تقيم الباحثة الجزائرية هنا تعارضا بين مرحلتين أو منهجين مختلفين تعاملت بهما الثقافة العربية مع الترجمة إبان مرحلة ازدهار الحضارة العربية وتفوقها في العصر العباسي، ثم ما بعد مرحلة ترديها وانحطاطها وفقدانها لذاكرتها الثقافية ابتداء من القرن التاسع عشر. وتكشف عن مجموعة من التناقضات الشيقة في هذا المجال.

إشكالية الترجمة في الفكر العربي قديما وحديثا

فايـزة لولو

توطئــــة
تشكّل الترجمة إحدى إشكاليات الفكر العربي قديمه وحديثه، التي تستدعي ضرورة الوقوف عندها مطوّلا، ذلك أنها تسهّل علينا – إلى حدّ بعيد – فهم البنية الثقافية للعقلية العربية، سواء تُجاه ذاتها أي على مستوى الأنا، أو تُجاه غيرها من الأمم، أي على مستوى الآخر، فمصطلح الترجمة هو أحد مخلفات اللقاء الحضاري بين الأمم والشعوب، ويهمّنا في هذا المقام الأمة العربية كطرف في هذا اللقاء.

فإذا نقّبنا في تاريخ الثقافة العربية، استوقفتنا لحظة زمنية لا تقلّ أهمية عن لحظة القرن التاسـع عشر حيث تمّ فيها- ولأول مرة- الاتّصال الثقافي بين الحضارة العربية، وحضارة الأمم الأخرى، أو إذا شئنا التثاقف بين الأنا والآخر، لكن إذا كان الآخر في العصر العباسي هو الفرس والروم، والهند إلى حدّ ما، فإنه أوروبا هي "آخر" القرن التاسع عشر، وما تعنيه هذه الأخيرة في وعي الثقافة العربية المعاصرة. وإذا كان "الأنا" في القرن الرابع هو مركز الحضارات الإنسانية، وإليه يُشار بالبنان، فإن "الأنا" في العصر الحديث هو ذلك المهزوم حضاريا، والمشتّت ذاتيا، والتابع ثقافيا ... إنّه المغلوب على أمره. من ثم، فإنّ التثاقف مع الآخر في العصر الحديث ليس هو ذاك الذي كان قائما في المرحلة الكلاسيكية، كما أنّ النظر إلى "الأنا "و إلى "الآخر" ليس نفسه في الزمنين المذكورين.

إنّ التذبذب والارتياب هو ما يحكم العلاقة بين الثقافة العربية و"آخرها"، وهو ما شكّل تذبذبا وارتيابا على مستوى الوعي بالذات العربية، وكذا الوعي بالآخر كآخر، ذلك الاهتزاز الأنطولوجي - إن جاز القول - وذلك التحوّل في الرؤيا إلى القضايا والإشكاليات في الفكـر العــربي، هو ما حاولنا الوقوف عنده في هذا المقام، متسائلين عن أهمّ قضايا الترجمة والمثاقفة في تاريخ الثقافة العربية قديمها وحديثها.

1 - إشكالية الترجمة في الفكر العربي القديم:
شهد مفهوم الترجمة تحوّلا كبيرا في وعي الثقافة العربية، وذلك ناتج عن تحوّل علاقتها مع الآخـر ولعل أهمّ ذلك التحول هو الذي رصده الناقد المغربي عبدالفتاح كيليطو؛ حيث يرى أن الثقافة العربية بآدابها وتاريخها وعلومها قد خضعت لتقويمين زمنيين، الهجري في البداية ثم الميلادي بعد ذلك، وهو ما أدى إلى «انقسام في الذاكرة العربية إلى ثلاث حقب: حقبة أولى ذات ملامح مميزة، وحقبة ثانية تتسم بسبات عميق، وحقبة ثالثة فقدت فيها الذاكرة العربية معالمها المألوفة وانخرطت داخل ذاكرة أخرى»1، ذاكرة أكثر قوة وأكثر قدرة على استلاب هويّة الآخر ومحو تراثه ومقوماته الحضارية.

إنّ الحقبة الأولى هي فترة قوّة الثقافة العربية، بل ومركزيتها في الحضارة الإنسانية، ولعلّ أهم مظاهر قوتها تتجلى في كيفية تعاملها مع الثقافات الأخرى، حيث كانت تنظر إليها من علوّ مبرره الإحساس العميق والكبير بالتفوّق والمركزية، وقد كانت تستند في هذا الاعتقاد إلى مركزية الحضارة الإسلامية التي فرضت نفسها على جميع الشعوب والأمم في ذلك الوقت. وكما يشير الناقد عبد الله إبراهيم، فإن تلك المركزية تحدّدت وفق بعد جغرافي متكئ على بعد لاهوتي، حيث تــــمّ اتخاذ مصطلح "دار الإسلام" لتدلّ به على الشعوب التي اعتنقت الإسلام، في حين أطلق على الشعوب الأخرى مصطلح "دار الكفر" «ولأجل هذا التمييز العقائدي، فقد ظل الاتصال بين دار الإسلام ودار الكفر يقوم على سلسلة معقدة من التبعية والاختزال والاستبعاد. فثمة مركز يضيء بأنواره عالما محايدا يظل ممتدا إلى أن تضعف شدة النور إلى تخومه فيسقط كل ما وراء ذلك في ظلام دامس»2. ويقصد بالمركز المضيء الشريعة الإسلامية التي بسطت قيمها على جميع المجالات الحياتية، وكل من لا يلتزم بشرائعها ولا يتكئ على مرتكزاتها فإنه يدخل في دائرة الاختزال والاسـتبعاد العقـائدي على الأقل، ذلك أن الإسلام هو دين للناس كافة.

