يقدم الباحث الجزائري تحليله لجماليات الفضاء في إحدى الروايات الجزائرية، ويتناول أهمية الفضاء ودلالاته الزمكانية لأن الروائي لا يتعامل مع المكان الجغرافي المحض، وإنما مع مكان في زمانه ووعي شخصياته، وكيف أن عودة الرواية إلى المكان الذي بدأت منه يدفع القارئ إلى تقصي دلالات وجود أمكنتها في الزمن.

جماليات الفضاء في الرواية الجزائرية الحديثة

رواية أحلام مستغانمي «فوضى الحواس» نموذجا

نصرالدين الشيخ بوهني

كل بداية ونهاية تقع في مكان ما، فلا إبداع في غياب المكان، ولا يمكن الاستغناء عن هذا العامل في النص الأدبي وبخاصة الروائي منه، لأنه يشكل سلسلة من الأحداث تحركها شخصيات في زمن معين، فهو ذروة العمل الروائي وعموده الزمن، «يكتسب المكان في الرواية أهمية كبيرة، لا لأنه أحد عناصرها الفنية، أو لأنه المكان الذي تجرى فيه الحوادث، وتتحرك خلاله الشخصيات فحسب، بل لأنه يتحول في بعض الأعمال المتميزة إلى فضاء يحتوى كل العناصر الروائية، بما فيها من حوادث وشخصيات، وما بينها من علاقات، ويمنحها المناخ الذي تفعل فيه، وتعبر عن وجهة نظرها، ويكون هو نفسه المساعد على تطوير بناء الرواية، والحامل لرؤية البطل، والممثل لمنظور المؤلف، وبهذه الحالة لا يكون المكان كقطعة القماش بالنسبة إلى اللوحة، بل يكون الفضاء الذي تصنعه اللوحة»(1).

والمكان في العمل الروائي عنصر من عناصره الفنية، بل أراه الهدف كله من وجوده، فلا يتحقق النص إلا بوجود هذا الحيز الذي تتصل فيه الشخصيات وتتواصل، سواء كان العمل موجودا في الواقع أم ناشئا من خيال المبدعين، فلا بد للإشارة إليه وإلا أصبح النص الروائي مشلولا، إن المكان "ليس عنصراً زائداً في الرواية، فهو يتخذ أشكالاً ويتضمن معاني عديدة، بل إنه قد يكون في بعض الأحيان هو الهدف من وجود العمل كله"(2).

كما أن الروائي لا يتعامل مع المكان مثل حيز جغرافي ولا يصفه وصف الجغرافيين، ولكن المكان في نظره حيز إنساني يتفاعل معه ويتأثر بما فيه، فتمثال الأمير عبد القادر في وسط العاصمة بالنسبة لأحلام مستغانمي له بعد تاريخي يشير إلى المقاومة التي قادها هذا الرجل الفذ ضد المحتل، وتأسيسه للدولة الجزائرية، «للمكان أثر عميق في وعي الروائي، إذ يتفاعل معه معايشة ً وتذكراً وتخيّلاً. ولا يتعامل الروائي مع المكان كحيّز جغرافي فحسب، وإنما يخصه كحيّز إنساني. فعندما يصف المكان، لا يفعل ذلك على طريقة الجغرافيين، الذين ينقلون تفاصيل المكان بشكل حيادي وجليدي : موقعه، مساحته، حيوانه، إنسانه، محاصيله، فصوله... تضاريسه، مناخه، عمرانه، نباته بل يصفه ككائن حيّ، لأن هدفه لا أن يصف المكان بذاته، بل أن يصف الإنسان داخل هذا المكان».(3)

الفضاء وعناصره في العمل الروائي:
نحاول في هذا البحث معرفة أهم المكونات الأساسية للنص الروائي وعناصره، وهذا بالبحث عن بعض المفاهيم التي تهمنا في النظرة إلى هذا الفضاء، وسميناه فضاء لأنه «أشمل وأوسع من معنى المكان من حيث أن المكان مكون للفضاء»(4)، واكتشاف طريقة مشاركته في إنتاج المعنى والمفهوم النفسي والإيديولوجي، ويبدو هذا في طريقة بناء وتصنيف عناصره في العمل الروائي. وهذا يعني أن للفضاء في النص الروائي معان ينبغي للقارئ اكتشافها، ذلك أن الفضاء هو مكان لمجريات الأحداث، وحيز تنقل الأشخاص، وحلبة لصراعهم مع الزمن، وأن لكل مكان بعده ودلالته التي من أجلها يغوص الروائي في أعماقه فيعنصر مراكزه ويركز عناصره، كما يعطي للرواية معنى وذوقا ، فهو المكون الأساسي والعنصر البنائي الجوهري في العملية السردية، ومن هنا يتبين لنا أن السرد لا يستقيم عوده، ولا يتجلى مفهومه إلا بتوافر عنصر المكان، لأن الأحداث لا يمكن أن تنطلق من فراغ، بل تدور في زمن متوقع في فضائه، ولا نستطيع أن نتناول بالدراسة حيزا خارج المكونات الأخرى للنص
.

