تكشف الباحثة السودانية المرموقة في القسم الثالث من دراستها بمناسبة مرور نصف قرن على ثورة أكتوبر السودانية عن البنية التحتية للثورة المضادة، وعن أهداف الرأسمالية المالية الشرسة في تمزيق المنطقة العربية والحيلولة دون قيام أي مشروع نهضوي فيها. وعن الآليات المراوغة للمصادرة على فكر التحرر.

من ملامح وقاموس قوى الثورة المضادة

انتصار الربا على التجارة والمصادرة على التحرر الوطني

شرح على متون ثورة اكتوبر

خديجة صفوت

تمهيد:
هذه المجادلة وظيفة معاصرة طويلة للحركات التحررية والاشتراك في بعضها والعيش في مجتمعات غب حركة تحرر مسلح مثلما في موزانبيق وفي زيمبابوى والجزائر وفلسطين وغيرها مما سجلته فى مؤلف يعد للنشر قريبا تحت عنوان صحبة حركات التحرر يحاول انتحاله احد النخب الصغيرة التى اعرفها بالخنفساء التى تسبق العقرب ادناه. كما انها ايضا وبصورة خاصة حصيلة معايشة كثير من النخب واهم المثقفين العرب ابان ستينات وسبعينات القرن العشرين وازهى ايام الكفاح من اجل التحرر الوطني في مصر وافريقيا البرتغالية والجزائر والسودان وغيرها حتى هزيمة المعسكر الاشتراكي (مؤقتا) وانكسار اليسار الذي كنا نعرفه لحساب المحافظين الجدد الذين ادعوه وراحوا يبشرون بالثورة نيابة عنه وعن الشعوب-و لم ندرك انها كانت ثورة مضاد تحت بيارق القة.

ذلك انه ما أن تغيير ميزان القوى بانقسام المعسكر الاشتراكي حتى تعينت الرأسمالية المالية على احلال النخب المعدلة جينيا مكان المثقف الثوري او-و تحور الاخير الى نخبوي بإبداع القدرة على تغيير الوان المعاطف التى يتسابق فيها معظم المتثاقفين اليوم مع النخب المعدلة جينيا وقد خاب ظنهم في الجماهير والثورة تذرعا. وقياسا ما أن تغيير ميزان القوى بانقسام المعسكر الاشتراكي حتى تعينت الرأسمالية المالية على احلال تلك النخب في مقدمة اليمين المتطرف مكان اليمين التقليدي واليسار التقليدي ومكان المشروع القومي والاشتراكي والماركسي فراحت تجند القوى اليمنية المتطرفة لمحاربة الشيوعية والمنظومة الاشتراكية مثلما جند اليمين المتطرف والاسلام السياسي مثله مثل نظيرته الافانجلية الانجلوامريكية التطهرية -بمعنى الاصولية-في ستينات القرن العشرين وتباعا لمحاربة قيم التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار وكل فكر رصين بما في ذلك الليبرالية البرلمانية الخ لحساب الليبرالية الجديدة. وقد الف ذلك المناخ خميرة تشوه الاحزاب مجددا وتحورها الى بؤر معادية للجماهير الا بقدر ما يكريها الرئيس بنرهة الى العاصمة اوالمرشح الى بندر الناحية تأييدا له في حفلات الانتخابات التى لا تزيد على مهرجانات الانتخابات الامريكية اعلام وبالونات وميكريفونات تلعلع بما لا يفهمه الناخب ودقي يا مزيكة.

الزمن الضائع للرأسمالية الصناعية وانتفاضة اكتوبر:
ازعم من معظم تلك الظواهر كانت وظيفة الزمن الضائع للرأسمالية الصناعية الذي كان قد عبر عن نفسه عشية ستينات القرن العشرين. فقد تعاصر الزمن الضائع بداية انكسار الاتحاد السوفيتى بالديتانت Détente وقد اوقع الاتحاد السوفيتى في فخاخ تلك الاحبولة مثلما اوقع في فخاخ سباق التسلح وحرب النجوم والاخير برنامج اقترحه رونالد ريجان Reagan تحت عنوان مبادرة الدفاع الاستراتيجية the Strategic Defence Initiative (SDI nicknamed “Star Wars”, originally conceived two years earlier (see 1981). وقد اطلق رونالد ريجان على شبكة الصواريخ الواقية للعالم الحر-الولايات المتحدة وأروبا الغربية بداءة-دون ان يطرف له جفن اسم "حارس السلام" Peacekeeper ولعله كان على حق فهو يتحدث عن سلام العالم المسمى حر كما تحدث جورج ووكر الابن عن الازدهار والاستقرار فى ثمانينات القرن العشرين وهو يعنى ازدهار امريكا ورصفائها خصما على من عداهم. كما ان ذلك قد يذكرك بما قاله باراك اوباما فى خطاب تقبله جائزة نوبيل للسلام قبل ان يكمل عامه الاول فى الادارة 45 "ان الحرب سبيل السلام". وكان من الذي اقترع له من اجل الوصول الى الادارة الامريكية كان المركب العسكري الصناعي الامريكي خصما على من عداه!!

تصور افتراضي لشبكة الدفاع الصاروخى الامريكية ازاء خصومها اللذين تخلقهم سياساتها الخارجية فى كل مكان وبخاصة في شرق اوروبا ذلك ان حرب النجوم اوصلت الاتحاد السوفيتى الى ما شارف تجويع الشعب الروسي مما يسر سياسات ما سمى بالانفتاح الجلاستنوست والبيروستروكا الى تطبيع اقتصاد الاتحاد السوفينى Liberalization of the Soviet Economy اى فتحه على حرية الاقتصاد والسوق الحر وكل ما هو حر للعالم الحر خصما على ما عداه وصولا الى سقوط حائط برلين فى 9 نوفمبر 1989 وهو العام الذى وصل فيه الانقاذ لسلطة السودان وما يبرح.

