم:

 ما لي ارى الأبصار بي جافية".(34)

أن تغني الأميرة أخاها الأمير لحناً حتى يأخذه عنها، على مسمع من أخيها الخليفة، هذا أمر لم يكن معهوداً ـ على ما نعلم ـ عند أوائل ملوك بني العباس

النظرة الدونية للمرأة:
على الرغم من كل ما قدمنا من مكانة المرأة ونفوذها في مختلف مجالات الحياة، فإن المرأة كان ينظر إليها ـ في معظم الأمكنة والأزمنة ـ على أنها مخلوقة من الدرجة الثانية، هذا مما لا سبيل إلى إنكاره. فيما يلي بعض الشواهد على النظرة الدونية للمراة، وعلى سوء معاملة الرجل لها:

(1) لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان وأبو سفيان يومئذ مشرك يحارب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: إن محمداً قد نكح ابنتك، فقال: ذلك الفحل لا يقدع انفه.(35) يعني أن مثل محمد في كرمه وحسبه لا يُرد، أي أنه يرحب بهذا الزواج. على أن الطريقة التي عبر بها عن ترحيبه بهذا الزواج فيها نظر، جاء في الاغاني: "فحل لا يُقدع أنفه، اي لا يضرب أنفه، لكرمه. وذلك ان الفحل إذا أراد ركوب الناقة قدع وضرب أنفه بالرمح أو غيره إذا كان غير كريم وحمل عليها فحل كريم غيره".(36)

 نسبة البهائم إلى الكرم هاهنا واضح الدلالة على الاحتفاء بالاحساب والآباء في الثقافة العربية. غير أن الذي يعنينا هاهنا هو الدلالة الذكورية في التعبير، فالناقة "الانثى" لا اعتبار لرضاها أو رفضها، إنما الاعتبار فقط لكرم "الفحل"

(2) خطب عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري ـ والي المدينة ليزيد بن عبد الملك ـ فاطمة بنت الحسين فامتنعت فأصر عليها قائلاً: "والله لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر بنيك في الخمر" حتى بلغ الخبر يزيد فعزله وولى على المدينة من اشتد في تعذيب ابن الضحاك وإذلاله حتى صار إلى سؤال الناس، وكان قد عادى الأنصار طراً وضرب أبا بكر بن حزم ظلماً.(37)

فهذا استغلال للسلطة فيما يسمى في عصرنا الحاضر بالتحرش، على انه تحرش إلى حد طلب الزواج الإجباري!

(3) كان الزبرقان يقول: "أحب كنائني إلي الذليلة في نفسها العزيزة في رهطها ... التي في بطنها غلام، ويتبعها غلام. وأبغض كنائني إلي الذليلة في رهطها العزيزة في نفسها، التي في بطنها جارية وتتبعها جارية".(38) فلم يكتف بإظهار بغضه للكنة التي تنجب الإناث، وإنما أنكر عليها عزة نفسها!

(4) عزّى رجل عبد الله بن طاهر عن ابنته فقال: أيها الامير مم تجزع:

 الموت أكرم نزال على الحرم

 أي أن باطن الأرض خير لها ولأبيها من ظاهرها! ومثله قول جرير:

 وأهون مفقود إذا الموت ناله على المرء من أصحابه من تقنعا

من تقنعا: من لبس القناع، وهو المرأة، وقال آخر:

 ولم أر نعمة شملت كريماً كنعمة عورة سترت بقبر.(39)

وهذا صريح في أن المرأة ـ مطلق المرأة ـ عورة

(5) ربما حمل الرجل إحساسه بفضائحية المرأة إلى الرحيل عن بلده، كالذي يروى أن قرشياً ولدت له جارية لم يولد مثلها بالحجاز حسناً، فقال أبوها: كأني بها وقد كبرت، فشبب بها عمر بن أبي ربيعة وفضحها ونوه باسمها كما فعل بنساء قريش، والله لا أقمت بمكة، فباع ضيعة له بالطائف ومكة ورحل بابنته إلى البصرة.(40)

(6) وربما حاولت المرأة المشاركة في شئون الدولة فلم يقبل الرجل مهما كانت مكانتها، خاصة في الأعصر المتأخرة: أرسل الخليفة موسى الهادي إلى أمه الخيزرانة: "لا تخرجي من خفر الكفاية إلى بذاءة التبذل، فإنه ليس من قدر النساء الاعتراض في أمر الملك، وعليك بصلاتك وتسبيحك".(41) وقد كان لها كثير من الأمر والنهي في زمان زوجها المهدي، لمكانها من قلبه

(7) يروى عن ابن المقفع: "إياك ومشاورة النساء، فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن ... وإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة".(42)

(8) قُتل بسبب الغيرة على النساء طائفة من الشعراء ممن شببوا بهن وذكروا اسماءهن صراحة، سواء صح خبر العلاقة بين الشاعر والمراة أو لم يصح: قتل وضاح اليمن على يد الوليد بن عبد الملك لما ذكر أم البنين زوجة الوليد في شعره، وقتل عبد بني الحسحاس علي يد مواليه، كما قتل يسار الكواعب على يد مولاه.(43)

