تعود الشاعرة المغربية المرموقة بنص جديد ينساق الى حوار داخلي صوفي، حيث "الأنا" نبراس الى ضوء عالم تشكله الشاعرة من أسرار وهيولى، صوت الشاعرة يتحلل من/وفي اللغة حيث أمست القصيدة جزء من كوة ضوء خلاق يفضي الى غياهب المعنى، والى أسرار الكينونة التي تتمنع خلف أسرارها.

حَبَّةُ نُورٍ أيُّها الإلاَهُ

وداد بنموسى

أنا بائعة الأسرارِ

وأول سِرٍّ أنيَ السِّرُّ 

لا أتكشَّفُ

لا أُبينُ

لا أعَبِّدُ الطريق إليَّ

لناسك أو عابد

أو فاجر أو فاسق

لا أقترب كي لا يفضحني الوضوح

لا أترك الخجل يتراقص خلف خطوي

لا أترك شميم الورد ولا مرارة الدفلى في ذاكرة أحدْ

لا أثر لي على أي  جسدْ 

لا أركع لوالد أو ولدْ

لا أضعف حين لا سندْ

وحين لا سر يليقُ بي؛ أتجدد في سري

أعيد ابتكار ألغازي مني، وأصيرُ امرأةً بلا عددْ

ومني أخلق الغموض الذي لا يقولني

مرة أكون السلحفاة تمشي الهوينى

على طريق تنمحي في الطريق

ومرة أكون النسر لا يخطئ الفريسهْ

وأحيانا أبزغ من شقوق السماء كما لو كنت مجرة تَنْئَى 

وكثيرا ما أستعير من الهواء سر البقاء

ومن الناي بحةَ البكاء

ومن التاريخ عراقة الحروب الدائرة بين قلبي ورغائبه 

كثيرا ما أسرق من الماء لون الماء

كثيرا ما أتكوم في الغياب، 

كي يباركني الخفاء 

أنا بائعة السر

وأولى أسراري أني سرُّ السِّرِّ

لا أثق في فجر قد يعريني

أو قدر قد يسابقني إليَّ

لا أثق في الوردة ولا في القيثاره

لا في الوعد ولا في الموعود

لا في الكلمة ولا في أبعادها

لا في الغصن عليه يحط الطير الطاهر

ولا في الوسادة تأوي انتظاراتي

أولى أسراري

أني أحفظ سيرة الحزن

يتآكل قلب الإنسان

وأحفظ عنفوان الألم

يلوك مصائر الفقراء

والمرضى

والماشين في الأرض بلا حياة

والعاشقين يقهرهم وهم العشق

والعظماء يمجدهم الفراغ

أيها الفراغ

أنا فراغك

أنا بائعة السر في الفراغ 

ومن أسراري 

أني أتعقب خطو الإله

وتذهلني بلاياه على الكوكب العفن

وتدهشني عطاياه  باليد اليمنى، يسلبها باليد اليسرى

وأتبرأ من جرم  آثاره 

وسواد الليل والموت الذي يسكن في حدقتي شياطينه

وأهمس في روحه التي نفخ منها في رحم مريم

أنا أيضا لي سر

أيها الإله

وسري أنيِ السر

وسري أني سر من أسرارك

أوَلَمْ  تعطني عينا بها أحببتُ؟

وفَماً بهِ ثملتُ؟

وثقبا في الروح منه أبصر خطاياي؟

منه أتلصص على السلالة التي منها

تدحرجتُ؟ 

ومنه أودع كل من عبثَ بوريقات قرنفلتي

وأرسلُ سهامي للذي

يكون في انتظار غواياتي

ألم تمنحني شجرا وارف الظل

تحت جلدي؟

وشدوا موصولا في أذني على مر الجراح

ألم تعطني عطاياك البلا عدد؟

وموتا ينتظرني هناك 

وأياما معدودات أهديها للاأحدْ

أيها الواحد الصمدْ

ألم تجعل فيَّ نبع السؤال؟

وعنف السؤال

وخبأت جمر الجواب تحت تبن الجسدْ؟

. ..

خيولي تصهل في برية الرفض

لا أريد ما يريدون

لا أقبل ما يشتهون

لا أوافق على ما يتفقون 

لأني سر من أسرار اللاء

أخبئ في مسامي كيمياء الكبرياء

وأسير 

في كل مسجد لي ابتهالاتي

في كل حانة لي شطحاتي

في كل خلاء لي سجداتي

ولي في كل مهبٍّ بوادر كفر وعلامات نكران

فيا أيها الإله

ألا تملك حبة ضوء تكون لي

دليلا عليك

طريقا إليك

ايها الإله

يا سرَّ السِّرِّ

هبني سرا أبيعه للبشرية، تتعافى وترقى

وترفع عنها غبار الكمدْ

هبني عطايا

هبني هدايا

مرحبا بالمنايا 

ستهُبُّ عليَّ منكَ

وبالزلازل والبراكين  والزوابع والشتات

فيها أدور بقدرتك 

مرحبا بالنار؛

نارك أذوب في لُجَجِها

أصبح سائلا ينساب في العدم

نثاراً في أمداء غضبتك

يباسا تحت قيظ لعنتك

ها أناذي  أيها الإله

أبيع الأسرار في سوق السر العظيم؛

سرك

أوزع حبات اليقين مع كل سر

وقرص مدمجٌ عليه سجلت عناوين ألغازي والمبهم فيَّ

ها أناذي أيها السرُّ الأعظم

أباغثُ الدنيا بمفهوم جديد عنك

أقول للحصاة : إنك الندى

وللغبار:  إنك  المدى

وللنداء : إنك الصدى

ولي :إنك الردى 

وإنك الغيب في يوم البعث

والغيث في يوم العبثِ

إنك الزفرة الأخيرة

إنك المرارة في قبلة الوداع

واللوعة في عناق الرحيل

إنك  في الريح ريح

في السماء سماء

وفي البحار جميعها:

الموجُ والصدف ُ وحباتُ التراب وبلايينُ الكائنات في جوفه

إنك الشيء في كل شيء

والروح في كل روح

وإنك  الضاغط براحتك على أنفاس الجبال

والكاتمُ لصوت النمل

والمستتر في حفيف الشجر

أقول للجسد:  

إنك خالقُ الفجورِ فيه

والتقوى فيه

وخالق شكاويه

ومهاويه

والمصائب التي تنبث على ضواحيه 

مرحبا ببلاياك  أيها الإله

مرحبا بأفراحك المنثورة فيَّ

بأعراسك التي على مدى الخيبة

أنا بائعة الأسرار

أبيعني سراً سِراً

 وأقبض ثمني منكَ

ومنكَ أحصل على حصتي من ثراء العين

ومن فقر القُدْرةِ

أيها الغفار القهار: 

لم لا تغفر لبائعة الأسرارْ؟

لم لا تطفئ فيها لهب النارْ؟

لم لا تجعلُها  راضية مرضية؟

تعود إلى الجوارْ؛

جواركْ

........

.

حبة ضوء أيها الإله

فقط حبة ضوء،

ثم 

أهوي  

في 

قراركْ...

 

شاعرة من المغرب.

Ouiben2@yahoo.fr