يعيدنا الشاعر المصري الى حالة تشريح نفسي تستعمل فيها كل الوسائل كي يبدو الجسد في أفصى درجات التحلل والانحلال، وفق رؤية شعرية جديدة ينحث الشاعر لحظة يتقاطع فيها الحضور بالغياب ويتوحدا كي يتيحا معا للقصيدة لملمة مشهد تشريح فعلي للكينونة.

أفتح لمبة في الصدر

عصـام خـليل

أجرُّ بالقلم     فاتحة

فواصلها صوانٌ له جرس

يروحُ (جبرائيل) ويجيء على مُهرةٍ حتى

أرسمَ النقطة آخرَ القصيدة.

رهانُ الصبح كان على الذاكرة،

حفظتها الطيبة بالطبيخ والشمع

 

أفتح فمي لأكتب

فلا يطير دُخان،

تتزلزلُ فكُوك

أقول الرواسي كانت من الشمع.

 

رئاسة الحيّ مشغولة بالانتخابات

لذا التربةُ جاهزة

لكوّةٍ من الخُوص في الهواء

أتكئُ على فرشةٍ رخيصة

ووجبةٍ واحدة من خبزٍ وجرجير

..

أفتحُ لمبةً في الصدر

تظهرُ عجائب .

***

أذكرُ

هاجمتني أكثرُ من ومضة      

وأنا شبهُ حيّ

قاومتُ اكتمالها حقيقةً          

في جبهة المخّ

فأنا وعْلٌ ،

لا آكل سوى الحشيشِ في بدء

الصحو.

 

أمرُّ جنبَ فيلٍ نقلَ نصفَ بحيرة

إلى قطعةِ المعدة،

تنبأتُ بعطشٍ بعد عشر دقائق

 بدأتُ أفكرُ في هيولى القصيدة بدلاً من البصق

وشتمِ آدميٍّ يغتسلُ على الضفة.

 

أستيقظُ على حشرجة ماسورة "الدُش"،

فكرةُ التلصص من المَنْور     

تقوّي الاستمناء

..

أقفلُ الشقّة

أنزلُ في غيبوبة.

***

أشجُّ قنالاً في الوجهِ
كى يتعب المسعفون وهم يلمّون الجلد إلى الجلد
أستطيعُ في الحسرةِ استعجال الله
ليقضيَ الأمر،
أن تُبطّل العين النظر،

أن أبنيَ مكانهما

كشّافاً على منارة..
لا بدَّ أنَّ شيئاً يجبُ أنْ يحدث لأغيّر عُود الكتابة.

***

أتألمُ،    

في وسطِ الصدر غصّة

لا ترتاح

أساعدُ أحدَهم بمشرط

لو استمرّ حكُّ الجلد بالحديد

سأحفرُ جداراً بحجم صورة عائلية

لكلِّ من جسَّ اللقيا بوعظ

أو بحديدة مسنونة بُغية إصلاحٍ في الجسم

وأنا نصفُ مخدّر

الجرح يعمق

الفتحةَ بالجسد مرميان على تذكَرةِ مستشفى

لا رئة كي ننضح الهواء

لا رمل يكفي للحفرة

 

أصبِر. أبدأُ من الولادة

إلى آخرِ خشبةٍ ابتردَ عليها الظهر.

***

الطريق مُغبّر

وقضيبا الحديد والجلد يسعلان

حتى بانت لمعةُ الرئة

هل يوجد طريقٌ أخرى لا تحرسها طيور أو

مزلقان ؟!

لو أنّي عاملُ تحويلة

لناديتُ هجّامة تسلّم على كلّ الحُمولة

لا يسأل أحدٌ عن البضاعة أو السجائر

المهمّ أن يصل التشبيهُ، بين الغبار والقطار،

بخشبة متينة من عريش السطح

لو أنارَ السكّة شمعةٌ في أوّل عربة

على شريط الحديد؛

لسكت الناس، والله لسكت الناس

قلّما تنزلُ الملائكة في مقاعد

بلا ضيّ .

***

حياتي صعبة
كيف أهرب وأنا تحت الزنار..
لماذا القطارُ بطئٌ
ولا يصل إلى الحبل المربوط..

لو لي فرصة
لو يهجمُ عشرةٌ من رجال البلد
لم يفطروا إلا الشاي،
ليسلموا على كراتين السجائر

لنجوت
لخفّ حزّ القضيب على الرقبة
لمتُّ أسرع في الهواء.

***

أحسُّ أنّي مستهدف

من السماء

كبائع الخبز

بين الزبائن

أمشي

ودائماً في جيبي قلمٌ

ولوح،

أنا جاهزٌ تماماً..

وأبي اشترى قطعتين

في توسعة المدافن .