وكانت عزلة الاتحاد السوفيتى بالوصف اعلاه قد تصاحبت وكل من الرمن الصائع للرأسمالية الصناعية وصولا الى بزوغ الرأسمالية المالية بثبات وتسارع غير مسبوق. ولم ينفك اليمين المتطرف او يمين اليمين ان راح يعلن عن نفسه بوصفه اليسار الجديد فاخذ بعض الاخير يتلفع بعباءة اليسار الجديد او-و بالليبرالية الجديدة مثلما راح المحافظون الجدد يجأرون بانهم سئموا تخاذل اليسار التقليدي وقعوسه او عجزه عن اشعال الثورة فادعوا انهم يأخذون على عاتقهم هم اشعال الثورة (المضادة بالطبع والتطبع). ولعل الناس في كل مكان يلاحظون كيف تعين المحافظون الجدد على هزيمة الاتحاد السوفيتى-المنظومة الاشتراكية (مؤقتا ان شئت(ي)) ببيع القطاع العام بتراب القروش في المزاد العلني ابان الموجة الاولى للثورات المضادة تحت الوية الثورات المخملية او ما سمى خريف الامم The autumn of nations في تسعينات القرن العشرين والثورات الملونة كالثورة البرتقالية في اوكرانيا الموجه الثانية في 2005 ويحاولون اجتياح روسيا الفيدرالية والجمهويات الجديدة وبالثورات الملونة الموجه او الطبعة الثالثة اي اكمال وضع الرتوش الاخيرة على ما لم تتعين الموجات السابقة على اكماله كما في اوكرانيا 2014 بثورة النازيين الجدد المضادة,

وبامعان النظر فلعل ما يسمى الربيع العربي يتعين تباعا على اعادة انتاج كل ما ترتب من فشل الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية-القيامية  Feudal Zionism فى اوروبا الشرقية في المنطقة العربية حتى الان. اي ان الربيع العربي قد يكون تنويعة على اعادة انتاج الموجة او الطبعة Version  الرابعة للثورات المخملية في المنطقة العربية تحت الوية ومسميات او مزوقات Euphemisms  تليق بنا. الا انه ومع كل ذلك فالكوارث التى منىت بها المنطقة العربية لم تزد على اخفاق الصيهونية القبلية والعالمية- القيامية في احلال شرط ما يسمى مشروع الشرق الاوسط الجديد بعد. فقد حاق بالمشروع الفشل فى سوريا وغالبا ما يفشل فى العراق كما يكاد يفشل في مصر وربما فى تونس وحتى اليمن. فهل دولة الاسلام في العراق والشام (داعش) تنويعة على ثورة النازيين الجدد فى اوكرانيا؟

ويقول كيفين كاكدونالد Kevin McDonald (1) في الجارديان سبتمبر 2014 ان داعش ليست استدعاءا للفكر السلفي الاسلامي السحيق وانما هي استدعاء للايديولوجية المعاصرة المعادية للتقاليد التى تدين للتاريخ السياسى والثقافي الغربي It is a modern, anti-traditional ideology with a very significant debt to western political history and culture. (2).  وازعم ان الحركات الجهادية المعاصرة قد تستدعي صورا واخيلة من الماضي البعيد ولعل بعضها تنويع على حركات الاباء الاوائل والمهاجرين الى العالم الجديد. فقد كان الاخيرون جراء التعقب والاحباط او-و انتهازا لوصولية بيوريتانين تطهريين بمعنى سلفيين اصوليين مثلهم مثل معظم التنويرين بالتعريف الذي تعينت عليه فى دراسات حول الموضوع بمجلة الكلمة على مر العام الماضي(3)-حريون باستدعاء عنف تطهري اي اصوليا بامتياز. ويفول كيفين ماكدونالد ان داعش نتاج الفلسفة الاوربية الغربية الحديثة مشيرا الى روبز بييرRopes Pierre والثورة الفرنسية و"علاقة الفرد بالدولة التى ما تبرح تستدعي-مبني للمجهول- فى فرنسا المعاصرة. كما يعقد كيفين ماكدونالد "قياسا بين التمثيل بالجسد فى الحروب العالمية الدارجة وما تفعله داعش بضحاياها على الكاميرا اي الفيديو(4)" واقول ان قوات الناتو او القوات الامريكية لا تتورع احيانا كثيرة بدورها عن تقطيع اعضاء الرجال التناسلية واللعب بها كقطع على رقعة شطرنج فى افغانستان او الاحتفاظ بها كتذكار أو اغتصاب الطفلة العراقية عبير قاسم الجنابي فى مدينة حديثة المحمودية ثم حرقها وقتل اهلها في مارس 2006 أو قتل جريح وقد احتمى بالمسجد بالفالوجا اما هدم اسرائيل البيوت فوق رؤوس اهلها وتقصد الاطفال فلا تراه الرأسمالية المالية عملا بربريا. وليس ذلك سوى تأكيد لكيف ينتج الغرب-الرأسمالية المالية ثقافة العنف والقتل وتسويغها فتعود وترتد مجددا الى نحور الابرياء.

هذا ولم تنفك الرأسمالية المالية ان اشرعت مفهوم التعددية الحزبية فطارت افئدة الاوربيين الشرقيين وغيرهم شعاعا وراء ذلك الامل في مواجهة الانظمة الشمولية والديكتاتوريات العسكرية فلم تنفك الثورات المسماة ملونة Coloured Revolutions ان باتت سراعا شعار العصر وقد قيض ذلك الافك المعلن لامثال انور السادات السماح بتعددية حزبية منتقصة وانتقائية فى سبعينات الفرن العشرين فيما وصم الثورات الشعبية المصرية مثل انتفاضات الخبز والشارع -يناير 1977 بثورات الحرامية ولم ينفك البنك الدولي ان هبط القاهرة في اليوم التالي بحزمة من "الاعانات" المشبوهة مجددا.

والواقع ان التعددية الحزبية مفرغة المحتوى تلك كان مقصودا بها على كل حال اذ كانت موجهة للأوربيين الشرقيين ومع ذلك فقد كان على الاوربيين الشرقيين ان يقسموا بانهم لن ينظرو الى الوراء او يتعاطوا التطرف او ما نعتته مارجريت ثاتشر ب "الرجعية" فاقسموا انهم "وسطيون" تطمينا لاسيادهم الجدد. المهم فان لم تلبث الثورات المخملية ان اندلعت عبورا بالجلاستنوست والبيروستريوكا وصولا الى ثورة يلتسين من فوق دبابة موجهة نحو الدوما وسقوط حائط برلين فقد كانت تلك الاحابيل تستهدف المنظومة الاشتراكية لحساب الرأسمالية المالية كما يلاحظ الناس في كل مكان. ومع كل ذلك فلم تفض الثورات المخملية-بصورة مرضية -الى ما خطط لها ان تفعل فلم تلبث الموجة او الطبعة Version الاولى من الثورات الملونة ثم الثانية ان اندلعتا تباعا. ذلك انه ان لم تف الثورة البرتقالية بالمطلوب منها فلم ينفك الغرب –حلف الناتو- الرأسمالية المالية-الصهيونية العالمية- القيامية ان انقلبت على حكومة أوكورانيا بشراء النواب المنتخبين ديمقراطيا، وازاحت الرئيس الشرعي، واحلت مكانه ميلياردير خزريKhazar . وكذا كان الحال مع الحكومات التى كانت معظم شعوب الجمهوريات الاشتراكية السابقة قد انتخبتها ديمقراطيا.