تلك المركزية الدينية هي التي كانت منبع قوة الثقافة العربية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تراثها الأدبي الكبير والمتجذّر في القدم. فقد كانت ترى في نفسها أنها أمة الأدب بلا منازع، خاصة الشعر منــه، ولهذا السبب وهذا الاعتقاد الفاسد، فقد تعالت عن آداب الأمم الأخرى فلم تسع إلى التعرّف عليها، ولا الاستفادة منها، ولا حتّى ترجمتها. فرغم ازدهار حركة الترجمة في العصر العباسي وبالضبط في عهد المأمون، إلا أنها شملت الفلسفة والعلوم والهندسة دون الأدب. لقد كان العرب القدامى يستهينون بترجمة الآداب، سواء آدابهم أو آداب الأمم الأخـرى؛ فأمّا عن الآداب الأخرى فلا حاجة لهم بها، لأن الأدب خلق عندهم وكل ما سواه هو مجرد محاكاة لهم، وأما عن آدابهم فقد كانوا يرون أن في ترجمتها إنقاص من قيمتها، وحطّ من أدبيّتها، لماذا ؟ لأن- في اعتقادهم – أن الترجمة غير ممكنة، وإن حدثت فإنها تكون إلى اللغة العربية لا منها إلى غيرها، «فالترجمة تكون ذات مفعول إيجابي، أو على الأقل مفعول محايد، عندما تتمّ إلى لغة الثقافة أي اللغة العربية، وهي لا تكون ذات مفعول أو ذات جدوى في الاتجاه الآخر».3 أي من اللغة العربية إلى غيرها من اللغات.

فرغم ما يعرف عن الترجمة أنها خائنة، إلّا أنها إلى اللغة العربية تكون أكثر حسنا وجمالا، أكثر اتقانا وجودة. وهو ما يؤكده الجاحظ في قوله المشهور من كتاب الحيوان: «وقد نقلت كتب الهنـد، وترجمت حكم اليونان، وحولت آداب الفرس، فبعضها ازداد حسنا، وبعضها ما انتقص منه شيء».4 أي لم تضرّه الترجمة ولم تنقص من قيمته هذا إذا لم تزده حسنا.

إن اللغة العربية هي اللغة المركزية في الثقافة الكلاسكية، لماذا؟ لأنها لغة القرآن، ولغة أهل الجـــنة، ولغة آدم – عليه السلام- وما إلى ذلك. ومن ثم، فإن عملية الترجمة لا بد أن تكون إليها، لابد أن تنطلق من اللغات الأخرى – الفارسية واليونانية والسريانية – إلى العربية. أما العكس فغير ممكـن وعلى طالب الثقافة أن يتعلم العربية في أصلها، بل ويتقنها لأنها لغة الثقافة والحضارة. يقول عبد الفتاح كيليطو «لم يكن الكتّاب العرب يخاطبون إلا قرّاء يتقنون العربية، والترجمة الوحيدة التي كانوا يتصوّرونها هي الشرح والتعليق والحاشية؛ أي ترجمة داخل اللغة نفسها»؛5 أي اللغة العربية، ولذلك كثرت الشروح والتفاسير والحواشي في الكتب التراثية. كانوا يكتبون بلغة أكثر قوة وأكثر بلاغة بل أكثر غرابة وتعقيدا، ثم يعمدون إلى شرحها بلغة بسيطة سهلة.

يؤكد الناقد كيليطو هذا الرأي بقوله: «إن القدماء لم يكتفوا بالاستهانة بالترجمة ونبذها من تفكيرهم، بل حرصوا – عن غير عمد- على جعل مؤلفاتهم غير قابلة للتحويل، فطوروا صياغات وطرقا في التعبيــر، وأساليب تستعصي على النقل. لعل أحسن مثال على ذلك مقامات الحريري؛ فهو كتاب تقول كل عبارة من عباراته: لن يستطيع أحد ترجمتي»،6 أو نقلي إلى غير اللغة العربية. إن هذا الموقف نسبي إلى حدّ ما، صحيح أن المؤلفات القديمة تستعصي على الفهم وعلى النقل في الآن ذاته، لشدّة غرابتها وغموضها وإحكام تأليفها، لكنها ترجمت فيما بعد على يد المستشرقين، ثم إن هذا الموقف يكون ممن يحسب حساب الآخر، ويحس بمنافسته إياه، لكن ما طبع الثقافة الكلاسكية هو غياب الاكتراث بالآخر، فهي لا تحسّ بوجوده ولا تبالي به – في هذا المجال على الأقل- بحجّة أن الأدب العربي مكتف بذاته، ولا حاجة له بغيره.

