يقدم الناقد الفلسطيني في هذا المقال تاريخا مختصرا لتجربة هذه الشاعرة الرائدة في تغيير بنية القصيدة عروضيا وشعريا، وقراءة في مزاجها الشعري والنقدي الخاص بمناسبة رحيلها في الشهر الماضي.

رحيل نازك الملائكة وريادة الشعر الحر

ريادة الشعر الحر ... وانطواء وانتظار طويل للموت

إبراهيم درويش

ارتبط اسم الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة (1923 ـ 2007 ) بسؤال الريادة في الشعر العربي الحديث، من تمرد اولا علي اوزان الخليل ومن بدأ حركة الشعر الحر نازك ، بدر شاكرالسياب ام عبدالوهاب البياتي ... ومن كان سابقا، قصيدة الكوليرا 1947 أم هل كان حبا للسياب، وايا كان الجدل، فالتجديد في القصيدة العربية اضحي واقعا والقصيدة العربية قطعت مراحل طويلة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تواصل التجديد والبناء، ومن هنا فالمهم قراءة تجربة نازك الملائكة باعتبارها صوتا تأسيسيا في حركة الشعر العربي الحديث. وتري سلمي الخضراء الجيوسي ان حركة الشعر الحر بدأت رسميا واعلاميا بصدور ديوان (شظايا ورماد) 1949 بالرغم من ان 11 قصيدة من قصائد الديوان (مجموعها 32) كانت مكتوبة علي طريقة الشعر الحر.

وقد قدمت الملائكة لديوانها عارضة لافكارها في الشعر الحر وتفضيلها له كوعاء فني اقدر من الشعر المكتوب بطريقة البحور الخليلية. الاسلوب الجديد في ترتيب التفعيلات الخليلية يحرر الشاعر من الوف القيود. وتقول الجيوسي ان الحركة / حركة الشعر الحر تلقت دفعة عندما اصدر بدر شاكر السياب (1926 ـ 1964 ) ديوانه الثاني (أساطير). لم تنته قصة الريادة خاصة ان الملائكة وان المحت في بداياتها الي انها اول من اكتشف هذا الشكل لكنها نفسها في المراحل الاخري من تجربتها الشعرية ضاقت ذرعا بالحديث خاصة هجوم، البياتي عليها والذي كان يعتقد انه احق بالريادة، مع ان المرحوم الدكتور احسان عباس اكد علي اهمية دورها عندما تحدث عنه في كتابه عن بدر شاكر السياب، حياته وشعره وايا كان فالجيوسي تعتقد ان ديوان شظايا ورماد (1949) كان المنبر الذي بدأ منه النشاط النقدي حول الشعر الحر، واسهمت كتابات الملائكة في البداية واللاحقة في نشوء حركة او نشاط فني ساعد في تفسير وتحديد معالم الحركة الجديدة، رغم ان النقاش التجديدي حول الشعر كان سابقا. وتلاحظ الجيوسي ان السياب وعبدالوهاب البياتي والملائكة بدأوا رومانسيين، خاصة الملائكة التي بدأت في ديوانها الاول عاشقة الليل انطوائية ورومانسية، وفردية تحمل في طيات تجربتها الشعرية ابداعا اكبر مما كان لدي معاصريها من الرومانسيين العرب. عموما ظلت الانطوائية ملمحا هاما من ملامح شعرها وحياتها، خاصة قصائدها في قرارة الموجة و شظايا ورماد . ومع ذلك كتبت قصائد عالية الجودة تخوض في هموم الفرد العربي والقلق الانساني. وتأخذ الجيوسي علي النقاد العرب تضخيمهم لموقفها الانطوائي، ربما بسبب طريقتها الشخصية في تناول المشكلات الشمولية.

