شكلت الحرب القذرة على غزة الأخيرة لحظة تاريخية بكل عنفوانها عنوانا للصمود الفلسطيني، وتعرية للوجه الحقيقي للكيان الصهيوني المتعطش دوما للدماء، دماء الأبرياء. ويتوقف الكاتب في هذا التقرير عند الآلة الدعائية الصهيونية في كيفية صياغتها للقرار السياسي وكيفية ترجمة النظام الصهيوني للقرار على أرض الواقع..

غزة موعد مع الدم النازف

مصطفى ابراهيم

الدولة العبرية اتخذت قرارا جماعيا بقتل الفلسطينيين في قطاع غزة وأمام أعين العالم وبالبث المباشر من خلال الكاميرات التي تبث صور القتل والقصف الجوي والبري والبحري لكل شيئ في قطاع غزة. المجموع اليهودي في إسرائيل موحد خلف قيادة القتل و يطالب باستمرار العدوان وقتل الفلسطينيين، قرار القتل الجماعي بذريعة الدفاع عن حياتهم وجلب الهدوء، بحجة القضاء على الصواريخ الفلسطينية ليعيشوا هم على حساب شعب آخر، الكل تجند للتحريض على قتل الفلسطينيين.

التحريض لم يأتي مع بدء عملية الرصاص المصبوب في العام 2008، ولا مع عملية عامود السحاب 2012، بل ليس الآن ولا العام الماضي و ترافق ذلك مع حملة إعلامية كبيرة عن قرب العملية العسكرية الكبيرة والواسعة على قطاع غزة. وتقوم بها وسائل الإعلام الإسرائيلية خاصة المراسلين العسكريين الذين يحرضون بشكل كثيف ومخيف على ضرب الفلسطينيين بقسوة، المتابع لوسائل الإعلام الإسرائيلية خاصة المسموعة والمرئية حتى المكتوب منها يشعر الحقد والكراهية والعنف والكذب بداخل معظم الصحافيين الإسرائيليين الذين توحدوا جميعا من اجل قتل الفلسطينيين وبث الكذب والتحريض والإشاعات حول الفلسطينيين وفصائل المقاومة وضعفها وانفضاض الفلسطينيين من حولها.

وتجند الكل للتعتيم والكذب ومنع وصول أي معلومة للجمهور الإسرائيلي حول المذابح التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي داخل قطاع غزة ضد المدنيين الفلسطينيين.

وها هي العملية العسكرية البربرية التي بدأت منذ خمسة ايام بالضربات الجوية القوية، والتي لم تحقق سوى القتل للمدنيين، وقصف مرات عديدة منازل المدنيين الآمنين وقتل حتى الان أكثر من 100 مواطن منهم 25 طفلا و 16 امرأة،  وأكثر من 600 جريح منهم 173 طفلاً و 140 و امرأة،  و تدمير أكثر من 100 منزل، عدا عن المقرات التابعة للسلطة وقطع خطوط المياه والكهرباء عن مناطق عدة. كل ذلك للضغط على الفلسطينيين وإخافتهم وللوصول بهم للركوع على أطرافهم الأربعة والطلب منهم رفع الراية البيضاء، إلا إن الفلسطينيين في القطاع برغم الدم النازف والقتل المستمر بحقهم ما زالوا يسطرون أسمى معاني العزة والكرامة بصمودهم ووحدتهم وصبرهم وثقتهم بان النصر قريب.

قصص كثيرة تدمي القلوب من قتل وذبح، وفي داخل كل بيت وعائلة فلسطينية معاناة وقلق وخوف، وما زال الفلسطينيون يرفضون الركوع أو الصراخ لوقف المذبحة ومستعدون للاستمرار حتى النهاية، تهرب الكلمات في وصف المذبحة والقتل المستمر، ولا يوجد وصف لهذه الدولة المارقة إلا أنها دولة تعيش على القتل ورؤية الدماء تتدفق من الفلسطينيين الذين صمموا على ري ثرى غزة بدمائهم الطاهرة تحدي و نصرة للمقاومة والدفاع عن أنفسهم وقضيتهم.

المذبحة مستمرة والصمود الفلسطيني يحرج كل أولئك المتخاذلين والصامتين والمشاركين في المذبحة في كل بقعة من بقاع الأرض، وما يسمى المجتمع الدول و الأنظمة العربية التي لم يعول عليها الفلسطينيين في أي يوم من الأيام أو في أي معركة من معارك الدفاع عن أنفسهم.

مظاهرات التضامن والتأييد في أنحاء العالم والوطن العربي لم تصل مداها، لكنها عبرت عن مدى الحنق والغضب ضد استمرار المذبحة، أما دولة رام الله فهي ما زالت لا تعلم أن القطاع يتعرض لمذبحة ولم يستطيع أهلها حتى الآن تنظيم صفوفهم بالخروج بمسيرة تأييد أو احتجاج ضد المذبحة.

مع كل ذلك تختزل عصابة القتل والبعض من الدول العربية العدوان والمذبحة والحصار وإغلاق المعابر بقضية تهديد صواريخ غزة لإسرائيل و تهريب السلاح، وكأنها القضية المركزية، ونسوا العدوان والاحتلال والحصار المستمر هو السبب الرئيس في كل ما يجري من جرائم للفلسطينيين.

التحية كل التحية للشهداء والجرحى والفلسطينيين الصامدين والرافضين لرفع الراية البيضاء ولن يرفعوها وسوف يستمرون في المقاومة والصمود والدفاع عن أنفسهم وأرضهم وقضيتهم، والتحية للإبطال المقاومين من جميع الفصائل الفلسطينية الذين سطروا البطولات في مقاومة الاحتلال وجنوده، والتي يجب أن تكون فرصة للوحدة وبناء ما تم تدميره.