واشتملت رواية احلام مستغانمي "فوضى الحواس" على فضاءات مكانية متنوعة، وشخصيات متعددة تصارع الزمن وتعاني المحن، فهل اتخذ الفضاء عند الروائية شكله الحقيقي الذي يساهم في سرد الأحداث سردا زمكانيا للنص الحكائي، أم سلك مسلك الرواية المعاصرة؟

ولأن دراسة المكان لا تنفصل عن العناصر الأخرى للحكاية، مثل الشخصيات والزمن و«تحوي أيضا المشاعر»(5) والتي يجب الإشارة إليها «يمكن اعتبار قسنطينة المكان المحوري للأحداث، لأن الأماكن الأخرى لا تشكل إلا نقاط عبور في ملتقى الشخصيات وتطور الأحداث»(6)، فالعاصمة لم تكن إلا نقطة عبور في الرواية، وخصائص الفضاء بالنسبة للإنسان تبدأ من المنزل العائلي أين يعيش، والذي يؤثر على وظائفه النفسية، و«الإنسان بطبيعته يعكس الخصائص الموروثة في إطاره الرمزي لجميع انطباعاته الأولى وحتى اللاشعورية»(7).

فالإنسان إذن بطبيعته يحاول رؤية المفاهيم وعلاقاتها مع الشخص، مثلما فسرها يوري لوتمان «الإنسان يريد دائما تقريب المفاهيم ويتعمق فيها، وأقربها هي المعلومات الفضائية»(8) ويمكن فصل الوجود الحقيقي، ودور الشخصية الداخلية للفضاء في النص الروائي، ولمعرفة دوره يجب طرح الأسئلة الآتية:

-  أين تجري أحداث الرواية؟

-  كيف يقدم لنا الروائي صورة الفضاء؟

 - لماذا اختار هذا المكان؟

من هنا نجد أن للفضاء بعدا نفسيا، وهو معنى مستخلص من نفسية الإنسان وتأثير المكان على نفسيته سلبا أو إيجابا، ولذا فإن الشخص يجد راحته واستقراره حين يلج المكان الإيجابي فينعم بالعيش الحر طول حياته، ولكنه يواجه الألم والتشرد وتختلط عليه الأمور حينما يدخل الحيز السلبي ويتعمق فيه.

أنواع الفضاء في الرواية
تسمح لنا حركة الشخصيات في الفضاء بتمييز عدة أماكن في الرواية، كالأماكن المغلقة "المنزل، المقهى، المكتبة، المقبرة"، والأماكن المفتوحة أين يكثر التنقل كنقاط عبور الأشخاص "الجسر، الشارع" وكل مكان من هذه الأمكنة له دلالته الخاصة عند الروائي.

1. الأماكن المغلقة:
وهي أماكن محصورة في حيز الفضاء، محدودة المساحة، يرتاد عليها الشخص ليجد نفسه يقاسي آلام الهموم والأحزان أو يلقى مشاعر الحب والحنان، وهو ما فسرته لنا أحلام مستغانمي من خلال روايتها "فوضى الحواس" عن تنقلات بطلة قصتها "حياة" بين هذه الأماكن.

 أ- في قسنطينة: بيت حياة الذي تقيم فيه مع زوجها، فالروائية تعطي للبيت شكلا ضيقا ولا تتحدث عنه إلا عندما تقصده "حياة" لتأكل وتنام، فهو إذن بالنسبة لحياة مثل نزل، لأنه مصدر همومها وآلامها عكس البيت العائلي أين تقيم مع أمها وأخيها والذي تعتبره منبع الحب والعطف والحنان، فهي تتذكر الأوقات السعيدة التي عاشتها مع أمها وأخيها تحت سقف واحد «لقد رجعت من المنزل حاملة معي قبلات "ناصر" ونصائحه، كما قدمت لي أمي بعض الهدايا من بينها ماء زمزم والذي تعودت أن تأتيني به كلما ذهبت لأداء مناسك الحج وهذا لإسعافي عندما أكون حاملا»(9).

