يكتب الشاعر المصري المرموق أنشودته العذبة للتمرد وللحرية كقيمتين مطلقتين، ولتلك الحركة الشبابية التي ردت للثورة المصرية ألقها من جديد، استعادتها من براثن الثورة المضادة، وردت عنها جحافل الظلام والتخلف. ويتركها في نهايتها مفتوحة على نداءاته للمصرين للتمرد وقد شرح لهم أسبابه وأهدافه ومساراته.

ملحمة «تمرُّد»

حسن طلب

إلى أبطال حركة «تمرد».. من شباب مصر الذين أنجزوا ما عجز عنه الكبار!

أولئك هم الهكسوس.. وهذا «أحمس«

فاتحة:
ها همْ هُكسوسُ العصرِ

اغتصَبوا عَرشَكَ يا أحْمُسُ..

داسُوا دِلتاكَ.. وجاسُوا فى واديكَ

وهذى مصرُ تُناديكَ: تَمرَّدْ

مصرُ تَعافتْ من وعْكتِها اليومَ..

وها هى كالعنقاءِ..

مِن المِحنةِ تُولَدْ

هذى رايتُها يا أحمسُ فاحمِلْها

هذا سُلَّمُها فاصعَدْ!

قم يا أحمُسُ

واشهَدْ شعبَكَ يهتفُ باسمِكَ

واجعلْ كلَّ العالَمِ يَشهَدْ

فالعالمُ يَرقُبُكَ الآنَ

مِن القارَّاتِ الخَمسِ..

إلى القطْبِ المُتجمِّدْ!

فاستجمِعْ بأسَكَ فى وجهِ عدوِّكَ

واصمُدْ

حُكمُ الغاصبِ حُلمٌ ليس يتِمُّ

وإنْ تمَّ فليس يدومُ

وإن دامَ فلن يتوطَّدْ!

فتمرَّدْ

أنتَ الآنَ أمامَ عصاباتٍ غازيَةٍ

لو لمْ تَطرُدْها عن عرشِ المحروسةِ

أنتَ ستُطرَدْ!

لو لم تكسِرْ شوْكتَها وتُشرِّدْ دوْلتَها

تتَشرَّدْ!

1. تغريدة:
يا «شهْدُ» ويا «سيِّدْ«

يا سائرَ أبناءِ المَحروسةِ

من أمَّةِ عِيسَى ومُحمدْ

الساعةَ قد أزِفَ الموعِدْ!

يا عبدَ اللهِ ويا جرجِسُ..

يا عُمرُ ويا أحمَدْ:

هذا يومٌ فى التاريخِ فريدٌ

هو للحريةِ عِيدٌ

سيعودُ ضياءُ الشمسِ بأنغامٍ

بعدَ غيومٍ من عامٍ تتلَبَّدْ!

فتمرَّدْ

جَدِّدْ عهدَكَ للميدانِ الآنَ..

وللحريَّةِ جدِّدْهُ .. وتَجدَّدْ

هذا ديكُ الفجرِ استيقظَ..

بعد غيابٍ طالَ

فنادى الأبطالَ..

وأذَّنَ فى الثُّوارِ

وهذا كَروانُ الحريةِ غرَّدْ!

فاسمَعْ تغريدتَهُ واستمتعْ

ثم تَمرَّدْ!

2. من أجل من؟
من أجْلِ القُوتِ تمرَّدْ

من أجلِ الغضبِ المكبوتِ..

ومن أجل كرامَةِ مِصرَ..

وقد دنَّسَها طاغوتُ اللاهوتِ..

تمرَّدْ!

من أجلِ أبيكَ وأمِّكَ..

من أجلِ أخيكَ وأختِكَ..

من أجل المصريِّينَ البُسطاءِ

العاديِّينَ..

ومن أجلِ المِصرياتِ الغِيدِ الخُرَّدْ!

قد راحَ يُهدِّدُهنَّ تتارُ العصرِ..

بأستارِ الكفَنِ الأسوَدْ!

وتَمردْ

من أجلِ جميعِ الناسِ..

ومن أجلِ كَنيستِنا والقُدَّاسِ..

