ضمن برنامجها الثقافي الجديد، تفتتح مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث مقرها الجديد، وأيضا صالون جدل الثقافي بالعاصمة الإدارية الرباط، وذلك من خلال ندوة افتتاحية حول موضوع "الدين وأسئلة الفكر الراهن" يشارك فيها نخبة من المفكرين والباحثين وهي محطة لمساءلة المسألة الدينية في الدراسات الفلسفية والاجتماعية في سياق التصورات الوضعية والتاريخانية للدين في أبعاده العقدية والقيمية وأيضا مواصلة لسلسلة اللقاءات العلمية السابقة.

الدين وأسئلة الفكر الراهن

تدشن "مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث" الدخول الثقافي الجديد بتنظيم ندوة حول "الدين وأسئلة الفكر الراهن" يشارك فيها  كل من المفكر الأردني الدكتور فهمي جدعان، والمفكر الموريتاني الدكتور السيّد عبد الله ولد أباه، والأكاديمي المتخصص في علم الاجتماع السياسي المغربي حسن قرنفل، وذلك يوم السبت 20 سبتمبر (أيلول) الجاري بالمقر الجديد للمؤسسة بحي أكدال - الرباط.

وتدخل هذه الندوة، المنظمة في إطار "صالون جدل الثقافي"، ضمن أجندة الأنشطة الثقافية والفكرية التي تعتزم "مؤسسة مؤمنون بلا حدود" تنظيمها خلال هذه السنة، خاصة بعد النجاح الذي عرفه المؤتمر السنوي الثاني للمؤسسة، والذي احتضنته مدينة مراكش يومي 17 و18 مايو (أيار) الماضي، وتداول فيه العديد من المفكرين والباحثين العرب المتخصصين في المجال الفكري والفلسفي حول موضوع "الخطاب الديني: إشكالياته وتحديات التجديد".

وتطرح أرضية ندوة "الدين وأسئلة الفكر الراهن"، والتي سيديرها الباحث المغربي المتخصص في الفلسفة عبد النبي الحري، المسألة الدينية في الدراسات الفلسفية والاجتماعية في سياق التصورات الوضعية والتاريخانية للدين في أبعاده العقدية والقيمية، وتتساءل عن حضور الدين في الرهانات الجيوسياسية من خلال ظواهر تهيمن اليوم على الأجندة الدولية، مثل: حركة التطرف الديني المسلح، وتصاعد النزعات الإرهابية التي تستند لمرجعيات دينية، والحروب الأهلية ذات الخلفيات الدينية، وتنامي أشكال العنصريات الدينية، كما  تهدف الندوة إلى تلمس هذه الإشكالات في سياق التحولات والأسئلة المطروحة على المجتمعات العربية الإسلامية راهناً.

وتضيف الأرضية أن الاهتمام بالدين "عاد مجدداً وتحول إلى محور رئيس من محاور الفكر الراهن، مما يبدو في مستويات ثلاثة:

أولاً: إعادة التفكير في المسألة الدينيةالسياسية؛ أي تجديد النظر في الأطروحة العلمانية التقليدية التي ذهبت في اتجاه القول بتلازم حركية التحديث الفكري والاجتماعي مع انحسار الدين في الوعي الفردي والنظم المجتمعية (أطروحة نزع الطابع السحري عن العالم لدى ماكس فيبر). في الدراسات الاجتماعية الراهنة ميل متزايد إلى استكشاف منزلة المقدس الثابتة في الأنساق الجماعية وفي بنية السلطة السياسية، ونظرة جديدة إلى اختلاف وتباين أوجه الحضور الديني في الحقل العام بحسب اختلاف السياقات والساحات العالمية، مع التماثل في الفصل بين المؤسستين الدينية والسياسية دون أن يعني الأمر انتفاء الشعور الديني وانحسار المخزون القيمي الديني..

ثانياً: عودة العامل الديني إلى مجال العلاقات الدولية والرهانات الاستراتيجية العالمية بعد نهاية الحرب الباردة والصراع الأيديولوجي القطبي الذي كان سائداً خلالها. ويتجلى حضور الدين في الرهانات الجيوسياسية من خلال ظواهر تهيمن اليوم على الأجندة الدولية، مثل: حركة التطرف الديني المسلح، وتصاعد النزعات الإرهابية التي تستند لمرجعيات دينية، والحروب الأهلية ذات الخلفيات الدينية  (مثل حروب البلقان)، وتنامي أشكال العنصريات الدينية (في الساحات الأوروبية على الأخص، حيث تتفاقم مظاهر الإسلاموفوبيا لدى تشكيلات اليمين المتطرف).

ثالثاً: دخول العامل الديني محوراً أساسياً في السياسات الثقافية ذات العلاقة بالمنظور التنموي الإنساني بالمفهوم الشامل، مما تعكسه أدبيات الحوار الديني التي برزت بقوة في السنوات الأخيرة ضمن الوعي المكين بتأثير الدين البنيوي في النسيج الثقافي والقيمي للإنسان المعاصر، ودوره الممكن في دفع وشحذ تطلعاته نحو السلم والتنمية البشرية المتكاملة".

