هل اجتازت إسرائيل فترة العشر دقائق؟

مأمون شحادة

استوقفتني مقولة للكاتب الاميركي ديل كارينجي "ان الحد الاقصى للانتظار لا يزيد عن عشر دقائق بعد الموعد المحدد، فاذا حدث وحضرت بعد هذا الموعد بأكثر من عشر دقائق فلن تجد في انتظارك أي احد".

ثمة سؤال امام هذه المقولة، هل اجتاز العرب فترة العشر دقائق ولم يحضروا الى الموعد؟ ام انهم تعمدوا التأخر وتركوا لاسرائيل الموعد ومحدداته الزمانية والمكانية؟

اسرائيل بطبيعتها استطاعت الحضور، لانها لم تجد احداً يمنعها من الجلوس على كرسي ليس لها، وهي كعادتها تزور الحقائق، وتبث الفتن لسرقة التاريخ، وكما انقضت على الخارطة الطبيعية لفلسطين، ها هي الان تنقض على دم الشهداء الفلسطينيين لتقول انهم ليسوا بشهداء.

وكيف للعالم تكذيب تلك الافتراءات، واسرائيل تجيش عبر وسائلها الاعلامية ان الشهيد محمد الدرة قتل بغير الرصاص الاسرائيلي، فالكل يعرف ان لاسرائيل بروباجندا جابوتنسكية تتمايع كالافعى وهي تتراقص على فريستها وسط تجميل الوعود الدولية.

ما يثير حفيظة النفس البشرية، ما اوردته وسائل الاعلام الاسرائيلية، التي اكدت أن الطفل الدرة كان حياً في نهاية الفيلم الذي بثته القناة الفرنسية، وان الثقوب الموجودة خلف مكان الحادث ناتجة عن شيء اخر غير الرصاص.

كذلك، ما الفائدة من تسلم نتنياهو التقرير النهائي لعملية التقصي حول عملية استشهاد الطفل الدرة، ونحن نعلم ان حدود فلسطين التاريخية اختزلت اسرائيلياً من 100% الى 22% ومن ثم الى18%، ناهيك عن التزوير المستمر في محيط المسجد الاقصى من زرع للقبور اليهودية الوهمية ووضع علامات تبين ان للمخيال الصهيوني مكاناً في اولى القبلتين.

ازاء ذلك،، افلا تستطيع اسرائيل تزوير الحقائق وادلجتها بالمراوغة والجنون الصهيوني ؟؟

الكل يعرف ان اسرائيل اكبر كذبة وجدت في التاريخ، والكل يعرف انها زرعت بين اوصال الوطن العربي، وفق شريعة لا تعرف الا الإقصاء، وما شريعة الغاب الا ظلم لا تتساوى كلماته ونظريتهم الاقصائية.

المشكلة في اعلامنا المحلي والعالمي، التهليل والتطبيل لتلك الاباطيل، وكأنها قنبلة من العيار الثقيل تدمي عيون من هو مقصود بذلك، وفق قاعدة لا تعرف من اللغة الانسانية الا طلاسم يكتبها القوي ليدوس فيها على الضعيف تحت حماية وحراسة الدول العظمى.

التزوير في حيثيات حديث هذا اليوم اصبح يشترى ويباع بالجملة بعيداً عن تفاصيل الحقيقة وقالبها الذي لم يعد يتلاءم ومقاييس هذا العصر، ولم يتبق لاسرائيل الا تحريف قصيدة مظفر النواب من "بوصلة لا تشير الى القدس مشبوهة".. الى.. "بوصلة تشير الى القدس مشبوهة".

بما ان فترة العشر دقائق التي اشار اليها "كارينجي" اصبحت خارج الاطار العربي، فهل يستطيع العرب تبرير ما تفعله اسرائيل؟ ام انهم سيردون كما رد "أثر آل سميث" على خصومه السياسيين: "تعالوا نبحث الحقائق الثابتة، ثم نبدأ في عرض مسودة الحقائق، لإيجاد ما يبررها ام لا".