وقياسا فقد تعينت الرأسمالية المالية-الصهيونية القبلية العالمية على شراء النواب والحكومات من افغانستان الى اوكرانيا. ولا غرابة فالكونجرس بشقية مباع (5) وكذا بعض النواب في جورجيا ولاتفيا وبولندا ومعظم الساسة فى كل مكان للرأسمالية المالية الصهيونية العالمية- القيامية الا ما خلا قلة من النواب الذين يترفعون عن رواتب الزلة والعار. ذلك ان الديمقراطية التى تستحبها الصهيونية العالمية- القيامية لا ينبغي لها ان تأت الا بمن يتساير مع الرأسمالية المالية فالديمقراطية الليبرلية الجديدة ليست سوى تنويع على الرأسمالية المالية. ولعل ذلك يؤكد لك انتصار الاخيرة في الحرب بين الربا والربح، وبين بيع المال كسلعة، وبين رأس المال السلعي.

وقياسا يلاحظ الناس في كل مكان كيف انقلبت الصهيونية العالمية على عملائها في كل مكان ما ان يعجزوا عن تسليم البضاعة او-و تهددهم الصهيونية العالمية القيامية كما تفعل مع النواب الاوكرانيين المنتخبين في مايو 2014 لحساب انقلاب على الحكومة المنتخبة بحماية قوات الناتو وغواصات وبارجات امريكية باسم الديمقراطية والأحرى التمكين. ويعرف الاخير اجرائيا بانه تزويق لمحصلة استقواء الحكام المحليين والنخب والمتثاقفين بالصهيونية العالمية والقبلية حسب الطلب على شعوبهم. ويعبر التمكين تزويقا مثلا عن محاولة اقتحام مياه البلطيق بداية يوينو 2014 وولوج بحر قزوين فيما راحت امريكا والمجموعة الاوربية تنعت خصوم الحكومات غير العميلة بالإرهاب على الرغم من ان بعض عملائها من احفاد الخزر والنازيين القدامى. ولا يتحرج الاعلام الغربي نفسه احيانا من ان ينعتهم بالنازيين الجدد. وهذه احبولة كاملة تحتاج الى اطروحة كاملة لتفسيرها وفهمها. وقياسا فلعل الثورات المخملية الموجه او الطبعة Version الثانية تنويع على نفس لحن داعش وجبهة النصرة في سوريا وفي العراق غب العدوان الأمريكي المغلف بالحرب على الارهاب هذه المرة في الاسبوع الثاني من يونيو2014، ذلك انه ان لم ينجح اجتياح قوات الحلفاء في 2003 فى تقسيم العراق بالثورة العالمية المضادة تحت الوية الحلفاء او-و المتحالفين بخاطرهم The coalition of the willing لم ينجح. ولم تنجز الثورة البنفسيجة مع كل ذلك المطلوب من ورائها. فقد كان لزاما تحقيق المطوب بطبعة او موجة ثانية تحت الوية ثورة داعش المضادة -و قد اعلنت الاسبوع الاول من يوليو 2014 انها دولة الاسلام (العباسية) وغايتها الوصول الى بغداد عاصمة الخلافة العباسية عبر سوريا (وبقية الدول العربية)!

الا ان داعش تبدأ بمدينة الفالوجا ضغينة ( بالوكالة وكل شيء بات بالوكالة  By Proxy )على اهلها جراء سحل 6 من اعضاء بلاك ووتر Black Water وبمدينة نينوى-و تزحف نحو بابل ولا علاقة للاخيرات بالخلافة العباسية وانما بالحضارات القديمة التى تدل على تاريخ المسيحية والاسلام والعرب فتحل على تلك المدن الدول القديمة- ضغينة اعراب الشتات-اي الصهيونية القبلية-الخزر-الاشكنازي-بالوكالة ايضا-ليتحقق المطلوب وهو القضاء على الحضارات العربية كافة وكل ما يدل على تلك المجتمعات تمهيدا لخلق شرط مجتمعات العصر الحجري لحساب مجتمعات النفط تاكتيكا-فلحساب الدولة العبرية -الصهيونية القبلية في المحصلة النهائية عبورا بالصهيونية العالمية- القيامية او العكس تنافسا بين الاثنين حسب ما تري(ن).

وحيث ان معظم الثورات الشعبية كانت قد اخترقت منذ مابين الحربين وربما قبل ذلك الا ان الثورات المضادة على الحركات الشعبية باتت في القرن 21 معولمة –كما على العراق وليبيا وسوريا والبحرين- عابرة للحدود وشديدة الوطء على الشعوب. وقياسا فان كل تفكير او تنظيم للثورة ينبغي له ان يلقى بالنظر بعيدا خارج وفوق وما قبل وما بعد المجتمع الواحد الى نشدان تضامن الحركات الشعبية عالميا اي في كل مكان. ذلك انه دون ذلك فان الحركات الشعبية مؤبلسة Demonized  سلفا كون اي مقاومة للرأسمالية المالية واعوانها وحلفائها وحتى عملائها الصغار مستهدفة لتهمة الارهاب والتكفير فلاشد انواع العقاب مثلما فى جمهورية جزيرة القرم وجمهوريتي جنوب وشرق اوكرانيا لغاية غير معلنة بعد وبخطاب مراوغ من حيث احلال دولة العراق والشام:-داعش-وجبهة النصرة واحرار الشام والجبهة الاسلامية الخ مكان الثورات التاريخية الموضوعية. وتجأر الرأسمالية المالية ان ليس ثمة خيار سوى الاستعمار في مواجهة داعش فيما يوشك السحر ان ينقلب على الساحر.

ذلك ان الخلافة السنية الجهادية لا تهدد خصومها المباشرين من شيعة سوريا والعراق وانما تهدد ازلامها السابقين وتتقاتل مع نظائرها تنافسا في لعبة الكراسي الموسيقية وعملاء الغرب الكبار كالعائلات المالكة بوصف ان بعضها فى قلب الاسلام السنى-اى فى دائرة النار بين داعش والقاعدة وانصار الله الحوثيون. وحيث بقى الاسلام السنى يمنى منذ ابن السبئية فالمعتزلة بمحاولات التشويه والاختراق تنذر خلافة داعش الى ذلك يقينا بسقوط استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة. كما تتعين على خلق شرط انهيار مخططات الوكالات الاستخبارية الغربية التى كانت قد اوجدت ورعت الشبكة العالمية الجهادية في المنطقة على مدى جيلين كاملين(6). المهم فورا أزعم انه ان كان فائض انتاج الربيع العربي (غير المقصود او بالتنكل By default) قيض لشعوب المنطقة حرية التعبير والتنظيم وجيزا فقد دفعت الشعوب العربية مقابلا باهظا لتلك الحرية. ذلك ان الحرية تعنى خلق شرط اشرس تنويعات عقاب الرأسمالية للثوار والثورة وكل من يجرؤ على مقاومة الرأسمالية المالية- الصهيونية العالمية القيامية. فكأنه اما القهر او التضور جوعا تنكيلا بالشعب ان تجرأ على النطق بان الرأسمالية وراء افقار الشعوب وابلستها مجددا كما فى كل مرة. فكل من يجرؤ على اقتراف التجديف بحق الرأسمالية خاصة الصهيونية العالمية- القيامية يشيطن فالشيطان لدي الرأسمالية يرمز للشعوب.

