يستقرئ هذا المقال تجربة تشكيليلة مغربية توظف تقنياتها الحديثة سعيا للكونية، لكنها في نفس الآن تتلمس خطواتها الأولى في الاشتغال لترسيخ تجربتها اللونية وإعطائها الزخم الجمالي للانتشار..لذلك هي دائمة البحث عن التقنيات الحديثة لتوظفها في مكانها الصحيح .

التشكيلية سناء الكشيري واجتياز حدود المألوف

المنصوري الإدريسي سيدي محمد

بتناسق لوني و طرح جمالي تحاول الفنانة الشابة سناء الكشيري ان تدون لنا مجريات الحياة بكل حركاتها وإيماءاتها و أحداثها ووقائعها بأسلوب إيحائي زخرفي و رمزي مرسوم ومتشابك بصورة متداخلة.

ففي أعمالها تظهر بعض ملامح المهارة العالية و امتلاك القدرة على التشخيص الحدسي للحياة بكل عوالمها آو تقوم في خلال تكويناتها في التعبير عن حالة من النشوة المنبعثة في روح الطبيعة البشرية.نستشف من أعمالها ميسما حداثيا إن لم نقل معاصرا، حيث تستخدم الخامات المتنوعة التي تتداخل فيما بينها مثل رسم الرموز و الحروف بمواد مختلفة.

كثيرا ما تكون ألوانها محصورة في لونين:الأحمر و الأسود،  وكأنها تغرق من ملون مديد لكنها اتبثت راهنيتها .فهي تستعمل لونين أساسيين قريبين من مدارج الفن المصري القديم، رسوم إنسان كهف"لاسكو" و فنون"الانكا".كما نشعر أنها تحاول بعث هذا المزج الفريد لهويتها المتعددة وبشكل خاص هويتها كمغربية، تلك الهوية الضاربة في تجاويف التاريخ القديم، حيث تبرز رموز"تيفنار"مبثوثة هنا و هناك في العناصر البصرية المكونة للعمل.

كثيرا ما تكون أعمالها صريحة تجر عين المشاهد برؤية واضحة يقترب في اللوحة و ينظر في مفرداتها و رموزها مستعينة بالموروث التاريخي الكوني.

إن أعمالها،  هي أيضا، عبارة عن كتابات و رموز موزعة ومرسومة في أماكنها و التي حافظت الفنانة الناشئة سناء على جماليات التكوين لتظهر في شكل محكم و متقن.تعبر ثناياه عن إمكانيتها الفنية التقنية،  فالمدارس الحديثة حطمت حدود الرسم التقليدي المتوارثة فلم يعد هناك أي عائق يقف أمام عجلة التعبير الفكري لدى فنان هذا العصر.

فمن المنطلق استطاعت الفنانة الناشئة، "سناء الكشيري"إن تجاوز بين المحلي و العالمي باستخدامها الكثير من الرموز و الحروف أو الكتل الثلاثية الأبعاد و غيرها في المفردات التي تخدم اللوحة.

كثيرا ما تأخذ لوحاتها طابع الكرافيك من ناحية التقنية والموضوع لكن ما تركز عليه هذه الفنانة تجسيد الموضوع الإنشائي الخيالي المتنوع بأطر جمالية...لاشك أنها سارت على هذه المفاهيم من منطلق أن كل الطرق في إنتاج العمل الإبداعي أضحت مشروعة أمام أي فنان يريد أن يتماشى مع التطور التكنولوجي الذل اجتاح كل عوالمنا، بشرط أن تكون أعماله بعيدة عن التكرار، فالذوق العام للجميع أصبح بحاجة إلى التجديد في كل شيء سواء كان حسيا أو بصريا، فالتكنولوجيا الحديثة لا تتقاطع مع التراث، ولا تتعارض مع الإبداع الذاتي للفنان.فلدى الفنانة سناء فلسفة خاصة بها، تحاول أن توصلها، فلوحاتها تتقبل أكثر من تأويل لكونها غنية بالكثير من الأفكار،  إنتاجها الإبداعي مؤسس لعلاقة بنائية بين الشكل و الرمز ضمن اللوحة،  عملها مبني على أساس منطوقة الخيال و استغلال التكوينات العفوية و تقسيمها على مساحة اللوحة بشكل دقيق و محسوب لتوظيفها في أعمالها.

انها دائمة البحث عن التقنيات الحديثة والإشارات لتوظفها في مكانها الصحيح، فهي تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة أعطتها كل موهبتها لتحقيق ذلك الجمال الحسي و اللوني، إن هذا النوع من الأعمال يساهم فعلا في تثقيف المتلقي إذ يعطيه فرصة للتحليل و التفكير بما هو غير التقليدي...

سناء الكشيري فنانة شابة ناشئة جديرة بالثقة لا تخطئها العين.

 

فنان تشكيلي باحث