وفي نهاية هذه الندوة، سيقوم المفكر الأردني فهمي جدعان بتوقيع كتابه الجديد "تحرير الإسلام ورسائل زمن التحولات"، الصادر حديثاً عن"الشبكة العربية للأبحاث والنشر" في بيروت، وهو بحسب مؤلفه صرخة لاستعادة الإسلام الحقيقي السمح الذي يؤمن بالعدالة والحقوق والانتصار للمرأة والديمقراطية.

وفهمي جدعان مفكر فلسطيني مقيم في الأردن، حاصل على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة السوربون في باريس، عمل كأستاذ للفلسفة والفكر العربي والإسلامي في عدد من الجامعات الأردنية، وهو يعمل حالياً أستاذاً للفلسفة في جامعة الكويت، ومشرفاً على طلبة الدراسات العليا، وعضو مجلس أمناء "مؤسسة مؤمنون بلا حدود". ويعد الدكتور فهمي جدعان واحداً من أبرز المفكرين العرب الذين اختاروا أن يشتغلوا على مشروعهم التنويري بعيداً عن دائرة الضوء، فحفروا عميقاً في تربة الفكر العربي المعاصر، والفلسفة الإسلامية، لينتقل، من بعد، في مؤلفاته الأخيرة لصياغة منظومة مفاهيمية لاستشراف ملامح المستقبل العربي. حصل على عدد من الجوائز منها: وسام سعف النخيل الأكاديمية من الجمهورية التونسية 1986، وسام القدس للثقافة والفنون والآداب من فلسطين 1991، وجائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية بالأردن عام 1993، فاز بجائزة الدراسات الإنسانية والمستقبلية الدورة الخامسة: 1996 – 1997. صدرت له العديد من الكتب، منها: "أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث" 1979، و"نظرية التراث"، و"دراسات عربية وإسلامية أخرى" 1985، و"المحنة: بحث في جدلية الديني والسياسي في الإسلام" 1989، و"تحرير الإسلام" 201

أما عبد الله السيد ولد أباه، فأستاذ الفلسفة والدراسات بجامعة نواكشوط الموريتانية منذ عام 1989 حتى الآن، يعمل أستاذاً زائراً في جامعات عربية ودولية عدة؛ حيث يقوم بتدريس الفلسفة الحديثة وفلسفة الأخلاق والسياسة والدين وفلسفة القانون وعلم الكلام والفلسفة الإسلامية وفلسفة الاتصال وعلوم الإعلام، وهو عضو مجلس أمناء "مؤسسة مؤمنون بلا حدود".

عمل الدكتور ولد أباه منسقاً لبرامج الثقافة العربية الإسلامية وحوار الحضارات (الألكسو من سنة 2001 إلى 2005)، ومستشاراً في المجلس الأعلى للاتصال (2006-2011)، وخبيراً في التنمية البشرية معتمداً لدى الأمم المتحدة، وأميناً عاماً للجمعية الموريتانية للدراسات الفلسفية.

نشر ولد أباه عدداً من الأعمال العلمية؛ منها: "التاريخ والحقيقة لدى فوكو" بيروت 1994-2004، و"اتجاهات العولمة"2001، و"مستقبل إسرائيل وأزمة المشروع الصهيوني" (بالاشتراك) 2001، و"عالم ما بعد 11 سبتمبر" 2004، و"عوائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي" 2005، و"بؤس الرفاهية" (ترجمة من الفرنسية) 2006، و"الدين والهوية" 2010، و"الثورات العربية الجديدة: المسار والمصير" 2012، و"الإسلام والمجتمع المفتوح" (ترجمة) 2012، و"المسألة الدينية السياسية في الفكر الغربي الحديث (تحت الطبع)، إضافة إلى عشرات الأبحاث والمقالات المنشورة في الدوريات العربية.

أما الأكاديمي المغربي حسن قرنفل، فهو أستاذ جامعي حاصل على دكتوراه الدولة في علم الاجتماع من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس عام 1996، وهو حالياً عميد كلية الآداب و العلوم الإنسانية - جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، توج بجائزة عبد الحميد شومان في العلوم الاجتماعية  من جامعة عمان بالأردن عام 1997.

ويعد قرنفل من الأساتذة الأوائل الذين التحقوا للتدريس بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة خلال النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، وتحول إلى وجه إعلامي وطني بارز كمحلل سياسي وباحث في الحياة السياسية بالمغرب والوطن العربي. صدرت له مجموعة من الكتب، منها: "النخبة السياسية والسلطة" 1997، و"المجتمع المدني والنخبة السياسية" 2000، و"الشغل بين النظرية الاقتصادية والحركة النقابية" 2006، و"أهل فاس المال والسياسة" 2007.

ساهم قرنفل في مجموعة من الكتب الجماعية منها: "التجارة في علاقتها بالمجتع والدولة" 1993، و"عنصرا المجال والإنسان" 2000، و"الديمقراطية المحلية، الوحدة الوطنية والتنمية"2001، و"الحركة النقابية في المغرب وإعلان الفوسفاطيين" 2003، و"حلقة المواطنة" 2008، و"الانتخابات التشريعية 7 شتنبر 2007 " 2008.

وتجدر الإشارة إلى أن عنوان المقر الجديد لـ "مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث" هو: تقاطع زنقة واد بهت و شارع فال ولد عمير، عمارة B بالطابق الرابع " فوق محل أبرون" قرب مسجد بدر،  أكدال - الرباط.