يقدم الباحث النيجيري هنا دراسته للمدائح النبوية في غرب أفريقيا، تتبع أسباب ظهور تلك المدائح ومختلف صيغها التعبيرية وخصائصها الشعرية في عدد من البلدان الأفريقية مثل غينيا ومالي وجامبيا وبوركينا فاسو والسنغال، وتعرض علينا نماذج عديدة منها تكشف عن مدى تنوعها واختلافها عما كتب في هذا الجنس الأدبي سابقا.

المدائح النبويّة في غرب أفريقيا

دراسة تحليليّة أدبيّة

عثمان إدريس الكنكاوي

مقدمة:
لاشك في أن الشعراء في غرب أفريقيا لم يدخّروا وسعاً في قول المدائح النبوية، ولهم القدح المعلَّى ونصيب الأسد في هذا المجال. وهذا البحث بعنوانه "المدائح النبوية في غرب أفريقيا دراسة تحليلية أدبية" يقصد في طوله وعرضـه إلى عرض غير ممرّد للمدائح النبوية التي  نفث بها أصحابها في معظم الدول الأفريقية الغربية، مثل نيجيريا، والسنغال، ومالى، وغينيا، وغامبيا، وبوركينافاسو وغانا، ويدرسها  تحت إطار التحليل الأدبي. فينقسم البحث لذلك إلى ثلاثة مباحث، قبلها مقدمة وبعدها خاتمة، ويتناول المبحث الأول عوامل انتشار المدائح النبوية في غرب أفريقيا، ويسير المبحث الثاني على غراره لعرض الإنتاجات الشعرية في المدائح النبوية لأصحابها في صورتين، الأولى مدائحهم في صورة الديوان، والثانية في صورة القصائد، بينما يعالج المبحث الثالث الخصائص التي  تتميز بها المدائح النبوية في غرب أفريقيا. والله أسأل أن يسد بهذه الورقة فراغاً في المكتبة العربية، ويسعى الناس حول مروتها وصفاها.

المبحث الأول: المدائح النبوية وعوامل نشأتها في غرب أفريقيا
كانت المدائح النبوية من أكثر الأغراض الشعرية القديمة والحديثة، التي عضّتْ عليها نواجذ الشعراء في إفريقيا الغربية، منذ أن فتح الله عليهم نور الإسلام وحب اللغة العربية، وهي عندهم شعر دينيٌ ينطلق من رؤية إسلامية، تطبعه الروحانية الصوفية من خلال التركيز على "الحقيقة المحمدية" التي  تتجلى في السيادة والأفضلية باعتباره سيد الكون والمخلوقات. ولعل من يرجع إليه الفضل في نشأة المدائح النبوية في غرب إفريقيا هو إبراهيم الساحلي المنهدس أحد الشعراء النابغين إبان خلافة ملك مملكة مالي الإسلامية كَنْكَا موسى في القرن الرابع عشر الميلادي(1).

وإذا كانت المدائح النبوية تتبلور عليها ألوان ثلاثة، وهي ما قيلت قبل  ولادته- صلي الله عليه وسلم-، وما جادت بها قرائح المداحين حال حياته، ثم ما فاضت من أفواه الشعراء بعد مماته، فإن المدائح النبوية التي  ثبتت نسبتها برمتها إلى أصحابها في غرب أفريقيا، كانت من اللون الأخير المتقيّد بوفاة الرسول الأعظم- صلي الله عليه وسلم . ومن أهم مميزاتها أنها متأثِّرة بالنزعة الصوفية التي  كانت خِطاباً مفتوحاً يحقن الصوفية ماء وجهه، ذلك أن معظم الشيوخ والشّبان من أصحاب الطرق الصوفية، لاسيما القادرية والتيجانية، قد تربّوا في حجر زواياهم على إنشاد المدائح النبوية، مثل قصيدة الوسائل المتقبلة (العشرينيات) لابن أحمد الفازازي وما وصلت إليهم من الكنوز الأدبية في مدح النبي في العصرين الأموي والعباسي، وكانوا يفرغون كلَّ قواهم في استظهار متون تلك القصائد المذكورة، مع اعتقادهم بعد ذلك أن لهم ثوابًا جزيلاً في قراءة تلك المدائح النبوية، والقرض على منوالها. ومهما يكن من أمر، فقد أثرت ميمية البوصيرى في المدائح النبوية في غرب أفريقيا تأثيراً عميقاً، ذلك أن الطريقة الشاذلية التي  كانت إحدى الطرق الصوفية الشائعة في غرب أفريقيا، قدستْ بردة البوصيرى وجعلتْها من أهم أورادها الأسبوعية، إذ تُقرأ في يوم الجمعة على الطهارة مع استقبال القبلة(2). ولقد أثرت فيهم تلك القصائد فتأثروا بها في تكوينهم الشعري، كما ملكتْهم القول بالشعر، فانفجرت منهم مناهل الوجدان للتعبير عن مدى محبتهم لرسول الإسلام محمد بن عبد الله بتعداد صفاته الخَلقية والخُلقية ومناقبه النبوية وبطولته التاريخية، فمنهم من جال وصال في قول المدائح النبوية مع تأثرهم المباشر أو غير المباشر بالنزعة الصوفية(3) ومنهم من ذهب مذهب المعارضين للبوصيرى اقتداءاً بإخوانهم من الشعراء القدامى والمعاصرين الذين عارضوا البوصيرى بمدائحهم منذ القرن السابع الهجري.