لكن في المقابل، لا حاجة للغير به- إذا ترجم- وإذا قال الجاحظ بأن الشعر لا يترجم ولا يجوز عليه النقل، فليس ذلك معناه أن الشعر لا يمكن تحويله إلى لغة أخرى فحسب، بل أكثر من ذلك أن العجم لا ينفعهم أن تنقل إليهم النصوص العربية، لأنها مكتوبة بلغة الثقافة ومن أراد الاستفادة منها أن يقرأها بلغتها الأصلية أي اللغة العربية، ومتى وصلته بغير اللغة العربية إلا كانت ناقصة وأقل إفادة. يقول الجاحظ: «ولو حولت حكمة العرب لبطل ذلك المعجز الذي هو الوزن، مع أنهم لو حوّلوها لم يجدوا في معانيها شيئا لم تذكره العجم في كتبهم التي وضعت لمعانيهم وفطنهم وحكمهم».7 أي أن معجم العجم غير قادر على استيعاب اللغة العربية، وغير قادر على إدراك طبيعة الإعجاز في الشعر العربي وهو الوزن، بل ولا يرقى إلى اللغة العربية، لأنها مجمع اللغات والقادرة على الاستيعاب دون أن تستوعب أو تحاكى.

 إن الثقافة العربية كانت تعتقد- ولعهد غير بعيد- أن الترجمة تشويه للنص، وإنقاص من قيمته وأدبيّته، خاصة إذا كان إلى غير اللغة العربية، لذلك كانت تستهين بالترجمة لأنها خائنة، وقبحها في خيانتها وعدم وفائها، ومن ثم روّجت مقولة «قبيحة وفية خير من حسناء خائنة».8 والشعر مثلا لا يترجم لأنه إذا ترجم تلاشى وزنه، وذهب نظمه، وفي ذلك قبح له. لكن أحقا في الخيانة قبح ووضاعة ونزول بالنص نحو الأسفل؟ في حين، في الأمانة وفاء ينمّ عن سلوك أخلاقي في عملية الكتابة والنقل؟ وهل الترجمة إلا عملية تتموقع بين الوفاء والخيانة؟ أو هي تلك التي تقوم على جدلية المطابقة والاختلاف؟ ثم من يقوم بعملية الترجمة حتى نطالبه بهذا السلوك الأخلاقي المسمى الوفاء أو الأمانة؟ «أليست الترجمة تتجاوز الأشخاص الأخلاقيين؟ إن الذات المترجمة هي اللغة نفسها».9 وهل نطالب اللغة بأن تكون أخلاقية؟! ثم هل الخيانة تكون فقط حينما نترجم من لغة إلى أخرى؟ وهل النص في اللغة الأصل وحيد المعنى والدلالة حتى ننتظر من اللغة المنقول إليها نصّا مرادفا للنص الأصلي في المعنى على الأقل؟ هل كانت ألف ليلة وليلة مثلا، ستنال كل هذه الشهرة وهذا الإعجاب العالمي، لولا تلك الترجمات اللا أخلاقية؟- إن جاز القول – لولا تلك الخيانة للنسخة الأصلية؟ وهل كانت ستخلد حكايات شهرزاد بهذه الصفة، لو قُدّرت لها ترجمة أمينة ووفيّـة؟ يقول كيليطو: «الآن يبدو لي كل ترجمات ألف ليلة وليلة - حتى تلك التي تتصرف في النص بصفة مقيتة- شيئا ثمينا لا يستغنى عنه، إنها تثري الكتاب، وتضيف إليه دلالات ومعاني وصورا، لا ترد في صيغته الأصلية، قد نتصور ترجمة له تكون نهائية، ولكنها ستكون حتما علامة على انعدام الاهتمام به، وإيذانا بأفوله وموته».10 فكثرة الترجمات واختلافها قربا وبعدا من النسخة الأصلية هو سبب خلود هذا السفر العربي العظيم.

لم يكن القدامى ليعتقدوا أو لينتبهوا أن النص حتى وإن ظل غير مترجم فهو ترجمة –على حدّ تعبير بنعبد العالي- لأنه ليس وحيد الدلالة ولا وحيد التأويل، إنه فائض المعنى ولا متناهي التأويل، فأي من تلك الدلالات سنترجم؟ وأي من تلك المعاني سنقابله بمعنى ما في اللغة المترجم إليها؟ ثم أليست الكتابة في حدّ ذاتها خيانة للغة ؟- على حدّ قول بارت- أليست تشويشا لها وخرقا لقواعدها، وتمرّدا عن قاموسها؟ أليست تغريبا للمألوف فيها، وتأليفا للغريب فيها؟ لذلك فإن الخيانة موجودة في الكتابة، قبل أن توجد في الترجمة. يقول عبد السلام بنعبد العالي: «إن الخيانة وعدم الوفاء شيء جوهري في كل ترجمة، كما أن الأمانــة تعني موت النــص الأصلي».11 الأمانة التي تنشدها الثقافة الكلاسكية أمر مستحيل، وزيادة على ذلك قتل للنـص الأصلــي واستغناء عنه، فما حاجتنا للنص الأصلي مادام هناك نسخة مطابقة عنه؟!

