تكشف هذه الدراسة التي يترجمها الباحث المغربي بتصرف عن تاريخ العلاقة الشائكة والمعقدة بين الشقيقتين، هي علاقة تتشابك فيها المصالح وتتقاطع المصائر، وتتداخل فيها الجغرافيا بالسياسة، والاقتصاد اليومي بالاقتصاد الكوني، والأيديولوجيا بالفكر، ولكنها تظل برغم كل محاولات الفهم غير خاضعة لمنطق التاريخ ولا لمشاعر الشعوب.

المغرب، الجزائر: أحبك، وأنا لست كذلك!

سعيد بوخليط

منذ سنة 1994،[i] بقيت الحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة. يشير الأمر، إلى تردي العلاقات بين الجارين. بالنسبة ليومية "وهران"، لا يمكن لهذا النزاع إلا أن يستمر طويلا. الأسبوعية المغربية "المشعل"، تؤكد بأن المسؤولين السياسيين في الجزائر والرباط، هما من يأخذ على عاتقه مسؤولية الإغلاق. أما، إعادة انتخاب عبد العزيز بوتفليقة، فلن تصلح الأمور. جريدة "البايس" من جهتها، أكدت بأن رفض الحدود، يمثل بالنسبة للرئيس الجزائري، نوعا من إثبات قوة بلده. أخيرا، يقدم نزاع الصحراء المغربية، مبررا لنظامين يجدان مصلحتهما الكاملة بالعمل على تصعيد التوتر حتى يرسخا سلطتهما.

1 ـ نزاع، لن يستمر إلا طويلا:

"لقد دعا الملك محمد السادس دائما، إلى إعادة فتح الحدود الترابية بين الجزائر والمغرب. سيتحقق الأمر، حينما نقرر نحن ذلك، وتتوفر جميع الشروط". تصريح، لأحد المسؤولين الجزائريين على هامش قمة الاتحاد من أجل المتوسط، المنعقدة بباريس شهر يوليوز الأخير، وهو يلخص بالفعل حالة العلاقات المغربية الجزائرية. رسميا، البلدان "إخوة" مع استمرار تذكير مسؤوليهما ب "التضحيات والنضالات المشتركة ضد الاستعمار الفرنسي". كذلك، يظل "اتحاد المغرب العربي" تيمة تتواتر داخل الخطابات حتى ولو تحول إلى مجرد تركة منذ نشأته سنة 1989. في الحقيقة، هو سلام بارد كي لا نقول عداوة مقنعة بين أصحاب القرار في المغرب والجزائر. المؤرخ"بنيامين ستورا "Benjamin Stora"، الذي أنجز عملا بهذا الصدد كتب ما يلي: " التمسك الشعائري بالمغرب الكبير، يموه بشكل سيء أكثر فأكثر إخفاق المسؤولين في شمال إفريقيا، عن تأسيس حقيقي لوحدة اقتصادية وسياسية". يجب القول، بأن لا شيء في تاريخنا الراهن يبين إرادة حقيقية ما بخصوص التقارب. منذ استقلال الجزائر، تواجه عسكريا خلال مناسبتين، الجيش الوطني الشعبي الجزائري وكذا القوات المسلحة الملكية المغربية. المواجهة، الأولى وقعت شهر أكتوبر 1963، تحت اسم "حرب الرمال" وذلك بسبب نزاع حدودي. أما الثانية، فترجع إلى شهر فبراير 1976 أسابيع قليلة بعد إعطاء انطلاقة المسيرة الخضراء، حيث استجاب أكثر من 350.000 متطوع لنداء الملك الحسن الثاني. انطلقوا، من مدينة أكادير لمحاصرة الصحراء المستعمرة الإسبانية سابقا والتي يطالب بها المغرب. هذه الأرض البالغ مساحتها 266000 كلم²، وأصبحت تسمى الصحراء المغربية، اعتبرت عاملا أساسيا بخصوص تردي العلاقات بين المغرب والجزائر.

يعتبر الجانب المغربي، جبهة البوليساريو التي تدعو إلى استقلال الصحراء معلنة سنة 1976 عن الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية، مجرد "اختراع" جزائري. من ناحيتها، تؤكد الجزائر بأن هذه القضية تنهض على القانون الدولي والبوليساريو فاعل شرعي. بالتالي، فالشعب الصحراوي له الحق في تقرير مصيره تحت إشراف الأمم المتحدة. سواء في الرباط أو الجزائر، يتم رفض براهين الجار الشيء الذي يغذي بطريقة منتظمة حملات إعلامية حاقدة. لكن، في الندوات واللقاءات المخصصة للبحر الأبيض المتوسط، يكون مناسبا لمسؤولي البلدين إبداء التحسر عن غياب مغرب عربي متكامل اقتصاديا، ونادرا ما يعترفون على الأقل علنا بأن ملف الصحراء الغربية حجة مريحة لمسؤولي البلدين. هو الوضع، مع ذلك. في المغرب، ومنذ وقت مبكر، مكّن نزاع الصحراء وممارسة اليد الحديدية مع الجزائر، من إشغال الجيش الذي حاول لمرتين سنوات 1970 إسقاط الملكية. الصحراء، أيضا مفهوم موحد، ألجم دائما المعارضة السياسية المغربية وألزمها بأن تكون أكثر وطنية من الملك منتقدة مبادرات المصالحة القليلة التي قام بها الحسن الثاني.

أما في الطرف الجزائري، فإن دعم البوليساريو من قبل نظام هواري بومدين (1965-1978)،شكل عائقا أمام مطالب المغرب الترابية، اضطره كي يشن حربا طويلة ومكلفة ضد دعاة الانفصال. احتمال، وقوع مجابهة عسكرية بين الجيش الملكي المغربي والجيش الجزائري، يقود إلى مزيد من تحديث الجيش الجزائري لعتاده. في المقابل، وعلى المستوى الداخلي، فإنه نادرا ما أبدى الجزائريون تأثرهم بمصير سكان الصحراء ولاسيما اللاجئين بمخيمات تندوف، كما هو الحال مثلا مع موقفهم من القضية الفلسطينية. لكن، حينما يتعلق الأمر، بالعمل على الإلهاء لتعبئة ساكنة أرهقتها المشاكل المجتمعية ودوامة الإرهاب، فإن النقد اللاذع للفرنسيين يظهر حقا أكثر مردودية من انتقاد المغاربة. دون اهتمام بتعليلات مسؤوليهم، ينزع الشعبان شيئا فشيئا إلى التورط في دواعي محاربة الجار، مما يفاقم الهوة التي تفصل بين البلدين. لذلك، فالفكرة الداعية إلى تجاوز قضية الصحراء المتنازع عليها كي نتقدم إلى الأمام ومن خلال ذلك بروز كتلة سكانية تبلغ 70 مليونا، تتميز بمشروعية قوية في مفاوضاتها التجارية مع البلدان الأوروبية، صارت اليوم أقل شعبية قياسا إلى الكيفية التي تدوولت بها سنوات 1990.

