مجددا يخصنا الشاعر المغربي بنص شعري حواري افتراضي بامتياز، وهو حوار يؤشر على الحاجة لكتابة تنأى عن تفاصيل "الخطيئة"، كما يتوهم حضورها، مادام حضور صوت الشاعر بينهما يعطي لنص الليل مناحي أخرى أجلها اليقظة.

أنا أيْقَظْتُ اللَّيْلَ لكيْ لا تَظُنِّي بِيَ سوءاً

فتح الله بوعزة

لغطٌ مِلحاحٌ بالخارجِ:

حَوَّاءُ تُعِدُّ الشِّتاءَ لسَهْوِ الحَمامِ
و تجرحُ تفَّاحةَ آدمَ
!

آدمُ يعدلُ ريحَهُ
يَنظرُ خلفَهُ بِتَأَنٍّ كَبيرٍ
إلى أفُقٍ غَامضٍ
دونَ تُفَّاحةٍ
دونما نايٍ
ينثرُ في الهَواءِ القَصيِّ مشاغِلَهُ
!

 

حواءُ تُعِدُّ الغزوَ لحكْيٍ طويلٍ
أصابعُها ريحانٌ
يذوبُ على مهلِهِ
في الأَقَاصي / بينَ يديْ آدم

 

قالت: هذه الأرضُ لي

و أنا أعليتُ القِبابَ

لكي يَصرفَ القَمحُ

دهشةَ الآخِرينَ على مَهْلِهِ

 

قال: هذا النهرُ ـ بما فيه من عِوجٍ ـ لي

أنا أخليتُ مَمْسايَ من الياسَمينِ

لكي أوهمَ الحُرَّاسَ بأن الجدرانَ

محْضُ زِحافٍ يَغيظُ

 به الشُّعراءُ نَوايا الرُّمَاةِ

 

أنا أيْقَظْتُ اللَّيْلَ

لكيْ لا تَظُنِّي بِيَ سوءاً!

 

قالتْ: هذا النهرُ منْ وجَعي

من بقايا الهديلِ على حافتي

و أنا أعليتُ القِبابَ

لكي تُصْغيَ ـ

في الأماسي ـ

إلى ريحِي وَ يَقينِي

 

و قالتْ كلاما كثيرا

و اقتربتْ من مدامِعِهِ

و أعَدَّتْ لهُ وطنا  و مطايا سيَّارةً

و احْتَمَتْ بمدامِعِهِ مِنْ شَفَا امْرَأَةٍ

تَتَخَثَّرُ في الْغُرْبَةِ مثلَ فَرْخِ الغَمامِ

و أَعَدَّ لها وطنا بِأراجيحَ

مِنْ زَبدٍ و رذاذٍ

و أيقظَ أعشابَه بالجوارِ

لكيْ لا تَظُنَّ بهِ سوءاً!

 

المغرب