وفي الفصل الثاني من الرواية، تتحدث الروائية عن بيت العم "أحمد" السائق الذي اغتيل أمام الجسر، وبما أنها كانت قريبة منه فقد ذهبت لتقديم عزائها لعائلته، ثم قامت بوصف منزل العم "أحمد" بحزن «بيت حزين تتصاعد منه أصوات للقرآن وتتعالى فيه بكاء النسوة وهن يلبسن الأسود... أحمد الذي كان يعيل سبعة أشخاص»(10).

 ب- في الجزائر العاصمة: انتقلت "حياة" إلى العاصمة المدينة الثانية في الرواية، لتزور أول مكان أحبته لأول مرة «أحببت هذا البيت هندسته المعمارية تعجبني، وحديقته»(11)، فالمنازل مثل الأشخاص نحبها ونبغضها لأول رؤيتنا لها، وأحيانا نبدو غرباء عنها «يوجد منازل تفتح لك قلبها بفتح أبوابها، وأخرى مغلقة على أسرارها، فأنت غريب عنها حتى ولو كنت صاحبها»(12). هذا المنزل الكبير القديم والذي يرجع تاريخ بنائه إلى الفترة الاحتلالية، لا تعلم "حياة" كيف و متى تحصل عليه زوجها «لا أعرف كيف ومتى تحصل زوجي على هذا المنزل الكبير، لقد كان من بين المنازل التي كان الضباط يستعملونها كل صيف قبل أن يصل مالكها نهائيا باستعمال سلطته العليا او أكتافه العريضة»(13)، وفي هذا البيت وجدت "حياة" الهدوء والراحة.

أما البيت الثاني الذي كانت تقصده، هو بيت "خالد" المكان الوحيد للقائهما، هذا المنزل يقع في عمارة شارع العربي بن مهيدي «ها هي البناية، أخيرا أكاد لا أجتاز بابها حتى أشعر أنني أغادر عالما وأدخل آخر، درجها المتسخ لا يعنيني، مصعدها المعطل لا يثنيني، طوابقها الأربعة التي سأصعدها تعطيني الشجاعة»(14)، فهي تصف المنزل عند وصولها «أنظر بدقة إلى هذه الغرفة بأثاثها البسيط المنتقى بذوق عزوبي لا يتعدى أريكة كبيرة تشغل وظيفة الصالون، وطاولة ومكتبة تمتد على طول الجدار المقابل حيث الكتب مرتبة بنطام، وليس فيها سوى مكان لجهاز التلفاز والموسيقى، ومذياع تنبعث منه نغمة دافئة للعازف ريتشارد كليرمان»(15).

 من خلال هذا يتبين لنا أن الروائية قد حولت مكان الحب واللقاء بخالد إلى الجزائر العاصمة، بينما تدور أحداث الرواية في قسنطينة، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن العاصمة هي قلب الجزائر، والمكان الأول والرئيس في إصدار القرارات ، ومصدر السلطة الإدارية.

2. الأماكن المفتوحة:
وهي أوسع من الأماكن المغلقة، حيث يجد الإنسان نفسه حرا في تنقلاته فيها، إلا أنها تحمل في طياتها نظرات فنية وتاريخية وأبعاد حقيقية وأسطورية، كما أن لها دلالات عميقة عند الروائية.

 أ- الجسر: هذا المكان من الأرض والذي يحمل معنى الخوف والرعب، فهو بالنسبة للروائية مكان مظلم ومخيف، «هذه المرة الأولى التي نصل هنا، فإذا توقفنا أمام الجسر أشعر بدوار، فالجسور تخيفني»(16) فجسر قسنطينة معلم من المعالم التاريخية، وهو مكان مقدس بالنسبة لسكان قسنطينة، حتى أنهم أطلقوا عليها اسم "مدينة الجسور المعلقة"، وهي الوجه الذي من خلاله تختلف قسنطينة عن غيرها من البلدان الأخرى «فلا أحد يكره بلده ... وكيف تصبح قسنطينة بدون جسورها، آه لو تكلمت الجسور»(17). في هذا المكان تبحث "حياة" عن "خالد" وهي تعلم أنه يكره هذه الأماكن، وربما كان هذا ناتجا عن خوفه مثل الآخرين «أتذكر أن الناس أمامي يمرون من كل الجهات كأنهم خائفون من الجسور»(18)، فللجسر عند الروائيين أبعاد حقيقية وأسطورية، ثورية وسياسية.