يقول أحد الدبلوماسيين الجزائريين، عاش لفترة طويلة بالمغرب: "كل واحد من البلدين، مقتنع بإمكانية تخلصه من ورطته لوحده. في الرباط، هناك شعور دائم بإمكانية الاعتماد دائما على فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. وفي الجهة الجزائرية، فالبترول يلبي كل شيء. نتحسر، ونحن ندرك القوة الاقتصادية وكذا احتياجات البلدين". بحسب، التقديرات الواردة أكثر، فإن وحدة اقتصادية حقيقية مع انتقال حر للأفراد والبضائع، سيشكل على الأقل، نقطة نمو إضافية. يكفي أن نستحضر هنا، استفادة الفلاحة الجزائرية من خبرة عمال الفلاحة المغاربة. أما المملكة الشريفة، فهي تحتاج بشكل عاجل لفتح الحدود الأرضية، لأنها مختنقة اقتصاديا. الشيء، الذي يفسر تكرر النداءات الصادرة عن الحكومة المغربية، وبضرورة فصل هذا الجانب عن الملف الصحراوي. رغبة، لا يبدو بأن الحكومة الجزائرية، تهتم بها. صَمَم مقصود، غير مرتبط مباشرة بقضية الصحراء. ذلك، أن كثيرا من رجالات السياسة الجزائريين، لم ينسوا بعد كون المغرب، بادر من جانب واحد إلى وضع التأشيرة أمام الجزائريين بعد حادثة فندق أطلس أسني بمراكش سنة 1994. وبشكل حاقد أكثر، يعبر بعض كبار الضباط الجزائريين عن اقتناعهم، بأن جل الأسلحة الموجهة إلى الإسلاميين تمر عبر الحدود بموافقة أو لامبالاة المخابرات المغربية. لكن، بالنسبة من يحلم بعد بالوحدة المغاربية، يبقى الأخطر هو الطلاق الطويل بين الشعبين. وهما المتعايشان جدا منذ القديم، يرتبطان بوحدة دينية، ثقافية ولسانية. يسير، اليوم الجزائريون والمغاربة وفق روافد متغايرة، بحيث لا يعرف الواحد منهما عن الآخر شيئا. لم تعرف الأجيال الجديدة نضالات مشتركة من أجل الاستقلال، لذلك يفقدون لسمات مشتركة، ويجهل بعضهم البعض بقوة الأشياء، حينما لا يتبادلون العتاب داخل منتديات الأنترنيت. تنعدم إذن، إرادة سياسية تسعى إلى وضع الخصومات أمام مراجعة شاملة، في أفق بلورة مصالحة نهائية. أما، صمت نختبي البلدين، فهو خانق. أخيرا، هي لعبة يوظفها أصحاب القرار سواء في المغرب أو الجزائر، بينما يظل نزيف الشعبان مستمرا.

2 ـ كثيرة، هي الضربات المجنونة:

إنه، تاريخ مجنون. لكن، يبدو عاديا تنافس دولتان تطمحان إلى زعامة نفس المنطقة. بأي شيء يتعلق الأمر باستحالة تطبيع العلاقات بين بلدين مثل المغرب والجزائر، يحتم كل شيء تقاربهما، وفي الآن ذاته يقود إلى تباعدهما. رسميا، وحسب التركيب اللغوي السائد وسط الدوائر الديبلوماسية للبلدين المغاربيين، فنحن "إخوة" نتقاسم نفس اللغات المحلية والتاريخ والثقافة، كما ننبطح داخل الاتجاه ذاته، لكن في الواقع، كل شيء يجعلنا على طرفي نقيض. المغرب والجزائر، هو تاريخ بلدان عجزا عن التخلص من ماض مضطرب. في العاصمة الرباط، حينما يتم الحديث عن النزاع الخفي بين المملكة الشريفة والجمهورية المجاورة، يبدي المغربي العادي على الفور، استياءه من نكران الجميل الذي قابل به "الإخوة" الجزائريون الدعم المغربي رغم كل العقبات إبان حربهم الاستقلالية. ثم، سيمدد لائحة الشكاوي الطويل، بإضافته لسيئات البومدينية (امتد حكم بومدين مابين 1965 و 1978): طرد سنة 1975، لمئات آلاف المغاربة، لا يعرف أغلبهم إلا الجزائر. وبعد، مرور عشرين سنة عن ذلك، قام ممثلوهم بمقاضاة جماعية ضد الدولة الجزائرية. يعتبر أيضا "افتعال" نزاع الصحراء الغربية، مظهر من مظاهر "الغيرة" الجزائرية اتجاه نجاحات ! المغاربة. أما عند الجانب الجزائري، فالمسألة الثابتة أن توضع دائما في الواجهة الغطرسة المغربية، ورفض المغرب لتحرر الشعوب، يعني الشعب الصحراوي، ثم ممارسته لبعض الأعمال الدنيئة أثناء الحرب الأهلية الجزائرية، وقد أخبرني بها "عبد الحق لعياضة"، أحد مؤسسي المجموعة الإسلامية المسلحة (GIA) الذي اعتُقل بالمغرب بداية سنوات 1990. فقد، أوته المخابرات المغربية داخل مسكن فاخر بمدينة الرباط، ووعدته بتقديم الدعم المادي للمجموعة الإسلامية المسلحة، مقابل خدمات تتمثل في تصفية بعض المعارضين لنظام الحسن الثاني.

في أواخر حياته، وبين جدران شقته الباريسية بالدائرة السادس عشرة، فإن إدريس البصري، وزير الداخلية السابق والمنسق الكبير لدسائس النظام السابق، سيقر بسهولة تآمر الرباط على الجزائر: تمرير الأسئلة للمتمردين القبايليين، تبنى موقف حياد "فاعل" أي انعدام كلي للحياد، إبان الحرب المدنية... إلخ. حرص البصري دائما على إنهاء مونولوجاته وهو يردد ما يلي: "لكن، الجزائر قامت بأشياء على أية حال"، مع تذكيره بالنزاع الطويل حول الصحراء الذي كبح بجدية نمو المغرب، تم محاولة فندق أطلس أسني بمراكش سنة 1994 من قبل شبان جزائريين ذوي أصول جزائرية وبتخطيط للمخابرات الجزائرية، كما تؤكد الرباط. وإذا، تحتم تصديق ما حكاه البصري، فقد كانت الضربات المجنونة متبادلة وشكلت جزءا من الاهتمامات الأولى للحسن الثاني والهواري بومدين وتابعيهم. فضلا عن ذلك، قررت الرباط إغلاق حدودها الترابية مع الجزائر بعد اعتداء 1994الذي أودى بحياة سائحين إسبانيين. استمرت، الحدود مغلقة خمسة عشر سنة، لكن هذه المرة بقرار من "الإخوة" الجزائريين بالرغم من الالتماسات الأخيرة الصادرة عن كل المؤسسة السياسية المغربة وعلى رأسها محمد السادس.