وكان القس الافانجلي المثلي الشهير بات روبينسون Pat Robinson قد جأر صبيحة زلزال 26 يناير2010 الذي اودي بحياة اكثر من 300 الف هايتى حسب احصاء حكومة الجزيرة "ان الهايتيينHaitians  يستحقون ما يحيق بهم لانهم تحالفوا مع الشيطان. The earthquake that-ravaged Haiti has been a "curse" for the "pact they had with the devil.”. (9) ويقصد ان الويل والثبور وعظائم الامور تحيق بكل من يكفر بمواضعات الاستلاب الرأسمالي فالرأسمالية لا تغفر الخروج عن طاعتها. فقد كفر الهايتيين حين اشعلوا ثورة (1791-1804. وكانت ثورة هايتى أهم واخطر ثورة عبيد فى التاريخ الحديث- قد نجحت وحقق الهايتيون استقلالهم-خصما على فرنسا-الرأسمالية الصناعية وقتها.

ومن المفيد تذكر ان اكثر ما يثير ذعر الرأسمالية بتنويعاتها انتصار اليسار باشكاله اما اليمين فمهما كان متطرفا كما رأينا في الانتخابات البلدية البريطانية صيف 2013 وانتخاب نواب المجموعة الاوربية نهاية مايو 2014-جراء اكتساح اليمين الاوربي المتطرف نتائج الانتخابات كما فى فرنسا والنمسا والدنمارك وغيرها مهما بدى ذعر الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية- القيامية الا ان ذلك لا يزيد على خناقة داخل البيت الواحد. فكلهم يمين متطرف بدرجات حيث تبقى الخناقة داخل اسرة واحدة مع فوارق تفصيلية الا ما خلا الحديث عن التقشف كما فى اليونان.

 ولعل الولايات المتحدة وكأنها توقع على الهايتيين جزاء الرب، لا تزيد سوى ان تؤكد مع القس روبنسون كراهية للشعوب كما يفعل الافانجليون الانجلو اميركان-المسيحيين اليهود-بوصفهم مسيحيين صهاينة اي حلفاء اسباط واقماط وقضاة وتجار طبقة الشعب The peoples class بهذا الوصف وازعم ان المفهوم الاخير هو وظيفة ادعاء سادة واعيان واسباط واقماط وقضاة اليهود صفة طبقة الشعب. ذلك انه ان كان لليهود كما لكل امة سادة وعبيد فقد انتخل السادة-كما يتحلون كل شئ-صفة "طبقة الشعب" The People’s Class الربانية خصما على العامة مما عرفته بالتفصيل فى بحث اخر. فاؤلئك ما يبرحون يتطيرون من الحركات الشعبية والثورات الشعبية على مر التاريخ وكل شبهة لمقاومة الاستحواذ المعلن والمتستر عليه .ومن المفيد تذكر ان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية- القيامية تنزع من وراء ما يشارف التمدد الافقي الى تكريس شرط نهاية النضال ضد الاستعمار الأمريكية ومقاومة الرأسمالية المالية الصهيونية القبلية والعالمية- القيامية وتنزع الى تقزيم كل عمل تشتبه فيه والى كسر ظهر كل تنظيم او جماعة لا ترضى عنها. فان يبدو ان المقاومة وصمت بالإرهاب مثلما في تشيلي والسالفادور وفينزيويلا وكافة القارة الامريكية الجنوبية وفي المنطقة العربية كما في العراق وكما في فلسطين وسوريا وربما في مصر تباعا فقد يفسر ذلك ضمنا ميل الشعب المصري مثلا لتفضيل رئيس يضمن امن وسلام ووحدة مصر، خصما على مرشح اخر يعتقد ان المصريين يدخرونه لزمان افضل. ويمكن عقد قياس بين تفضيل المصريين تكتيكيا لمرشح يضمن الامن والاستقرار على مرشح يعد بالحرية والعدالة الاجتماعية وبين اختيار الجزائريين من يمثل الامان والاستقرار خصما على ممثل التغيير في زمان تفاقم الاحساس بعدم الامان جراء تفشي الحركات الجهادية والارهابية بمغبة نشاط القاعدة فى شمال افريقيا والساحل الافريقي والدولة الاسلامية فى العراق وبلاد الشام -داعش-و جبهة النصرة واحفاد الرسول الخ بسوريا وغيرها بمال المتربصين بالجزائر كما بمصر والعراق وسوريا واليمن وليبيا تباعا.

ذلك انه ان ادرك المصريون مثلا انهم ازاء قضية وجودية Existentialist Issue  بامتياز فهم قياسا امام خيار بين الحريات السياسية (والاقتصادية اي الديمقراطية البرلمانية الحقة او المركزية) والعدالة الاجتماعية اللتان انتفض الشعب من اجلهما في 25 يناير 2011 وبين التضحية مؤقتا بالحريات ثمنا يستحق دفعه من اجل امن وسلامة مصر وديمومة ووحدة المجتمع المصري الى حماية الدولة التى اشعلت ثورة 30 يونيو 2013 من اجلها. وكان تاريخ مصر الحديثة وغيرها يعيد انتاج تخيير يوسف للشعب بين الخبز والحرية.

استباق ما حاق بالحركات التحررية لثورة اكتوبر وعسكرة السودان:
ما أن تغيرت ميزان القوى بانقسام المعسكر الاشتراكي حتى تعينت الرأسمالية المالية على احلال تلك النخب المعدلة جينيا في مقدمة اليمين المتطرف مكان اليمين التقليدي واليسار التقليدي ومكان المشروع القومي والاشتراكي والماركسي. فراحت تجند القوى اليمنية المتطرفة لمحاربة الشيوعية ومنظومة الاشتراكية مثلما جند اليمين المتطرف في ستينات القرن العشرين وتباعا لمحاربة قيم التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار وكل فكر رصين بما في ذلك الليبرالية البرلمانية الخ لحساب الليبرالية الجديدة. ومن لمفيد تذكر ان كل تلك الظواهر كانت وظيفة الزمن الضائع للرأسمالية الصناعية الذي كان قد عبر عن نفسه عشية ستينات القرن العشرين. وقياسا ازعم ان انتفاضة اكتوبر 1964 السودانية كانت حرية بان تمنى باستباق من قبل ما كان قد حاق بحركات التحرر كما ذكر في الجزء الثاني بتاريخ اكتوبر 2014- منذ ما يسمى الاستقلال. واجادل ان الصفة "القانونية الدولية" الفريدة للسودان بما يشار اليه بالحكم الثنائى Condominium  يسرت باكرا للإنجليز الادعاء لأنفسهم صفة "حكومة السودان Sudan Government مما خلع عليها شرعية تبدو وكأنها لا يطالها الباطل من بين يديها او من ورائهما. وحيث كانت حكومة السودان توليفة من تراتب مراكز وادوار شرائح السلطة السابقة منذ الفونج الى الفتح التركى الأول اي تراتب الادوار والمراكز الشرقية او الاسيوية فقد سوغ ذلك لحكومة السودان عسكر السودان والسودانيين بتكريس حزبين طائفين كبيرين يتمأسسان فوق الولاء الاعمى لزعيم الطائفة.