ولعل من خير العوامل التي حفزتهم إلى قول المدائح النبوية في غرب أفريقيا اعتناق أهلها الإسلام قبل قيام المرابطين(4) عن رغبةٍ واقتناعٍ، لا برهبة أو إكراه من ذويه، وظل الإسلام ينتشر بينهم حتى في ظل سيادة دول أوروبا المسيحية المستعمرة.(5) ولقد فتح الإسلام عيونهم، فتعلّموا العربية لكونها لغةَ الإسلام ولسان رسول الإسلام، فكان الإسلام عاملاً داخلياً، غرس في قلوبهم حبَّ النبي، كما كانت اللغة العربية هي العامل الخارجي الذى ساعد في إخراج ما في القلوب من حبٍّ زائدٍ للنبي، من حيز العدم إلى عالم الوجود. فكان حبُّهم الملحوظ للنبي متبلورٌ في ثوبه الملفوظ، وإن كانت معظم هذه المدائح النبوية تجرى مجرى المحاكاة والتبعيّة.

فالمدائح النبوية في هذه المنطقة شعرٌ دينيٌ غلب عليه اتجاهٌ صوفيٌ، وظهرت عليه المحاكاة والتبعية، قاله أصحابه مدحًا للنبي محمد، ودفاعاً لدينه الإسلام، ودرعاً تلبس وقايةً من عذاب الدنيا والآخرة، من ناحية تعداد صفاته الخَلقية والخُلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارته وزيارة الأماكن المقدسة المرتبطة بحياته، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية والإشادة بغزواته، والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً.

المبحث الثاني: أشكال المدائح النبوية في غرب أفريقيا
إن المراد بمادة (الأشكال) عند قولنا "أشكال المدائح النبوية" هو صورتها وألوانها التي  ترفع القناع عن عرضها وطولها من حيث الكيف والكم. وذلك أن شعراء المدائح النبوية في هذه المنطقة، كان منهم من يطيل النَّفَس في مدائحهم النبويّة، ومنهم من يقتصر في ذلك. فالباحث المتابع لآثار شعراء هذه المنطقة، يرى أن هؤلاء الشعراء يمكن تصنيف مدائحهم النبوية إلى شكلين، أبدى فيها الشعراء ما في جعابهم للتعبير عن حبهم الخالص للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم.

أولاً: المدائح النبوية في شكل الديوان:
ولعل أول من فك رتق المدائح النبوية في غرب أفريقيا في شكل الديوان هو الشاعر الغيني(6) علي بوبديم المتوفّى في عام 1927م، الذي وضع ديوانين، الأول أسماه بـ"مقاليد السعادات في مديح السادات" ويضم ثماني وعشرين قصيدة (559بيتا)، والثانى عنوانه "جلاد مدافع حزب القهار على صدور الكفار" وهو في تسع وعشرين قصيدة (578 بيتاً) (7)، ثم جاء من بعده قِرنه ومواطنه كَرَامَو طلبى المتوفى في 1370هـ/ 1962م بوضع ديوانه "قدوة المولود حذو الوالد في إحياء ليلة الميلاد لسيدنا أحمد محمد"، وهو في خمس وعشرين قصيدة متألفة من211بيتًا، ومنها قوله في القصيدة الرائية:

خلقه نص صريح ** فضله نجم السرور

نصره للحق حق ** عرضه من عار عار

عصمة للمستجير** تحفة  للمستخير(8)

وسار على منواله جرنو (سعيد الشعراء) المتوفى في عام 1383هـ 1946م بتأليف ديوانه الموسوم بـ"منتهى السؤال في مدح طه الرسول" المشتمل على 32 قصيدة، وهي في 262بيتاً، ثم أتى بعده الشيخ محمد السنوسى غوث فاس في غامبيا(9) فترك للجيل القادم ديوانين في المدائح النبوية وهما "العقد المنظم في مدح النبي المعظم، "ونيل المرام في مدح خير الأنام".والغريب في هذه الدواوين النبوية  أن قصائدها رتِّبت على حروف المعجم العربي، ومن أروع ما قاله الشيخ محمد السنوسى الغامبي في حرف الثناء الذى قلّ بناء الروي عليه عند الشـعراء ما يلي:

ألفي ما عـهد المحـبة  ينكـث ** لدي ولا عن غيركم عوض أبحث

وكيف يخيس العهد من هو دائمًا ** بحــبل النبي  المصطفى  يتشبت

وحبـيَ فيـه  زائـد مـتجدد ** وفى مدحه أقضى  زمانى وألـبث

رسول بـراه الله  للخلق رحمـة ** عمـومية لم يبـق فيـها  تلثلث

له انشق بدر التم  نصفين وانبرى ** غمام  يقيـه  الحـر إذ يتـدلث

وقد سارت الأشجار وهي  مجيبة ** لـدعوته ثم انثنت وهـي  تيرت

فيا ويح قـوم قد جفـوه ببلدة ** أتته ظباهـا والضباب تنـفث(10)

وللشيخ إبراهيم إنياس شهرة فائقة بما دبّجها سبعةً من دواوينه بعنوان "الدواوين الستة" مؤسسة كلها على الحروف المعجمية، وهي:

1-     "تيسير الوصول إلى حضرة الرسول" ويتكون من 28 قصيدة في392 بيتاً

2-     "إكسير السعادات في مدح سيد السادات" وهو في 31 قصيدة و490 بيتاً

3-     "سلوة الشجون في مدح النبي المأمون" وهو في 13 قصيدة و14 مقطعة من 433 بيتًا

4-     "أوثق العرى في مجد سيد الورى" وهو في 28 قصيدة ومقطعة واحدة من 375 بيتًا

5-     "شفاء الأسقام في مدح سيد الأنام" وهو في 30 قصيدة من 449 بيتًا.