3 ـ مسؤولون، لا يفعلون شيئا من أجل تطبيع العلاقات:

لا نقف فقط على ما أشرنا. إذا توخينا، لائحة شاملة بشكايات مشتركة تواصل تسميم العلاقات المغربية الجزائرية، فلا يسعنا إلا قراءة جرائد البلدين، المستسلمة لمبارزة ملحمية إعلامية. لقد تأسست إذاعة طنجة مدي 1، في قسم منها كي تقوم بدعاية ذكية ضد الجزائر. في المقابل، جاء راديو الجزائر الدولي ضمن السياق ذاته، وإن بشكل آخر. هكذا، لتبرير شكاويهم المتعددة و"المبررة"، يتهم غالبا المغاربة زملاءهم الجزائريين بأنهم رهائن لحفنة من الجنيرالات وكذا عارضين آخرين للدمى، يختفون في لباس عسكري. بالطبع، يرد الجزائريون على أمثالهم بالمملكة الشريفة، كونهم مجرد متملقين للقصر الملكي. وهكذا، دواليك. ما هو مضحك، كما فسر لي ذات يوم وزير جزائري سابق داخل مكتبه لكبار الموظفين بالعاصمة الجزائرية. احتمال انطواء اتهامات كهاته على شيء من الحقيقة. في كتابه: Les Geôles d'Alger يكشف الصحافي " محمد بينشيكو"، بصراحة نادرة عن كيفية تلاعب كبار الجيش بالصحافة الجزائرية، بحيث أبلغوا مدراء الجرائد قرارهم بالانحياز إلى "عبد العزيز بوتفليقة" على حساب الوزير الأول السابق "علي بنفليس"، أثناء الانتخابات الرئاسية سنة 2004. فيما يخص الإخوان المغاربة، فلا حاجة لتأكيد إخلاصهم الدائم للعرش العلوي. يكفي، الاطلاع على أدبياتهم اليومية، كي نقف على أشياء مضمرة ومسكوت عنها حينما يتعلق الأمر بالسلطة الملكية، وبالتالي نكون فكرة بهذا الصدد. في بلد، يهيمن داخله مسؤول وحيد دون شريك، على أهم مركزية نقابية تأسست منذ 1955، أي سنة قبل الاستقلال. بلد أيضا له حظ التوفر على الحزب الشيوعي الملكي الوحيد في الكون، بل ومناصر "لملكية تنفيذية". بلد، أيضا تحول فيه اليساريون السابقون الجمهوريون طبعا إلى ملكيين حانقين، لكن أن تكون لهم صحافة متحررة من قيودها، يظل امتيازا من الصعب بلوغه. القول، بأننا نتمنى تسوية للعلاقات المغربية الجزائرية مرة واحدة وإلى الأبد يعتبر تلميعا. كذلك، ينبغي تأهيل الشخصيات القادرة حقا على النهوض والدفع بهذا التطبيق. فالمسؤولان الحاليان، ملك شاب يعتقد بأنه صلب مثل الحديد صاحب رسالة إلهية ينحدر مباشرة من النبي محمد في مواجهة رئيس كهل لم يدرك بعد بأن حرب الاستقلال انتهت. فهل هما قادران فعلا أكثر من غيرهم على إنهاء هذه المسرحية العبثية.

4 ـ شكرا، لتنظيم القاعدة: التهديد الإرهابي والضغوطات الغربية قد تقود الجزائر والمغرب إلى العمل المشترك

نجح فرع القاعدة بالمغرب في بلورة تجربة خطوة جبارة: بفضله، اجتمع بنواكشوط لمدة يومين مسؤولي المخابرات السرية لخمسة بلدان تنتمي للمنطقة. بسبب، رداءة العلاقات المغربية الجزائرية، فإن تعاونهما يحتاج للكثير ولقاءهما يظل استثنائيا. لقد التقى بموريطانيا نهاية شهر فبراير كل من الجنرال "محمد لمين" البالغ من العمر 70 سنة، يعرف باسم "توفيق" وهو المشرف على إدارة الاستعلامات القوية الجزائرية. ثم، ياسين المنصوري عمره 46 سنة، رئيس المخابرات المغربية. للوصول إلى هذه النتيجة، كان من اللازم على تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، وهو الاسم الذي أعطي سنة 2007 للسلفيين المقاتلين الجزائريين، أن يختطف شهر دجنبر 2008 بالنيجر لدبلوماسيين كنديين، بينهما "روبير فولير" Robert Fowler المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى هذا البلد الساحلي. وفي شهر يناير، اختطف التنظيم كذلك أربع سواح آخرين. وقد أعلن مؤخرا الناطق الرسمي للقاعدة بالمغرب عن مسؤولية اختطاف هؤلاء الستة، حيث يطالب التنظيم الإرهابي ضمن أشياء أخرى إطلاق سراح اثنين من معتقليه في السجون الموريطانية مقابل الرهائن الستة. ربما، رحلوا إلى شمال مالي.