عندما تحدثت الملائكة عن ضرورة التحرر من قيود القديم كانت شابة وغير مجربة او ربما بالغت في حديثها لانها الغت بقولها هذا شعرا جميلا وقديما. لكنها بعدما نضجت واستوي عودها وعود تجربتها الشعرية عادت ربما بدافع لتقنين التجربة الجديدة، بعد ان خرجت عن مسارها كما كانت تعتقد، خاصة ان فترة الخمسينيات شهدت طوفانا من الشعر الحر الرديء. ومن هنا قامت بتغيير موقفها من الشعر الحر عندما اصدرت كتابها قضايا الشعر المعاصر حيث اتخذت موقفا حذرا وبدت اكثر حرصا علي تقعيد التجربة وقالت ينبغي ألا ننسي أن هذا الأسلوب الجديد ليس خروجاً علي طريقة الخليل، إنما هو تعديل لها، يتطلبه تطوير المعاني والأساليب خلال العصور التي تفصلنا عن الخليل . وقد تكون هناك اسباب عديدة تلك التي دفعتها منها ما اشارت اليه الجيوسي من خوف الملائكة من انحراف الشعر الجديد عن الخط القومي، خاصة جماعة مجلة شعر التي كانت تطالب بتحرر اكبر في الشكل الشعري ولغته. ولكن موقفها هذا لم يلق حفاوة من النقاد الذين شنوا عليها حملة شديدة، فقد خصص محمد النويهي جانبا كبيرا من كتابه قضية الشعر الجديد (1964) للرد علي اطروحتها، كما لم تلق افكارها قبولا من عزالدين اسماعيل ولويس عوض ويوسف الخال وجبرا ابراهيم جبرا الذين دافعوا عن حريتهم في اختيار الشكل العروضي المناسب.

علي العموم ان موقف الملائكة وهي المبدعة مدعاة للدهشة فتجارب شعرية رديئة لا يمكن ان تؤخذ معيارا لتجربة ابداعية وهي كمغامرة كان عليها ان تتحلي بقدر من التسامح والجرأة لاخذ التجربة لمداها الرحب ومن المفيد هنا العودة الي تجربتها الاولي في قصيدة الكوليرا التي قدمتها علي انها محاولة للخروج لفضاء شعري جديد، حيث تقول: بعد صدور عاشقة الليل بأشهر قليلة عام 1947 انتشر وباء الكوليرا في مصر الشقيقة، وبدأنا نسمع الإذاعة تذكر أعداد الموتي يومياً، وحين بلغ العدد ثلاثمئة في اليوم انفعلت انفعالاً شعرياً، وجلست أنظم قصيدة استعملت لها شكل الشطرين المعتاد، مغيرة القافية بعد كل أربعة أبيات أو نحو ذلك، وبعد أن انتهيت من القصيدة، قرأتها فأحسست أنها لم تعبر عما في نفسي، وأن عواطفي ما زالت متأججة، وأهملت القصيدة وقررت أن أعتبرها من شعري الخائب الفاشل. وبعد أيام قليلة ارتفع عدد الموتي بالكوليرا إلي ستمئة في اليوم ، فجلست ونظمت قصيدة شطرين ثانية أعبر فيها عن إحساسي، واخترت لها وزناً غير القصيدة الأولي، وغيرت أسلوب تقفيتها، ظانة أنها ستروي ظمأ التعبير عن حزني، ولكني حين انتهيت منها شعرت أنها لم ترسم صورة إحساسي المتأجج، وقررت أن القصيدة قد خابت كالأولي، وأحسست أنني أحتاج إلي أسلوب آخر أعبر به عن إحساسي، وجلست حزينة حائرة لا أدري كيف أستطيع التعبير عن مأساة الكوليرا التي تلتهم المئات من الناس كل يوم. وفي يوم الجمعة 27/10/1947 أفقت من النوم، وتكاسلت في الفراش أستمع إلي المذيع وهو يذكر أن عدد الموتي بلغ ألفاً، فاستولي علي حزن بالغ، وانفعال شديد ، فقفزت من الفراش، وحملت دفتراً، وغادرت منزلنا الذي يموج بالحركة والضجيج يوم الجمعة، وكان إلي جوارنا بيت شاهق يبني، وقد وصل البناؤون إلي سطح طابقه الثاني، وكان خالياً لأنه يوم عطلة العمل، فجلست علي سياج واطئ، وبدأت أنظم قصيدتي المعروفة الآن (الكوليرا) وكنت قد سمعت في الإذاعة أن جثث الموتي كانت تحمل في الريف المصري مكدسة في عربات تجرها الخيل، فرحت أكتب وأنا أتحسس أصوات أقدام الخيل:
سكن الليل
أصغ، إلي وقع صدي الأنات
في عمق الظلمة، تحت الصمت، علي الأموات

