تقترح الكلمة في هذا العدد ديوانا من العراق، نصوصا لكاتبة عراقية اختارت قصيدة النثر رهانا لأفقها الإبداعي الى جانب التشكيل البصري لقصيدتها، ومن خلالها تعيد كتابة تلك النظرة البطريكية وتنتقدها من الداخل، معلنة صوتها الحر في الانعتاق والتحرر من أدران ما سنه المجتمع الذكوري في المخيال الشعبي.

كروموسومات نهائية (ديوان العدد)

ماجـدة غضـبان

ما بعد إنقراض الرجل الأخير

أجل..

هو من إرتقى عرشه حيث ترتفع الأبصار فلا ترتد إلا والصبا رحيق بقائها،

و رعشة النبض في شريان جنين يولد..

و قد بدا وكأنه للسحاب رفيق، وحِجر تتلاطم فيه ذروات طيشه وعبثه..

بزته الموغلة في نزقها جعلت من زغب جسدي ينتصب ما أختال أمام ناظري..

أيمكنني الإدعاء بعد يقين أبهرني بإتقاده انه ما كان بهيئة يسيل لها اللعاب؟؟..

أبرقت عيناي، وأستبشر شوق أمطاري بجذل الهطول..

تأرجحت العروق في بدني، وشهق النسغ في مسراه،

وأنا أستشعره يجتاحني لبرهة من الزمن..

فأمد لقلوعي نسيجها اللامتناه حتى يقظة عطائه المتفجر..

إقتربت منه فدانيت قدسية تفرده،

و آنتحت بي رغبة اقتطاف محرماتها..

بين أضلاعه تقيم الملائكة طقوسها،

و تمرغ وجوهها بطراوة عشب الربيع الغَرور..

إستكانت ديباجة بزوغه دون حراسة..

دون تحذير يمنعني أو يمنع غيري من الطامعين في إغتنام فرصة إمتلاكه..

من سيجرؤ على إتهامي بالإثم

لو أنني الساعة قد غرقت فيه لأعرف معنى الإرساء عند موانئه الشبقة؟؟

أتراه قبس لأعين أجهلها..

أم أنه لم يلوث بعد بمطامع البصر دون البصيرة؟؟..

سافرت بحدقتين يكسوهما التوق حتى آخر خيط ضوء مرئي..

وترقبت أذناي إلتقاطها لومضة صوت غريب..

كان للفضاء أن يدعوني للإختلاء به..

وللشمس أن تبارك وجودي معه..

الطبيعة بكل مقتنيات خالقها تحولني الى كتلة رغبة لا مناص من طاعتها..

رغم جذوره الضاربة في عمق إحمرار الأصيل..

لم تر عيناي غبار القـِدم الذي إكتنف زفيره العطر..

مثلما لم ألمس ترفا على محياه..

رائحته تشد أي طارق لسبيله..

وقد ولهني حتى قبل أن اشتهي اصطفاءه لنفسي..

جمر يتقد كدأب موقد شتاء على تحدي نثيث الثلج يغمرني بدفء لذيذ..

تموج في جسد النسيم يحملني كبذرة لقاح تفوح ذكورة،

وتسعى ذائبة في فرط حبورها نحو الإتحاد بميسم لزج..

تلمست تناقض الغسق على هضيباته،

ورباه الناضحة بأغصانها الغضة..

وقدح في جسدي بركان صهواته المتأرجحة بين فردوس وآخر..

أمرت جسدي بالإذعان لهواه..

و ترنحت بين صباه وكهولته..

أطلقت العنان لفحيح المسامات،

وهي تستنشق هوام أفيونه..

تنحى قوس قزح عن مواضع سحبي النديفة..

واستقر بزهوه بين نهدين ضجرين من مداعبات

بحر مأسور عند شطآن أنوثة ..

تدفق وجده من سرة الكون حتى معصم الشبق..

وطفا الشهد على سندس عشق يذوب بين إستبرق

وآخر حتى بطون الأرائك..

الباب الذي فتح ذات صراط مستقيم بين شرنقة،

وعزف جناحي فراشة، قد أغلقته ساق الريح العارية عن موبقات خريف..