ركز النقاش في نواكشوط على القاعدة، لكنه شمل أيضا تهريب الأسلحة والمخدرات الممتد على طول الخط الساحلي الصحراوي، بحيث يصعب جدا ضبطه. اتفق رؤساء الجاسوسية الخمس على ضرورة تقوية تعاونهم الذي "إلى حد الآن يبقى هشا" كما أشار "ماتيو غيدير" Mathieu Guidère، صاحب كتابين عن القاعدة بالمغرب. إنهم يعيشون بالأحرى في جو من الخصام. سنة 2003 مثلا، فإن نائب القنصل الجزائري بالدار البيضاء، حُكم عليه في العاصمة الجزائرية بخمس سنوات سجنا، بعد أن صدرت في حقه تهمة التجسس لصالح المغرب. آخر شهر فبراير، اشتكى وزير الدولة الجزائري "عبد العزيز بلخادم" عبر التلفزيون من انعدام: "فعل مشترك مع المغرب قصد محاربة الإرهاب والهجرة السرية وكذا تهريب المخدرات." سنجد نفس المؤاخذات عند الجانب المغربي، لاسيما ما تعلق بالهجرة السرية. فقد اعتبرت، الجزائر بمثابة البلد الذي أقام حاجزا أمام انخراط المغرب في هيئة المخابرات السرية والاستعلامات الإفريقية التي تأسست سنة 2004، وضمت 46 بلدا ينتمي إلى القارة. نلاحظ، بمعنى ثان درجة الارتياب المتبادل بين الطرفين ! لقد ضغط الأوروبيون والأمريكيون في اتجاه أن تطور المخابرات السرية المغاربية تعاونها. في هذا الإطار إذن، جاء تصريح ل "كوندوليزا رايس" السكرتيرة السابقة للدولة الأمريكية، وهي تؤكد شهر شتنبر 2008 بصوت مرتفع وقوي على حتمية: "تطور ذلك التعاون بشكل دال".

5 ـ اتحاد المغرب العربي: عشرون سنة من الجمود:

انطلاقا من مراكش، أعلن عن نشأة اتحاد المغرب العربي شهر فبراير 1989، بحضور زعماء البلدان المغاربية، بعد مبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني. لقد، سعى الاتحاد! تجميع تلك البلدان على جميع المستويات، وكذا خلق إمكانية انتقال حر للأفراد والثروات. وبتعابير أخرى، رفع كل العوائق الإدارية والبيروقراطية التي يمكنها عرقلة هذا المشروع. لقد التزمت البلدان المغاربية علنيا باحترام الوحدة الترابية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل بلد على حدة. ظهر، اتحاد المغرب العربي إلى الوجود بمبادرة من المملكة المغربية. وأصبح ممكنا بعد مرور سنة على القمة العربية بالجزائر، بعد أن وقع تقارب بين المغرب والجزائر بمبادرة من الأول، الذي اقتنع بحتمية حضور البلدان إلى القمة العربية كجبهة موحدة، داخل سياق يميزه انقسام الجزء الشرقي من العالم العربي. خلافات، فرضت مسؤولية جسيمة على البلدان المغاربية قصد إعادة توحيد الأمة العربية حول القضية الفلسطينية. لذلك، تحكمت إرادة قوية في المغرب كي يساهم مع شركائه المغاربيين في إعادة تأسيس الوحدة العربية بالعمل على إعادة تنقية العلاقات المغاربية وخلق مناخ جديد تميزه إيجابية أكثر بالنسبة للوطن العربي قاطبة. انطلاقا، من هذه التقديرات الأخلاقية النبيلة، جعل المغرب من الوحدة المغاربية خيارا استراتيجيا لسياسته الخارجية. من هنا، جاءت مبادراته العديدة بين سنتي 2004 و 2005 لتطبيع العلاقات مع الجزائر، والتفعيل الحقيقي للبناء المغربي. لقد جسد عمليا التزاماته بإزالة لكل الحواجز أمام الانتقال الحر للأشياء والأشخاص، وبالأخص إجراء التأشيرة المفروض على الجزائريين. في الجانب الثاني، تواصل الجزائر منذ 14 سنة التشبث بالوضع الناجم عن إغلاق الحدود والذي يعود إلى سنة 1994. تناقضات، وضعية قياسا للالتزامات الجزائرية، وكذا طموحات أغلبية شعبيها، وبالأخص الساكنة المتاخمة للحدود. الذين، عبروا في استطلاعات للرأي عن شجبهم لإغلاقها. مثل، هذا القرار يظهر بامتياز لدى الشعبين المغربي والجزائري كعقاب جماعي حددته اعتبارات سياسية تجوزت اليوم داخل منتظم دولي يتطلب التجمعات الاقتصادية والسياسية الكبرى. المغرب صادق في التزاماته يردد في شتى المناسبات دعوته كي يعاد فتح الحدود بين الشعبين الشقيقين، ومتحسرا من تعثرات اتحاد المغرب العربي.

6 ـ أطول حدود مغلقة في العالم:

عن بعد 180 كلم من "ألميريا"، تبدأ الحدود المغلقة الأكثر طولا في العالم، عشرة آلاف العائلات تفصلها بالكاد بعد الميترات، يتحملون نتائج هذا الإغلاق. مثلما يتعذر عبور الحدود الفاصلة بين أرمينيا وتركيا وأذربيدجان. فإن الأمر، ذاته ينطبق على الخط الذي يبلغ 1559كلم بين المغرب والجزائر. بلدان يتوفران على قواسم مشتركة، مع ذلك ينظران إلى بعضهما بعداوة. منذ حصول الجزائر على استقلالها سنة 1962، بقيت في الغالب حدودها مغلقة مع المغرب. إلا أن الانغلاق، الذي أعلن عنه منذ 14 سنة هو الأطول: لقد ابتدأ في شهر غشت سنة 1994 بعد العملية الإرهابية التي نفذها ثلاث شبان جزائريين يعيشون في فرنسا وأدت إلى مقتل سائحين إسبانيين. كان رد فعل، إدريس البصري الساعد الأيمن للحسن الثاني أن ألزم الجزائريين الراغبين في دخول المغرب، بضرورة حصولهم على التأشيرة. في حين، لم تقم الجزائر فقط بالمثل، بل أغلقت الحدود. شكل، هذا القرار ضربة لاقتصاد منطقة وجدة بالمغرب، التي يأتي إليها تقريبا كل سنة ما يناهز مليوني جزائري قصد اقتناء كل ما يفتقدونه في بلدهم.

حقا، الجرح مؤلم، خاصة بالنسبة لتلك العائلات المشتتة، كما هو الحال مع السيد "إدريس حبري" مزارع وعمدة قرية "أغبال" Aghbal بشرق المغرب. يعيش معه أمه الجزائرية، في حين يتواجد شقيقان لها عند الجانب الآخر من الخط، وبالضبط ب"نيدروما" "أتدرون، كم من الوقت لم تتمكن أمي من زيارتهما ؟ أربعة عشر سنة منذ إغلاق الحدود، المرة الأخيرة التي التقينا فيها كانت بفرنسا. إذا حدث وتوفي أحدهما، لأنهما متقدمان في السن، حينئذ ينبغي على أمي الذهاب إلى وجدة كي تمتطي طائرة نحو الدار البيضاء، ثم أخرى متوجهة نحو وهران، بعد ذلك تقطع مائتي كلم حتى الوصول إلى "نيدروما"، ومع كل هاته المجهودات، ربما تصل متأخرة لحضور مراسيم الدفن." السيد إدريس حبري رجل في الخمسينات من عمره، يمثل خلاصة للإشكالات الإنسانية التي خلقتها هذه الحدود: هناك في الجانب الآخر أخواله وأعمامه لكن أيضا أراضي يمنع عليه الوصول إليها "حتى عندما أشتغل في مزرعتي المغربية، يأتي عندي جندي جزائري كي يأمرني بالرحيل"، يواصل إدريس تشكيه.

