كعادته يلتقط الشاعر المغربي في ومضة شذرية قصيرة عن الانتظار بعضا من حيرة الشاعر أمام العدم، في لحظة تتقاطع فيها الرغبة بالبحث عن معنى للحياة، وفي حالة المابين يحور الشاعر الحالة كي يجعلها لحظة شعرية بامتياز.

سماءٌ أخْرى

فتح الله بوعزة

لم يَمرّ القطارُ بعدُ

ضعْ معطفكَ على كتفيّ

ولْنشربِ القهوةَ واقفَيْنِ

في ثباتٍ

كأيّ سكّيريْنِ يستندانِ

بمِرْفَقيْهما

على حافةِ الكونتوار

 

لا بأسَ بيننا إن حرّكتَ

 خصلاتِ شعْري

 بين الحين والآخرِ

كأي خبيرٍ بالأعشابِ

أو أمْسكتَ بأطراف أصابِعي

كأي ناجٍ

من مشَّائِي الْعهدِ القديمِ

 

لا بأسَ بيننا إن حدّثْتَني

عن التّحليقِ في الأعالي

بجُيوبٍ مليئةٍ

بالْفراشاتِ والضّفائرِ

كما يفعلُ طائرانِ

 مغْموسانِ في رذاذِ المساء:

عينايَ مغْمضتانِ

وجناحاكَ مفْتوحانِ

على مصراعيْهما

ونيرانِ الْبنادقِ

وحْدنا في الأقاصي

نخبّئ ريشَنا

بين حطامِ الأشْجار والْبيوتِ

ريثما يكبرُ الصّغارُ

ونهرْولُ عارييْنِ أمام الْعساكرِ

والْكاميرات!

 

لم يَمرّ القطارُ بعدُ

رأسكُ على كتفيّ

وضَفيرَتي على حافةِ الْكونتوار

تمسّكْ بي جيّداً

نحنُ على أهبةِ الطّيران!