ومن أجل أمانِ المؤمِنِ

فى الشارع والبيت .. وفى المسجِدْ

لكنْ لا يَغْرُرْكَ المتأسلِمُ

حتى إن صامَ وصلَّى .. وتهجَّدْ!

لا تَغررْكَ اللِّحيَةُ .. والسُّبحَةُ

لا يَغررْكَ المُصحَفُ فى يدِهِ..

والمُسنَدْ!

إنْ هى إلا أدَواتُ السُّلطةِ..

والسَّطوِ على الدَّرجاتِ العُليا!

بل أدواتُ الشَّهَواتِ الدُّنيا

من جاريةٍ لم تُطمَثْ

وغُلامٍ أمرَدْ!

فتمرَّدْ

من أجلِ جَمالٍ يُغتالُ بأيْدٍ..

وبآلاتٍ

من أجلِ كنوزِ الإبداعِ

تُحرَّمُ بالإجْماعِ..

وتُستبْعَدْ!

من أجلِ جلالِ التِّمثالِ على الساحةِ

من أجلِ قصيدةِ شعرٍ فى الباحةِ

تُنشَدْ!

من أجلِ اللوْحَةِ فى المَعرِضِ..

والرقصةِ فى الأوبِرا

والموسيقا فى المعهَدْ

من أجل براءةِ أوقاتِ الفرَحِ الحُرِّ..

بسحْرِ البهجةِ فى السينما والمسرحِ..

حيث المشهدُ فى العَرضِ

يبوحُ بسِرِّ المشهَدْ!

من أجلِكَ أنتَ تمرَّدْ!

من أجلِ حبيبتِكَ الفُضْلَي

جاءتكَ ببدْرٍ مُكتمِلٍ .. وبغُصنٍ يتأوَّدْ

فارتاحتْ فى حِضنِكَ خَجْلَى

والخدُّ تورَّدْ!

هى بالحبِّ انتظرتْكَ..

على الإخلاصِ تَربَّتْ

فاحفَظْها بين ذِراعيكَ .. ورَبِّتْ

حين تضمُّ إليكَ الغصنَ الأملَدْ

ثم تمردْ!

فى كلِّ بلادِ الدنْيا

ولِأهْونَ مِن هذا

يتمرَّدُ من لا يَتمرَّدْ!

3. باسم ماذا؟
باسمِ الحقِّ.. تمرَّدْ

باسمِ مَن استُشهِدَ أمْسِ

أو اليومَ سيُستشهَدْ!

باسمِ الشُّهداءِ جميعًا

باسمِ دمٍ سالَ..

وما زالَ على الإسفلتِ نَجيعًا

لم يَبرُدْ!

باسمِ يَتامَى

باسم ثَكالَى وأيامَى

وصُدورٍ مِن حَسرتِها ما زالتْ تَتنهَّدْ

باسمِ أولئكَ طُرًّا

لا بدَّ لسائرِ مصريٍّ حُرٍّ

من أن يَتمرَّدْ

لا يَكفِى أن يَشجُبَ..

أو يستنكِرَ ما يَرأَى.. ويُندِّدْ!

وتمردْ

باسمِ الإسلامِ المصريِّ الوسَطيِّ

وليسَ البدوِيَّ الوهَّابيَّ المُستورَدْ!

وتمرَّدْ

باسمِ الأُلفَةِ حينَ ترِفُّ على أُلاَّفٍ

ويُحلِّقُ طائرُها

فيُصادرُهُ .. ويصادرُها

وحْشٌ بشرِيٌّ ذو أظلافٍ!

باسمِ حضارةِ سبعةِ آلافٍ

تَرفسُها بالأحذيةِ الآنَ

جماعةُ أجْلافٍ!

باسمِ صُروحٍ شِيدتْ بالأمسِ..

ويَغزوها اليومَ جَرادُ الإنْسِ!

وباسمِ نفائسَ بالكنْسِ تُهدَّدْ!

باسم الكرنَكِ والأهراماتِ..

وباسم الأزهَرِ.. والأديرَةِ المُنفرِداتِ

وباسمِ البَردِيَّاتِ..

وآياتِ المجْدِ التَّالِدِ .. والسُّؤدَدْ!

4. ضد من؟
ضدَّ الصنَمِ المعصومِ .. تمرَّدْ

ضد سماسرةِ الإيمانِ..