شهر فبراير، التمسنا من البلدين ترخيصا لعبور هذه الحدود الشاذة المغلقة رسميا، يعبرها فقط مهاجرون لا شرعيون ومهربون للبضائع أو مجرد سكان للمنطقة يجازفون باقتحامها للتمكن من رؤية عائلاتهم. أجابتنا الجزائر، بالصمت. بينما قبل المغرب بعد شهر من التردد. إنها، المرة الأولى التي يرخص فيها البلد لزيارة المنطقة. هيأت وزارة الداخلية المغربية مخططا، يستعيد الخطوط الكبرى للطلب الذي تقدمنا به. طيلة خمسة أيام، تناوب موظفون من هذه الوزارة كي يرافقوننا إلى المدن، وكذا القرى الصغيرة الحدودية. كان حضورهم ضروري، نظرا لحاجتنا إلى تراخيص كي ندخل إلى البعض منها. كما أن الحدود غامضة جدا، بحيث قد نجازف ونحن نعبرها خطأ. هذه الجولة صحبة "مرشدين" من الداخل يتضمن لقاءات مع ممثلي المجتمع المدني.

بفنادقها المهدمة، ومقاهيها المقفلة ذات أرصفة مهجورة، تتسكع فقط داخلها قطط مصابة بالهزال، فإن ضواحي و"جدة" وكذا المدينة الصغيرة "أحفير" يحملان دائما آثار الكارثة التي سببها إغلاق الحدود. "إنها بقايا الماضي" يؤكد محمد إبراهيمي والي وجدة " لا ترتبط المنطقة بالجزائر كي تعيش أو في العثور على وسائل أخرى من أجل التطور". لا زالت " جوج بغال" على بعد 14 كلم من وجدة، تكشف عن جانب مأساوي. إنه، المركز الحدودي الأساسي بين المغرب والجزائر، تعبره آلاف الشخصيات. يقف، باستمرار هنا رجال الشرطة والجمارك، يحتمون من الشمس داخل مكاتبهم المخربة. وسط طريق معبدة تنتصب على جوانبها حواجز وبراميل مملوءة بالرمل لإعاقة المرور، نصادف فقط مجموعة كلاب متشردة. "إنني لست في عطلة". يتحدث "يحيى الزروقي" المراقب المسؤول بمركز الشرطة الوهمي، "هناك دائما شيء يجب القيام به. نستعيد، الأبقار التي تتسلل إلى البلدان المجاورة، وأحيانا بعض الجثث".

كيف، يتواصل الجمركيون ورجال الشرطة المغاربة مع أمثالهم الجزائريين، حينما يفرض موضوع نفسه قصد التشاور ؟ "نصدر صفيرا ثم نلتقي عند الحاجز". يجيب، المسؤول المراقب. الشرطي الجزائري، الذي توجه أمام أعيننا بخطوات كبيرة نحو ما يسمى بالحاجز، القائم على بعد 30 مترا، لم يصفر، بل: يصرخ، محتجا بأعلى صيحاته، أن تتوقف آلتنا المصورة على التقاط صور. "يستحسن تغيير وجهتهم"، متوجها بالخطاب إلى فريق الشرطة والجمركيين المغاربة. "لا يجب أن نمكنهم من فرص للنزاع" يلح علينا الفريق "المرشد". وفي كل مرة، حاولنا فيها أثناء مسيرتنا أخذ صور لجزائريين ببذلتهم العسكرية أو تلك الأجسام العملاقة المصبوغة بالاسمنت الأبيض، والتي هي مراكز الحراسة التابعة للجيش الوطني الشعبي الجزائري، يبادر المغاربة بحثنا على ضرورة التوقف حتى "لا نستفز" جيرانهم: مع ذلك، لحدوث أمر كهذا، فالفرص متوافرة: على امتداد كل ثلاث كلومترات من الحدود على الجانب الجزائري، نجد مركزا للحراسة العسكرية، وأحيانا خياما تأوي مجموعة جنود. الحصون المغربية، أيضا متعددة، لكنها أصغر شيئا بلون أمغر يجعلها متكاملة مع المنظر الطبيعي. ونحن نبتعد نحو الجنوب، تقل المعسكرات، فالأرض كثيرة الحصى. ومع التوغل أكثر نصل إلى منطقة تندوف، حيث يتمركز بشكل متأهب معظم الجنود

المغاربة والجزائريين. هنا، إذن في الجنوب الجنود مستعدون. أما شمالا، فأحدهما يلازم الآخر، الساق ملتصق بالساق. على بعد خمسة وعشرين كلم شمال وجدة، وبالضبط في "أنغاد" "Angad"يمتد طريقان مرسومان متوا زيان على مسافة عشرات الكيلوميترات. ما يتواجد ناحية الغرب فهو مغربي، بينما ما تبقى جهة الشرق يعتبر ملكا للجزائريين. يقع تقريبا احتكاك بين دوريات الجيشين، حينما تتقاطعان عند نقطة التقاء. الطريق المغربي حالته أفضل. أما، العربات الجزائرية فقد تغير أحيانا سرا الطريق لبعض المترات تجنبا للحفر. سيارات جيب Jeep المغربية، تفعل مثل ذلك حينما تعتقد بأن لا شخص يشاهدها.