ما كان القدامى ليقتنعوا أن القبح في الأمانة لا في الخيانة، بل إن في الخيانة قوة للنص الأصلي -لا تشويها له- الذي استعصى على المترجم، ومن ثم، فإنه يفرض لنفسه كثرة المترجمين الذين يتنافسون على مطابقته ومحاكاته، وفي هذه المنافسة إحياء له ونموّ لدلالاته. ومن ثم تبقى النسخة الأصلية دائما المرجع الذي تحنّ إليه كل النسخ «فالنص رغم هيامه في ترجمات متعددة مختلفة يظل مشدودا إلى معدنـه ومنبته، إلى عنصره الأساس لغة الأم. اقرأ ما شئت من الترجمات لن تغنيك عن النص الأول»،12 أو النص الأصلي. فالترجمة مهما كانت جودتها لن تقصي النص الأصلي، ولن تستبعده، بل يبقى هذا الأخير دائما يحمل قيمته في ذاته، بينما يستمد النص المترجم قيمته من النص الأصلي، كما يستمد القمر نوره من ضوء الشمس.

هكذا إذا، فإن الترجمة التي تحفظت عنها الثقافة العربية الكلاسيكية هي قدر النصوص، حتى داخل اللغة نفسها «ألا نشعر عند قراءة بعض النصوص التراثية بأننا في حاجة إلى ترجمتها ونقلها إلى اللغة العربية التي نتداولها»؟13 وإذا كانت الترجمة قدر النصوص، فإن الخيانة قدر الترجمة بل قدر الكتابة أيضا، يقول بنعبد العالي «إن اللغة المترجمة لا تخون اللغة المترجمة فحسب، وإنما تخون ذاتها أيضا، ولولا هذه الخيانة المزدوجة لما كانت هناك ترجمة بل لما كانت هناك كتابة»،14 ولا إبداع ولا فن، لأن الفن والإبداع هو خلخلة للواقع وتغريب له، إنه ببساطة خيانة له.

إن الترجمة الأدبية إبداع للنص الأصلي، وإثراء له، وإغناء لمعانيه ودلالاته، وبها ينفتح على قواميس جديدة وقضايا جديدة، وإشكالات جديدة أيضا. ذلك «أن اللغة التي يترجم إليها النص لها طقوسهـا وشروطها الخاصة، بحيث أنها تقحم النص مسائل وقضايا لا تكو ن واردة في شكله الأصلي».15 وفي ذلك مزيّة أدبية وفكرية لا خيانة وابتذال كما كان يُعتقد قديما. إن الترجمة بهذا المفهوم الجديد هي تخليد للنص الأصلي في التاريخ، وانفتاح له على الثقافات الأخرى، ومتى ازدهرت حركة الترجمة في أمّة ما، إلا كانت في أبهى وأزهى عصورها. ولعل العصر العباسي في المجتمع العربي شاهد على ذلك حتى وإن شملت – الترجمة – العلوم الأخرى كالفلسفة والمنطق والهندسة دون الأدب، كما أن النص الذي لا يترجم يصيبه الملل والنفور مما يبعده عن عملية القراءة والنقد بل والذوق أيضا، «فالحية التي لا تبدل جلدها تموت» – كما يقول المثل الإنجليزي – وكذلك النص الأدبي لابدّ أن يبدل حلّته حتى يتجدّد وينموّ، وذلك بالانتقال إلى لغة أخرى فيصير نصّا جديدا، سواء بالنسبة إلى لغته الأمّ، أو اللغة المنقول إليها، يقول عبد الفتاح كيليطو في هذا المقام: «يتجدّد النص باغترابه، فهو يخلق ويبلى في اللغة التي كُتب بها، وقد تمجّه القلوب وتنفر منه، فيتوق حينئذ إلى الانتقال إلى لغة أخرى، إلى تبديل ديباجته والظهور في هيئة طريفة باهرة».16 تفتن الغرباء كما تفتن أهله الذين أبدعوه وألفوه.

