في هذه القصة تتحول القائمة المجهولة إلى أداة يهجو عبرها الكاتب أحوال الواقع الذي يصير فيه معظم أفراده مجرد منتظرين لبادرة أمل، ما إن تلوح في الأفق حتى تغيب. وتدفع الراوي إلى رثاء مصير أجيال عديدة تتخبط في المعاناة والتعلل بالآمال الكسيحة التي لا تعرف غير الانتظار، ولا تتخلى عن غفلتها السادرة.

القائمة

محمد الأحمدي

في انتظار القائمة لم تعد أيامه ذات معنى ... كان يمني النفس بالسير على خطى الركب المبارك الذي استفاد من الثقوب التي بذلت نفسها بكل أريحية لذوي النظر الثاقب من الموظفين العظام ... كانت قناة النظام تنضح ماء لا يُرى بالعين المجردة  وكانت حدة الإبصار عند أولئك هي التي منحتهم ذلك الوهج الماكر ... لقد بنوا مجدا من قطرات ملأوا بها قواريرهم دون أن يشعر بهم أحد ... أما الآن وقد سال الماء، وكشف العورات، وانتبهت الغفلة، واستيقظ النائمون، فلم يعد المجال مفتوحا أمام اللاعبين الجدد ... سيظل باب الفرص مقفلا مادامت القائمة قائمة ... مضت عدة أشهر ولم تظهر القائمة ... إنها تخبو قليلا ثم ينفخ فيها قرار جديد فتتوهج ... وهكذا تراوح بين بين .. مازال الوقت مبكرا لموتها ودفنها ... الذاكرة هذه الأيام متقدة ونادرا ما تنسى ... النسيان يحتاج إلى وقت طويل أو يأس قاتل ومع هذا وذاك يضيع العمر ... سيواظب على الانتظار ... قد لا تأتي القائمة ... وقد تتضمن أسما يمنعها من الظهور ... يلغيها ويحاسب من وضعوها ... حينها تسنح الفرصة وتلوح في الأفق الأمنيات ...  كم آلمه مجيئه في زمن المفترق ... إما أن يعود الركب المبارك للركض من جديد، وتعود أمجاد الرعيل الأول، وإما أن تُعطل المراكب ويُرمى بها في عرض البحر لتظل شاهدا على عصر مضى...ليس له إلا أن يضع نفسه على لائحة الانتظار.