عند نقطة أبعد، يتلاقي المداران، كي يشكلا طريقا تجتاز وتقسم قرية تضم منازل تلتصق فيما بينها، عدد الساكنة مائة وعشرين فردا. المتواجدون يسارا، يعيشون ب "شراغة" Charaga (المغرب)، في حين ينتمي أهل اليمين إلى "دراغدا" Dragda (الجزائر). "حينما تلتقي الدورية المغربية مع مثيلتها الجزائرية في اللحظة ذاتها، وسط هذا الممر الذي يعتبر بمثابة حدود، فعلى الواحدة منهما أن تتراجع كي تسمح للثانية، بالمرور". يخبرنا ضابط في الدرك الملكي. وصول، غرباء يحملون أجهزة تصوير إلى شراغة Chraga، خلق حالة استنفار في صف الجيش الجزائري. تتحرك سيارة جيب Jeep يسوقها جنديان، كانت راسية جانبا، اتجاه الممر ثم تسد الطريق على الغرباء. فجأة، يسود القرية نظام رائع: الأطفال المغاربة الذين كانوا يلعبون بمقربة من الجزائر، انسحبوا إلى بلدهم، واستندوا على جدار. ثلاثة عسكريين، انبثقوا من خيمتهم، وانتصبوا أمام الجزائريين، تبادلوا النظرات دون أن ينطق أي منهم ببنت شفة. هل، وقعت حوادث عسكرية مع الجزائريين ؟ "مع قوات الدرك، أبدا" يجيب، نفس الدركي المغربي بنبرة حادة. "إنهم، محترفون مثلنا. وهو الأمر الذي ينتفي مع أعضاء الجيش، شباب بلا تجربة، يضغطون بسهولة على الزناد من أجل اقتلاع كلب أو العمل على تخويف مهرب. مسألة قتل للقوت، إنهم لا يصوبون بشكل دقيق"، أثناء لحظة من الزمان، تتحول "شراغة" charaga المغربية أو"دراغدا" Dragda الجزائرية إلى قرية منقسمة. لكن، ما إن يختفي أصحاب البذلة العسكرية حتى تستعيد وحدتها. "تعيش العائلات هنا، جماعة كما لو انعدمت الحدود" يؤكد، عبد الرحمان الصالحي الذي يزاول مهنة التدريس. فالقرية، فضاء للتسامح وسط منطقة، قد يجد نفسه لمدة أسابيع كل من تجرأ على عبور الحدود عمدا أو سهوا. "إيش" Iche، هي قرية يقل ساكنتها عن 300 نسمة، مجموعة منازل مغربية تخترق الجزائر. يتقلص، الشريط الحدودي إلى خمسين مترا فقط بالشمال والشرق ثم الجنوب. بإمكان عمدة القرية، أن يروي مئات الحكايات المتعلقة بشباب يبحثون عن نبات الكمء Truffes، أو رعاة يتعقبون خطى قطيعهم. "هكذا يجدون أنفسهم في الجانب الآخر". ويضيف، حينما، تحدث عاصفة رملية، نعلم بأن شيئا ما سيضيع". ماذا يحدث، في حالة أسرهم من قبل الجزائريين ؟ "يحتجزونهم، ثم يرحلوهم إلى بيشار Béchar (مدينة تقع في الجنوب الشرقي للجزائر)، وبعد شهر أو أربعين يوما، يتم تقديمهم إلى المحاكمة". هكذا، فسر إلى وزارة الداخلية، المسؤول عن منطقة واحة فكيك Figuig. "يحكم عليهم بعقوبة سجنية تصل مدتها إلى شهر جراء دخولهم البلد بطريقة غير شرعية. رغم ذلك، لا يقضون مدة عقوبتهم بحيث يطردون". المغاربة، بدورهم يقومون بنفس الشيء حينما يعتقلون جزائريين.

بعد الاتفاقية التي أبرمت بين الحسن الثاني وهواري بومدين بإيفران، سنة 1972، توضحت الحدود بشكل تام ـ حتى ولو انعدمت إشارات تدل عليها ـ إلى غاية مائة كلم جنوب وجدة. حينما، نتجاوز مسافة ألف وثلاثمائة كلم المتبقية، فإن الحدود رسمت بطريقة عشوائية. "لكي نقيم أوتادا بعد اتفاق مشترك، يلزم الأمر وجود طرفين، لكننا لم نلتق بعد شريكا مستعدا" يتحسر، الطيب الفاسي الفهري الوزير المغربي للشؤون الخارجية. أما، موظف وزارة الداخلية فيقول: تُعتبر الحدود جنوب وجدة، توافق بين القرويين والعسكريين". ثم، يضيف: "يفترضون بأنها تمر عبر ذلك المرتفع أو هذا المجرى المائي الذي جف نبعه". "القضية، هو أن الجزائريين غيروا من جانب واحد، وضع الحدود" يشتكي، عبد الكريم حورمة" رئيس جمعية بقرية إيش Iche، "فلا يمكننا اليوم، مجرد القيام بزيارة إلى "سيدي بوعزة" لأنهم أعلنوا بأن الموقع يقوم على أرضهم". محمد جعفر، ممثل وزارة الداخلية، مُقدّم زاوية الحجوي، كشف لنا عن معاناته الذاتية بعد هاته التغيرات الحدودية: "تعيش القرية عن طريق استغلال منجم للملح. لكن، ذات يوم أتى الجنود الجزائريون للإعلان بأن المنجم يوجد في منطقة بين الحدود، وبالتالي يمنع سواء على الجزائريين أو المغاربة. لقد أوقفوني وأنا أحفر، احتجزوني حتى لحظة ترحيلي إلى "بيشار" Béchar، ولم يحتفظوا لي أثناء فترة الاعتقال إلا بالماء وخبز يابس. بعد، أربعين يوما سجنا أطلق القاضي سراحي".

هكذا، افتقدت "زاوية الحجوي" منجمها. أما، فكيك Figuig، الواحة القريبة أكثر من جنوب أوروبا "فقد سلبت منها ثلاثمائة وخمسين ألف نخلة، أي معظم نخيلها" يبدي "عمر السعدي" تذمره، "وقد ترتب عن ذلك جزئيا، انخفاض عدد الأشخاص الذين يعيشون هنا، إلى اثني عشرة ألف وخمسمائة فرد مقابل سبعة عشرة ألف منذ عشر سنوات. لقد، هاجر جل الشباب. فالذين لهم عائلات، في الجانب الآخر يطلبون من آبائهم الاهتمام بالنخيل، لكن أغلبهم يبدي موقفا ضعيفا أمام إتلافها". لقد ظهرت منذ فترة بعيدة، أولى المشاكل الحدودية وقبل إغلاقها سنة 1994، "ابتدأت المشاكل أواسط سنوات السبعينات، وهو الوقت نفسه الذي يؤرخ لبداية نزاع الصحراء". "حتم أولا الجزائريون ضرورة الحصول على جواز مرور قصد الدخول إلى الجزائر، وفي مرحلة ثانية اقتضى الأمر حفنة فرنكات فرنسية، وفيما بعد، فرضوا جواز السفر". يجمل الأمر "السعدي". ثم، أعلن أخيرا عن إغلاق الحدود، "مما شجع على تلاعبات غير قانونية" يصرح "خالد زرهوالي" المكلف بضبط الحدود لدى وزارة الداخلية بالرباط، رأي يشاطره البنك العالمي الذي أورد في تقرير حول المغرب صدر سنة 2006 بأن "الإغلاق، لم يعمل فقط على تقليص الروابط التجارية القانونية إلى أدنى مستوياتها، بل توسعت معه الأنشطة الإجرامية:.