إن أكثر النصوص خلودا هي التي تُترجم وتستعصي عن الترجمة في الآن ذاته، أو هي القابلة للترجمة وغير القابلة للترجمة في الآن ذاته – على حدّ تعبير بنعبد العالي – حيث يقول: «هناك ترجمات تكتسب أهميتها التاريخية من خيانتها للنص الأصلي – إن صحّ التعبير - بل إن من النصوص المترجمة ما يهمّنا اليوم فقط، لما قام به من تحريف لما اُعتبر نصّا أصليا».17 فلولا ذلك التحريف فما قيمة المترجم سوى أنه نقل النص من لغة إلى أخرى؟ ولولا ذلك التحريف الناتج عن استعصاء النص الأصلي، فما قيمة هذا الأخير سوى أنه صورة أولى للنص المترجم؟ إن موطن التحريف هو مساحة إبداع المترجم، وفي الآن ذاته سر خاص بالنص الأصلي وسبب لخلوده وبقائه كمرجع لبقية النسخ. إن القائم بالترجمة هو ذلك الذي يمتلك أو يتقن أكثر من لغة، على الأقل لغة النص الأصلي واللغة المنقول إليها، ولكن هل ذلك ممكن في الثقافة العربية الكلاسيكية؟ بل هل ذلك ممكن في أي ثقافة؟ «وهل يمتلك المرء لغة من اللغات؟» 18 حتى يستطيع امتلاك لغتين؟ إن اللغة أكثر الموجودات تمردا واستعصاء، إنها كائنة شرسة تأبى الخضوع والانقياد، ولا يحيط بها إلّا نبي كما يقال.

إذا عدنا إلى الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) نجده يقول: «واللغتان إذا التقتا في اللسان الواحد، أدخلت كل واحدة منهما الضيم على صاحبتها، إلا ما ذكرنا من لسان موسى بن سيّار الأسواري».19 وكذا قوله في كتابه الآخر الموسوم بـ (الحيوان) حيث يقول عن الترجمان: «ومتى وجدناه أيضا قد تكلم بلسانين، علمنا أنه قد أدخل الضيم عليهما، لأن كل واحدة من اللغتين تجذب الأخرى، وتأخذ منها، وتعترض عليها».20 لكن لماذا هذا الموقف تُجاه تعلم لغتين؟ وهل هو خاص بالجاحظ وحده، أم هو موقف الثقافة العربية في ذلك العصر؟ نعتقد أن هذا الموقف مردّه العداء الشديد من الثقافة العربية تُجاه الثقافات الأخرى، والتي كانت تنظر إليها من علوّ وكبرياء، أو ربّما هو التهميش والاحتقار، ونعتقد أن الجاحظ يسند الضرر إلى اللغة الدخيلة على اللغة العربية، أكثر من هذه الأخيرة على غيرها، لأنها ستكون عالة عليها. ولعله مصيب ولو إلى حدّ قريب، وفي سياق محدود، ألم تفسد اللغة العربية بعد الفتوحات الإسلامية واتصال العرب بالعجم؟ ألم ينتشر اللحن فأفسد السليقة اللغوية عند العرب؟ لكن في المقابل يبقى هذا الحكم نسبيا، لأن تعلّم اللغات طريق الترجمة، وهذه الأخيرة طريق التثاقف بين الشعوب وبالتالي التحضّر والنمو.

هكذا إذا، لم تكن قضية الترجمة في الثقافة الكلاسيكية لتخطر ببال واحد من الأدباء ولا حتى النقاد أو الدارسين، يستثنى من ذلك الجاحظ الذي تحدّث كثيرا عن الترجمة والترجمان وإمكانية الترجمة من عدمها، سواء في الشعر أو في الفلسفة، وقد كان موقفه سلبيا منها، فالترجمة سلبية وغير ممكنة، وتبقى دائما ناقصة سواء في الشعر أو في الفلسفة، و«تعذر تحويل الفلسفة اليونانية يعود إلى عدم إحاطة المترجمين بالمادة الفلسفية، وإلى عدم تحكمهم في اللسانين اليوناني والعربي، أما تعذر ترجمة الشعر، فالجاحظ لا يرى سببه عدم كفاءة المترجمين، وإنما في امتناع الشعر عن الترجمة، وعدم قابليته لها أصلا مهما تكن براعة المترجم».21 أي أن العجز في ترجمة الفلسفة يكمن في المترجم، بينما في ترجمة الشعر يعود إلى الشعر نفسه، حتى وإن كان المترجم بارعا في اللغتين فالشعر لا يحول.

