ضمن استطلاعات ورحلات كتاب الكلمة، يخصنا الكاتب المقيم في النمسا بتحقيق قصير لأحد رحلاته الاستكشافية والتي قادته هذه المرة لبلدة أسطورية يقال عنها من عجائب الدنيا الطبيعية نظرا لسحرها الخلاب وواديها الأسطوري، "كابرون" ليست بلدة فقط ولكنها أيضا بطبيعتها وأناسها وأمكنتها تتحول ومن خلال ما يقدمه الكاتب الى دعوة مفتوحة لزيارة منطقة هي أشبه بفضاء ثقافي مفتوح..

النمسا التي لم يراها الشرق

بـدل رفـو

(كابرون) بلدة جميلة من البلدات الساحرة، تقع في منطقة (بينزكاو) ضمن اقليم (سالزبورغ) وعاصمة الاقليم هي(سالزبورغ) ايضاً وتعني بالعربية قلعة الملح في النمسا.تعد كابرون مركزاً للسياحة السالزبورغية مشاركة مع بحيرة (زيل) وباللغة العربية تعني الخلية وهي بدورها خلية من الاماكن الجذابة لحركة السياحة وخاصة للسياحة الخليجية. يبلغ عدد ساكنة بلدة كابرون 3 آلاف نسمة وتقع على ارتفاع 786 متراً فوق مستوى سطح البحر،في هذه البلدة حيث المجرى الجليدي،قلعة (كابرون) ويرجع تاريخها الى القرن الثاني عشر الميلادي واليوم مخصصة لعشاق الثقافة وتقام فيها النشاطات والفعاليات الثقافية، وادي (سيغموند تون).

اسم (كابرون) يرتبط ايضاً بأسود يوم في تاريخ اقليم (سالزبورغ) حين التهمت النيران بالتلفريك وحباله وهو في النفق ومات اكثر من 155 شخصاً وغدت وقتها من مآسي وكوارث دولة النمسا ووقع هذا الحادث الحريق عام 2000 وبهذا غدت اسوء كارثة تحل بالنمسا منذ الحرب العالمية الثانية.وقد نجا من هذه الكارثة فقط 12 شخصاً ورغم الكارثة فقد ظلت (كابرون) قبلة السواح من اوربا والعالم بالاضافة الى النمسا وتعد المركز الرئيسي للتزحلق على الجليد والثلج وتسلق الجليد ايضا في وادي (سيغموند تون). في هذه البقعة الجميلة من اقليم (سالزبورغ) تقام العديد من الفعاليات الرياضية والثقافية ومنها البطولة العالمية للغولف والتزحلق على الجليد والزيارات الجماعية برفقة المرشد السياحي الى القلعة بالاضافة الى الفرق المسرحية في (كابرون) والعديد من الفرق الرياضية رغم صغر البلدة.في هذه البلدة ايضاً وليس بعيداً عنها حيث السحر والجمال والخيال ومركز الثقل  ليس في (كابرون) فقط بل تعدى الاقليم والدولة الى العالم وعشاق السفر في اوربا والعالم للتمتع والانسجام بأخطر وادي ضيق اسطوري في النمسا من المجرى الجليدي.انه الوادي الساحر(سيغموند تون) ورغم قلة المياة في هذا الوادي الساحر واليسير الا انه يندفع ويجري بقوة وهدر عنيف من الوادي الضيق ويتم تحويله واستخدامه لتوليد الكهرباء،فكل نقطة ماء في هذه البلدة لها ثمن. يعد وادي(سيغموند تون) بالوادي الصغير والضيق ويقع على مشارف وابواب بلدة (كابرون) لتسلط القوة الجمالية والمثالية الحقيقية لقوة الطبيعة والصراع المستمر الازلي ما بين ارادة الانسان والحفرفي الصخر،ففي عام 1893 تم تشييد اولى السلالم الخشبية في الصخر عبر 320 متر في الوادي الضيق ولكن كل متر و سنتيمتر على السلالم الخشبية والشلالات الهادرة هي مغامرة بحد ذاتها.

في الفترات السابقة كانت المياه تجري وتهدر بكميات كبيرة وتعرضت السلالم للتآكل وكذلك لم تكن في وضع سليم ،لذلك اقفل الوادي والسلالم عام 1938 وبعد فترة طويلة وبالاخص في عام 1992 يفتتح الوادي والسلالم ثانية  وبعد 5 اشهر اخرى من الترميم والتصليح وبهذا الافتتاح صارت قبلة عشاق المشي والمغامرات والتمتع بالطبيعة عبر الوادي الضيق لغاية الوصول الى بحيرة (كابرون) ويتخخل الطريق الشلال الهادر وفي الاماكن الضيقة من الوادي حيث يزداد رذاذ الشلال ويعضف السلالم بقوة ولهذا تكون اغلب الاوقات مبللة. وادي (سيغموند) محل جاذبية وانبهار للزوار، والسلالم المعلقة  في امان ومحمية من الصخور التي تحمي الوادي الضيق.حكاية هذا الوادي الضيق والنهر الساحري بين الصخور وابداع الانسان في صراعه مع الطبيعة ترجع الى اواخر العصر الجليدي،فمنذ 14 ألف عام اكتشف وادي (كابرون) حيث كان مغطياً بمجرى جليدي عملاق وببطء مع مرور الزمن ذاب المجرى الجليدي وتدفقت المياه من الشق الكبير في الوادي وذاب الجليد ليغدو جدولاً ساحرياً تستفاد منه البلدة في الطاقة وللحياة في المنطقة.

يصل عمق نهر (كابرون)  في الوادي الى 32 متراً على مسافة 320 متر،على طول وادي(تون) والنهر شكل احواضاً مائية وحفراً بالاضافة الى الدوامات المائية،وادي (تون) رحلة للعائلة ايضا واستكشاف الاباء والاطفال طرق الوادي وفهم حكاية حاكم سالزبورغ( الغراف سيغموند فون تون 1827 ـ1897) مالذي كان يعنيه حين تحدث عن الرعد والقوة تسرع بهم للحصول على الفيضانات!!هكذا اليوم المجموعات الكبيرة والزوار والعوائل تتجه صوب هذا الوادي الساحر الذي تم الاعتراف به عام 1934 كنصب طبيعي في النمسا لمكانته الكبيرة في قلب اقليم (سالزبورغ).المياه التي تجري في نهر (كابرون) هي من ذوبان الثلوج والجليد وسمي الوادي نسبة الى الحاكم(سيغموند تون)بالاضافة الى متحف بلدة (كابرون) يحمل اسمه ايضا.يستخدم الوادي للسياحة الصيفية واما في فصل الشتاء فيتحول الوادي الى كتلة جليدية كثيفة والمنطقة تعيش في فصل الشتاء كونها احدى مراكز السياحة والتزحلق على الثلج ويغدو مكاناً لعشاق المغامرات وتسلق الجليد حيث تكثر فيه الهوابط الجليدية رغم خطورته.

وادي(تون) يعد من عجائب الدنيا الطبيعية والتي لا يصدقها العين مع شلال كبير وسلالم شيدت حسب نظام آمن في وادي منحدر.مغامرة حقيقية ولحظات خوف عبر الصخور الطبيعية ومنذ قرون تجري المياه في النهر.

يعد وادي(تون) من اجمل الاودية في اقليم (سالزبورغ) ويبعد عن بلدة (كابرون) مسافة كيلومتر ونصف الكيلو متر جنوباً في الشرق. رحلة الى الوادي الضيق ، مغامرة وسحر وجمال وحكاية لن تتكرر ثانية في قلب النمسا.