أهم صداع للرأس، بالنسبة لسمير حرمة الله" رئيس الجمارك بوجدة، يتأتى من "السيارات الانتحارية" وهي "تلك السيارات التي تحولت إلى نقل ما يقارب ألف وخمسمائة لتر من الوقود، بحيث تنتقل كقبر متحرك وسط الطرق المعبدة بين البلدين" يحدد بدقة "حرمة الله". إنها، لعبة قابلة للاشتعال: قيمة لتر من البنزين في الجزائر، هي 0,45 أورو. تكلفة، تبلغ أكر من الضعف في المغرب. سنة 2007، حجز رجال الدرك الجزائريين، ثمان مائة ألف لتر من الوقود، سعت إلى دخول الأسواق المغربية. يكشف لنا، "حرمة الله" بفخر مستودعه الخاص ب " السيارات الكاميكازية" المحتجزة. أما، السيد "الإبراهيمي (والي وجدة)، فيعلن لنامبتهجا ما يلي: " لقد وضع البوليس حدا لخطر عمومي، فتخزين آلاف لترات البنزين، داخل مستودعات أو في صحون المنازل، يمثل، قنبلة موقوتة. وإلى غاية الآن، لا يوجد حي دون مستودع من هذا النوع".

إغلاق الحدود، شجع على التلاعبات المحظورة وينطوي خاصة على ضرر للاقتصاد المحلي " الكيفية الوحيدة للقيام بالتجارة بين الجزائر والمغرب، تلزم المرور عبر بلد ثالث، وهو بشكل عام فرنسا أو إسبانيا". كما يشير، تقرير للبنك الدولي. "لقد بلغ مستوى الصادرات المغربية نحو جاره الشرقي 1 مليار دولار، ما يعادل 2 % من مجموع الدخل الوطني". كنتيجة إذن لإغلاق الحدود، تحتل الجزائر الصف الثلاثين بين الشركاء التجاريين للمغرب. لقد، أفصح الملك عن إشارات إيجابية حينما ألغى سنة 2004 التأشيرة على المواطنين الجزائريين، أما الرئيس بوتفليقة، فقد رد بالمثل ثمانية أشهر بعد ذلك، وهو ينهي بدوره الإجراءات المتبعة المفروضة على المغاربة، وإن لم يحقق رغبة الملك في فتح الحدود. تلح، الرباط على هذا المطلب عبر بلاغات أو في الملتقيات الدولية. على النقيض، تكتفي الجزائر بإحالة القضية على زمان لن يأتي قط. "إننا، لا نترقب إعادة فتح الحدود في الوقت الراهن" أجاب "مراد ميديلسي" رئيس الديبلوماسية الجزائرية، خلال شهر أبريل الماضي. بعد، النداء الأخير الذي أصدره نظيره المغربي. ثم يضيف قائلا: "ينبغي تصور المسألة في إطار التطورات التي يتمناها الجانبان".

ماذا تخفي أقوال، بهذا الإبهام ؟ قراءة الصحافة الجزائرية يعطي إمكانية صياغة فكرة بهذا الخصوص "لا يمكنك أن تطالب باستمرار بفتح الحدود، بينما ينبني "حائط للعار" بجانبك. وتوضع حقول ألغام تفرق العائلات الصحراوية"، تكتب يومية "Le jeune indépendant"، في تلميح للجدار الذي بناه الجيش المغربي في الصحراء. بشكل واضح، تربط الجزائر بين إعادة فتح الحدود،، وتحقيق تقدم في نزاع الصحراء الذي استمر ثلاثة وثلاثين سنة. مقارنة بالمغرب، فإن الجزائر ستستفيد أكثر، من الانتقال الحر للأفراد والبضائع بين البلدين. لكن نموها يعطيها إمكانية عدم التفكير في هذا الإطار أو بذل مجهودات تذكر.

7 ـ بوتفليقة الثالث:

على الرغم من حملة تحسيسية واسعة، قادتها السلطات لمدة أسابيع، فإن اقتراع يوم 9 أبريل الرئاسي، أثار فقط انتباه أقلية من المواطنين ولم يتحول إلى سجال مجتمعي كما هو الحال أثناء الانتخابات السابقة. لم يشكل، الأمر حدثا بالنسبة للأغلبية الساحقة من المواطنين. نتيجة، أسباب عدة. فإلغاء تحديد الانتداب الرئاسي، والذي أعطى فرصة للرئيس بوتفليقة كي يترشح لخلافة نفسه، تسبب في غياب التعاطف الشعبي، وزاد من حدة ذلك غياب مترشحين منافسين حقيقيين بعد تيقنهم من التهييء القبلي لعناصر اللعبة؟ حكم الفاعلون الحقيقيون للسياسة الوطنية بعدم جدوى المشاركة في التصويت. بالتالي، لم يصنعوا شيئا من أجل تعبئة الجماهير، ثم انسحبوا. الشيء، الذي أثر بثقل في الانتخابات. شبح المقاطعة، أخاف بشكل جدي. نسخة، جديدة لسيناريو الانتخابات التشريعية ليوم 17 ماي 2007، حينما لم تتجاوز نسبة المشاركة 35 % حسب المعطيات الرسمية، (وأقل من 15 % وفق أرقام المعارضة)، سيكون الوضع بمثابة عقاب سياسي. لكن، تقلص التعاطف الشعبي، ازداد خاصة مع التردي الكبير للوضع الاجتماعي: الفقر، بطالة الشباب، الهشاشة، ظاهرة الحراكة Harraga...، فالجبهة المجتمعية مشتعلة. انخفاض مستمر لقدرة العمال الشرائية، مقابل ارتفاع أثمنة المنتوجات الغذائية. كيف تقنع مواطنا يعثر بالكاد على كيلو واحد من البطاطس بسبعين دينارا، (ثمانية سنتيمات أورو، مع العلم أن أدنى أجر هو 100 أورو ) كي يفكر في أهمية الانتخابات الرئاسية ؟ لا يقف الأمر عند هذا الحد، فقد جرت الحملة الانتخابية على وقع احتجاجات اجتماعية عبر عنها أطباء إلى جانب موظفين آخرين، ينتمون لقطاع الصحة، بحيث نظموا حركات إضرابية في أوج الحملة الانتخابية. نفس منطق الاعتراض يسري بين صفوف زملائهم في قطاع التربية والوظيفة العمومية عامة، والذين يعيشون جميعا الوضعية نفسها. لذلك، يطلبون رفع مستوى أجورهم، وتحسين قدرتهم الشرائية. إضافة، إلى أن خنق الحقل السياسي وكذا الإزعاج التي تحدثه الصحافة المستقلة، عناصر يمكنها التأثير على الحملة الانتخابية. أمام، وضعية كهاته، فإن المترشحين الستة المتبارين على القصر الرئاسي، تصارعوا فقط حول التذكير طيلة عشرين يوما، بضرورة توجه الناخبين إلى مكاتب التصويت بكثافة.