هذا كما كانت حكومة السودان تستدعى تنويعة فطيرة على أوتشارف مفهوم البنتاجون بوصفه توليفة من القيادات العسكرية والخدمة المدنية. وقياسا فقد امن الانجليز بالمهمة التحضيرية للبوليس الحربى The civilising mission of the military police فتعينوا على عسكرة السودانيين العاديين في المدارس الحكومية وفي الطريق ولو بتطلب الوقوف كلما مر متنفذ صغير او كبير فى الحكومة الى الحاكم العام بـ"التعظيم سلام". كما كانت حكومة السودان تصدر عن مفهوم الحزبين الكبيرين الذين لا ثالث لهما وان وجد فالحرب الثالث قمين بان يهمش او-و يعصف به كما في الولايات المتحدة اصلا. فقد اصطنعت حكومة السودان حزبين كبيرين على غرار الحزبين الانجلو امريكيين والانجلو ساكسونيين الكبيرين اللذان لم يكونا يفترقان من حيث انهما بقيا يخدمان رأس المال التجاري او الميركنتالي او السلعي او المالي حسب مرحلة التطور الاقتصادي الاجتماعي. وقياسا فقد بات من الطبيعى ان يغدو الحزبان الكبيران فى السياق الشرقي بهذا الوصف وكلما دعت الحاجة كما رأينا فى انقلاب 1958 العسكرية الاول-ان يغدوان حزبا واحدا. ولا بأس فطالما يخدم الحزب رأس المال بتنويعاته وصولا الى رأس المال المالي. والى ذلك فقد كان الحزبان السودانيان الكبيران حريان بان لا يفترقا من حيث التوجه التنموي او بالاحرى الميل الى تكريس التخلف بالتعيين على التقليدية والتطير من التغيير والتقدم (المعنى الحرفي وليس المعنى الرأسمال المالي المزوق الذى يشارف حدود البربرية that borders on barbarism)

تعالق استقلال حكومة السودان وعزلة السودان:
تعين الانجليز جراء استقلالهم عن هوايتهول ووزراة المستعمرات على:

- سياسات استعمارية اتسمت بقسمات مرنة نسبيا فدخلت حكومة السودان مثلا فى مسأومات باكرة منها الادارى والتنظمى والمالى، ومنها ما اتصل بكل من تداعيات مشروع ويلسون لحق تقرير المصير، وتمويل مشروع الجزيرة ثم برنامج المساعدة العسكرية الامريكية والمساعدة التنموية الامريكية USAID الخ.

-اختلاق ذرائع ابعاد المصريين عن السلطة الحقيقية وصولا الى تلفيق اسباب طرد المصريين من السودان فى 1925م.

-اصدار الممارسات البريطانية وتصدر عن نظيرتها الامريكية في التطير من التنظيمات العمالية الا ان ذلك لم ينجح في منع السودانيين من تنظيم حزب العمال ولا من قيام حركة اشتراكية باكرة وبتحريض القناصلة السوفيت فى الشرق الأوسط، بوحي من الحلقات الماركسية فى امدرمان وباستدعاء المؤثرات الاتية من الهند ومصر.

-استدعاء حكومة السودان لمفهوم المثقف او الانتلجينسيا. فمرة اشاعت احلال المتعملين تعليما غربيا مكان زعماء القبائل والطرق الصوفية ومرة خلقت شرط عزلة المتعلم غربيا عن الريف والبادية تقصدا. ذلك ان الانجليز كانوا يدركون مغبة اطلاق طموحات اؤلئك الافراد وكانت مصر تلقى ترحيبا بين الاخيرين وتشجعهم على عصيان السياسات الاستعمارية. وكانت حكومة السودان الى ذلك في خشية من انتحال السودانيين صفة الحداثة وقد راحو يطلقون على انفسهم صفة القوى الحديثة. فقد كانت حكومة السودان تدرك قصور السوادانيين عن الحداثة فاكتفت بان اطلقت عليهم صفة الانتليجسنيا. والانتيليجينسيا Intelligentsia مفهوم قديم ومشبوه ويعود الى تقسيم حدود الامتدادات فيما وراء البحار يين الدول الاستعمارية باكرا. ويتضمن ذلك المفهوم ذراية بالمثقف قياسا على رجل الحدود بوصف ان الاخير من اهم بناة الامبراطورية فاكثر عملية ووظيفية. وازعم انه سفر تكوين الفرد العقلاني بالمعنى الاجرائي الذي عرفته مرارا.

وقياسا لم يعن المثقف لغايات وسياسة وحركة التوسع الباكرة Pristine اكثر من فرد لا اهمية نسبيا مع رجل الحدود. فقد بقي المثقف بهذا الوصف لوقت طويل ديكورا ملحقا ببلاطات الامراء الاقطاعيين والبابويات والملوك ولم يسمع له صوت يذكر فى مقاومة السلطة او مناصرة الجماهير الا نادرا. على انه ما نشأ ما يسمى الفرد العقلاني على عهد الاكتشافات الجغرافية الكبريى ومدارس الفيزيوقراط والاوثوذوكسية الكلاسيكية وصولا الى ماسمى بالعولمة او الرأسمالية المالية وعصر الانا واقتصاد او لا اقتصاد الخدمات عاد الفرد العقلاني مجددا داخل معطف الفرد العقلاني الجديد اي ما اعرفه بالنخب الاستراتيجية وقد تلفع الاخير بعباءة خطاب واجندة العولمة وما بعد الحداثة وما بعد كل شئ وكل ما هو جديد خصما على ما سبقه من مرادفات في فوضى المفاهيم غير القابلة للتعريف وم باتت له اهمية غير مسبوقة في اختراق الجماعات المحلية والجماهير.