ولاحظت في سعادة بالغة أنني أعبر عن إحساسي أروع تعبير بهذه الأشطر غير المتساوية الطول، بعد أن ثبت لي عجز الشطرين عن التعبير عن مأساة الكوليرا، ووجدتني أروي ظمأ النطق في كياني، وأنا أهتف :
الموت، الموت، الموت
تشكو البشرية تشكو ما يرتكب الموت

وفي نحو ساعة واحدة انتهيت من القصيدة بشكلها الأخير ... وركضت بها إلي أمي فتلقفتها ببرودة، وقالت لي: ماهذا الوزن الغريب؟ إن الأشطر غير متساوية، وموسيقاها ضعيفة يا ابنتي ، ثم قرأها أبي ، وقامت الثورة الجامحة في البيت، فقد استنكر أبي القصيدة، وسخر منها واستهزأ بها علي مختلف الأشكال، وتنبأ لها بالفشل الكامل، ثم صاح بي ساخراً: وماهذا الموت الموت الموت .... وراح أخوتي يضحكون وصحت أنا بأبي: قل ما تشاء، إني واثقة أن قصيدتي هذه ستغير خريطة الشعر العربي.

هذه الحكاية التي اسست فيها نازك الملائكة للقصيدة وتكشف عن وعي اولي بسطوة الموت، خاصة في اعمالها الاولي ووعيها وحساسيتها التي جعلتها تحاول فك سر الموت وانتظرته شابة وكهلة وعجوزا. فمن الملاحظ ان نازك الملائكة انشغلت باكرا بفكرة الموت، فالموت يحضر دائما في اعمالها، مأساة الحياة واغنية الانسان (1970) الذي هو محاولة لفهم مكان الانسان في الحياة ومعني وجوده، في مقدمة هذا الديوان تقول انها في شبابها كانت تتعامل مع الموت كظاهرة مدمرة، او كارثة يمكن للانسان ان يسمعها، فقد كان الموت هو اكبر تراجيديا للانسان، وقد حملت معها هذا الحس الخائف طوال حياتها، ومن هنا ظل الموت لغزا ومصدرا للكوابيس التي تغذي مخاوفه لحظة الموت رسم الحزن في محياه رعبا لم تر مثله الاحياء. الموت هنا لحظة الفناء والتلاشي لم يبق منه الدود شيئا يري ولم يذر منه الردي بقية الموت هو تعبير عن الدخول في نفق مظلم ومواجهة رعب اللحظة. ومن هنا كانت نازك معنية بوصف لحظة الدخول وصمت المقابر والشوك والاحجار التي توضع علي قبره، حيث تترك بقاياه لعالم مخفي الاسرار.

تمظهرات الموت في شعر نازك الملائكة متعددة فهو قوة انتقام تضرب بلا رحمة والمغارة الغارقة عن سيل يجرف مقبرة يترك وراءه جثثا وجماجم وبقايا وعيونا مبحلقة، الموت قدر محتوم لا مفر منه والسيل العارم هو صورة من صور الموت فلا مفر منه وحتي الموتي ليسوا محصنين من سطوته. الموت ايضا هو تعبير عن عجز الانسان وعقمه، وتمشي الاحياء فوق بقايانا وداسوا عظامنا ودمانا. الموت هو المعادل الموضوعي للحياة وما منعها من حب الحياة هو الظلم والفقر والالم في مأساة حياة ترحل نازك مع الزهاد وتغوص في عالم القسوة وتغادر المدينة للريف وتبحث عن السعادة مع بقية الشعراء، ولكنها تعود خاوية الوفاض، رحلتها هنا تذكر بقصيدتها دكان القرائين الصغيرة حيث دخلت ازقة بغداد تبحث عن مصحف صغير تهديه لحبيبها المسافر. ولكنها تعود من رحلتها الروحية والمعبقة بالحناء والعنبر والعطر بلا مصحف صغير يعلقه حبيبها علي صدره كتعويذة تحميه من العيون وربما من الغياب.

