في مقاطع سردية قصيرة مكثفة تسرد القاصة المصرية تفاصيل حياة امرأة. مقاطع تعني بعضها في أشياء المكان وعلاقته بعالم المرأة الداخلي، وبأخرى بما تفكر فيه وتحلم به من تفاصيل تخص الحبيب والصلاة وأحمر الشفاه والأغاني وحيرة الليل والرغبات المكبوتة الواشية بطبيعة البيئة والأعراف القاسية.

أشياء حجرتي المبعثرة

وفاء الحكيم

 

* الحوائط الأربعة

حجرتي لئيمة وبذيئة وخبيثة، ومربعة.

فهل كان حتما على أن اقبل بتواطؤ الطول، وتساويه بالعرض، وأنا بعد غريرة لم اعرف كنه الحياة، واتساقها الفوضوي؟

وكأن حياتي اندياح غريب، وخلط بين المسافات المتساوية البوح . الطول كالعرض، والحقيقة تماما - كالوهم!

 

* الأثاث

لدى في حجرتي سرير، ودولاب، ومكتب، وحافظة أحذية، وصندوق قمامة صغير. لكني لا املك تسريحة فكل الحوائط بها الكثير من المرايا المعلقة، والتي تعكس على أسطحها اللامعة - اندهاشاتي - المتتالية .

 

* الفراش

فوضى الفراش - تؤلمني

ونقوش النجوم، والقلوب المشقوقة بسهم الهوى لنصفين تومئ لي بأحاديث الحب الهاربة من قفص السنين المتراكمة .

لا أنام إلا وهو بجانبي - الراديو الترانزستور الصغير مهما وصفوا لي – بديلا عنه، ليلازمني .

أغفو على الفراش، وبجانبي الأقلام والأوراق، ومصحف صغير، وإحدى كتب الأطفال التي تختصر أنواع المضادات الحيوية، والجرعات المسموح بها . وميدالية المفاتيح بجانبي- على الوسادة - حتى لا أنساها في احد الأركان وامضي ساعات طويلة في البحث عنها؟؟!

أما صورته في فراغ الفراش فتحتل الواقع، والمتخيل والمجاز، وكل صور الاستعارة الممكنة، وفي بعض الأحيان تحتل الطباق على غير إرادة مني!!

 

* الهاتف

كان بحجرتي هاتف أرضي – فأنهيت خدمته!

وكان لدي هاتف خلوي – قد سرق مني خلسة؟

وكان لدي رقم خاص – يتصل بي دائما

وحين اشتريت هاتفا جديدا لم أسجل هذا الرقم عليه رغم أنني لم أحاول أن أنسى – يوما - صاحبه!؟ هذا الذي أغراني بلحظة بوح، واقسم لي يوما عند وشوشات الفجر، وانين المبتهلين بألا ينساني يوما ثم قذف وجهي بأحجار النسيان التي أدمت روحي، وأغلقت الباب أمام بهجة الحلم؟؟

 

* الليل

اعترف بأنني كائن ليلي . أحيا بالليل، أتنفس، وأحس، واكره، وأحب بالليل ولا أنام إلا حين يجهدني السهر!!

فهل كان السهر هو حياتي الحقيقية التي أحياها؟؟

 بالليل أعيش في وطني و مع حبيبي و برفقة أهلي وأصدقائي بعيدا عن تلك الاحتمالات الواقعية جدا؟؟

 

* شرائط الكاست

يا حبيبا زرت يوما أيكه

طائر الشوق اغني ألمي

لك إبطاء المذل المنعم

وتجني القادر المحتكم

وحنيني لك يكوي أضلعي

والثواني جمرات من دمي

ليتني أستطيع التخلص من تلك الشرائط القديمة

ليتني اصمت آهاتها المحترقة في دمي

أعطني حريتي – أطفئ ذاكرتي – من حرائق التذكر.

 

* أقلام روج

كثيرة العدد ومتعددة الألوان ... للصباح وللمساء وللسهرات . أحب شرائها بكثرة!

لكني لا أطيق استخدامها ربما لأنها تصنع حاجزا بيني وبين قبلاتك - التي تلتهم فضاء رغبتي؟؟

 

* سجادة صلاة

ارتبك كثيرا حين أواجه مثولها الدائم أمامي، وحين تختفي وسط الحاجيات تناديني برعشة شوق إليها. اعترف انه ربما أتكاسل يوما بنية مبيتة أو غير مبيته عن الفرائض الخمس لكنني حين أصحو عند همهمات الفجر وأتسمع الصوت البعيد ( يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم )

أتوضأ من خمر الكلمات، وأصلي للمحبوب، ويأخذني الحنين إلى بابه فاطرق الباب بوجل وارتعش من فيض الأمان، وأصبح كالمجذوب في حضرة الوصل؟

 

* الأوراق البيضاء

لم اعد أحب القصص القصيرة، ولا الروايات

لم اعد أحب كتابة الخاطرات!!

لم اعد أهتم بثقل موهبة الشعر بتعدد القراءات

كل ما أريده أن يصبح جسد الورقة البيضاء كرنفال من الحروف، والهمزات، والواوات، والهمسات وألا أبقيك أيتها الورقة بيضاء وأنت ما أبقيت على فتركتني نهبا للافتراضات!

وحقل تجارب لشتى الاحتمالات.؟؟؟