لكن هذه المواقف من قبل الجاحظ لها ما يناقضها في موضع آخر، فمثلا في موضع يصرح أن اللسان لا تجتمع فيه لغتان إلا أدخلت إحداهما الضيم على الأخرى، وفي موضع آخر يصف قاصا اسمه موسى بن سيّار الأسواري قائلا عنه: «وكان من أعاجيب الدنيا، كانت فصاحته بالفارسية في وزن فصاحته بالعربية، وكان يجلس في مجلسه المشهور به، فتقعد العرب عن يمينه والفرس عن يساره، فيقرأ الآية من كتاب الله، ويفسرها للعرب بالعربية، ثم يحول وجهه إلى الفرس فيفسرها لهم بالفارسية، فلا يدرى بأي لسان هو أبين».22 وهنا موطن التناقض حيث يتساءل أو بالأحرى يسأل الناقد عبد الفتاح كيليطو الجاحظ: «من يحكم على موسى بن سيّار بأنه يمتلك العربية والفارسية بصفة كاملة ومتكافئة؟»23 والأمر نفسه بالنسبة لحديثه عن الترجمة الـيونانية حــيث يقول: «إن الترجمان لا يؤدي أبدا ما قال الحكيم على خصائص معانيه وحقائق مذاهبه (...) وكيف يقدر على أدائها، وتسليم معانيها، والإخبار عنها، على حقّها وصدقها، إلا أن يكون في العلم بمعانيها واستعمال تصاريف ألفاظها، وتأويلات مخارجها، مثل مؤلف الكتاب وواضعه؟ فمتى كان –رحمه الله – ابن البطريق، وابن ناعمة، وابن قرة، وابن فهريز، وثيقيل، وابن وهيلي، وابن المقفع مثل أرسطوطاليس؟ ومتى كان خالد مثل أفلاطون؟»24 كيف توصّل الجاحظ إلى هذا الحكم بكون خالد أقل شأنا من أفلاطون؟ تساؤل ينتاب الناقد كيليطو، ثم يواصل الشكّ والارتياب في هذا الحكم قائلا «لكي تصدر هذا الحكم، ينبغي أن تكون مطلعا على أعمال كليهما، وينبغي أن تكون عالما بالعربية وباليونانية، لا يدعي الجاحظ ذلك، ولكن ألا يتضمن كلامه أن هناك من هو قادر على عقد تلك الموازنة؟ من يستطيع الانتباه إلى ثغرات المترجمين وهفواتهم ويسعى إلى تصحيحها وتنقيحها؟»25 إن الجاحظ بهذا الحكم واقع في التناقض لا محالة، حتى ولو افترضنا أن تلك الموازنة له. فذلك يعني إتقان العربية واليونانية على حدّ سواء، وبشكل جيد، وذلك مستحيل حسب رأي الجاحظ في مواطن أخرى من كتبه. هذا مثال والأمثلة كثيرة التي تثبت التناقض الذي يحكم آراءه. لكن الأدهى والأمرّ أن الجاحظ قد يكون واعيا بذلك وإلا كيف «يختفي دائما وراء أشخاص ينسب إليهم القول في سياق جدالي سجالي، إنه حاضر غائب يوزّع الخطاب بين ممثلين لهذا الرأي أو ذاك، ويضـمّن فيما يخصه بالكلام، فلا يقوم بدور الحكم، ولا يقول القول الفصل، وحتى عندما يتحدث بضمير المتكلم، باسمه الخاص فإن رأيه لا يتمتع مبدئيا بأية مزية أو أفضلية، لكونه يتجاور مع أراء أخرى مضادة أو مختلفة. إنه كاتب غالبا بلا موقع، وبلا جهة.»26 إنه مذبذب مرتبك ومرتاب، لا يدري إلى أية جهة يميل، دائما يتخفى وراء مراوغاته اللغوية متملّصا بذلك من الآراء التي يدلي بها، إذ غالبا ما يسبقها بعبارة «فقال بعض من حضر» أو عبارة «قال...وقالوا...» «وقال آخر» أو ما شابه ذلك. تُرى من هؤلاء الذين يقولون؟ والذين عادة ما يحضرون مجلس الجاحظ؟ إن كانوا أشخاصا حقيقيين فلم لا يسميهم، خاصة وأن القضايا التي يطرحها عادة ما تكون ذات أهمية؟ وإن كانوا غير حققيين وإنما هي حيلة من حيله، فإن ذلك يزيد الموقف شكّا وريبة. ها هو الناقد عبد الفتاح كيليطو يشكك في الجاحظ، حكمة العرب والمرجع الأكثر حضورا في القضايا الكبرى التي تخص الثقافة العربية الكلاسيكية، سواء النقدية منها أو اللغوية أو الفكرية أو الكلامية أو غيرها، فماذا يقال عن غيره من النقاد والدارسين؟!

2 - إشكالية الترجمة في القرن التاسع عشر:
إن مبدأ التعالي الذي كان يحكم الثقافة العربية الكلاسكية تُجاه غيرها من الثقافات، لم يدم أكثر من أربعة قرون ثم أتت فترة السبات التي أشار إليها الناقد كيليطو، واصفا إياها بالركود والنعاس. إنها سبعة قرون كانت كافية وقادرة على محو الذاكرة العربية، واستئصال كل مقوماتها، لتنهض في القرن التاسع عشر فاقدة لذاكرتها، جاهلة لذاتها، ناعية لتاريخها وحضارتها البائدة. فمنذ القرن التاسع عشر لم يعد الأدب العربي مكتفيا بذاته –كما كان يُعتقد – ولم تعد اللغة العربية هي لغة الثقافة، وعلى الترجمة أن تكون إليها لا منها إلى غيرها - كما سطر الجاحظ – كما لم تعدّ اللغة عالة على أختها إذا اجتمعتا في اللسان الواحد، كل تلك النظريات ستنقلب رأسا على عقب، ولعل الشدياق «يشكل نقطة تحوّل تؤشر إلى اكتشاف مرير، اكتشاف أن الأدب العربي غير قابل للترجمة ولا يهمّ في مجمله إلا العرب
».27 أو بتعبير أدقّ يستعصي على الترجمة إلى لغة أخرى، الترجمة التي أصبحت موضة الأدباء العرب منذ القرن التاسع عشر، بعد أن كانت منبوذة قبل ذلك.