6-     "مناسك أهل الوداد في مدح خير العباد" وهو في 27 قصيدة ومقطعة واحدة من 571بيتًا

7-     "نور الحق" وهو في 27 قصيدة ومقطعة واحدة من 436بيتًا

يقول الشيخ عند القصيدة الصادية في ديوان مناسك أهل الوداد:

صفا لي وقتي والحبيب يخصّص ** وإنـي محبوب لطـه مخصص

مراد لحمل السر من قبل نشأتي ** مرب لكل العارفـين ومخلص

رأيت رسـول الله نـصّ بأنني ** سفير له في الكـائنات  مخلص

عليـه صـلاة  الله ثم سلامـه ** وآل وأصحاب سموا وتخصصوا(11)

وله في هذا المجال ديوان آخر سماه "نور البصر في مدح سيد البشر في السيرة النبوية"(12).

وفى بوركينافاسو، نجد شعر (مرحبا سانوغو) في شكل الديوان سماه صاحبه "فتح اللطيف بنظم الحروف" مدح به خير البشر على جميع الحروف المعجمة، وللشيخ عباس صل في السنغال(13) ديوانان على هذا النمط، أولهما "جواهر البديع في التوسل إلى الله البديع في مدح الحبيب الشفيع" وهو من 32 قصيدة مألفّة من 416 بيتاً، و قد التزم في وضع قصائده على ثلاثة عشر بيتًا، والثاني بعنوان "فتح القدير بتيسير العسير في مدح البشير النذير"، احتوى على 29 قصيدة ذات ثلاثة عشر بيتاً ويبلغ كلها 377 بيتًا(14). وللشيخ الإمام عبد الله جواب صورة طِبْق الأصل من غيره من الشعراء الأفارقة المدَّاحين، ديوان "المعجم في مدح خير العرب والعجم" وديوانه في 30 قصيدة جمعت في طياته حوالى 210 بيتاً، والمشهور بالسبعيات لسبعية أبيات كل قصيدة فيه. وهناك بعض من فرائده الرائعة في القافية البائية حيث يقول:

إذا هم خطب وانثـى عنك  مذهب **  فلذ باب قرم وهو بالكشف  مجلب

وما في الملا من جالب الكشف مطلقا ** عـدى المصطفى فيه الكآبة  تذهب

هو  الشمس  عند الله  والرسل  دونه ** كـواكب تزرى بالـضياء وتغرب

غنـي عن الأكوان والكـل  راغب ** بما  عـنده  من امـتنان ومـعجب

كريم السجايا مـكتف  محض  رحمة ** وحامى ذمار المسلمـين ومهرب(15)

ولقد لعب الحاج الأمين في دولة غانا دورَه في ديوانه النبوي باستخدام جميع الحروف المعجمية في قافيته سوى الجيم والهاء والواء، وأسماه "تحفة الأحرار في مدح نور الأنوار" وهو من 25 قصيدة و874 بيتاً. ومما يدل على طول نفسه الفني استطاعته على تطويل الكلمات المقفاة لشعره.

هذا، فإن ما جادت به قريحة الشيخ آحمد جى السنغالي يعدّ أضحم ديوان وأورع المدائح النبوية تفنناً في الأسلوب وقناعةً بالأفكار والمعاني. وذلك أنه وضع ديوانه وأسماه "الهدايا النبوية" والتزم بناء القصائد على جميع الحروف الأبجدية، بلغت 54 قصيدة مؤلّفة من 3777 بيتا، وتنحَّى عن التكلّف والصنعة في الشعر لقدرته الشعرية. ومن أحسن ما قاله ظائيته التي طوّل فيها برشاقة الأسلوب وطرافة المعاني حيث يقول:

أ ترضى بـرسم الدار أم أنت غائـظ ** أم الجو في ذا الصيف عندك قائظ

أم الدار تنفـى مـن  بناها بـنفسها ** لأن نـزيل  الـدار بـعدك  فائـظ

فدع ذا وذا واصرف زمامك وانصرف ** لمدّ الـذي مـولاه بالـرعي حـافظ

محمـد   المحمـود   ممـدوح   ربـه ** ومـودوه  بالـبر   والخـير  لافـظ

هو السيـد المبعـوث  عدلاً ورحمـة **  فبالـسيف قـتّال وبالـذكر  واعظ

تحلـى بـأوصاف  الكمال  جمـيعها ** وربّى عليها الصـحب والعبء  باهظ

وما جاء في الـتاريخ أمـي  أمـة ** بأفضـل  تـعليم لمـن هـو لامـظ

سـوى أحمد الهـادى المعلم للـورى ** فـكان لـه أدنـى التـلاميذ جاحظ

فسقراط،  أفلاطـون، بقراط كـلهم ** أمام الـذي بالـعلم والـدين  عاكظ

إلى أن قال:

ألا يارسول الله مجدك شامخ **  وذكرك مــرفوع وربك حافظ

أتيت أخيرًا وارتجعت مقدّما ** ولو شك جافى الطبع فيه وجاعظ(16)

وقد نسج الشاب النيجيري شريف إبراهيم على منوال أولئك الشعراء حين أسس ديوانه"روم الوصول إلى حضرة الرسول" في عام 1997م، على الحروف المعجمة، ولو تدخل على مديحه أغراض أخرى مثل التوسل والمناجاة. وهو يقول:

محمد معطى القادمين مرادهم ** محمد أغنى الخلق من دون أســـهم

لعمري أن الله أعـطاه رتبة ** وعزا وفضلاً فـوق كل معـــظم

هو المصطفى الكشاف للغيب عارف ** ومهد إلى سبل الـسلام المنعم

وما غاب من ياتيه يـوماً بيأسه ** ينال الــذي يأتيه ما فوق مزعم

لتقبل مديحى سيدى سيد الورى ** أكن دائمًا حبى إليك تيمم(17)

ومن المشهورين في هذا المجال الحاج محمد الخليفة انياس السنغالي بوضع ديوانه بعنوانه "خاتمة الدرر على عقود الجوهر في مدح سيد البشر"، وهو في 174 قصيدة و5240بيتاً. وللشيخ كرموا طلبى ديوان قدوة المولود ثنى به ديوان جدِّه للأم ألفا محمود كابا بعنوان "بحر الأنوار". كما ثبت للشيخ محمد الهادى تورى ديوان مشتمل على 35 قصيدة، وهناك ديوان "مقرب الأماني لكشف أنوار المعاني" للحاج عبد العزيز سي، الذى بلغ عدد أبياته 845 بيتاً بين قصائد ومقطعات، كما للشيخ محمد الأمين بن عباس صل ديوان "مسك الختام في مدح قائد الكرام(18). ويُلفى عند الشيخ النيجيري إبراهيم عبد الله الشهير بألقاضى كنتغورا، المشتمل على ثلاث قصائد في 267 بيتاً. والذين أطلقوا عنان براعتهم الفنية في قرض المدائح  النبوية في شكل الديوان كثيرون ولا نكاد نقدر على إحصائهم.