 ب- الشارع: يعد جزءا من تركيبة المدينة لا يقل أهمية عن باقي الأمكنة التي سبقته، وهذا نراه مباشرة عند مرور "حياة" بشارع الأمير «لا أذكر أني مررت من هنا إلا وصدمتني مقاييس الأمير تمثال عبد القادر ووضعتني في حالة عصبية»(19) ، وهذا الانفعال يحدث عندما تضع مقارنة بين تمثال الأمير، وتلك التي تزين شوارع العواصم العربية، فهي لرؤساء وهبوا لشعوبهم المجازر والدمار، ولكن الأمير عبدالقادر أعطى للجزائر كرامة وفخرا، وأسس أول دول جزائرية أرعبت فرنسا. هذا المكان جعلنا نعرف انتماء الأشخاص، واكتشاف أسرارها التي ترفض الحالة التي تعيشها الدول العربية. يبدو الشارع من خلال الرواية مثل دليل تذكاري ومصدر تأسف لهذه الشخصيات، ويتجلى ذلك في مرور " حياة" بطريق مقهى " مالك بار" وهي تتذكر" جميلة بوحيرد"، ويبقى سرد أحداث الشارع طويلا حيث تقدم لنا مقارنة بين شوارع العاصمة وشوارع قسنطينة، فما رأته بطلة الرواية في العاصمة يختلف عما شاهدته في قسنطينة فهي تقول: «هذا الشارع يستيقظ وينام دون أن يحدث الضجيج»(20).

من خلال هذا الوصف، قدمت الروائية عرضا شاملا للشارع، وذلك بإدخال الأماكن الحقيقية في روايتها، واختارت أسماء لها صلة بالواقع للمدن والشوارع والأحياء، فكل اسم أو مكان فيه يذكرك بتاريخ مضى ولكن الذاكرة ما زالت تحتفظ به، فالشارع عند "حياة" فضاء واسع تجد نفسها حرة تنتقل بين جنباته لتتحرر من أوهام الأحزان و الهموم وتغرف من جمال تلك الذكريات التي تحملها هذه الفضاءات الرحبة فتنسيها تعاستها، وتذكرها بأيام ولت لن تعود.

الأبعاد الحضارية للفضاء :
الإنسان بحاجة إلى تنظيم علاقاته الإنسانية، وهذا بالاتصال مع غيره من بني جنسه لقضاء حاجاته الطبيعية، ويبتعد عن العزلة ويشارك مع الآخرين في جميع الميادين، ومما لا ريب فيه أن لكل مجتمع عاداته وتقاليده، ومسالك للعيش يجب أن ينتهجها في حياته اليومية من حيث المسافات التي تفصل بينه وبين الأجناس الأخرى، وتحدد له البعد الحضاري، «فالمكان مهم لبناء العلاقات الاجتماعية والإنسانية، ولا يمكن أن يفقد قيمته»(21). وعن الحياة الاجتماعية في قسنطينة تحدثنا الروائية أحلام عن عادة تعودت النسوة القيام بها، والمتمثلة في أكلة يطلق عليها سكان قسنطينة اسم "الطمينة" أو طبق "البسيسة"، «راني جبي لك معاي شوي بسيسة حمصتها لك البارح، دوك ندير لك بها صحن طمينة»(22).

 والطمينة طبق يتكون من العسل، الزبدة والدقيق، ويقدم للنفساء حتى يسترجعن قواهن بعد النفاس، وكذلك للزوار الذين يأتون للاطمئنان على أقاربهم، وربما كان اسمها مشتقا من الطمأنينة، وهذه علامة للمجتمع الجزائري التقليدي عندما تقدم للزائر ما يأكل، وهذه الصورة نراها كثيرا عند الأمهات في سلوكهن مع الأطفال، مثل وضعية أم "حياة"، فالأم هنا تتصور أن ابنتها كانت جائعة «هذه المرة لا أستطيع أن أمتنع عن الضحك وأنا أرى أمي تتجه إلى المطبخ معتقدة أن مشكلتي هي أنني لم آكل جيدا، ولا يوجد أحد يهتم بي ويطبخ لي ما أحب»(23)، فالروائية تعطي لهذه الظاهرة تفسيرا نفسيا، لأنها ترى أن النساء تتألمن، ولا يجدن لجوعهن سرا سوى الأكل كدواء.