وعليه فقد نشأت نماذج دنيا تعبر عن نفسها فى تنويع متناهي الضآلة قياسا على الفرد العقلاني الجديد. ومن المفيد تذكر ان تلك النماذج الصغيرة تقوم بأدوار ملحوظة فى تذرير كل عمل جماعي والعصف بالزعامات المحلية وانتحال مكان الاخيرة . واجادل ان تلك النماذج الدنيا تعينت على القضاء على المجتمعات الاهلية وانتحلت أدورها بعد العصف بها وذلك لحساب ما يسمى الجمعيات غير الحكومية. وعليه يلاحظ الناس فى كل مكان كيف ان تلك النماذج الدنيا- التى ما كان ليكون لها اهمية يعتد بها الا بقدر ما عبرت عن نفسها فيما اعرفه بالخنفساء التى تسبق العقرب لولا المال السياسي والوظائف الصغيرة التى احتكرتها تلك النماذج. فقد كانت تلك النماذج الدنيا قد منيت بوضاعة المنبت والمراوحة بين الريف والبادية وهامش المدن مما اسلم معظمها لطموح مرضي لا يقف في طريقه امر ولا شيء حتى الموت. فقد كانت تلك النماذج الدنيا قد تضورت جوعا طويلا لكل مركز أو اهمية تذكر. ولا امل تكرار ذلك المثل الرائع المروع "لك ان تثق في من كان شبعا وجاع ولا تثق فيمن كان جائعا وشبع".

واجادل على ضوء ملاحظة مشاركة-بكسر الراء- طويلة انه ما ان قيض لتلك النماذج الدنيا الاستفراد بالمجتمع الاهلي واحيانا المجتمع المدني بمغبة الاحكام الاستثنائيه والعرفية والتعقب فقد تعينت على استفراس وتشويه جانب هام من المكونات المعافاة للمجتمع الاهلي والمدني ومن حركات المقاومة ومن قواعد الحركات المطلبية المحلية ومن دور جماهير حركات التحرر لحساب جماعات مشبوهة تخدم الثورة المضادة بوعي او بلا وعي. وازعم ان تلك النماذج يسرت للنخب والمتثاقفين الاشد دراية بالانتهاز والوصولية القيام بدورها التاريخ في تشويه الثقافية واللغة والهوية. فقد تعينت تلك النخب الاستراتيجية والمتثاقفون بدرجات على الذراية بالثقافات المحلية لحساب ثقافة الاستهلاك للذين يملكون وتسويغ التضور لمن لا يملكون وثقافة الابتذال والاباحية الفكرية والتنظيمية من ناحية وخلق مناخ التطرف والدروشة والعنف الموجه ضد الذات والمراة’ والطفل والغريب والاقليات والاخر من ناحية اخرى.

من ملامح وقاموس قوى الثورة المضادة:
في السياق الشرقي والغربي بالتماس العصابي
By Psychotic Contagion:
الثورة مشروع اقتصادي من حيث اعادة توزيع الثروة بالمطالب الشعبية التى تلهم الثورة بالمحل الاول وهي مشروع سياسي من حيث المطالية باعادة توزيع السلطة. وباختصار فان كل ثورة على نظام بغاية تغييره لا تعدم ان يكون لها بعدا اقتصاديا حتى لو لم يكن الثوار قد خرجوا في وجه النظام بمغبة الافقار او الجوع وحدهما رغم انه قد لوحظ مؤخرا ان الانظمة باتت تجوع وتروع الشعوب بغاية انهاكها حتى لا تبقى للشعوب طاقة على التفكير أو التنظيم فى وجه النظام او-و الثورة المضادة-محلية وعالمية جميعا. ويلاحظ الناس كيف تتقصد الثورة المضادة الشباب وصغار السن خاصة منهم فتحرضهم على الانتفاض وتغويهم بالعنف ثم ما تنفك تعصف بهم فتقتلع عيونهم وتحرقهم احياء وتقطع رؤوسهم او-و تجندهم في صفوف الحركات المتطرفة والجهادية والقتالية مما عرف منذ قديم الزمان في كل مكان. ذلك ان كافة الانظمة التى لا تستثمر فى رأس المال البشرى تخلق شرط الثورة المضادة بغاية تفي شرط العمل الشعبي خاصة في زمان رأس المال الغريب او-و راس المال المالي فراس المال الغريب مالي بطبعه ومن طبعه ذاك اللا يستثمر فى رأس المال البشري. بل تخلق شرط ترويع الشعوب او-وتكرس كل ما من شأنه ان يدفعها للعزوف عن اي عمل ثورة مجدد مثلما يحدث اليوم في كل مكان مثلما يحدث غب الربيع العربي وحركة احتل شارع المال  Occupy Wall Streetفي نيويورك وفيرجسون بسانت لويس وغيرها . ولك ان تلاحظ(ي) . فحيث بات كل من يخرج منتفضا على نظام يدفع اغلي ثمن وهو حياته او يغدو معوقا باقي حياته. وليس ذلك وحسب وانما يذهب الجاني بريئا حتى لا يتوقع الثوار اي نوع من العدالة مثلما حدث مع الشرطي الابيض الذي قتل الطفل مايكل براون الاسود غير المسلح رميا بالرصاص يوم 9 اغسطس الماضي بأحد طرقات مدينة فيرجسون بسانت لويز بولاية ميزوري بالولايات المتحدة، وبرأته المحكمة الثلاثاء 25 نوفمبر من تهمة القتل. ويعني الامر بوضوح ان للشرطة قتل العامة بلا تثريب.

 وقياسا تستثمر الانظمة الغربية الغنية اصبحت تصدر عن الثورات المضادة في تكريس القمع بالتعقب والمطاردة فتجد مثلا ان لكل 6 افراد كاميرا تلصص Close circuit camera في لندن مثلا كما لكل 11 فرد في بريطاينا كاميرا تلصص . كما نكاد تتعين شبكات المراقبة الشعبية Mass surveillance  على اختراق ادواة التواصل الاجتماعية بصورة منظمة ومعلنة معا. وعلى الرغم من ان الثورة المضادة ليست لها مشاريع حول التعليم او الصحة والسكن الا بقدر ما تنال مما اكتسبه الشعب عبر نضال طويل. سوى ان الثورة المضادة غالبا ما تكون بدورها مشروعا اقتصاديا سياسيا من حيث تعين غواريو الثورة المضادة في المحل الاول وبالضرورة على حرمان قطاعات بعينها من الشعب من كل من الثروة والسلطة لحساب جماعات مضادة لا تملك سوى العدوان والترويع واختراق حركات وانتفاضات وثورات الشعوب المشروعة ومطالبها المستحقة. وفوق كل شيء تشوه علاقات الانتاج وصولا الى خلق شرط مشارفة لعلاقات الانتاج العبودية سواء بالألوان الطبيعية فى المحاور الغنية او بأسمال بالية فى غيرها. ويقدر عدد الرقيق في العالم اليوم ب 36 مليون(7) . وازعم ان تشوه علاقات الانتاج والعمل هو وظيفة تشوه الاقتصاد جراء انتصار الربا على الربح والتجارة.