العرش، والفضاء يكسوان طريقي نحوهما بخطى عودة مستباحة..

والغلمان ينكبون على فوهة ثورة..

الذبول يضطجع كطريق خرف لا تتخطاه قوافل الحجيج حتى ينال ما أخضر منها وما أينع..

دبت أناملي في توحدي المستديم به..

دب الحياء من ماض لم تفارق جاهليته حرير ثوب الشمس قبل إرتمائها بين زندي الغروب..

صغائر الرمال تتحدى السيوف القائمة على قلاع عيني،

فتقتلع منابت النجوم..

وشتلات الضوء اليانعة عند الرايات الحمراء..

تنهدت الكثبان في روحي..

وتجعدت أهلتي في سماوات تتلاشى خلف غضب آلهة لم تمنحني تربة عبادتها..

ولا سديم حريتها..

أطلقت تنهيدة قريش الأولى، ثم الثانية،

وتوزعت ذراتي بين ذراعي جماع مدنس بجبروت إبليس..

ترجل السائل المرتضى بين فخذي الغسق،

ومس نهايات نهار مقدس،

فَتِح كل فرج يسيل بغيثه نحو الغد..

ودَسَّت أعواد القصب بين اثداء هور يمور..

إستنفذ الشهيق كل هوى يمتطي أكاذيبه..

وأرخت القلوع تعنتها عند كل مرسى..

خبا الضوء.. إبتلت لوحة المفاتيح بشاطيء فرات توسد الشاشة..

همدت ساقان..

قذف القلب صلواته..

ولقح فؤاد إعرابية..

و اغلق حاسوب بين متاهات الأقمار الصناعية..

 

"ولك يا ريل لا تكعر.. خذت ولفي وأريدنه"

عن زامل والنواب وشط البدعة وآخرين*

كنا قصار القامة،

و نخلات حمود الثلاث بثمرها المغري تنتصب كأكبر تحدي لنا في هجيرة آب..

تخيل لو أننا يومها حصلنا على ذلك الزجاج الكروي الملون الذي كان في حوزة إبن دويج،

ما كان يسميه بالدُعبُل، هل ستكون ذكريات طفولتنا كما هي الآن كالحة ودون ألوان؟........

هكذا بدأت ضحكتي الطويلة يا حمد..

مزيج خزفي من شوق يعوم على دهلة** تساؤلات،

دونته في رسائل ألكترونية لرفيقتنا الثالثة حول ذكريات الطين،

و الفيء، ودمع التبرزل الذي نلعقه عسلا في أحلامنا..

مع وخزة شوك دامية تذكرنا دوما انه ما كان سوى دمع في مخيلة زامل..

خلف جنازته مشينا جميعا صامتين،

و نحن نرقب بعثرة سيول الدمع لقصائد ديوان (المكير) بين شط البدعة،

وبغداد،

والزقورة،

وظل شاب أحمق نسي أن ينام على "خوانيك الريل

وهو يكعر" رفقا بسمرائه..

ببساطة لم يطالبه بالصمت كي تواصل إغفاءتها..

لم يدرك أيضا لحماقته انه يمعن في التمثيل بجثة زامل الممزقة في حادث سيارة مفتعل..

ولأنها حلمت بأعذاق لا تطولها أيدي الصغار فقد ردت بحماس على أهزوجتك الجنسية:

- غفوت بك، ولأجلك، ومنك، وحولك..،

ثم استدركت خجلا ونظرات الجميع تستنكر شبقها:

-  وكأنني بها بقيت "عثوكه ما تنلاح"..

أأنا بحاجة يا حمد لإستئذانك كي أشارك زامل دموعه؟

رائحة الهيل تعطر المكان،

و صوت الهاون يطغي على صوت قطار يقف بين طيفي وطيفك كالحية الرقطاء،

و مظفر الوحيد مع قلمه ودفتره الذي كان يعلم انني مررت بك..

- تسألني لماذا يا حمد ؟،

لأنه ببساطة كان يجلس جواري في القطار القديم،

و الكحلة الرخيصة التي اشتريتها من سوق الجملة في الشورجة كانت تسيل بهدوء على البودرة القبيحة، وأحمر الشفاه العاهر الذي أخفيت وجهي خلفه..