 أما حديثها عن الحمام فهي تراه مكانا لتجمع النساء وملتقى التباهي والفخر، هذه اللقاءات التي كانت تتم بين النساء سمة من سمات المجتمع الجزائري والتي مازالت على يومنا، حيث يمكن للنسوة أن يسردن ما مضى من حياتهن فيه «هو المكان الذي تلتقي فيه بكل نساء المدينة»(24)، والحمام بالنسبة لحياة مكان شؤم ونحس، فهي تكرهه لأنها تحمل فيه ذكريات أليمة رافقتها منذ طفولتها، رأت يوما امرأة تسقط هي ورضيعها في الحمام، وقد مات الرضيع بعد نقله إلى المستشفى. والحمام نادرا ما نجده متناولا في روايات أخرى كما تناولته أحلام في روايتها، فهي لا تنتقل من مكان إلى آخر حتى تستوفيه حقه من التحليل والتوضيح والوصف الدقيق، حتى ليتخيل للقارئ أن الفضاء قد تجاوز وظيفته الأساسية كونه المكان الذي تجري فيه أحداث الرواية «ذلك أن السرد من دون حيز لا يمكن أن تتم له هذه المواصفة»(25).

انتقال الشخصية "حياة" في الفضاء:
1. الفصل الأول: بدءا

2. الفصل الثاني: دوما

3. الفصل الثالث: طبعا

4. الفصل الرابع: حتما

5. الفصل الخامس: قطعا

تعليق على تطور شخصية "حياة" في الفضاء:
الفصل الأول:
قادتنا الروائية من خلاله على مكانين، البيت والمكتبة، فقد انتقلت بدءا من بيتها إلى المكتبة لشراء ظرف رسالة وطابع بريدي، فابتاعت كراسا كان قد أعجبها، ثم رجعت إلى البيت عازمة على أن تكتب رواية.
الفصل الثاني: في هذا الفصل كانت بداية البطلة – دوما- من السينما أين تعرفت على عبد الحقن وهي عائدة إلى البيت تذكرت كل ما حدث لها في السينما، لقد كانت المقهى اتجاهها الثاني، وفيها تعرفت على خالد وتحدثت معه عن الماضي
. بعد عشرة أيام خلت، مرت بالجسر مع السائق، وهناك وقعت المصيبة، وبدأ مسلسل الاغتيالات الذي كان السائق أحمد أول ضحية فيه، هذا الحدث الأليم قادها إلى مركز الشرطة لتستجوب، بعدها رجعت إلى بيت أحمد لتقديم العزاء، ثم عند أمها لتوديعها قبل أن تذهب الأم لأداء مناسك الحج، وكان آخر سفرها الجزائر العاصمة حيث يجب أن ترتاح قليلا على شاطئ البحر.

الفصل الثالث: طبعا دارت أحداث هذا الفصل بالجزائر العاصمة بين الشارع والبيت، ففي البداية خرجت من البيت متجهة نحو المكتبة لشراء الجرائد، قبلها توجهت إلى المخبزة وهنا التقت بخالد الذي أعطاها موعدا في بيته، وفي الطريق إلى خالد مرت بتمثال الأمير عبد القادر وهي تتذكر مقاومته ضد المحتل، ولدى بلوغها مقهى "مالك بار" تذكرت جميلة بوحيرد وكأنها وارثتها الشرعية بعد أربعين سنة، وفي نهاية الفصل تتوجه إلى قسنطينة عبر المطار بطلب من زوجها.

الفصل الرابع: حتما لقد كانت نقطة انطلاق الشخصيات من البيت صباح يوم العيد نحو المقبرة لزيارة قبر أبيها، حيث التقت بأخيها ناصر الذي لم يتعود على مثل هذه الأنواع من الزيارات، ثم ذهبت إلى بيت السائق أحمد لتواسي عائلته، وعلى إثرها رجعت إلى بيت زوجها ولم تخرج منه حتى وصول أمها من الحج.

الفصل الخامس: أحداث هذا الفصل تدور قطعا في قسنطينة والجزائر العاصمة، فقد ذهبت "حياة" إلى العاصمة ثم إلى بيت خالد بعدما اتفقا على موعد، وهنا اكتشفت حقيقة خالد، ففي هذا المكان تيقنت أن هذا الرجل الذي عرفته في السينما لم يكن خالد بل كان عبد الحق. رجعت إلى قسنطينة والكآبة تملأ قلبها لتقرر البحث عن عبد الحق، لقد تذكرت أول مكان التقت به فيه، فخالد كان في المقهى حسب الموعد المتفق عليه بينهما، وهنا أصيبت بصدمة عنيفة لما سمعت بخبر قتل عبد الحق من خلال الجريدة، فعادت إلى المنزل بقلب حزين، وفي اليوم الموالي اتجهت إلى المقبرة لتلقي آخر نظرة على جثته، وقد وقع هدا بعد أسبوع من اغتيال محمد بوضياف، وتنتهي القصة في المكتبة زمن الدخول المدرسي عند ذهابها لشراء طوابع وأظرفة بريدية.