(9) روى صاحب الأغاني: "كان عبد الله بن جعفر معه إخوان له في عشية من عشايا الربيع، فراحت عليهم السماء بمطر جَود فأسال كل شئ، فقال عبد الله: هل لكم في العقيق؟ ـ وهو متنَزّه أهل المدينة في الربيع والمطر ـ فركبوا دوابهم ثم انتهوا إليه فوقفوا على شاطئه وهو يرمي بالزبد مثل مدّ الفرات، فإنهم لينظرون إذ هاجت السماء، فقال عبد الله لأصحابه: ليس معنا جُنة نستجنّ بها وهذه سماءٌ خليقة أن تبل ثيابنا، فهل لكم في منزل طويس فإنه قريب منا فنستكن فيه ويحدثنا ويضحكنا؟ وطويس في النظّارة يسمع كلام عبد الله بن جعفر، فقال له عبد الرحمن بن حسان: جُعلتُ فداك ! وما تريد من طويس عليه غضب الله: مخنث شائن لمن عرفه، فقال له عبد الله: لا تقل ذلك، فإنه مليح خفيف لنا فيه أنس، فلما استوفى طويس كلامهم تعجل إلى منزله فقال لامرأته: ويحك! قد جاءنا عبد الله بن جعفر سيد الناس، فما عندك؟ قالت: نذبح هذه العناق ـ الأنثى من ولد المعزـ، وكانت عندها عُنيِّقة قد ربتها باللبن، واختبز خبزاً رُقاقاً، فبادر فذبحها وعجنت هي. ثم خرج فتلقاه مقبلاً إليه، فقال له طويس: بأبي أنت وأمي، هذا المطر، فهل لك في المنزل فتستكنّ فيه إلى أن تكفّ السماء؟ قال: إياك أريد، قال: فامض يا سيدي على بركة الله، وجاء يمشي بين يديه حتى نزلوا، فتحدثوا حتى أدرك الطعام، فقال: بابي أنت وأمي تكرمني إذ دخلت منزلي بأن تتعشى عندي، قال: هات ما عندك، فجاءه بعناق سمينة ورقاق، فأكل وأكل القوم حتى تملأوا، فأعجبه طيب طعامه، فلما غسلوا ايديهم قال: بأبي أنت وأمي، أتمشى معك وأغنيك؟ قال: افعل يا طويس، فأخذ ملحفة فأتزر بها وأرخى لها ذنَبين، ثم اخذ المربّع فتمشى وأنشأ يغني:

 يا خليلي نابني سهدي لم تنم عيني ولم تكد

 كيف تلحوني على رجل آنس تلتذه كــبدي

 مثل ضوء البدر طلعته ليس بالزُّمَّيلة النكد

فطرب القوم وقالوا: أحسنت والله يا طويس. ثم قال: يا سيدي، أتدري لمن هذا الشعر؟ قال: لا والله، ما أدري لمن هو، إلا أني سمعت شعراً حسناً، قال: هو لفارعة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت وهي تتعشق عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي وتقول فيه هذا الشعر، فنكّس القوم رؤوسهم، وضرب عبد الرحم براسه على صدره، فلو شُقّت الأرض له لدخل فيها.(44)"

قوله: تلحوني على رجل: تلومني على حبه، والزميلة: الجبان يتزمل في بيته خوفاً وجبناً، وضرب براسه على صدره: أطرق استحياءً وخجلاً. وعبد الرحمن المذكور هنا هو بن حسان بن ثابت، أي أن صاحبة الشعر المتقدم خالته، لذلك نكس القوم رؤوسهم وكاد عنقه يندقّ خجلاً! وما ضرّه ان قالت عمته شعراً يتغزل؟

وعلى الرغم مما قدمنا من نظرة العرب الدونية للمرأة في غير قليل من المواقف، فإن طائفة من الناس ممن هذبتهم روح الإسلام، أورققت قلوبهم الحضارة الإنسانية الرشيدة، خلفوا إرثاً حميداً في حسن معاملة المرأة بالنظر إليها على أنها الجزء المكمل للرجل. يقف على رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم في أمثلة متعددة. ثم تعلم على يديه طائفة مضوا في سبيله: يروى أن النعمان بن بشير رضي الله عنه غاب عن المدينة غيبة طويلة ثم قدمها فقال: أسمعوني من أغانيكم، فجاءوه بمغنية فاندفعت تغني:

أجـــــــــــد بعمرة بنيانها أتهجر أم شأننا شانها

وعمرة من سروات النسا ء تنفح بالمسك أردانها

فاومأ إليها جماعة من حضر المجلس أن تخفي. وفطن النعمان لذلك فقال: دعوها فما قالت إلا جميلاً،(45) وإنما تحرج الحاضرون لأن عمرة المذكورة في الشعر هي أم النعمان، فظنوا أن يشتد الامر عليه، غير انه فاجأهم بعميق فهمه وجيد رأيه في المرأة والفن جميعاً.