أتمنى لو انني الآن ألج معك العالم الملون ذاك في دعبلة واحدة من دعابل ابن دويج..،

هل كنا سنخرج لنرى ما حل بالنواب بعدها في سورية؟..

لعلك تجد في ذلك جريمة،

و انت تقترب من قدسية منصة البيت الأبيض،

أدام الله ظله، وقدس سره..

هناك حيث يصنع قرار الكلمة التي ستعلن قبل نطقها بسنين..؟؟..

حسنا، كلانا سمع تلك المعلومة من خالي المغيب،

و شقيقك الشهيد..

الدخول في كروية الزجاج وسحره من العبث غير المستحب في مضيفك المتنحي جدا عن "الريل"،

و حكايات مظفر العدمية التي لم تقتحمها دراسة جدوى أبدا..

أشهد يا حمد ان ثرثرتي تلك خارج كل مقاييس العلماء،

و قراءات الحضارات،

خارج الخطط،

و المخططات،

و تخطيطات العري بقلم الرصاص..

و حتى هذه اللحظة مازال رأسك في حجري،

و أنا أغني لك:

"آنه ارد الوكـَ لحمد \ ما الوكـَ انا لغيره"

عشقنا الأغنية معا،

و هي تذاع من مذياع كبير في صريفة ناهي،

و بقيت تدور في رأسينا كدولاب العيد على أرضية تلمع،

نكاد أن نرى فيها وجهينا في قصور الرئيس،

و قرب حنو دجلة على الجثامين الطافية،

و على صفحة السين الحالمة،

ووحشة التيمز،

وضياع المسيسيبي حيث ارتحلت قوافي المراهقة،

وألواننا الخشبية العابقة بروائح المدرسة المتوغلة في الريف،

و طين الشتاء الزلق..

و ربما لو حاولنا إعانة بعضنا البعض على تسلق نخلات حمود قرب أرض أبي المحتشدة بالطماطة

و البطيخ لحظينا ببعض حلم زامل الدبق..

_أرأيت كم هي دبقة أحلامنا؟، دبق الشهوة؟، دبق التبرزل؟..

جميعه دبق.. له أجنحة التحليق بعيدا عن مرارة الحنظل في كل ما أعقبه..

بضع حبات من التبرزل كانت ستجعلني أغض الطرف عما قاله النواب فيك:

"يا ريل طلعوا دغش والعشكـ جذابي"

كانت ستجعلني أصنع من الحنظل غابات تبرزل..

أين كنت ستدور بي بعدها؟..،

أليس بعد دوران الأرض وثبوتنا من زيف؟؟..

يصعب علي الخروج من المضيف،

من رائحة "الهيل"،

من "السنابل"،

من "القطا"..،

من "الخزامات"..،

من "زغرنا

و لعبة الطفيرة"..

بالأمس طاف بي زامل حتى وقف عند شط البدعة،

كان مخمورا،

و راعه أن يرى صورة منارة تنتصب كذكر مستبد في عذوبة الماء..

- انتحي بي جانبا يا حمد..،

و قال لي سره الأخير،

قبل رحيله الأخير:

"يا الشاتل العودين خضر فرد عود"..

كأنني صحوت على كابوس القطار،

و هو يمضي بعيدا عن الناصرية،

و يقترب من البصرة، محطة بعد أخرى،

زاعقا دون رحمة بالسمراء من جديد..

لا أظنك ستلحق بلهاث الصور،

و أنا أقف عند النخلات الثلاث..

اكتشفت ان علي أن أعود للناصرية،

لا سواها،

و ألف عبرة تخنقني،

أنظر الى النهر فاذكر وقوفي معك،

و أسمع صوت زامل يصبرني،

و أرد بسيل من تبرزل نخلات حمود المزروعة في رحمي:

"المفطوم شيصبره؟"

سيكون ذلك عسير الفهم أمام الإحصائيات التي تقول ان معظم الرضع يستسيغون الحليب الصناعي أكثر من حليب الأم..

آه .. يا حمد..

سأعترف دون تزويق،

لا رفيقتنا الثالثة ردت على رسائلي،

و لا شط البدعة إحتفظ بوجه زامل..

