في دوامة البحث وفي ذروة ما يشهده الوطن من حرائق، يكتب الشاعر السوري عن ومضته الأولى وهي تنمو اليوم ليؤرخ من خلالها لسيرة حياته التي عبرت بعضا من تفاصيل الولع والألم والأمل أيضا، كي ينتهي اليوم الى إعادة كتابة كي تلتئم الصورة التي أحب..

ربعُ قرن حبْ

عبد السلام الشـبلي

منذُ ولادتي

منذُ ولادتي الأولى

قبلَ ربعِ حبٍ ..

و أنا أبحثُ عن

أجزاءِ عمريَ الأخرى

كي أصبحَ لائقاً

بدخولِ جنتك العالية

***

أيتها الكبيرةُ

في كل شيء

المليئةُ بكل شيء

الغزيرةُ بكل شيء

الكريمةُ بكل شيء

هلا وقفتِ قليلا

لأسندَ جبهتي

على غصنٍ منْكِ

و أكملَ لفافةَ تبغي في ظلكِ

و أنامَ مثل ملكٍ عادلٍ على صدرِك

هلا وقفتِ قليلاً

فقد أتعبني السفر قبلكِ

أتعبني الانتظارُ بعدك

و ضجرتْ مني الحقائبُ الخاوية

***

بيني وبينك الآن بحرٌ

.. سبعُ عواصم

.. ثلاثةُ قطارات ..

وسنةٌ كنتُ أعدُها قبلكِ عاديةً

لكنها دخلتْ في حزمةِ ضوئكِ  

فصارتْ ألفا من السنوات..  

بدأت بقطف أيامها في رحم أمي

و ما زلتُ أجهلُ أشهرها الباقية

***

يسألونَ عنك فأقولُ لهم

ما زالتْ بخير ..

تبكي أكثرَ من ثلاث مراتٍ يومياً

و تصمتْ طويلاً إذا حدثتُها

وتنسى هاتفها معلقاً بين

الأرضِ وروحي والسماء ..  

لكنها مازالتْ بخيرٍ

فآخرُ ظهورٍ لها

كان في هذهِ الأثناءْ

وأنا أكتبُ أحرُفي العارية

***

متى ستخرجين إليهم

لقد ملّوا الحديثَ معي

الجميعُ يريدُكِ

الجميعُ ضائعٌ دونَ صوتِكِ

وأنا مثلُ الجميعِ .. ضائعٌ

لكني لا أريدكِ ..

فالإرادةُ موتٌ

إن لم تؤتي ثمارَها ..

وأنا أرغب منك بالحياةِ

أيتها الغالية ..

***

اقرأ عنكِ كثيراً

اقرأ عنك في عيونهم كثيراً

يقولون ذبُلتِ كوردة بعد العاصفة..

و ارتد شعرُكِ عن دين النعومةِ

فقصصته عقاباُ له و رميتِ

خصلاته تحتَ أنقاضِ المدنِ الخائفةِ

اقرأ أنك صرتِ بيضاءَ

بعدَ أنْ أمطرتك

سحبُ خريفِ أوروبا

ونسيتِ سمرتَكِ في الحقيبةِ الغارقةِ، النازفة ..

اقرأُ كلَ هذا وأُكذِبُهُ

بقصيدةٍ كتبتها عنكِ ..

قلبْتُكِ كجمرة على أوراقها

تحرِقُني سنواتُها الماضية ..

 

شاعر من سوريا