في صياغة شعرية قصيرة تؤطر الشاعرة الأمريكية لحظة رحيل الشاعر الفلسطيني المرموق، وهي أكثر من لحظة وفاء إذ تتحول لاستقصاء لتلك اللحظة المجازية لمقولة الرحيل والغياب، أما وأن يكون الشاعر هو الذي رحل فحينها يصبح لمعنى الموت دلالات تتجاوز لحظة الغياب وتمتد لروح العالم حين تغادره من تعود على كتابة حقيقتها.

عندما يموت شاعر

أليـس ووكـر

ت. نزار سرطاوي

 

إلى سميح القاسم

 

حين يحتضر شاعرٌ  

تطأطئ الأشجار جميعاً أغصانها  

لا تجعلُها تسقط   

بل تتركها معلّقةً كأنها أكمام خاوية:  

وترى الشمسَ،

لو أمكنك أن تراها،

من خلال سديم  

تصنعه بنفسها

من المياه المالحة

ورذاذ المحيط.  

أما حين يموت شاعر

فتعمّ البهجة في السماوات

والأرض

وتطلق الأشجار حفيفاً عالياً  

وتسطع الشموس سطوعاً وهّاجاً  

وتهدر المحيطات.  

ذلك لأن الشاعر

يسافر

يعود أخيراً  

إلى منبع الصوت

حيث تقيم الأشياء جميعاً إلى الأبد،

مخلّفاً

وراءه الجسد،

الذي ليس فيه حتى مجرد ذكرى  

للآلهة

الذين دون أن يلحظهم أحد في غالب الأحيان   

كانوا يشاركون

في السير

على ذلك الدرب المضيء ...

 

شاعرة وروائية أمريكية

 

When a Poet Dies, for Samih al-Qasim

Alice Walker

 

While a poet is dying
all the trees droop their branches
not drop them
but let them hang like empty sleeves:
the sun is seen, if at all, through a mist
it made itself
from the salty water
the ocean sprays.

But when a poet dies
there is happiness in all the heavens
and in earth
and trees rustle loudly
and suns shine fiercely 
and oceans roar. 

That is because the poet
is journeying
at last returning 
to the source of Sound
where all things forever live; the body
left behind not even a memory
to Divinities
that for so long
and mostly unnoticed
have shared
the bright path.

 

الشاعرة والروائية الأفريقية الأميركية اليس ووكر هي واحدة من أبرز الأدباء السود في الولايات المتحدة، ومن الناشطات البارزات في الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة. أصدرت عدداً كبيراً من الدواوين الشعرية والروايات والقصص القصيرة والمقالات سواها، وفازت بالعديد من الجوائز المرموقة. وهي أول اديبة سوداء تفوز بجائزة البوليتزر، وذلك عن رواية "اللون الأرجواني" (1982)، التي فازت أيضاً بالجائزة الوطنية للكتاب.  

ولدت ووكر في مدينة إيتونتون في ولاية جورجيا في التاسع من شباط / فبراير عام 1944 لأسرة فقيرة تعمل في الزراعة. عند بلوغها الثامنة أصابها شقيقها خطأً بطلقة في عينها اليمنى فأصيبن بالعمى والتشوه. وانكفأت ووكر إثْرها على نفسها، لكنها وجدت عزاءها في القراءة وكتابة الشعر. أكملت تعليمها المدرسي في مدارس يُطَبق فيها الفصل العنصري. وبعد إكمالها التعليم الثانوي حصلت على منحة دراسية حيث التحقت بكلية سبيلمان في أتلانتا ثم تحولت إلى كلية سارة لورنس في نيويورك. وأثناء دراستها زارت أفريقيا لاستكمال متطلبات برنامجها الدراسي. وقد تخرجت في عام 1965، وفي نفس العام نشرت أولى قصصها القصيرة. 

بعد تخرجها انخرطت ووكر في العمل الاجتماعي والتدريس. وراحت تناضل من أجل حصول الأفارقة الأميركيين على المساواة في الحقوق مع البيض. وقد انعكست تجاربها في ديوانها الشعري الأول "ذات مرة" الذي صدر عام 1968. كما ظهرت قدرتها السردية في روايتها الأولى، "حياة غرانغ كوبلاند" (1970) ومجموعتها القصصية الأولى "أحب المشاكل" (1973) بالإضافة إلى كتابها الأول للأطفال" "لانغستون هيوز: الشاعر الأميركي" (1973). وفي تلك الحقبة برز نشاطها في الحركة النسوية للسود.

عرفت ووكر بمناهضتها للحرب على العراق. ففي الثامن من آذار عام 2003، عشية الحرب على العراق، تم اعتقالها مع آخرين لتجاوزهم خطاً للشرطة أثناء قيامهم بالاحتجاج على الحرب خارج البيت الأبيض. وفي لقاء مع إذاعة "الديموقراطية الآن،" قالت ووكر: "لقد كنت مع نساء أخريات يؤمنَّ أن نساء وأطفال العراق أعزّاء علينا مثل النساء والأطفال في عائلاتنا. وفي الواقع فإننا عائلة واحدة. لذا شعرت بأننا كنا مقْدمين على قصف أنفسنا." 

كذلك عرفت ووكر بتأييدها الشديد لحقوق الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية. وقد زارت غزة عام 2009. كما شاركت عام 2011 في أسطول الحرية الذي كان يهدف إلى كسر الحصار على غزة.

في عام 2013 صدر للشاعرة ووكر كتاب بعنوان ألوسادة التي في الطريق، كرست جزأً كبيراً منه (حوالي 80 صفحة) لمهاجمة إسرائيل، حيث اتهمتها بالتمييز العنصري ضد الفلسطينيين وبالإبادة الجماعية، وشبهت معاملتها لهم بنظام الفصل العنصري – الأبرتايد – الذي كانت حكومة البيض تمارسه في جنوب أفريقيا. كما شبهت دولة إسرائيل بألمانيا النازية. وقد أثار ذلك حفيظة الحكومة الإسرائيلية كما تعرضت ووكر إثره لهجمات شرسة من الصحافة الأميركية والإسرائيلية، التي اتهمتها بمعاداة السامية وكراهية اليهود.