 ولما غنى الغريض يزيد بن عبد الملك:

 وإني لأرعى قومها من جـلالها وإن أظهروا غشاً نصحت لهم جهدي

 وإن حاربوا قومي لكنت لقومها صديقاً ولم أحمل على قومها حــقدي

كرهته موالي يزيد، إذ كان عبد الملك تمثل به في أم يزيد عاتكة بنت يزيد بن معاوية. ولم يكرهه يزيد وقال:" لو قيل هذا الشعر فيها ثم غني به لما كان عيباً، فكيف وإنما هومثل تمثل به أمير المؤمنين في أجمل العالمين".(46) وقد أربى هذا الأمير الأموي على فعل النعمان بأن جعل أمه أجمل نساء العالمين!

نتائج البحث:
نجمل أهم نتائج البحث فيما يلي:
1. ظهر كثير من الظرف وحضور البديهة عند المرأة العربية بعد الإسلام وفي الحجاز خاصة، في تأثر واضح بعلماء الحجاز وفقهائهم.
2. تبدو شخصية المراة العلمية في صدر الإسلام وصدر الدولة الأموية، ثم لا تكاد تبين إلا في الأندلس.
3. تكاد المرأة الجاهلية تتفوق على المرأة في العصر العباسي وما بعده ـ قد يستثنى المرأة الأندلسية ـ في الاستقلال والحرية الشخصية والنفوذ.
4. كان للمرأة اثر كبير في قضية الشجاعة عند الرجل، بل ربما كان بلاء الرجل في الحرب وثباته حرصأ على إبداء المظهر الرجولي أمام المرأة.
5. خسرت المرأة ـ إلى حد كبير ـ في العصر العباسي الوضع المميز الذي لقيته المرأة في صدر الإسلام.
6. ظهرت المرأة في الحياة العامة في أوائل العصر الأموي، ثم اختفت في أواخره. أما في العصر العباسي فإنها لا تكاد تظهر في أوائله، وإن ظهرت ـ على استحياء ـ زمان المأمون.
7. إذا استثنينا بعض الفترات والمواقف، فإن المرأة العربية لم تحظ بكبير حرية، ولا بكثير احترام.

 

أستاذ مشارك بقسم اللغة العربية، كلية الآداب جامعة الخرطوم

 

هوامش

 (1) ـ الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، دار الثقافة بيروت , ط ثالثة 1962م، 1/208

 (2) ـ نفسه

 (3) ـ عيون الأخبار: ابن قتيبة الدينوري، دار الكتاب العربي بيروت ب ت 4/28

 (4) ـ نفسه 4/85

 (5) ـ الأغاني 5/89

 (6) ـ البيان والتبيين للجاحظ ن تحقيق وشرح عبد السلام هارون، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1369هـ 4/81

 ـ(7) الأغاني 2/109

 (8) ـ العقد الفريد لابن عبد ربه، شرح وضبط إبراهيم الأبياري، تقديم عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي ببيروت ب ت 1/25

 (9) ـ الأغاني 1/223

(10) ـ نفسه 1/91

(11) ـ نفسه 1/ 183 ـ 185

(12) نفسه 10/23

 (13) ـ نفسه 10/8

 (14) نفسه 10/32

 (15) ـ نفسه 1/199

 (16) ـ العقد الفريد 2/34

(17) ـ كتاب الطبقات الكبير: محمد بن سعد بن مبيع الزهري، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط أولى 1421هـ ص 157 ـ 159

(18) ـ سيرة ابن هشام، سلسلة تراث الإسلام، دار الفكر ب ت 2/68

(19) ـ نفسه 1/610

(20) ـ عيون الأخبار 4/101

 (21) ـ المفضليات، تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون، ط ثالثة، دار المعارف 1964م، ص155

(22) ـ نفسه ص165

(23) ـ سيرة ابن هشام 2/17

 (24) ـ عيون الأخبار4/17

(25) ـ العقد الفريد 2/80

 (26) ـ نفسه 5/43

(27) ـ نفسه 7/256

 (18) ـ نقسه 2/315

(29) ـ نفسه 6/192

(30) ـ نفسه 1/202

(31) ـ نفسه ص203 وما بعدها

(32) ـ نفسه 1/153

(33) ـ نفسه 3/176

(34) ـنفسه 10/111

 (35) ت نفسه 6/324

(36) ـ نفسه

 (37) ـ تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل، دار المعارف ط رابعة ب ت 7/12

(38) ـ عيون الأخبار 4/4

 (39) ـ نفسه 3/53

(40) ـ الاغاني 1/209

 (41) ـ تاريخ الرسل والملوك 8/205

 (42) ـ عيون الأخبار 4/78

 (43) ـ اخبار النساء لابن الجوزي، تحقيق عماد الحكيم، دار الغد الجديد بالقاهرة، ط أولى 2006م

(44) ـ الأغاني 3/31 ـ33

(45) ـ الأشباه والنظائر ص31

(46) ـ الأغاني 2/340