إن الثقافة العربية المعاصرة لم تكتف بالترحيب بالترجمة والإقبال عليها فحسب، بل إنها تنعي لنفسها أن لم تعرف هذا الفن منذ القديم، بل أكثر من ذلك إنها تلوم من طرق هذا البـاب ولم يفتحه على مصراعيه فلم تستوعب بنود الترجمة كما ينبغي، فأغلب المثقفين العرب – على حد إشارة الناقد كيليطو - ناقمون على "متّى بن يونس" وعلى ترجمته الركيكة والرديئة لفن الشعر لأرسطو  Aristotleوكيف يُغفر له وقد «أقدم على ترجمة "تراغوديا" بالمديح، و"القوميديا "بالهجاء»28 إثم حضاري شنيع في حق الثقـافة العربية والفكر العربي بصفة عامة. كما ينقل الناقد عن كبار المثقفين العرب "عبد الرحمان بدوي" الذي يقول: «يخيل إلينا أنه لو قُدّر لهذا الكتاب - كتاب فن الشعر – أن يفهم على حقيقته، وأن يستثمر ما فيه من موضوعات وآراء الأدب العربي بإدخال الفنون الشعرية العليا، وهي المأساة والملهاة، منذ ازدهاره في القرن الثالث الهجري، لتغيّر وجه الأدب العربي كله»29. وفي موضع آخر يضيف «ومن يدري لعل وجه الحضارة العربية كله يتغير طابعه الأدبي كما تغيرت أوروبا في عصر النهضة»30! ألهذا الحدّ التنكر للذات؟ ألهذا الحدّ الإحساس بالدونية تُجاه الآخر؟ ألهذا الحدّ أوروبا مقدسة ومعبودة في ذهن المثقف العربي المعاصر؟ ألهذا الحدّ متى بن يونس مجرم ثقافيا؟ إنه كذلك وزيادة – على حد اعتقاد بدوي- وكيف لا وقد حرم الثقافة العربية من تحقيق نهضتها قبل أوروبا بستة قرون!!

هكذا إذا، اكتسحت الترجمة وعي الأديب العربي المعاصر، ولاوعيه بعد أن كانت غائبة عنه تماما، بل أكثر من ذلك، فقد صار جلّ الكتاب العرب يدخلون في حسابهم الترجمة، وبالتالي الآخر –إن جاز القول – الآخر لا كتابع لا قيمة له كما كان سابقا، بل كمتبوع، كسلطة، كمركز يحدّد كياننا. لقد أصبحت كل دراسة في الأدب العربي المعاصر هي بالضرورة دراسة مقارنة، المقارنة بمعنى الموازنة أو التحويل من أدب إلى أدب، أو الترجمة وما إلى ذلك. كل دراسة لابدّ أن تحيل إلى الآخر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة يقول كيليطو: «لقد أبدعنا نحن العرب طريقة خاصة بالقراءة. نقرأ نصّا عربيا وفي أذهاننا احتمال نقله أو تحويله إلى لغة أوروبية .. في ذهننا نصوص من الأدب الفرنسي أو الإنجليزى».31 هكذا إذا أصبحت الترجمة عملية تابعة بالضرورة عملية القراءة أو الكتابة. كل نصّ لابدّ أن ينتهي إلى الترجمة، لم تعد فكرة الأمانة لتطرح في ترجمة الأدب العربي الحديث، بل إن النص لا يكون في صورته النهائية إلا إذا ترجم. لقد افتكّ النص المترجم الأصالة من النص الأصلي أو الأول، فصار هذا الأخير تابعا بعد أن كان المتبوع، صار يحتل المرتبة الثانية إن جاز القول «لقد غدت كل إبداعاتنا تتمّ بدلالة الترجمة، فكأن الأصول مفعول لترجماتها، فحتى إن كان لابدّ وأن نتكلم عن خيانة، فربما ينبغي أن نقول مع بورخيس: إن الأصول هي التي تخون ترجماتها».32 لأنها أصبحت تابعة لها.

إنّ هذا التحوّل الأنطولوجي للمجتمع العربي، وللمثقفين العرب بصورة خاصة أسبابه معروفة لدى الجميع بدءا بالاستعمار، مرورا بالصدمة الحضارية وصولا إلى المركزية الغربية، ما نود تأكيده هو أن الترجمة اكتسحت ساحة الثقافة العربية المعاصرة، حتى في قراءتها لتراثها، فإنها تقرأه مقارنة إياه بالآخر، باحثة عن الآخر فيه، لأنه إذا وجدت فيه لمسة هذا الآخر أو شبها به، فذلك يكسبه جودة ورفعة لا محالة. يقول كيليطو: «نقرأ حي بن يقضان فيشرد ذهننا إلى روبنسن كروزو، نقرأ المتنبي فيتجه تفكيرنا إلى نيتشه Nietzsche، وإرادة القوة، نقرأ رسالة الغفران، فإذا بالكوميديا الإلهية تنبعث أمامنا شئنا أم أبينا، نقرأ اللزوميات على ضوء شوبنهاور Schopenhauer نقرأ دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني فنلتقي فجأة بسوسير F.De Saussure، نقرأ المنقذ من الضلال فيطل ديكارت علينا ليخلصنا من حيرتنا وويل للمؤلفين الذين لا نجد من يقابلهم عند الأوروبيين.»33