أما مظفر فقد زار الوطن،

و هو يعاني من داء الرعاش..

و حين علم انك دفعتني دفعا الى رصيف العهر..

عاد نادما، فقد بدت بغداد مطحونة ككرات من زجاج ملون،

لا يمكن ملامسة أرضها دون العودة بعدد هائل من شظايا الدعبل..

دعبل ابن دويج..

هل تعرف كم تؤلمني شظايا الدعبل؟،

كم يؤلمني حجم ابن دويج وتمثاله وسط بغداد؟..

أم انك أغلقت الصفحة الألكترونية الآن منزعجا،

كما اغلقت دفتي الذاكرة على صورة زامل بدم بارد؟

عاتبني النواب بشدة عند الغراف،

مزق آخر ما بقي لي منك..

كان ردي بسيطا..

بساطة من يقيمون مع النخيل على الضفاف..

سيل من دموع زامل مع بيت من شعر مظفر:

" ولا تمشي مشية هجر\ قلبي بعد ما مات"

بعد دهر، يا حمد، وجدت اننا مازلنا قصار القامة،

ونخلات حمود بتبرز لها تنتصب كأكبر تحدي لنا في هجيرة آب..،

أنت في مضيفك الذي يأنف من صوت ريل قديم،

ولعبة سمجة كلعبة الدعبل،

وأنا في دوامة المحطات من المكير

واليه برفقة لون الاسفلت البغيض..

 

كروموسومات انقراض الرجل الأخير

هذا محير جدا..

المكوّن المستدير يشاركني غيبوبتي..

يحنو على جسدي المتجزيء بين شذراته النباتية..

و ماساته الحيوانية..

 يمر على المخطط البياني راصدا كل نأمات قعر الذكريات،

و الصور التي تعرت من ضوضاء ألوان متشققة على شفاه الظمأ..

شعري قد توغل في برودة الإسمنت حتى أتحد بها..

كما فعلت تلك الجذور العصية على الإقتلاع المتفرعة من درنات جسدي..

يداي فحسب هما القادرتان على الحركة من كتلة مجهضة مشغولة بسيماء القمر..

تجازفان بتوهم حريره مارا من فوق الأصابع المقطوعة والمتورمة..

لطالما كان هناك..!!

 مدركا لصمته كما أفعل..!!

 قانعا بوحشة حنجرتي،

والصدأ الغافي فوق صخورها..

أتراها الكوة المحدقة بعينها الوحيدة،

هي التي صنعت من هلالها بدرا؟؟..

أم انه من بات لا يعنيه ترحاله حول مجسم الأرض،

فأصبحت إطلالته العدمية هذه قدرا محسوما يصرح بلا جدوى تنقلاته وشهوره وأطواره..؟؟..

لم توحدت خياراته مع ما اشتهيت؟؟،

و هل يمكن أن يعد توالي الأيام والشهور والسنين بسكينة الموت وزينة السبات خيارا؟

هذه البقعة المزروعة بنوره، هي بعض ما صرت أجده من نتف سحاب تسيّره ريح لا امسك بلجامها..

و لعلها كل ما تبقى من الجبال التي تكنى (بما مضى) في هذه العتمة الملتفة كرداء وحيد حول هشيمي..

 انني أعيد نفضها وتغيير نسقها عند قدومه..

وما أقصه من هنا،

لا أطيل حتى ألصقه من جهة أخرى عوراء..

لو إنه تجرأ يوما على الغياب، ربما لعرفت كم من الزمن قد سار محملا بحطامي..

غير إنه مسمر حيث هو.. يمس حواف الكوه المرتعشة تحت رقته البالغة..

مفرطا بنسيجه الفضي..

ساكبا إياه دون ندم في مثلث او مربع او دائرة او أي شكل هندسي اقترحه أنا وفق مذاق جنون اللحظة المنتظمة في قلادة غربتي..

أيمارس الطقوس ذاتها في الزنازن الأخرى؟؟..

 وهل من زنازن أخرى؟، أم أنها حقا أشتات صهيل قيود أظنني اسمعها،

و صراخ آخرين أتوهم عذابهم في صالة التعذيب اليومي؟.