ثانياً: في شكل القصيدة.
هذا هو الشكل الآخر الذي جرت عليه المدائح النبوية في الدول الأفريقية الغربية، والمعروف أن القصيدة لدى العروضيين هي ما بلغتْ أبياتها سبعة فصاعدًا، مع اتحاد رويها ووزنها، فمن الشعراء في هذه المنطقة من طوّل قصيدته، ومنهم من اقتصر، وعلى كل حال، فإن المخطوطات من القصائد أكثر من المطبوعات، ويلحق بهذا النوع تلك المخمسات والمربعات التي  أبدع فيها أصحابها.

وفى نيجيريا نرى قصيدة "هل لى مسيرة" التي  قالها الشيخ عثمان بن فودي حين أمره شيخه بالعودة من بلاد أقدس إلى أهله لعدم استئذان والده في الذهاب إلى الحج، ومنها يقول:

         هل لي مسيرة نحو طيبة مسرعًا**  لأزور قبر الهاشمي محـمد

         لما فشا ريّاه في أكنـــافها** وتكمش الحجاج نحو محمد

         أقسمت بالرحمن مالي مفصل ** إلا حوى حب النبي محمد(19)

كما اشتهرت ميمية الشيخ محمد الناصر الكبرى التي  دبجها بأحرف هجائية مهملة، لم يأت أحد بمثلها في المدائح بأقطار الدول الأفريقية الغربية قبله، ومنها قوله:

         أعلى سلام لأعلى الرسل إعلامًا** وأكرم الرسل أحلامًا وإسلاما

         محمد أحمد المحمود حـــامده** المملأ الـروح أسرار وأحكاما

         أحنو مدائحه عسى أحوط لها** لدى إلاه الورى المعطاء إكراما(20)

وله قصيدة أخرى يرددها علماء الطريقة القادرية ومنها قوله:

يارسول الله خذ بيدى** وتداركنى فأنت أبى

أنت يا مختار مستندى** وإليك اليوم منقلبى(21)

وثبت للشيخ محمد بللو حسن المشاركة الأدبية في هذا المجال حيث يقول في إحدى قصائده المدحية النبوية:

      شمس الضحى نزلت بطيبة فاهـتدى**  منه الأفاضل والأباطل أهلكا

      نور الهدى بدر الدجى شمس الضحى** غيث الورى في كل أرض تبركا(22)

كما للشيخ أبى بكر عتيق قصيدة مسماة ب"مفتاح الأغلاق في مدح حبيب الخلاق"، لها أحسن القبول لدى الناس إذ كانوا يدرسونها في الحلقات ويرتّلونها تبركًـا، ومنها قوله:

         مدحى له قد كان في إطـباقى** لا ما أسطّره على الأوراق

         ماذا أقول بمدح من ربُّ الورى** أثنى عليه بأعظم الأخلاق

         قل ما تشا في مدحه من بعد أن** وصـفته بعبودة الخلاّق

         قل عبده وخليله وحـــبيبه** وصفته هو فاتح الأغلاق(23)

فقد سلك الدكتور عيسى ألبى أبوبكر بالمدائح النبوية في هذه المنطقة مسلكًا جديدًا، إذا قد أكساها أسلوباً فنياً جديداً، لم يعرف من قبلُ، ذلك أن الشاعر جعل المدح النبوي على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وأنزل المدح منزلة الفخر، وفيها يقول:

         الفـعل فعلى والمقال مـــقالى**  إنى صـرفت إلى التقي أوصالى

         أنا إن رقدتُ ففى رقـادى عصمة** وإذا جلست ففي الجلوس جلالى

         أنا إن بدأت السير في جنح الدجى** لا تــوجلوا نور الإله بدا لى

         وإذا سكت فـفى سكوتى فكرة** أنا منقذ قومى بها ورجــالى(24)

وله قصيدة ميمية أخرى أسماها "نهيج البردة" حاكى بها أحمد شوقى في إطار المعارضة للبوصيرى. ومن هذا القبيل قصيدة الشيخ قريب الله الكبرى التي  تلاها أمام النبي الأعظم في حرمه النبوي، وهو يقول:

         أمامك خير المرسلين جميعهم** مفيض علوم الحق مصدر ذوقها

         رسول به تهدى القلوب لربها** وتطوى به دومًا مسافة سيرها

         رسول به كل البلاد تعطرت** ووحّد من في سهلها وجبالها(25)

ويوجد عند الشيخ عبد الله بَدَنْدَى البرناوي الإلوري قصيدة مخمسة في المديح النبوي حيث يقول:-

بدأ مدحى بإلاه ** وهو عونى غير واه

قلت شطراً غير ساه ** خير حمد للإلاه

وهو باق لن يزالا

كل شخص عنه ألق** عد لأمر ذى وفاق

مدح صاحب البراق** صل على خير خلق

ثم سلم اتصالاً (26)

وثبت للشيخ محمود بن شئت الأمير، ما يدرج تحت المدائح النبوية مثل تخميسه على قصيدة الشيخ عثمان بن فودى في مدح  النبي صلي الله عليه وسلم، ومطلعها:

         إنى خليط بالذنوب مبرقعـًا  **ولذاك صرت عن الزيارة ممنعا

         عيناى دامت بالتشوّق مدمعا ** هل لى مسير نحو طيبة مسرعا

                           لأزور قبر الهاشمى محمد     

         لما بدا أنواره بفــــنائها ** وتـلألأت أقطارها بلموعها

         وتبادر الحــجاج  لثم ترابها **  لما فشا رياه في أكــنافها

                           وتكمش الحجاج نحو محمد(27)

ولقد جري القاضي يونس عبد الله على سجية غيره من الشعراء الأفارقة بقرض عدة قصائد في مدح خير رسل الله، وإن سهرتْ على النزهة الصوفية. ومن أجود قصائده في ذلك قوله:ـ

        يا لائمي إنى أحبّ المصطفى **  هل لمتنى إلا وإنى مـرتضى

        محمد نبينا خير الأنـــام ** إمام رسل الله مصباح الورى

       لم أر ما أهدى به للمصطفى ** إلا الصلاة مع السلام المرتضى(28) 

وينسب إلى الشيخ أحمد التجاني بن محمد مصطفى أَوَيْلَنْجَى اليوروباوي قصيدة لامية بعنوان "لامية العروس في مدح الرسول"، وهي من أروع قصائده وأبلغها حيث ألزم على نفسه ترتيب أبياتها عند افتتاح كل بيت ترتيبًا هجائيًا، ومنها يقول:

     ترى تارة قبراً لتربة قبره** وتارة تأتيه تبــادى مجنجلا

     ثراه ثراء إن ثويت بثلة **  فثمرة أثواب المثوب كفى إلا(29)

ويذكر في هذا الصدد السيد عبد الواحد جمعة أَرِيبِـى النيجيري الذى بلغ الشأو في براعة فن المدائح النبوية، ومنها:

        محمد خادم الـدارين ذو ثقة ** وللنبيين تـــاج غير منبهم

        هو الحبيب الذى تبدو براءته ** لـــكل إثم من الآثام متهم

         هو النبي الذى صلى الملائكة** عليه كى يرتقى قربى إلى الحكم(30)
     ومن ذلك قول السيد محمد الأول عبد السلام (صاحب القرآن الإلوري) في مدح الرسول يعارض به بردة البوصيري ونهيج البردة لعيسى ألبى أبي بكر:

        مخضتنى الـنصح إحسانا إلي بلا **  غش وقـلدتنى الإنعام تحتكم

        محمد المصطفى الهادي النبي أجل ** المرسلين بن عبد الله ذي الكرم(31)

     ولا يكون في طيِّ الغيب ما بذله شعراء السنغال في تنشيط حركة تربيع البردة البوصيرية وتشطيرها، منهم الحاج الشيخ كشمهْ الذى أبدع في العمل في العقد الرابع من القرن العشرين، ومن ذلك قوله:

       محـمد سيد الـكونين والثـقلين** من أتى مدحه في النون والقلم

       المنتقى سيد الســكان للحرمين** والفريقين من عرب ومن عجم

       هو الحبيب الذى ترجى شـفاعته** أبر في قــول لا منه ولا نعم

وله قصيدة أخرى أسماها "زاد الميعاد في تضمين بانت سعاد" ومطلعها:

          بريم رامة قلبى اليوم متبول ** متيّم إثرها لم يفد مكبول

وفى الدولة نفسها نرى قصيدة مشهورة بعنوان "مقدمات الأمداح" للشيخ أحمد بمبا وقصيدة لامية عند الشيخ أحمد عيان سهْ، ومطلعها:

                          مالى غزال ** لحظ الغزال

وبائية الحاج ماجور سيسهْ التي  بلغت 91 بيتاً، ومطلعها:

           تبوح معاج الوميض قلوب** بذى الفرد يبدو تارة ويغيب

ونجد في منطقة مالى قصيدة بعنوان "الوردة على نهج البردة" للشيخ حبيب عبد الله كانْ، الذى كاد يتفوّق على البوصيري من ناحية الصياغة الفنية وانتقاء العبارات الأخاذة، ومنتهى الرشاقة في الأسلوب البديع، ومنها قوله:

    نور انجلى في سماء الـكون والظلم**  كأنه البدر بــعد الخسف والغيم                 

    أهلّ في شهرنا شـهر الـربيع وقد** عمّ الفساد بمن في الأعــصر الدهم

    طابتْ به الأرض واخضرتْ مرابعها** وطـاب من طيبهن القاع والأكم(32)

وفى غينيا بيساو نجد نونية الشيخ إبراهيم فال بعنوان"عمامة المختار" ومطلعها:

ربى ورب جميع الخلق يكفينى ** ومدح أحمد  في الدارين يغنينى(33)

ومثيله القاضي علي ساغ، الذى وضع مطولة نبويّة في 180 بيتاً، وأسماها "نيل الأرب في مدح خيار العربمطلعها:

أهلا وسهلا بطيف حلّ في بال** أفديه لا أكتفي بالنّفس والمال(34)

المبحث الثالث: خصائص المدائح النبوية في غرب أفريقيا
لم تخرج خصائص المدائح النبوية ومميزاتها في غرب أفريقيا عن طوع أخواتها في الأقطار العربية الأخرى، إلا في بعض الوجوه. فالحقيقة أن الإنتاجات الشعرية الجيّدة لا بدّ أن تخرج على سجيتها، وتتكون فيها أربعة عناصر، وهي العاطفة والأفكار والألفاظ والخيال. وإذا نظرنا بإمعان إلى معظم المدائح النبوية في غرب أفريقيا، نرى أنها شعرٌ دينيٌ ينطلق من رؤية إسلامية تطبعه الروحانية الصوفية، من خلال التركيز على الحقيقة المحمدية التي  تتجلى في السيادة والأفضلية باعتباره سيد الكونين والمخلوقات، وأنه أفضل الخلق خَلْقاً وخُلُقاً، ومن أروع الأمثلة في ذلك قول الشيخ محمد الناصر  الكبرى:

