هنا قصيدة للشاعر المغربي، نطل من خلالها على مشاهد من رتابة اليومي مع أنها محملة بالاستعارات. وعبرها نكتشف هذه الذات التي تبحث عن صفاء السريرة وهي تختار الماء رمزا لكينونتها.

مُشاهَدَاتٌ مِنْ بُرْجٍ مَائِلٍ

فتح الله بوعزة

لِلْغريبِ مواعيدُهُ:

يفْتحُ رِئَتَيْهِ لأَوَّلِ طَيْرٍ

يَحُطُّ على شرفةٍ في الخلاءِ القَصِيِّ

وَ يَحْشو أصابِعَهُ بالنَّشيدِ

و يَمْضِي إلى سهوِهِ

فَرِحاً باللَّيْلِ الذي

يعلو كعبَهُ!

***

في الصَّباحِ يَمُدُّ سنابِلَهُ

كيْ تُطِلَّ السَّباياَ

على مَلَلِ الحُرَّاسْ!     

***

في المسَاءِ يَشُدُّ إلى حَجرٍ

باقةَ ورْدٍ، و شتاءً رخواً

و نافذةً للصَّهيلِ

على ظاهرِ كَفِّهِ

يتثاءبُ برْدٌ يابسٌ!

***

في المساءِ يَعُدُّ منَازِلَهُ:

صيدٌ واحدٌ أفلتَ هذا العامَ

 صيدٌ قليلُ الْهواءْ!  

***

الليلُ الذي يعلو كعْبَهُ

 صارَ عُشْباً

و صارَ حذاءً للْعاشِقِ!

***

في الغرفةِ فَوْضى

نوايا و أسماءٌ تسْقُطُ

 من كلِّ الجهاتِ

من السَّقفِ و الحيطانِ

و عدَّادِ الماءِ ..

 حمَّالةُ القلب

لا تعملُ جيداً!

***

بردٌ يابسٌ هذا المساءَ

أفكِّرُ كيف تدلى الليلُ

إلى آخر ِالشّارعِ

بقميصٍ شفّافٍ!

 ***

مِنْ بَعيدٍ

تضيءُ الصّبايا شموعَ العيدِ

يَهَبْنَ الطّيرَ لساناً

يَهَبْنَ الشتاءَ رخاوتَهُ

لم أرَ جيدا كيفَ انْكَسَرَ الياسَمينُ

وَ كيفَ عادَ الرّماةُ إلى لغْوهمْ

في دقائقَ معدوداتٍ!

***

مِنْ بَعيدٍ

يُطِلُّ الهواءُ على نفْسِهِ:

لم ألْبسْ قميصاً هذا اليومَ

وَ لمْ أحملْ أغراضي كالعادةِ

لَمْ ينَبِّهْني أحدٌ

أبْدو غيرَ مكْترثٍ

بالْغبارِ الذي يَستريحُ على قدميّْ!

***

عرباتٌ تسيرُ إلى آخرِ الشَّارعِ                         

عرباتٌ أخْرى تأْتي مِنْ آخِرِ الشَّارعِ

هذا الآخِرُ لا تَجِفُّ مَدامِعُهُ!

***

قاتلٌ أم مقتولٌ

هذا الْقادمُ نحوي

قوساً يَحْملُ أم فسيلةَ ريْحانٍ؟

دمْعةً يحملُ أم سِكيناً ؟

يا فَتى

أَيْقِظِ الْقلبَ

كي أبْصرَ ماذا يحْدثُ

خلْفَ الظلمةِ!

***

لم أفتحْ بابي هذا الصباحَ

خواءٌ كثيفٌ في الخارجِ

***

لا أنْوي الْبَقاءَ هُنا

لا أنْوي الْبَقاءَ هُناكَ

رفيفُ الحمامِ يلائِمُني!

***

غايتي أنْ أضُمَّ الماءَ

و أحْمِلَ رايَاتِهِ!

 

شاعر من المغرب