لم يكن الموت خوفا كله فهو تعبير عن السعادة لانه يحررها من مواصلة الرحلة الطويلة بحثا عن السعادة. تمنت الملائكة الموت سريعا وفي الشباب لانه، اي الموت، هو بمثابة العرس وقد خصصت في كتابها قضايا الشعرالمعاصر فصلا عن العلاقة بين الموت والشعر، حيث قدمت تحليلا عن موت الشاعر الرومانطيقي في عز شبابه، كيتس وبروك انكليزيا ومحمود الهمشري والشابي عربيا. انه تعبير عن اصالة الشعر وانفعالية الشاعر وحساسيته العالية التي تدفعه، ولهذا ظلت تنتظر الموت الذي كانت تعتقد انه سيحضر سريعا وليس متأخرا. وهنا كان حنين الملائكة للموت نوعا من الهروب من معاناة الحياة وملجأ من الخوف من تقدم العمر والشيخوخة. التوتر والمراوحة بين الخوف من الموت وكراهية الحياة كان عاملا غذي رحلتها ومن هنا جاء النداء دائما للعودة للشعر عودي للشعر والاحلام ـ من اي شيء انت هاربة، ان حب الشعر والقصيدة كان مخرجها من الخيارين الصعبين الموت والحياة.

ومن هنا كان الطابع المميز لشعرها هو الحزن، اليأس، الكآبة، الالم والتشاؤم والعزلة والتمرد والتسليم، ربما كان خوفها من الموت نابع من حوادث في حياتها وهو موت والدتها في لندن عام 1953 بعد معاناة طويلة مع المرض، وهو ما تحدثت عنه في لمحات من حياتي وثقافتي . حاول الكثيرون فهم سر تعلق الملائكة بفكرة الموت منها ربطها بفظائع الحرب العالمية الثانية ـ او حوادث ومآس عائلية او نظرا لتجذر فكرة الحزن في شعرها او محاولتها فك لغز الموت ولكنها في النهاية وقفت عاجزة امام سره فقد ظل الموت لغزا ظل يعاند ويراوغ قلبها الحزين. ومن هنا اشارت الي كيفية تعامل روبرت بروك الذي زارت مسكنه في كامبريدج وأحد الشعراء الذين تأثرت بهم، ان بروك لا يرِي في الموت غرابة تجعله يبالغ في حبه وانما هو شيء اعتيادي له ما للحياة من جمال ، وفيه ما فيها من انزعاج لا اكثر .

ولكن هذا الاهتمام بلغز الموت كان سابقا ووعيه مبثوث في كل اعمالها. تذكر حياة شرارة في كتابها صفحات من حياة نازك الملائكة (1994) ان نازك واجهت فكرة الموت بطريقة ارعبتها عندما كانت تدرس في جامعة ويسكونسن، ماديسون حيث مرت في خاطرها فكرة موت الانسان متجمدا في رحلة لها الي بحيرتي كومو وجنيفا اللتين تبعدان قليلا عن ماديسون، وهي تجربة رهيبة تركتها اسيرة مخاوف وشربت اكثر من كوب شاي ساخن لتهدئة اعصابها. وقد تحدثت نازك عن معركة امها مع المرض وموتها وقضيت اربعة ايام رهيبة في لندن لا اقوي علي النوم، وكنت اتعذب بفكرة عنبر الموتي الذي ترقد فيه امي الحبيبة وكانت لا تفتأ ترن في سمعي: انهم سيقتلونني .