              وأنك خير العالمين جميعهم**  وفضلك لا يحصى بعدّ ولا حدّ(35)

ومثل ذلك في قول الشيخ محمد شفيع جرا:

             وهو البذر والأكوان منه سنابل** به أيدّ الـرحمن كلَّ الأساند

             لقد كان نورا قبل خلق الخلائق** وأبرزه الديّان من خير والد(36)

وقول السيد عثمان إدريس الكنكاوي الإلوري في مدح الرسول:

          وما في الأرض إنسـانٌ** حوى خيرات دنيانا

          سوى ذاك الذى أوحى**  إليــه الله قـرآنا

ويلمح من خلال المتابعة لما تقدّم من النماذج الشعرية في هذا المجال أنها تتّسم بالعاطفة الصادقة، وصدق المشاعر، ونبل الأحاسيس، ورقّة الوجدان في حبّ النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) طمعاً في شفاعته ووساطته يوم الحساب، ذلك بعد أن شرح الله صدورهم لفهم هذه الآية: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم"(37) .

وإذا كان خوض معظم الدول الإسلامية في الحروب العنيفة وانتشار الفقر المدقع بينهم في القرن السابع الهجري، هو الحافر الذى ألجأ معظم الشعراء إلى المدائح النبوية، فإن السبب الدافع إلى المديح النبوي في غرب أفريقيا هو الحبُّ المنبثق من ظلال القرآن. ومن أروع الأبيات في هذ الحبّ الزائد للنبي قول الشاعر الغامبي الشيخ محمد السنوسي غوث فاس :

أليفي ما عهد المحبّة ينكث** لدي ولا عن غيركم عوض أبحث

وحبي فيه زائد متـجدد** وفى مدحه أقضى زمانى وألبث(38)

هذا، فإن نفوس شعراء المدائح النبوية تزدخر بألوان من العواطف التي  لها علاقة تامة بالنزعة الصوفية سلباً وإيجاباً، كما ظهرت فيهم العاطفة المتوقِّدة إلى الارتجال بقصائد المديح النبوي، ودفعتْ بهم إلى التَّجسيد والتَّشخيص البلاغي في أعمالهم الأدبية في هذا المجال، ولعلك تكون في إدراك مثل هذا التشخيص البلاغي في مثل قول الشيخ حبيب الله كانْ المالي حيث قال:

     نور انجلى في سماء الكون في الظلم ** كـأنه البدر بعد الخـسف والغيم

     وفاض بالغيث بصحًا وهـي قاحلة** فعـمم اليمن كل القـفر والأجم

    طابت به الأرض واحضرت مرابعها ** وطـاب من طيبهنّ القاع  والأكم

ومن ناحية الأفكار والمعاني التي  تحتوي عليها مدائحهم النبوية في غرب أفريقيا، نجد أنها متأثرة بأعمال السابقين مثل البوصيرى، حيث تدور المعانى حول مناقب الرسول وبطولته التاريخية، وصفاته الخَلقية،  وميزته الخُلقية،كما اتضحت الإشارة إلى ذلك من النماذج السابقة. وإن كان أصحاب المدائح النبوية يرجعون أدراجهم من طرق مختلفة في الأوزان والقوافى، فإن معظمهم ما شقُّوا العـصا في تجزئة العمود الفكري في مدائحهم إلى ثلاثة أنواع، فالنوع الأول هو ما يسمى ب"النسيب النبوي"، وفيه يتشوّق الشاعر إلى المدينة النبويّة التي  تضمّ قبر النبي وغيرها من الأماكن المقدّسة، ومن أمتع القصائد الحاوية للنسيب النبوي قول الشيخ يهوذا في تخميس البردة، مطلعها:

   أمن تذكر عرفات أو الحرم** أو زمزم أو حطيم كنتُ ذا ألم

    أو لعلع أحد أو ترعة الحرم** أمن تـذكر جيران بذي سلم

     مزجت دمعا جرى من مقلة بدم(39)

والنوع الثاني هو عرض القصيدة، وفيه  يعرض الشاعر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ويسرد صفاته الخَلقية والخُلقية، ويذكر شمائله الطاهرة. وقد يركب الشاعر كلَّ صعبٍ وذلولٍ لعرض غير ممرّدٍ لمعجزاته صلى الله عليه وسلم(40)

وأما النوع الثالث وهو إقرار الشاعر بذنوبه وطلب العفو عنها، وأمثل النماذج في ذلك قول الشيخ محمد الناصر الكبرى:

يارسول الله يا سـيدى ** أنا في غمّ وفى نــصب

ليس لى يا طه من عملٍ ** لرضى مـولاك ينهض بى

وإذا الأعمال تبطىء بى ** أ ترى الأنساب تسرع بى

فدموع العين في سكب ** وأجيح الصدر في لجب(41)

وإذا كان طلبه موجّهًا للنبي، وهذا من أكبر تأثّر بالبوصيري، ذلك أنهم يعتقدون في ذلك كلّ الاستجابة، وفى ذلك يقول الشيخ إبراهيم عبد الله غتنغرا:

فكن مادحا نظما ونثرًا مواظبًا ** وفى مدح خير الرسل خير البشائر

وفيه المنى والعز من غير أسرة **  وفيه مـن الشيطان أقوى حظائر

وكذلك جعل الدكتور عيسى أبوبكر ألبى حبّ النبي وقايةً من النار(42) حيث قال:

إنّا نحبّك حبًا لا مثيل له** حبًّا يقى لحمنا من لفحة الضرم

فالحقيقة أن اختيار الألفاظ للتعبير عن المدائح النبوية متأثر بما وصلتْهم من الأعمال الأدبية السابقة مثل قصائد فحول الشعراء في العصر الجاهلي والاسلامي والعباسي التي  تفتحتْ بها مواهبُهم الشعرية، فكرّسوا حياتهم لصقل تلك المواهب، والسبب في ذلك يعود إلى النزعة الشديدة إلى إبراز مقدرتهم اللغوية بين أقرانهم، فكثرتْ الألفاظ الغريبة في بعض أعمالهم في هذا المجال، الأمر الذى أدّى ببعضهم إلى التزام ما لا يلزم في عالم الشعر العربي.

