هذا ترويض نفسي للكينونة كي تتخلص من قسوتها وتعيد ارتباطها الوجداني ببهاء الوجود، وهو ما يقترحه علينا الشاعر الفلسطيني في محاولة لتحوير ذاته المسكونة بالشجن..

عانقيني لكي يسكنَ الذئبُ فيَّ

نمر سعدي

ضاعفيني لأُولدَ في أوجِ عرسِ حزيرانَ
كي أتأمَّلَ تلكَ النجومَ
التي حرسَتْ شمسَ خصركِ من شبهةِ الانحدارِ
وكي أتقرَّى بعينيَّ لوعةَ كفَّيكِ
تلكَ التي تتعهَّدُ وردَ القصائدِ بالماءِ والخبزِ...


لا تطلقي ذئبَ شِعري عليَّ
فقلبي مهاةٌ حليبيَّةٌ كعروقِ الغمامِ
وبحرُ السماءِ حدودي التي أتدحرَجُ منها
... إلى كاحلِ الأرضِ معتنقاً قدَري مثلَ سيزيفَ..


هل صخرةُ الحُبِّ قد أدمنَتْ عشقَ ظهري؟
وهل تذهبُ الكلماتُ إلى فمكِ الطفلِ كي تُزهرَ الكلماتْ..؟


عانقيني لكي يسكنَ الذئبُ فيَّ إلى القمرِ الأنثويِّ
وكي أتأمَّلَ هذا المساءَ الجميلَ
الذي يستظلُّ بعينيكِ
كي يرتوي الذئبُ فيَّ أُريدكِ نضَّاحةً
بالنبيذِ المعتَّقِ والزنجبيلِ وعطرِ الحليبِ..


وأحتاجُ فهمَ مزاميرَ بسمتكِ الصامتةْ
وأحتاجُ ماءً شريدَ النهاياتِ كيما أُحبُّكِ
حينَ أُمسِّدُ عينيَّ بالمعصمينِ..
فأسمعُ خفقَ العصافيرِ أو بوحَ صرختكِ الخافتةْ
لن أقولَ أُحبُّكِ إذ تُنجبينَ أنايَ
وإذ تصنعينَ مسائي على طبَقٍ من حبَقْ


ذراعايَ صحراءُ محروقةُ الرملِ تُسندُها قطرةُ الفُلِّ
في ظلِّ ما تُهرقينَ من الصهدِ خلفَ الشفَقْ
أُسكُبي ماءَ صوتكِ فوقَ الهجيرِ المُشِّعِ بناري
التي تتناسلُ من فجوةٍ أرجوانيَّةٍ في أقاصي الشبَقْ
طاوعيني قليلاً لأنهرَ عن ليلكِ المرمريِّ الأنيقِ
سرابَ فراشاتِ هذا النهار الأخيرِ
الذي في يديكِ احترَقْ
...