حالة من التيه تحاول قصيدة الشاعر السوري أن تلملمها من بين هذا الضياع والشك، حيث الألم يعتصر ذاته ولا يترك لديها القدرة للحياة، بل حتى حين يحاول الشاعر تجميع تلك الصورة الآسرة القريبة منه تتحول الى طيف وتنفلت فجأة من أمامه وفي محاولته اليائسة يكتب الشاعر هنا ما تبقى من أنينه ووجعه.

أنينُ الأمكنة

غمكين مراد

على بساط البسمةِ الخاطفةِ

أيامُ الخميس بقشعريرة روحها

بتثاقلٍ تخطُّ على الفراغ لحظتها مختفية ًوراء ضباب الصمت

هنا:

وروحي تتلقف شذرات الأنين من الذكريات

يمتحنني الأكيد القاتم وأمتحن الكلمة النائمة

هنا:

بين أوتار قيثارةٍ من خشبٍ محترق

ألتقط ألحان البعيد بحركة يرسمها الهواء

هنا:

يتكورُ الجسدُ ويُهان

والروح تبقى في سكون الانتظار على هدى الشوق

هنا :

أرسم بين فراغات النجوم

على صفحة الليل

وتعرجات القمر،  صور الحبِّ هناك غداءًا لألم اللحظة هنا.

تصيح بي الخطوات :

انتظر فعدوكَ بيّ آتٍ إلى حنينك المنتظر هناك

لا وقتَ يداوي آهاتي هنا

لا وقت يُحرِّك هذياني هنا

لا وقت يستطيع الخروج من قمقم نكراني هنا

هنا:

يختبرني الجهل لأمضي دون ذاكرةٍ نحو أكيدي

أختبر اليأس سكرة لنسيان الأمل

هناك :

رويدًا  رويدًا

تلحق بذيل الهواء كلمات مُلحفة ٌ بالسواد

تنتظر التدوين على مهل.

أدوِّنُ كلماتي

أعتصرُ الألم

أقطع أوصال الشك بيقيني

على مهل ٍ:

أعبرُ مسافات الشوق والوصل

أرشُ أزهار النسيان بدم ٍ مهددٍّ بالجفاف

 ألمُ سراب الحقيقة في كيان الباطل

أطرد صورة النكران في طيف طريقي

وعلى مهل ٍ أنزع من الصمتِ تأريخي

من هناك أنتِ في ترنح ٍ تخترقين هدوئي هنا

تلهثين وراء الصوت في أيقونات الهواء الباحثة عن نفسها

تعيشين مع سكرة روحي

لبعض الوقت نفترق

تـُداهم العتمة أعماقك

تنفرين دون أن تعيشي سكرتك الخجولة.

هنا وهناك أمكنة مفقودة في يقين اللقاء

فهنا على مهلٍ :

أنفث في توريات آهاتي

لاطمًا وجه الأرض في الفراق

أتأمّل النور في مرآة روحك خالدة ً

تــُدغدغ في ذاكرة الأيّام لأمكنة الحقيقة

هناك:

لوعة ٌ مقدسة ٌ

منعتها قضبان الصمت في الخروج إلى معتركها،

صرخة الروح

دموعها

رجاءها

على وجنتيك اختزلت كلُّ الكلمات

وأنا على مهل ٍ :

أرسم وجهك بألوان تلك الكلمات

دونَ صدٍّ انتزعتْ بسماتـُك بكاء كلماتي

دونَ السماء بسُحبها التي تسيرها الريح

حملتْ أنفاسك إلى حضن أنفاسي

وأنت لا تمانعين

دون معلومًا ينتظرك

على مهل ٍ:

أعلنتِ الندم في روحك ِ.

 

سوريا