وأعداءِ الإنسانِ

وضدَّ الرأيِ الأوحَدْ!

ضد الكذَّابينَ الأفَّاقينَ..

ومُحترِفِى القتلِ المُتعمَّدْ!

ضدَّ المُرشِدْ!

وزَبانيةِ المُرشدْ

ضد الإسلامِيِّ الخوَّانِ الغدَّارِ

تمردْ

أنتَ برغمِ حصارِ الأشرارِ..

بعزْمِ الثُّوارِ وبالإصرارِ:

مُؤيَّدْ

إن حصارَ الإعصارِ كما تعلَمُ

لا يُجدِى!

المجرمُ يخشاكَ .. وينظُر:

أن تَخشاهُ!

فلا تتركْ صبرَكَ يَنفَدْ

إن عدوَّكَ فى الميدانِ جبانٌ

فهو على غيرِ الأعْزلِ .. والمرأةِ

لا يستأسِدْ

ويفرُّ أمامَ المِصريِّ الحُرِّ الأيِّدْ!

فتمردْ

وإذا أرغَى خَصمُكَ فى الميدانِ..

وأزبَدْ

لا تخْشَ من الشِّنشِنَةِ الجَوْفاءِ

ودعْ مَن يرميكَ بكُفْرٍ

يُبرِقُ ما شاءَ ويُرعِدْ!

ليس سواهُ تعالَى

يعلَمُ مَن آمنَ بالحقِّ..

ومن ألْحَدْ!

فتمردْ ضدَّ الآحادِ .. وضدَّ الحشْدِ

وإليكَ .. فهذِى بُشرايَ وهذا وعْدِي:

ستعودُ برايةِ مصرَ مُرفرفَةً

وتردُّ الكيْدَ بكيْدِ!

فتمردْ ضدِّى!

إن كنتُ تجانفْتُ ومِلْتُ عن القصدِ!

أو كنت تخليْتُ .. فما أوفيْتُ بعهْدِى!

ضدَّ الرَّاياتِ السُّودِ تمرَّد

ضدَّ عميلِ الشرقِ المَدْسوسِ

وضدَّ عميلِ الغربِ الجاسوسِ..

وضدَّ نظامِ الزِّعنفةِ المَوْكوسِ!

فما أتقَنَ إلا شَقَّ الصفِّ!

وجَرجرةَ المحروسةِ للخَلْفِ

على قارعَةِ الدَّربِ المَعكوسِ..

تمرَّدْ

ضدَّ رئيسِ البلدِ المَرؤوسِ

وضد بطانتِهِ النَّكْداءِ

وطَلعتِهِ الأنكَدْ!

ضد شِعارِ المُضطهدِينَ

أو المُضطهَداتِ..

وضد شُعورٍ بالذَّاتِ عُصابِيِّ الحَركاتِ

أنانيِّ السَّكَناتِ .. مُعقَّدْ!

ضد قلوبٍ قُدَّتْ من جلمَدْ!

ضد جُلودٍ ميِّتةِ الإحساسِ..

وضد نُفوسٍ مُتبلِّدةٍ..

ووجوهٍ أبلَدْ!

حتى ضدَّكَ أنتَ إذا خِفْتَ..

وصرتَ لَزِمتَ البيتَ.. تمرَّدْ!

5. متى.. وأين؟
سرطانُ الأوطانِ هو الطغيانُ!

فإنْ ظهرتْ أعراضُ السرطانِ .. تمرَّدْ

اليومَ .. غدًا .. بعدَ غدٍ

وإلى أن تستأصِلَ شَأفتَهُ عن سُدَّةِ مصرَ

تمردْ!

وإلى أن يَبتعِدَ الشبحُ الأسودُ

عن عينيْكَ..

ويقتربَ الطيْفُ القُزَحيُّ الأبعَدْ!

فشبابُ المحروسةِ مَدُّوا مأدُبَةَ الثورةِ

فى الشارعِ والميْدانِ..

عليها خيْرُ الزَّادِ .. وقالوا:

من شاءَ تزوَّدْ!

فهَلُمَّ اليومَ .. وليس غدًا

فغدًا قد يَعطَبُ خيرُ الزادِ

ويفسَدْ!