بل أكثر من ذلك لا نبدع إلا سيرا على نهج أديب أوروبي معين، لقد صار الآخر نموذجا لنا سواء في عملية القراءة، أو في عملية الكتابة والإبداع، إنه إذا كان القدامى يكتبون بأسلوب أكثر تعقيدا وأكثر حبكا، حتى يصعب ترجمته ونقله إلى لغة الآخر، فإن الأدباء المعاصرين عكس ذلك تماما إنهم يكتبون وفي ذهنهم عملية الترجمة، ولذلك يهيئون نصوصهم مسبقا لعملية الترجمة. بل إن منهم من يكتب بغير العربية، على أن يترجم هو نفسه ما قد كتبه، وفي حالة أخرى يكتب وفي ذهنه مترجمه المحتمل إنهم «يبدعون بدلالة الترجمة المحتملة، فيعملون على تيسير مهمة المترجم باجتنابهم التعابير والإحالات التي قد لا تتلائم مع أسلوب لغة أخرى».34 إنهم لا يرون أن إبداعاتهم قد تمّت إلا بعد ترجمتها، وقتها يشعرون بقيمتها ومكانتها.

لقد كنّا- نحن العرب- يوما ما نردد عبارة «أيها الأجنبي لا ولن تتكـلم لغتي»،35 -على حد تعبير عبد الفتاح كيليطو- نعني العربية، أسمى اللغات وأرقاها، بل أكثر من ذلك «لن تتكلم لغتي ولن أتكلم لغتك»، فأنا مكتف بلغتي ولا أحتاج إلى غيرها، لكن منذ مطلع القرن التاسع عشر صار هذا الأجنبي الأعــجمي أو الآخر بالمفهوم الحديث، وللتحديد أكثر أوروبا، صار محط إعجاب الإنسان العربي، المثقف منه قبل العامي، صار يشكل الهاجس الذي استولى على عقولنا وقلوبنا، كلنا يسعى إلى محاكاته والتشبه به في لغته وثقافته وكل شيء، لقد صرنا نهتف مع المنفلوطي «كيف أكون أوروبيا؟»36 سواء ضمنا أو صراحة، والشواهد كثيرة ومعروفة في الثقافة المعاصرة.

 

الهوامـــــــش:
 1 - عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ط1، دار الطليعة، بيروت لبنان،2002.ص13.

2 - عبد الله إبراهيم: المطابقة والاختلاف – بحث في نقد المركزيات الثقافية – ط1، المؤسسة العربـــية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، 2004. ص 346.

3 - عبد السلام بنعبد العالي: في الترجمة، تر: كمال التومي، تقديم:عبد الفتاح كيليطو، ط1، دار توبقال للنشر، المغرب،2006، ص60.

4 - الجاحظ: الحيوان،ج1، تحقيق:محمد رشيد رضا،ط6، القاهرة،1996. ص75.

5 - عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ص23.

6 - المرجع نفسه، ص23.

7- الجاحظ: الحيوان، ج1،ص75.

8 - بنعبد العالي: في الترجمة، ص61.

9 - المرجع نفسه، ص57.

10 - المرجع نفسه، ص9.(تقديم عبد الفتاح كيليطو).

11- المرجع نفسه، ص40.

12- عبد الفتاح كيليطو: الأدب والارتياب. ط1، دار توبقال، المغرب،2007. ص57.

13- بنعبد العلي: في الترجمة، ص 33.

14 - المرجع نفسه، ص 42.

 15- المرجع نفسه،ص9.(تقديم عبد الفتاح كيليطو).

16- عبد الفتاح كيليطو: الأدب والارتياب، ص57.

17- بنعبد العلي: في الترجمة، ص42.

18- عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ص27.

19- الجاحظ: البيان والتبيين،ج2، تحقيق: عبد السلام هارون، القاهرة،د ت. ص367.

20- الجاحظ: الحيوان،ج1، ص76.

21- عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ص35.

 22- الجاحظ: البيان والتبيين،ج2، ص367.

23- عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ص31.

24- الجاحظ: الحيوان، ج1،ص76.

25- عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ص34.

26- المرجع نفسه، ص45.

27- المرجع نفسه، ص24.

28- المرجع نفسه، ص110.

29- المرجع نفسه، ص112.

30- المرجع نفسه، ص112.

31- المرجع نفسه، ص24.

32- بنعبد العلي: في الترجمة، ص64.

33- عبد الفتاح كيليطو: لن تتكلم لغتي، ص26.

34- المرجع نفسه، ص25.

35- المرجع نفسه، ص100.

36- المرجع نفسه، ص08.