نازك الملائكة كانت صورها تعلق في محلات بغداد واشتهرت ولما تبلغ الثلاثين من عمرها. عاشت سنواتها الاخيرة بعيدة عن الاضواء لدرجة ان اكثر من شائعة انتشرت عن وفاتها، وهي بعد ان استقالت من جامعة الكويت عام 1982 وعادت لبغداد ظلت بعيدة عن الاعلام. وانتقلت الي القاهرة بعد عام 1994 حيث لفظت انفاسها، ماتت نازك الملائكة في قاهرة المعز، وكأن الزمن يعيد دورته الغريبة فعندما اجتاح المغول بغداد عام 1256 ودمروها نهضت مصر والقاهرة، ولكن قاهرة اليوم لم تنهض عندما سقطت بغداد 2003. تموت نازك الملائكة التي اختارت العزلة والانطواء في سني حياتها الاخيرة وبغدادها/ عراقها يعيش وباء الموت تماما كما كتبت قبل ستين عاما عن وباء الكوليرا استيقظ داء الكوليرا ... حقدا يتدفق موتورا ، الجامع مات مؤذنه ... الميت من سيؤبنه ... موتي موتي ضاع العدد ... موتي موتي لم يبق غد .

ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 آب (اغسطس) عام 1923 في أسرة معروفة بحب العلم والثقافة والشعر وكانت أمها تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم أدبي هو (أم نزار الملائكة) أما أبوها صادق الملائكة فترك مؤلفات أهمها موسوعة (دائرة معارف الناس) في عشرين مجلدا. درست الشاعرة الراحلة اللغة العربية في دار المعلمين العالية، وتخرجت فيها عام 1944 كما درست الموسيقي بمعهد الفنون الجميلة. ثم درست اللغات اللاتينية والانجليزية والفرنسية وأكملت دراستها في الولايات المتحدة عام 1954 حيث حصلت بعد عامين علي شهادة الماجستير في الأدب المقارن من جامعة ويسكونسن. والملائكة لقب أطلقه علي عائلة الشاعرة بعض الجيران بسبب ما كان يسود البيت من هدوء، ثم انتشر اللقب وشاع وحملته الأجيال التالية. وعملت الملائكة بالتدريس في كلية التربية ببغداد، ثم بجامعة البصرة، ثم بجامعة الكويت. صدر ديوانها الأول (عاشقة الليل) عام 1947 ببغداد ثم (شظايا ورماد) عام 1948 و (قرارة الموجة) عام (1957) و(شجرة القمر) (1968) و (يغير ألوانه البحر) عام 1970 و(الصلاة والثورة) عام 1978. كما صدرت لها عام 1997 بالقاهرة مجموعة قصصية عنوانها (الشمس التي وراء القمة). ومن بين دراساتها الأدبية: (قضايا الشعر المعاصر) 1962 و (سيكولوجية الشعر) 1992. فضلا عن دراسة (التجزيئية في المجتمع العربي) 1974 ومقاطع من سيرتها الذاتية. اهتمت بالسيرة الذاتية (لمحات من سيرة حياتي وثقافتي).

ورحبت الشاعرة شعرا بثورة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم عام 1958 لكنها اضطرت لترك العراق وقضت في بيروت عاما كاملا، وفيما بعد وصفت قاسم بالرجل الذي استهوته شهوة الحكم.

ورغم غياب نازك الملائكة عن المنتديات الثقافية في السنوات الأخيرة فإنها ظلت في دائرة الضوء إذ حصلت علي جائزة البابطين عام 1996. وقدمت لها جامعة البصرة دكتوراه فخرية. كما أقامت دار الأوبرا المصرية يوم 26 ايار (مايو) 1999 احتفالا لتكريمها بمناسبة مرور نصف قرن علي انطلاقة الشعر الحر في الوطن العربي. وشارك في الاحتفال الذي لم تشهده نازك الملائكة لمرضها شعراء ونقاد مصريون وعرب بارزون إضافة إلي زوجها الدكتور عبد الهادي محبوبة الذي أنجبت منه ابنها الوحيد، البراق. احبت نازك طفولتها وتمنت قائلة:
ليتني لم أزل كما كنت طفلا
ليس فيه إلا السنا والنقاء
كل يوم ابني حياتي أحلاما
وأنسي إذا أتاني المساء.