وتمردْ

حتى تَملأَ كلَّ ميادينِ المحروسةِ

تزحَمَ كلَّ شوارعِها

بملايينَ ثلاثينَ .. وأزيَدْ!

فى أيِّ مكانٍ كانَ .. تمرَّدْ

فى الميدانِ إذا ازدانَ بمن فيهِ

أصبحَ كالبُستانِ ربيعًا

أو كالحصْنِ مَنيعًا

أو كالصَّرْحِ مُمَرَّدْ!

وتمردْ

فى المَكتبِ .. أو فى البيْتِ

وفى سُوقِ السكَّرِ والزيْتِ..

أمامَ مقرِّ الحزبِ الموْصومِ .. تمرَّدْ

وعلى بوابةِ مجلِسِ شُوراهْمْ

حتى تُوقظَ مِن خمْرِ السلطةِ سَكراهْم!

وتردَّ دَريئةَ أخبثِهِمْ بخَبيئةِ أزْراهُمْ

وتردَّ المكْرَ على كُهَّانِ المَعبدْ!

وتمردْ حيثُ تشاءُ .. وتقدِرْ

فى القريةِ والبَندرْ

فى المُدنِ الصغرَى..

والقاهرةِ الكُبري

فى الحارةِ والشارعِ

فى الحقلِ وفى المصنعِ والمتجَرْ

سوف يُلَبِّى دعوتَكَ:

التاجرُ .. والزَّارعُ .. والصانعُ

يأتونَ وراءكَ أفواجًا وزَرافاتٍ

مَثنَى أو مفرَدْ!

لن يبقَى فى أرضِ المحروسةِ شِبرٌ

ليس عليهِ مصريٌّ مُتمرِّدْ!

6. تمرد.. لئلاً؟
ولأن الثورةَ رُوحٌ

لا بدَّ لها من أن تَتجسَّدْ

فتمردْ

وإذا الرِّعْديدُ عن الثورةِ عَرَّدْ!

فتقدمْ أنتَ .. ولا تَتردَّدْ

حتى لا تُصبحَ كَبْشًا

وسْطَ قطيعِ كِباشٍ

أو حنَشًا فى جُحْرٍ

بين سُلالةِ أحْناشٍ

ولِئلاّ تصبحَ رقْمًا مِن جُملةِ أرقامٍ

ومجرَّدَ مأمومٍ خلفَ إمامٍ

لا يملِكُ غيرَ الطاعةِ والسمعِ..

بدون كلامٍ

كيف؟

وأنت المصريُّ الحرُّ المتفرِّدْ!

فتمردْ

وإذا خَشِيَتْ «شهد» عليكَ من الموتِ..

فقل: أنا لستُ الخوَّارَ القُعْدَدْ!

الحريَّةُ يا «شهدُ» وُجودى الحقُّ

فإمَّا أنْ أوجَدَ .. أو لا أُوجَدْ!

والموتُ سيُدركُنا لا بدَّ..

ولو كنَّا فى بُرجٍ فوق الصخْرِ مُشيَّدْ!

الموتُ حقيقتُهُ واحدةٌ

لكنَّ لهُ أسبابًا تَتعدَّدْ

فتفجَّرْ غضبًا .. واخترْ سببًا

وبنورِ الحُبِّ توضَّأْ

بدماءِ الشُّهداءِ تَعمَّدْ!

قلْ للميدانِ علينا حقٌّ لا يُنكَرُ..

للأوطانِ يدٌ لا تُجحَدْ

وإذا نُسِيَتْ أسماءُ الناسِ

سيبقَى اسمُكَ كالنِّبراسِ منيرًا

ويُخلَّدْ!

7. ما الذى تنتظر؟
ماذا تنتظِرُ الآنَ لكيْ تَتمرَّدْ؟

لم يَترُكْ لكَ أعداؤُكَ ما تخسَرُهُ

لم يبقَ لديكَ نَقيرٌ يُفقَدْ!

لنْ تفقِدَ إلا القيْدَ..

ففِيمَ تُقيَّدْ!

ماذا تنتظرُ؟

استبدالُ هَلاكٍ بهلاكٍ!

فالشيطانُ بزِيِّ مَلاكٍ

فى الشارعِ والميدانِ

على جُثثِ الشهداءِ تَمدَّدْ

وتَمطَّى فوق الأشلاءِ..

