هي ليست كلمة بمعناها المتداول، بل هي أقرب الى نص شعري يتأمل راهن وحضور الشعر وأسراره، لذلك يأسرنا الشاعر الفرنسي المرموق بقدرته على التقاط سحر الكلمة الشعرية وقوتها على اختراق الوجود وإعطاء معنى للأشياء.

سر الشعر

إيف بونفوا

هو ذا السّرّ:

عندما أصغي إلى الكلمة، الكلمة كما هي، في ماديّتها الصوتيّة أو حتى البصريّة، بغضّ النظر عن المفهوم الذي تنطوي عليه، أعثرُ فيها لا على التجربة المُمتلئة بحُضور الأشياء وحسب، بل أيضاً على الكثير من ذاكرتها.

ليست الكلمة أداةً فقط للدلالة التي تقوم بتحليلها. إنّها، في الآن ذاته، تُسمّي. وللشِّعر بذلك مهمّة مَنْحِها القدرةَ على أنْ تُظهرَ لنا الأشياء الكبرى البسيطة؛ تلك الأشياء التي لربّما باستطاعتها بناء مكاننا فوق الأرض.

 

   الحساسيّة الشعريّة هي الحدسُ

بهذه السّلطة – بهذه الحياة –  داخل الكلمات العالية في لغاتنا.

الشّعرُ هو العملُ الذي به نُخلِّصُ،

عبر الإيقاعات والأصوات، الكلماتِ الأساسيّة من عبء المفهوم؛ نهَبُها القدرةَ على التعرّف، من بين الكلمات التي نتداولها، على تلك القريبة منها، وتبعاً لذلك على أصدقائنا، الذين معهم سوف نتمكّنُ من أن نهبَ هذا المكان معنىً وغنى أكبر.

 

   الشعر لا يقول. إنّهُ يَجمعُ ويُؤسِّس، يستقبلُ في موطن العُمق هذا ما يُمكنُه أن يكون تدريجيّاً إقامةَ إنسانيّةٍ تجمّعت أخيراً.


هذه الكلمة كتبها الشاعر الفرنسي الكبير إيف بونفوا، الفائز بجائزة الأركانة العالمية للشعر سنة 2013، بطلب من بيت الشعر في المغرب بمناسبة اليوم العالمي للشعر21)  مارس2015 ( . وترجمها الشاعر منير السرحاني.