وفيما تدعي الرأسمالية المالية وهي الرأسمالية ما بعد الصناعية اي تلك التنويعة المشوهة والمشوهة للرأسمالية السلعية، سواء صناعية متقدمة او غير ذلك انها متقدمة على الاخيرة الا ان الواقع هو انها تشوه كل ما تقع يدها عليه بما في ذلك الرأسمالية السلعية بانواعها من علاقات الانتاج الى علاقات الملكية. ومن المفيد تذكر ان هزيمة الرأسمالية الصناعية جراء صعود الرأسمالية المالية تعاصرت وتشوه الاولي وانتفاء شرط نضوج الديمقراطية بانواعها بوصف الثانية مصادرة على مطلوب الاولىat odds with the other.  ذلك ان الرأسمالية المالية تعبير عن نكوص الرأسمالية السلعية جراء انتصار الربا على الربح بامتياز اي بيع المال كسلعة على التجارة او-و الانتاج السلعي كما يلاحظ الناس في كل مكان. وتخلق الرأسمالية المالية بهذا الوصف شرط ما يطلق عليه الديمقراطية الليبرالية الجديدة وما بعد الحداثة الا انها في الواقع تكرس ما هو سابق على الديمقراطية وما هو ابعد ما يكون عن الحداثة ونكوصا الى الخراب وبربرة حاجات الشعوب. ومن المفيد تذكر ان كل من الديمقراطية الليبرالية والحداثة كانتا وظيفة الرأسمالية الصناعية وكانت الاخيرة وظيفة الثورة الصناعية والاخيرة بدورها وظيفة ما يسمي الاكشافات الجغرافية الكبرى وكانت الاخيرة وظيفة سقوط الاندلس. وكان سقوط الأندلس وظيفة التوسع الرأسمالي الميركنتالي وكان الاخير وظيفة سقوط العباسيين ونشوء رأس المال المالي بالرساميل الهاربة شمالا وتأسيس اول مصرف اوربي متواكبا مع صعود جمهورية البندقية الحرة.

وقياسا فان صعود اوروبا الغربية متبوعة بالولايات المتحدة الامريكية كان بالخصم علينا وبداية نهاية كل من هو غير غربي او –وما هو غير رأسمالي مالي ولو مؤقتا. وقياسا فكافة الظواهر المذكورة كانت بثمن احتلالنا واستعمارنا فإفقارنا بمعدلات غير مسبوقة بدءا بما سمى تقسيم العمل الدولي، حيث اجبرنا على التخصص في انتاج المواد الخام وانتاج الطعام، فيما راحت اوروبا تتخصص في انتاج السلع الصناعية والسلاح. اي تتصنع وصولا الى ما بعد التصنيع اي الرأسمالية المالية مما خلق وكرس شرط افقارنا وترويعنا. وقد بات كل ما هو بعد الشيء او الشيء الجديد تعبيرا عن/ او/ من مفردات قاموس الثورة المضادة. وقياسا فكل ما هو بعد الشيء او الشيء الجديد وظيفة الرأسمالية المالية –الصهيونية العالمية. فقد غدى الاقتصاد الكلاسيكي اقتصاد كلاسيكي جديد  Neo- Economic orthodoxy والليبرالية البرلمانية التى نعرفها الليبرالية الجديدة Neo- Liberalism و الحداثة ما بعد الحداثة Post-modernism والنظرية البنائية باتت ما بعد البنائية  post- structuralism الخ. وينبغى تذكر ان ما بعد الشيء او الشيء الجديد ليس تطويرا على الشيء بل غالبا والاحرى يكون نكوصا على الشيء. فيلاحظ الناس في كل مكان كيف باتت الليبرالية الجديدة نكوصا بائنا على الليبراية البرلمانية التى كنا نعرفها وكذا ما بعد الحداثة الخ. ومع ذلك فقليلا ما تجد بين محللي الثورة والمعنيين في مقاربتها متخصص فى الاقتصاد بهذا الوصف أو بالقدر الكافي.

ويلاحظ الناس كيف باتت اوروبا الغربية والولايات المتحدة توظفان ما سمى الاصلاح والعصرنة Modernisation في تخريب الاقتصاد وفي تشويه المجتمعات. فقد باتت صناعة وبيع السلاح وسيلة معلاة لتطويعنا وترويعنا بافقارنا وتجويعنا وشق صفوفنا وفي تبديد وسرقة ثرواتنا وما كان لدينا من رساميل فى شراء السلاح. قد راحت الرأسمالية بتنويعاتها تتعين على اختلاق حروب وادارتها لحساب المركب العسكري الصناعي  Industrial Military Complex وتجار السلاح. وتلاحظ(ين) ان الولايات المتحدة وحدها مثلا اطلقت من بارجة حربية للاسطول السادس ما قدرت قيمته ب65.8 مليون دولار من صواريخ توماهوك نحو سوربا فى محض 24 ساعة في اكتوبر 2014. هذا وليست طبيعة السلاح التي يستخدمها التكفيريون وحدهم مكلفة أو بربرية وانما كافة الاسلحة المستخدمة على العسكريين والمدنيين تفوق نطاق الخيال الادمي(8) في وحشيتها. ولا تتكسب النخب العسكرية the military elite وحدها من وراء دمارنا وانما تيسر النخب المعدلة جينيا في كل مكان للعسكر وسائط السلطة والثروة خصما على من عداهم.

السودان والعسكر:
هذا وكانت ثلاث انقلابات عسكرية سودانية استغرقت اكثر من 40 عاما من عمر ما يسمى الاستقلال. وحيث ان الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية القيامية لا تستحب الجيوش الوطنية وتعمل على تدميرها الا انه طالما ان الجيش ليس معنيا بالدفاع عن الحدود القومية ويتعين في نفس الوقت على قمع الشعب فلا يترك له فكاكا لينظم نفسه فى ثورة شعبية كما يتأكد النظام من ان السودان لن ينشأ صاعدا بل يبقى السودان ادنى من ان يراوح بل ينكص الى عوالم جحرية تباعا فان الرأسمالية المالية لا ترى فيه بأسا.و لعل ذلك قد يفسر كيف ان السودان يبدو في مناخ الصراع الاقليمى المستعر متروك وشأنه تحت سلطة اخوان مسلمين يتبادلون ولرأسمالية المالية بعض الفضائل.