وما شاءَ توسَّدْ!

هذى هى سَحنتُهُ كالحةً

من شاءَ يراهُ..

إذا انفتحَتْ عيناهُ!

وهذانِ هُما قَرْناهُ!

وهذى ألسنةُ الشَّرَرِ..

انقدحَتْ من عينيْهِ الكهْفيْنِ

ومن فمِهِ الأدْرَدْ!

فأتى يَستعرِضُ فى وجهِ الشعبِ قُواهُ

وتاهَ .. وعربَدْ!

وتحفَّزَ كالوحشِ المَسعورِ..

تنمَّرَ للجُمهورِ بهيئتِهِ .. وتَنمرَدْ!

ماذا تنتظرُ؟

وهذا نيلُكَ يهربُ منكَ .. ويرجِعُ

يَنشُدُ مَنبعَهُ!

هذى ثورتُكَ اغتُصِبتْ معَهُ!

ودمُ الشهداءِ تَبدَّدْ!

ماذا تنتظرُ الآنَ؟

و«شهدُ» تُناديكَ: تمرَّدْ يا سيِّدْ

لا تَتركْنى لأَعاديكَ!

إذا لم تَستنجِدْ «شهدُ» بمصريٍّ مثلِكَ

يَعشقُها

فبِمنْ تَستنجِدْ!

فتمرَّدْ

واستحضِرْ من تاريخِ النَّخْوةِ

ما يَكفيها أو يَكفيكَ..

استجمِعْ غضبَ العاشقِ فيكَ

وغِيرتَهُ!

وتمردْ

وستندَمُ حقًّا

تندمُ .. تندمُ .. تندمُ إن لم تَتمرَّدْ!

8. تمرد.. أو لا تتمرد!
يا مَن لم تتمردْ قبلَ اليومِ..

الآنَ تمرَّدْ

إنْ لم تَتمرَّدْ

تفقِدْ أغلَى ما يُمكنُ أن يُفقَدْ!

فتمردْ

أو إن شئتَ .. فلا تَتمردْ!

واستسلِمْ للإخوانيِّ المُحتلِّ..

انعَمْ بالذُّلِّ..

على الإذعانِ تَعوَّدْ!

إن لم تتمرَّدْ فسبيلُكَ معروفٌ

والنَّهجُ محدَّدْ

ليس أمامَكَ إلا دفعُ النِّقمةِ

فامدحْ مَن تمدَحُ..

وافرحْ بنفاقِ ولِيَّ النِّعمةِ..

للشيطانِ تَودَّدْ!

سبِّحْ باسمِ الطاغيةِ..

اركعْ بين يديْهِ واسجُدْ!

واشكرْهُ لأنكَ حيٌّ تُرزَقُ ما زلتَ!

احمَدْهُ..

وإنْ لم يأتِ بما يُحمَدْ!

ولترْضَ بما تلقاهُ..

فلن يجهَرَ إنسانٌ بعد اليومِ

بشكواهُ!

ستحكُمُكَ الفئَةُ الأبْغَى..

والأغْبَى

ممَّنْ طبَعَ اللهُ عليهمْ

جَعلَ الظُّلمةَ فى أصلِ جبلَّتِهمْ

سرْمَدْ!

يا مَن لم تَتمرَّدْ قبلَ اليومِ: تمرَّدْ

أو تُستعبَدْ!

لستُساقَ ذليلا كعبيدِ الرُّومانِ..

بسوطِ السادةِ تُجلَدْ!

9. التمرد.. أو العار!
يا «سعْدُ» ويا «أسعَدْ»

عارٌ ألا تَتمردْ!

عارٌ وشنارٌ .. يا عبدَ القادِرِ

يا صابرُ .. يا إبراهيمْ!

وصمةُ عارٍ فوق جبينِكَ واللهِ!

وإثْمٌ فى حقِّ الأوطانِ عظيمْ!

فتمردْ

إن أنتَ تمرَّدْتَ اليومَ..

تعودُ إلى موقعها الأزلامُ!

فيُحكَمُ بالإعدامِ

على من أوغلَ فى الإجرامِ..

مَن اغتالَ الحالِمَ .. والأحلامَ!

