تسرد لنا القاصة المصرية حالة تلميذة جامعية أصابها الملل من القانون والدراسة تجد في حبيب لم تصارحه أو نست أن تخبره مساحة خضراء وضوء يشعل مشاعرها فيجعلها تطرب على إيقاعات سيد مكاوي التي نثرت أبيات من أغنية في نصها القصير.

هروب افتراضي من جو حار

شــيماء عبد الناصر

قادر هو دائما سيد مكاوي علي إخراجها من حرارة الجو، وضغوط الحياة، مواد الدستور التي تنام منذ فترة طويلة على ورق أغلي منها جميعًا، وأبيات قليلة لا زالت تجمع في باقيها عن الغزل الأندلسي، عفيف وغير عفيف، ربما كانت أجزاء نفح الطيب جميعا لا تحوي بداخلها سوى أبيات قليلة من الغزل أو ربما كان"المقرِّي التلمساني"متعمدا أن يكتب بعيدًا عن الغزل كي يتعبها أكثر وأكثر، تجد غزلياتها في طيات الكتاب حينما تقرأ بتمعن وتركيز، أكثر الأحيان لا يكون لديها تركيز ولذلك يتآمر عليها الغزل وأيضا نفح الطيب، تخرج من دائرتها المغلقة إليه.

"كدا ميلوموش عليا...ولا يشمت حد فيا"

تذكرتْ الآن أنها غيرت موضوع رسالتها العلمية وابتعدت قليلا عن السياسة ودستورها النائم، يصنع الشعير مزيدا من التألق بلونه الذهبي اللامع، يتأنق المساء أيضًا بحبات صغيرة من الفول السوداني.

"كان قبلك عمري فاضي قسوة وحرمان وماضي، بلقاك بقا قلبي راضي وبنقول أحلي الكلام"

يمكنها الآن أخذ نفس عميق وفتح البلكونة والنظر إلي السماء والعودة إلي يوم أمس حيث قابلته وأضافت إلي عمرها ابتسامة جديدة حينما صافحته، وعادت منزلها متوهجة بالسعادة، تلمع نظراتها بأريج فسفوري يلون ليلة أمس ويطغي على كل ملامح اليوم.

"كدا أجمل انسجام، كدا يحلو الكلام، كدا نبقا للمحبة فرحة وشوق وابتسام، من غير الحب وانت قول على الدنيا السلام"

لكنها نسيت بعد كل هذا أن تخبره إنها تحبه أكثر من كل شيء حولها، حتى سيد مكاوي، لقد تنبهت أيضًا أن سيد مكاوي نفسه كان مجرد معادل غرامي لكلمات طالما قرأتها في عينيه، وأن الغزل الأندلسي جميل بالفعل، وأن نفح الطيب مليء بشواهد غزلية رائقة، أما الدستور والسياسة أصبحا شيئين هادئين لا يثيران زوبعة مشاعرها، سوف يتغير الدستور، لكن بعد قليل.

"وبقربك يا حياتي بيدوبني الهيام"

تترك سيد مكاوي يدندن ويرسل انسجامه إلى أذنها بينما تسترخي علي السرير، تُقَبِّلُ كتابًا أقرضه إياها كي تقرأه.