ومن أروع الأمثلة في استخدام غرائب الألفاظ شعر الشيخ محمد السنوسي الغامبي الذى بناه على حرف الثاء الذي قلّ تأسيس الرويِّ عليه، ومنه

رسول براه الله للخلق رحمةً ** عموميةً لم يـبق فيها تلثلث

وقول الشيخ أحمد جى السنغالي:

بنى فانبنتْ من بعده كل بنيه ** على بنى، والغير للخير شامظ

ومثل ذلك قول الشيخ محمد بللو:

قد فـرّ يطلب ربه في غاره ** فأتاه جـــبرائيل ثم تنكنكا

ولا يفوتنى في هذا الصدد ذكر ما يضحك منه الأديب من مثل قول الشيخ محمد شفيع جرا حين تناول ذكر المناقب النبوية في قصيدته الداليّة:

وكم كم وكم كم ثم كم كم وكم وكم** مناقب لا تحصى لهذا المجاهد

وهكذا ألزم الشيخ محمد الناصر الكبرى على نفسه ما لا يلزم في قصيدته المشهورة التي  دبّجها بأحرف هجائية مهملة، لم يأت أحدٌ بمثلها في المدائح النبوية في كافة الأقطار الأفريقيّة، ومطلعها:

أعلى سلام لأعلى الرسل إعلاماً ** وأكرم الرسل أحلاما وإسلاماً

هذا، فإن هؤلاء الشعراء في هذه المنطقة صوّروا خيالهم من خلال الاستعانة بعالم الشعور والإدراك والفهم والأداة الحية المتجدّدة في ذاكرتهم، التي  تحتفظ بكل ما يرونه ويسمعونه ويحسونه من واسطة التربية الإسلامية والرياضة الصوفية التي  لا ينضب معينها، لا سيما عند المشاهدة العيانيّة للحرمين الشريفين وما جاورها من الأماكن المهمة عند أداء فريضة الحج. ولعل مثل هذا الخيال الداخلي والخارجي هو النافث للمعاني الدقيقة في نفوس أصحاب المدائح النبوية في غرب إفريقيا. فالمتتبع للأوزان والنغمات الموسيقية في المدائح النبوية، يرى أن أصحابها استخدموا بنجاح غير قليل في معظم الأوزان الخليلية المعروفة، أغلبها البحر البسيط ثم الطويل ثم الكامل وغيرها، والسبب في ذلك يرجع إلى انتماء  معظهم إلى الاتجاه البوصيري في المديح النبوي.

خاتمة:
لقد قطع هذا البحث شوطاً بعيداً في التحليل الأدبي للمـــدائح النبوية في غرب أفريقيا، ويؤكد ما لأصحابها من حسن المشاركة الأدبية في هذا المجال، وإن اتسمت مدائحهم النبوية بالكلاسيكية ظهرتْ في شكلي الديوان والقصيدة، كما يثبت لهم الإنتماء إلى اتجاه البوصيري في البناء الفكــري والعمودي. وفى هذا البحث إشارةٌ إلى إعادة النظر الأدبي في تحديد زمني للمدائح النبوية، ولعله مما ينبغى أن تشمل المدائح النبوية كــلَّ ما قيل في مدحه صلى الله عليه وسلم قبل ميلاده، وفى حال حياته، وبعد مماته، رضوان الله عليه وعلى ءاله وصحبه أجمعين.
وأوصي إخواني في ميدان البحث الأكاديمي بالاهتمام بهذا الموضوع وطرحه على بساط البحث وتوطيد أواصره على الوجه الأكمل.

 

DR. UTHMAN IDREES KANKAWI، Arabic Department، Kwara State College Of Education، P. M .B 1527، Ilorin، Nigeria. E-mail: uikankawi@yahoo.com

 هوامش:

1-            ابن شريفة محمد، من أعلام التواصل بين المغرب وبلاد السودان، منشورات معهد الدراسات الإفريقية، سلسلة المحاضرات العشرين، جامعة محمد الخامس، السوس، الرباط، المملكة المغربية، 1999م، ص94.

2-            زكرياء عبد القادر، النفحة العلية في أوراد الشاذلية، مكتبة النجاح، طرابلس ليبيا، ص34.

3-            ومرادنا بالتأثّر المباشر بالنزعة الصوفية يتمثل في أصحاب المدائح النبوية المنتسبين إلى طريقة من الطرق الصوفية، كما يظهر التأثر غير المباشر في أصحاب المدائح النبوية غير الصوفيين.

4-            شيخو أحمد سعيد غلادنثى، حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا، ط2، شركة العبيكان للطباعة والنشر، الرياض، المملكة العربية السعودية،1414هـ/1993، ص22.

5-            فضل كلود الدكو،الثقافة الإسلامية في تشاد في العصر الذهبى لأمبراطورية كانم من 600\1000، ط1، منشورات كلية الدعوة الاسلامية، هـ1429هـ/ 1998م،

         ص 119-129.

6-            غينيا دولة من دول إفريقيا على شاطئ المحيط الأطلسى، عاصمتها كوناكرى، كانت تعرف بغينيا الفرنسية، وسميت بغينيا كوناكرى تمييزًا لها عن بقية البلدان التي  تحمل نفس الإسم، نالت استقلالها في 2 أكتوبر عام 1958م.