وإلا فالسَّجْنُ مُؤبَّدْ

ولْيتغمَّدْ ربُّ العزةِ من يَتغمَّدْ!

فتمردْ

تلكَ أَماراتُ نهايتِهمْ:

فبضاعتُهُمْ بارتْ

وتجارتُهمْ إن أنتَ تمردْتَ ستكسُدْ!

فبذلكَ قال الطالِعُ..

فى الميدانِ .. وفى الشارعِ!

هذا ما ألْهَمَنيهِ النَّجمُ القُطبيُّ

وأوْحاهُ الفَرقَدْ!

فتمردْ

وإذا حُوصرْتَ .. تجلَّدْ

وتحرَّكْ من بيتِكِ

واتَّجهِ الآنَ إلى الميدانِ..

فإنكَ إنْ تبقَ مكانَكَ..

بُركانُكَ يَخمُدْ!

يا خالدُ .. يا مينا..

يا مريمُ .. يا أمجَدْ

ليس الإخوانُ .. وأخْدانُ الإخوانِ

وكلُّ سماسرةِ الدِّينِ

سوى كابوسٍ فى عامِ ظلامٍ

هو أَشْأمُ عامٍ

مرَّ على مصرَ الكبرَي

وسيصبحُ ذكرَي!

وستُروَى قِصَّتُهُ للأجيالِ .. وتُسرَدْ

ويُضيفُ خيالُ الرَّاوى ما شاءَ..

ويستطرِدْ!

فتمردْ

واشكُرْ أوَّلَ من قالَ: تمرَّدْ

هو أولُ من طرَحَ الفكرةَ..

فانتَشلَ الثورةَ من كبْوتِها

وأقالَ العثْرةَ

واذكرْ من ساعدَ أو آزَرَ أو مهَّدْ

خاتمة:
أقسمتُ: إذا أنتَ تمردْتَ..

غدًا ينفضُّ الموْلِدْ!

وسيلقَى المصريُّ أخاهُ فى الميدانِ

فيأخذُهُ بالأحضانِ..

وتحتفلُ الرِّفقَةُ والجِيرانُ..

ومصرُ تُزغرِدْ!

فتمردْ يا كلَّ أبيٍّ مِصريٍّ

وتأكَّدْ أنَّ النصرَ مُؤكَّدْ!

حتى لو لمْ يسْعَ إلى الميدانِ سِواكَ..

تمرَّدْ!

واتركْ مَن يَتجرَّدُ عن مِصْريَّتِهِ

يتجرَّدْ!

يا زاهدُ:

فلتزهَدْ فى كلِّ متاعِ الدنيا

لكنْ فى الحُريةِ لا تزهَدْ!

يا صانعُ ما تصنعُ .. إن لم تَتمرَّدْ!

يا زارعُ لم تَزرَعْ..

ما دامَ عدوُّكَ يحصُدْ!

يا عالمُ: لم تَعلَمْ شيئًا

إن كنتَ علِمتَ .. فلم تَتمرَّدْ!

يا كاتبُ لا يكُ ما تكتُبُ تَرديدًا

يا مُتمرِّدُ .. لا يكُ تقليدًا

لا يتمرَّدُ من يتمردُ وهْو يُقلِّدْ!

يا شاعرُ أنشِدْ ما شئتَ..

ولا يَكُ شِعرُكَ مَنحولاً إنْ أنْشدْتَ..

ولا «حَمَّادُكَ عَجْردْ!»

يا ثائرُ ثُرْ

فستُغبَطُ مِن كلِّ شعوبِ الأرضِ

وتُحسَدْ

يا سائرُ سِرْ

وتذكَّرْ زَلاّتِكَ بالأمسِ..

تعلَّمْ مِن كَبْوِكَ..

واستكشفْ منذ اليومِ مواقعَ خَطْوِكَ

واستشرفْ .. وارصُدْ

فأمامَكَ أخْطارٌ فى أسْفارٍ

فوقَ طريقٍ زلِقٍ غيرِ مُعبَّدْ!

يا عاملُ .. يا تاجرُ .. يا طالبُ..

يا عَمْرو..

ويا جورجُ..

ويا «شهدُ«

ويا «سيِّدْ«!