بعض من سيوله المتمردة تمر على الثكنات التي أعتلت كف يدي،

فأرى اجزاء من مرتفعات طحلبية الملمس، لزجة، تراكمت فوق بعضها لتتحول الى ما يشبه حراشف المخلوقات الزاحفة في فضاء صحراوي..

أنين بين وديان روحي يجلدني بقسوة..

و سؤال يستعذب حيرتي الممتدة من عهد ما قبل التأريخ حتى هطول ضياعي:

_أيمس بخيوطه النادية بالغموض أناسا آخرين؟؟..

أهو بقرصه المتوهج يبتسم لأرض أخرى؟؟..

أتذكر أن له حِجرا يعرف

كما لا أكاد أجزم أحيانا_ بالسماء..

يتحرك ضمن منظومة قوانين صرت أشك في وجودها حقا..

ربما تاهت كرّاستي بين شك ويقين..

و ترامت جيوش أشباح ماض بين نزيف المداد..

و تنهيدات مساءات المخمل.. ربما..

لكن نسيم الموسيقى الناعم مازال يمس بعثرة الكلمات والأوراق..

في العمق.. هناك جديلة من عشب غض،

و عاشقان يتضمخان بنزوة الربيع..

يتقلبان على خرير لذة بعيدة..

يصدحان بكل ما لا يبلغ سمعي الآن..

خيالَ السجان يرتمي فوق أغلالي،

يقف ببشاعته بيني وبين قبلة عذراء..

و مداعبة نهد يتبرعم تحت ثرى كوكب ندي..

القمر الذي يرافقني في رحلة سفينة عارية مشغول من رضاب ذاك ألأمس..

و دفء الجلد العاري الملتصق بغيره..

طعم رحيق يستقر بمفاتنه فوق لساني..

و باقات من بنفسج تجول في خاطري الشعث..

أنه يرطب ببيرقه الفضي ليلتي الهائمة بين جثامين الأزمان

و الأمكنة..

يتنهد بين أنفاس تعثر عليها الصدفة في رطوبة محبسي..

لعله يدرك..

و قد يؤمن بهيكل تلك الشهوة المغتسلة بنقيع التأوه ..

المضطرمة بجذوة ذاك الإلتحام..

المكوّن المستدير يشاركني غيبوبتي..

لا يغادرني..

 وهذا محير جدا..

و أشد إيلاما من صعقات الكرسي الكهربائي..

اغوص في لحظة إتحاد تبددت..

أنحر على عشبها كل ما تلاها من رقاب التأريخ الذابل..

ظلال ثقيلة ترتسم على أغلالي..

ضجيج يخدش سكينة غلال القمر الضوئية:

_ الى الزنزانة 365

أسير محنية الظهر..

أجرّ سلاسلي بعناء،

و بخرائطه المبهمة المرتسمة على محياه _عند الكوة الوحيدة_ يرمقني بحذر معهود..

اغلق عيني..

و أنسلّ من بين الصراخ،

و لغط الجلادين،

أعاود يقظتي بين ذرات ضياء الكوة العوراء..

ألتمس بترف ولّى مذاق رفقته..

متناسية أخاديد جروحي،

و أهمس تحت أبصار كثة _

و بمتعة تتمنع على سراقها_

همستي التي لأجلها أصبحت خليلة قيودي:

إنه الرجل الذي كان..

 

هوامش:

يفترض أن أضع الكثير من الهوامش لأشرح كل ما هو عصي على الفهم بسبب إختلاف اللهجات بالنسبة للقراء الكرام من غير العراقيين، لكني توقفت حين وجدت الهوامش أكبر من النص نفسه. أكتفي هنا بنصيحة واحدة، النص يعتمد على ما جاء في ديوان (المكير) للشاعر الراحل زامل سعيد فتاح، وبالذات قصيدة (فرد عود) وقصيدة (المكير) منه، وما جاء في قصيدة (الريل وحمد) للشاعر مظفر النواب، وبالإمكان العثور على كليهما، اعني الديوان والقصيدة على غوغل،  كل ما هو محصور بين قوسين صغيرين أبيات شعر أو كلمات مقتبسة منهما.

** الدهلة باللهجة العراقية هي الماء المخلوط مع طينه

 

كاتبة عراقية