 نلاحظ أن "حياة" أنهت مشوارها من حيث بدأت، في المكان نفسه وهو المكتبة، ومعظم شخصيات الرواية انتهوا إلى المكان نفسه "المقبرة. وأخيرا يمكن أن نقول أن الفضاء يلعب دورا هاما في الرواية، وفي معظم الحالات يستطيع تجاوز وظائفه الأساسية.

 

معهد المعلمين، الجزائر

 

الهوامش
(1)-أحمد زياد محبك، جماليات المكان فى الرواية، www.diwanalarab.com/spip.php?article2220

(2) - بحراوى حسن، بنية الشكل الروائى، المركز الثقافى العربى، بيروت، الدار البيضاء، 1990، ص 33.

(3)- جمال شحيد، المدينة في الرواية العربية، http://damascus.org.sy/?d=283&id=52

(4) - حميد الحمداني، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، ط3، 2000، ص 30.

(5)- صالح مفقودة، قسنطينة والأبعاد الحضارية للمكان في رواية ذاكرة الجسد، مجلة العلوم الانسانية، 2000، ع/13، ص 240.

(6) -- م.ن، ص 241.

(7) - عبدالقادر فيدوح، الاتجاهات النفسية في النقد الشعري العربي، مجلة تجليات الحداثة، وهران ع/2، جوان 93، ص 263.

(8) - يوري لوتمان، مشكلة المكان الفني، ترجمة سيزا قاسم، دار ألف،1986، ص 85.

(9)-أحلام مستغانمي، فوضى الحواس، دار الأداب، بيروت، ، ص218، ص 1998

(10) - م.ن، ص 219.

(11)- أحلام مستغانمي، م.س، ص 140.

(12) - م. ن، ص 140.

(13) - م. ن، ص 141.

(14) - م. ن، ص 174.

(15) .- م. ن، ص 172

(16)- أحلام مستغانمي، م.س، ص 108.

(17) - م. ن، ص 105.

(18) - م. ن، ص 107.

(19) - م. ن، ص 109.

(20)- أحلام مستغانمي، م. س، ص 148.

(21) - محمد أيوب، الزمن والسرد القصصي في الرواية الفلسطينية المعاصرة، دار سنباد للنشر والتوزيع، ط1ن ص 98.

(22) م.س، ص 100.

(23) - أحلام مستغانمي، م.س، ص 100.

(24) - م.ن، ص 229.

(25) - عبد الملك مرتاض، نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد، سلسلة المعرفة،الكويت، 1998، ص 154.

 

قائمة المراجع

1- أحلام مستغانمي، فوضى الحواس، دار الأداب، بيروت، ، 1998.

2- بحراوى حسن، بنية الشكل الروائى، المركز الثقافى العربى، بيروت،

 الدار البيضاء، 1990.

3- حميد الحمداني، بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي، المركز الثقافي العربي للطباعة والنشر، ط3، 2000.

4- صالح مفقودة، قسنطينة والأبعاد الحضارية للمكان في رواية ذاكرة الجسد، مجلة العلوم الانسانية، 2000، ع/13.

5- عبدالقادر فيدوح، الاتجاهات النفسية في النقد الشعري العربي، مجلة تجليات الحداثة، وهران ع/2، جوان 93.

6- عبد الملك مرتاض، نظرية الرواية، بحث في تقنيات السرد، سلسلة المعرفة،الكويت، 1998.

7- محمد أيوب، الزمن والسرد القصصي في الرواية الفلسطينية المعاصرة، دار سنباد للنشر والتوزيع، ط1

 8- يوري لوتمان، مشكلة المكان الفني، ترجمة سيزا قاسم، دار ألف، 1986 .

مواقع الأنترنت:

 9- أحمد زياد محبك، جماليات المكان فى الرواية،             www.diwanalarab.com/spip.php?article2220

10- جمال شحيد، المدينة في الرواية العربية   http://damascus.org.sy/?d=283&id=52