اللغة في سوق الثقافية المشبوهة:
هل قيضت ثورة اكتوبر لنا أدبا للفكر السياسي السوداني او حتى فرضية تذكر او تنسى الا ما خلا تسميع معظمنا لمقرراتنا المدرسية، بإعادة انتاج الفكر الغربي بلا انتقاء؟ كيف يأخذ المخضعون عن فكر ويصدقون سردية من يخضعونهم ويقهرونهم؟ كيف يستلهم (مبنى للمجهول) فكر يخدم القهر والاستلاب بوصفه فكرا للتحرر والثورة؟ أليست أفكار وسردية الذين يخضعون من عداهم أفكار وسردية الاستبداد بامتياز؟ أليست البني الفوقية أي القانون والفن إن وجدا، ولغة الحكام والغزاة والفاتحين والمستعمرين والنخب التى تتشارك واسيادها فائض انتاج المجاميع المتضورة للخبز والحرية بمغبة الاستحواذ اللامتناه، هي البنى الفوقية للطغاة؟ لم تتحور الافكار واللغة اي لغة وفد أخترقتها مزوقات ومجاز وتقية الصمت على الحقيقية او-و اللاكلام فصارت اللغة تنطق بهذا الوصف بما لا تعنى؟

حيث تدرك الرأسمالية المالية الاستعمار الصهيونية القبلية والعالمية- القيامية ان استهداف اللغة والثقافة-في سوق كان قد بدأت به باكرا - هو الاهم في مجال الاقتصاد. فقد كانت اول هجمة للرأسمالية الصناعية على اللغة والثقافة. ذلك ان امريكا والصهيونية القبلية والعالمية- القيامية انفقت اموال طائلة في محاولة احلال الانجليزية (الامريكية) في شمال افريقيا مكان الفرنسية، ولا تفتر في ان تشوه اللغة العربية بالتدخل فى المناهج التعلمية كما بمصر والسودان وشمال افريقيا وغيرها. وازعم ان النخب خاصة كانت قد اُستهدفت للاستقطاب بحيث لم ينفك معظمها ان بات عاجزا عن تجاوز الاستخدامات الرأسمالية اللغوية العامة. ذلك ان معظم النخب ما يبرح يستدعى اصطلاحات علوم تخصصاتهم التى تعينوا على تحصيلها وبرعوا في اعادة انتاجها بلا زيادة او نقضان احيانا.

وقياسا لا تزيد الأخيرة بدورها عن قاموس مصطلحات وتعريفات الاستحواذ The dictionary of concepts and usages of misappropriation  التى برعت النخب في توريثها للشباب بوفاء الحواري لشيوخ الطرائق فعن سادة الأكاديميا الغربية بشأن ما يصف الأخيرون واقعهم هم. وإذ تردد بعض النخب العربية مثلاً تلك المصطلحات والتعريفات دون محاولة تذكر أو تنسى في الإبداع أو حتى إعادة تعريف المفردات، فإنهم لا يزيدون عن أن يعيدوا إنتاج القصور التعبيري مع إضافات ببغاوية لا تزيد ولا تنقص عن قصور لغوي ضار كثيراً بكل من الفهم والتفاهم بل بمراكمة المعرفة. وقياساً قد يفتقد بعض اجيال وشباب ما بعد ثورة اكتوبر السودانية وغيرها حتى الحديث بالأمثال والاقوال الشعبية التى كان الناس العاديون قد راكموها على مر آلاف السنين. فالرأسمالية تدرك يقينا ان اللغة قد تمتلك تغيير المستقبل لو ترك لنا تعريف مفرداتها ونحتنا نحن مفردات بديلة تخصنا نحن. وقياسا فلعل تلك المفردات البديلة واللغة التى تخصنا ما ان توجد أن تقيض لنا، وللشياب أولا قبل المتثاقفين العرب، وللنخب المعدلة جينيا خاصة، أن تقيض للشباب الايمان بقدرتهم على الابداع فى الواقع وفي فكر تبوء. ذلك ان الابداع هو امتلاك الفرد شيء لا ينازعه فيه أحد. والابداع هو الايمان بشيء وجعله يحدث -كون المبدع على استعداد لدفع ثمن المثابرة على الخلق يقينا فى محصلة ذلك الخلق فالمبدع تدفعه عاطفة والرغبة فى تغيير العالم او-و ذاته-الى الافضل بادراك بصير ومتفائل بإمكانية ذلك لان المبدع حري بامتلاك معرفة من أين يأت الابداع والى اين يذهب-ليغيير العالم او-و نفسه ان امكن.

 فما العمل؟ لعل ذلك يقيض بالتضامن العالمي بين شعوب العالم بغاية خلق عول بديل لعالم راس المال والصهيونية بأنواعها اللئيمة.

اكسفورد 2014

المراجع والهوامش:
(1)انظر(ي) Kevin McDonald the guardian.com, Tuesday 9 September 2014

(2)(120انظر(ي) The Superpower And The Caliphate: in Information Clearing House:5.7.2014

(2) انظر(ي)ٍُ SE Smith26 Million People in the world are still living in slavery: ICH:23.11.2014

(3) انظر(ي) kim Sengupta: the:The Independant:29.8.2014

(4) انظر(ي) تنويعات الاستبداد الشرقيو الغربي: رسالة دكتوراه 1980: جامعة ويلز بريطانيا.

(5) انظر(ي) على محافظة 1985: موقت فرنسا وانجلترا وايطاليا0 من الوحدة العربية: 1919-1930:مركز دراسات الوحدة العربية::بيروت ص:19.

(6) انظري(ي) خديجة ضفوت:2007: الطرق الصوفية والاحزاب الحديثة: الخرطوم.

)(7) أنظر(ي) Benjamin Dang:Who rules the world:in ICH.20.11.2014

(8) انظر(ي) Who rules America: Paul; Grail Robert: In ICH:14 May:2009

(9) بالنظر الى حادثة هايتى يذكر الناس كيف عادت الولايات المتحدة وقد دمر الزلزال الرهيب الجزيرة فى منذصف يناير 2010 لتحتل الجزيرة نيابة عن الرأسمالية المالية الصهيونية القبلية بقوات المارينز فتمنع عن الاهالى العون الغذائى الاتى من غيرها من الدول الاوربية الغربية اجمالا ولا تقدم هى لهم شيئا يذكر او ينسي بشهادة الاعلام الغربي نفسه ومنه أعلام بريطانيا وبخاصة الاعلام الفرنسي

(41) انظر(ي) Hinnebusch R., “Empire and after: toward a framework for comparing empires and their consequences in the post-imperial Middle East and Central Asia”, Journal of Historical Sociology, Vol. 27, n. 1, 2014, pp. 103-131.

. (12) بالنظر الى حادثة هايتى يذكر الناس كيف عادت الولايات المتحدة وقد دمر الزلزال الرهيب الجزيرة فى منذصف يناير 2010 لتحتل الجزيرة نيابة عن الرأسمالية المالية الصهيونية القبلية بقوات المارينز فتمنع عن الاهالى العون الغذائى الاتى من غيرها من الدول الاوربية الغربية اجمالا ولا تقدم هى لهم شيئا يذكر او ينسي بشهادة الاعلام الغربي نفسه ومنه أعلام بريطانيا وبخاصة الاعلام الفرنسي