7-            فقد خمّسهما نجله الحاج عبد الرحمن باه، فالديوان الأول بعنوان "مفتاح المسرات في مدح سيد السادات" والثانى بعنوان "وصية الوالد في مدح أحمد الماجد"، انظر: الحياة الأدبية في غينيا للشيخ كبا عمران، ج1، بدون تاريخ ومكان النشر، ص 168-169 و178-179.

8-            كراموا طلبى، قدوة المولود، مخطوطة الشاعر، ص5.

9-            جمهورية غامبيا، إحدى أفريقيا الغربية وهي أصغر دولة مساحة في قارة أفريقيا، يحدها من الشمال والشرق والجنوب السنغال والمحيط الأطلسي من المغرب، عاصمتها بانجول.

10-          الشيخ محمد السنوسي الجابي، نيل المرام في مدح خير الأنام، بدون تاريخ ومكان النشر،    

        ص72.

11-          الشيخ إبراهيم إنياس، الدواوين الست، ص187-188.

12-          وهذا الديوان أقرب إلى أدب الملحمة النبويّة منه إلى المدائح النبويّة، وذلك إذا نظرنا إلى الأسلوب التقريري وإلى تقسيم فصوله إلى مراحل السيرة من ولادة النبي إلى ما شاء الله.

13-          جمهورية السنغال دولةٌ في غرب أفريقيا، تقع جنوب نهر السنغال على ساحل المحيط الأطلسى، تجاور موريتانيا ومالى وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا، وتقع جزر الرأس الأخضر غرب ساحلها الأطلسي. وللغة العربية مكانة مرموقة عند أبنائها.

14-          انظر: نفحات ربانية للشيخ عباس صل السنغالي، ج1، ص45-88.

15-          عامر صمب، الأدب السنغالي، بدون تاريخ ومكان النشر، ص 1-351.

16-          الشيخ أحمد جى، هدية غاية المأمول في مدح الرسول، مخطوطة عند الشاعر، كولخى، السنغال، ص143.

17-          ناصر مرتضى إبراهيم، المدائح النبوية عند بعض علماء مدينة زاريا، كلية الآداب جامعة بايرو، كنو، نيجيريا، ص28.

18-          الشاعر من أشعر أبناء الشيخ عباس صل، له محاولات جيدة في قرض الشعر العربي.

19-          عبد الوهاب دنلاد شئث، الشعر العربي النيجيري بين الماضى والحاضر، ط1، مطبعة بيق، سليجا، نيج، 1430 هـ/2009م، ص 55.

20-          أمين الله إبراهيم صلاتى، "المديح النبوي لدى الشيخ الكبرى" ورقة سيمينارية مقدمة إلى قسم اللغة العربية كجزء مكمل للحصول على درجة الماجستير، عام 2008، جامعة إلورن ص11.

21-          عبد الوهاب دنلاد شئث، المرجع السابق، ص60.

22-          شيخو أحمد سعيد غلادنثى، المرجع السابق، ص111.

23-          المرجع نفسه، ص150-151.

24-          عبد الوهاب دنلادا شئث، المرجع السابق، ص68.

25-          قريب الله الكبرى، دور الطريقة القادرية في رفع مستوى اللغة العربية والتربية الإسلامية في غرب أفريقيا، ط1، القادرية، كانو، نيجيريا،  2002م، ص61.

26-          آدم عبد الله الإلورى، 1402هـ/1982م، لمحات البلورى في مشاهير علماء إلورن، ط1، مكتبة الآداب ومطبعها بالجماهيز، ميدان الأوبر، القاهرة، ص43.

27-          الإلورى، المرجع السابق، ص31.

28-          ألفا محمد الثالث، "إسهامات القاضى يونس عبد الله في الشعر النيجيري" مجلة أنيغبا للدراسات العربية والإسلامية، المجلد الرابع، العدد الثاني 2010م، ص 106.

29-          كمال الدين علي المبارك، "من أعلام اللغة العربية والأدب الاسلامي في بلاد يوربا الشيخ أحمد التجاني بن محمد مصطفى أَوَيْلَنْجَى الملقب باليورباوي نموذجاً"، مجلة الأصالة، العدد الأول، الجزء الأول،31 14هـ، ص95.

30-          أريبى، عبد الواحد جمعة، بردة العجم، مخطوطة عند الشاعر، ص10.

31-          عثمان إدريس الكنكاوي،"الإنتاجات العربية لدى زمرة المؤمنين في نيجيريارسالة الدكتوراه

        المقدمة إلى قسم العربية، جامعة إلورن، نيجيريا، 2012م، ص197.

32-          حبيب الله الفلاني، الوردة على نهج البردة، مخطوطة عند الشاعر، ص2-3.

33-          عمر محمد صالح، الثقافة العربية الإسلامية بالغرب الإفريقي، بدون تاريخ ومكان النشر  

         ص453.

34-          القاضى علي ساغ، نيل الأدب في مدح خيار العرب، مخطوطة بمكتبة الشاعر، سريكندا، غامبيا، ص44.

35-          محمد الناصر الكبرى، الديوان المبارك، ص91.

36-          محمد شفيع جزا، الكنز الأعظم، مخطوطة بمكتبة الشاعر، موبتى، مالى.

37-          آل عمران، أية 31.

38-          محمد السنوسي الجابي، المرجع السابق، ص 72.

39-          يهوذا بن سعيد، تخميس البردة للبوصيرى، مخطوطة عند الشاعر، ص2.

40-          يكفينا ضرب الأمثلة بتلك النماذج الشعرية في المبحث الثالث لهذه الورقة.

41-          عبد الوهاب دنلاد شئث، المرجع السابق، ص61.

42-          المرجع نفسه، ص66.