جمعية فؤاد نصار تنظم مؤتمرا حول التعليم في فلسطين

فرّاس حج محمد

نظمت جمعية فؤاد نصار لدراسات التنمية مؤتمرا حول التعليم في فلسطين، وجاء المؤتمر تحت عنوان "نحو تعليم عصري لتحقيق التنمية الاجتماعية"، وعقد المؤتمر في مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في رام الله، يومي الأحد والاثنين 23 و24/3/2014، وحضره وشارك فيه نخبة من الباحثين والأكاديمين وممثلو عن وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية والمؤسسات ذات العلاقة.

وفي الكلمة الترحيبية للأستاذ محمود شقير بين فيها ريادية خليل السكاكيني في مجال التربية والتعليم، متسائلا عن عدم قدرتنا حتى الآن على البناء على أفكار السكاكيني بالإضافة إلى تراجع دور المدرسة الريادي.

وفي كلمة جمعية فؤاد نصار بين النائب بسام الصالحي أنه لا يمكن الحديث عن التربية بعيدا عن التناقضات في المجتمع في نواحيه كافة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تناول في الحديث كثيرا من المسائل التعليمية سواء التعليم المدرسي أو التعليم الجامعي، لافتا النظر إلى ارتفاع كلفة التعليم الجامعي، وإضافة أعباء إضافية على الطلاب، مما يجعل التعليم حكرا على من يمتلك المال وهذا سيؤثر في التنمية الاجتماعية.

قدمت في المؤتمر واحدة وعشرون ورقة بحث ناقش فيها المؤتمرون قضايا تشغل بال كل مهتم في القطاع التربوي، فكانت هناك أوراق بحثية تحدثت عن المناهج الفلسطينية والمقررات التعليمية، وقد أخذ هذا البعد في المؤتمر كثيرا من النقاش والعرض والتوصيف، واتفق المحاضرون جميعا على جملة من الأفكار فيما يخص المناهج الفلسطينية تتمحور كلها حول قصور المناهج والمقررات عن تحقيق التنمية الاجتماعية لقصورها في تنشئة عقلية الفرد المتحرر والمفكر، ليتخلص من العادات الفكرية المكتسبة في البئية الاجتماعية التي يعيش فيها، كما ودعا المشاركون إلى ضرورة إدخال مادة الفلسفة في المناهج، والتفكير جديا بحذف مواد أخرى.

أما البعد الثاني في المؤتمر فكان التعليم في مدينة القدس وما يعانيه من معيقات ومشاكل كبيرة وحادة، وتؤثر في بنية التعليم ذاته، عبر توزع التعليم في القدس على ثلاث جهات تشرف عليه (وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، وزارة المعارف الإسرائلية وبلدية القدس، والمدارس الخاصة)، وما يجرّه ذلك من مخرجات في الإدارة والإشراف وتحكم الاحتلال بصلب العملية التعليمية، وفرض قوانينه الجائرة، وتشويه المقررات الفلسطينية وحذف ما يؤكد البعد الفلسطيني ويرسخ الانتماء الوطني، مما يؤدي إلى تكريس سياسة الاحتلال في المدينة المقدسة.

وفي ذات السياق تم عرض ورقة بحث خاصة عن أوضاع التعليم في مناطق الاحتلال الأولى (1948) قدمها أ. إسكندر عمل، بين فيها وضع التعليم في الوسط العربي وإجراءات الدولة ضد العرب في إسرائيل وفرض مقررات لا تلبي الحاجات العصرية ولا تساهم في رفع مستوى الوعي الوطني أو المعرفي.

وفي مجال تعليم الجيل الناشئ قدمت مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي ورقة بحثية ركزت فيها على أهمية المكتبات المدرسية ودور النشر لخلق مجتمع حر وآمن، والذي يمكن أن يتشكل من خلال بناء مجموعة من الأنشطة تقوم على الحوار والتفكير وتعزيز دور الطفل كمشارك فاعل، كما وبينت ورقة بحث أخرى مقدمة من جمعية الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل كيفية رعاية المواهب في المدارس ونشر إبداعاتهم في مجلتي الزيزفونة الصغيرة والكبيرة، والعمل مع الطلاب وتنفيذ الأنشطة التي تعالج العنف في المدارس بالإضافة لعقد دورات مجانية للطلاب في الرسم، ودورات أخرى لإعداد أمناء المكتبات في مديريات التربية والتعليم المختلفة.

وفي البعد الثالث للمؤتمر كان هناك شهادات من معلمي المدارس حول تجاربهم الشخصية ضمن السياق الذي يعملون فيه، فتم عرض وجهة نظر المعلمين الميدانية في مناطق جغرافية متعددة من فلسطين، فكان هناك شهادتان من القدس، وأخرى من معلم من منطقة جنين، وشهادة رابعة من معلمة في الخليل، وجاءت هذه الشهادات مبينة المعاناة التي يعانيها المعلمون سواء من النظام التربوي أو من معيقات أخرى على الأرض نتيجة الوضع السياسي العام المحكوم بإطار أكبر، ألا وهو الاحتلال.

وقد حفلت الأوراق المقدمة من المشاركين بتفاعل من الحضور، فكان هناك مداخلات أثرت النقاش، ووسعت بعض الجوانب، وألقت الضوء على جوانب أخرى مهمة.

وفي نهاية المؤتمر تم مناقشة مجموعة من التوصيات التي تخرج تلك الأفكار من دائرة التشخيص المجرد إلى دائرة الفعل ليكون التعليم فعالا، بعيدا عن مرض التلقين الذي "يجلتن" العقلية ويؤدي بها إلى التحجر والتقوقع.

وجدير بالذكر أن جميع الأوراق البحثية والمداخلات التي قدمها المؤتمرون ستصدر في كتاب عن جمعية فؤاد نصار لدراسات التنمية.