أكد الرئيس/المرشح، بأن " الرئيس لن يصبح في الحقيقة رئيسا إلا إذا انتخبته أغلبية شعبية ساحقة". فوجه كل طاقته نحو مسألة المشاركة. ولأنه ضمن عمليا، إعادة انتخابه ثانية، حاول بوتفليقة إقناع الناخبين ب "أهمية الاستمرارية". في حين إذن، جاء هذا المرشح، كي يقود حملة سعيا لولاية جديدة، فإن منافسيه سيساعدوه بالأحرى قصد إضفاء الشرعية على هذه الانتخابات، إلا أن مهمتهم ليست بالسهلة. فعليهم أن يضعوا في الاعتبار أنصار المقاطعة الذين قادوا حملة انتخابية خاصة على طريقتهم. وبينما، كنا نسمع تهكم المنافسين الخمسة من الحصيلة التي حققها الرئيس أثناء سنوات حكمه، أبدى بوتفليقة باستمرار تجاهله بنوع من العجرفة. بالتالي، لم يكلف نفسه عناء الرد على انتقاداتهم اللاذعة، بحيث، يحق له ذلك مادامت لهم أيادي بدورهم في تسيير شؤون البلد. يظهر، بأن الرئيس/المرشح لم يكترث للأثر القوى لطعونات المرشحين الخمسة على الجماهير. ربما، لاءمه إلى حد ما أداء منافسيه، الذي ساعد على تهييج الحملة الانتخابية وإخراجها من التفاهة التي صاحبتها بسبب لا مبالاة المواطنين. مما سيترتب عنه، إحجام كبير يوم الاقتراع، وهو ما يشكل أول هاجس للرئيس/المرشح وفريقه. عوض، أن يساجل بوتفليقة منافسيه، فقد تحول إلى معلم واعظ للجماهير بخصوص الحس الوطني، والتسامي فوق كل الاعتبارات الشخصية من خلال هذا الحق في التصويت، استراتيجية اتبعتها أيضا مختلف مكونات الهيئات المدعمة لترشيحه. بالطبع، سيعاد انتخاب بوتفليقة مرة أخرى. همه، أن يحدث ذلك بطريقة معبرة. المناخ، الذي أحاط بداية بالحملة الانتخابية لم يبدد الخوف الذي صاحب الرئيس وفريقه. حقا، الحشود التي توجهت للقائه أثناء تجمعاته الأولى، لم تكن قليلة،غير أنها لا تقدم صورة الموجة البركانية الانتخابية الذي وعد بها وأعلنها فريقه. لقد قرر، بوتفليقة الانخراط شخصيا بشكل واسع في الحملة الانتخابية، أكثر مما تصور بداية. فرغم تعدد ممثليه وتوفرهم على ما يكفي من الوسائل، إلا أنهم أبانوا عن قصور في خلق تعبئة شعبية ومقنعة حول ترشيحه. قرر الرئيس/ المرشح تنويع ممكنات أدائه الانتخابي، وتعضيد أيضا وضعه في مواجهة الإسلام السياسي دون تخليه عن سياسته للمصالحة الوطنية، ووعد بتطبيقها إلى أبعد حد في حالة إعادة انتخابه مجددا. هاجم، بوتفليقة المدافعين عن هذا التيار، ورموزه التي أدخلت البلاد إلى تراجيدية مرعبة طيلة عقد دموي (الحرب المدنية التي اشتعلت بعد إلغاء الانتخابات التشريعية شهر دجنبر 1991، حيث فاز بها الإسلاميون آنذاك). هذا التصلب، لا يعبر فقط عن اعتقاده، بل يعكس أيضا حسابا انتخابيا يستهدف استقطاب كتلة الناخبين التي ظلت خائفة ومرتابة بعد "تقرب" بوتفليقة من التيار الإسلامي.

8 ـ الشبكات الممولة لحملة الرئيس:

باعتباره رجل يتقن العلاقات، فقد نسج الرئيس بوتفليقة منذ انتخابه الأول سنة 1999 شبكة مهمة، مؤثرة: سياسيا، وأمنيا لكن خاصة اقتصاديا. "لا تحتاج جماعة الرئيس إلى المال، بل إلى دعم واضح من قبل أرباب الاقتصاد". يهمس، أحد المقربين من هذا الملف. تهتز، آلة الحرب الحقيقية مع كل موعد انتخابي، لقد رأينا تفعليها سنتي 1999 و 2004. ومرة أخرى بمناسبة الانتخابات الرئاسية. روافد تقاطع هذه الآلة، تلتقي في طريق مسدود عند الدوائر العليا بالعاصمة الجزائرية: داخل، المقر الذي يتم فيه الإشراف على حملة بوتفليقة "المرشح المستقل"، تستقبلك أولا ابتسامة لطيفة يبعثها رجل أمن خاص بالحراسة، نلج، "منزلا عصريا أبيض" (مقر الحملة). ثم نلتقي ثانية مع وجوه أخرى مبتسمة، فتيات مكلفات بالاستقبال لطيفات أيضا، تشرف عليهن حارسات شريرات ترتدين بذلة رمادية. "الفيلا Villa البيضاء" كما ينعتها بذلك أصحابها، عبارة عن بناء بديع عصري مع بعض الزخارف الموريسكية، ينفتح على حديقة رائعة. المكاتب، الأروقة، اللافتات، كلها ملونة بالأزرق. اللون الرسمي جدا لحملة "المرشح المستقل". يقف، إطار قديم لجماعة الرئيٍس، يملي عبر الهاتف مجموعة تعاليم يقرأها بين طيات ورقة: "تعبئة عامة للجمعيات في الولاية". "نشكر الله، لا ينقصنا أي شيء هنا، الأمور تسير بشكل جيد جدا"، يفسر، رائد من رواد لجان الدعم. نقل، هاتف، دعم لوجيستيكي، المشرفون على التغذية، إعلانات، ملصقات، قمصان، كراسات، التنظيم الإداري، جدول مهام: آلة انتخابية دينامية وجميلة، لم تسقط من السماء. "الفيلا La villa البيضاء"، جماعة الأمن الخاص، أعمدة وسائل الإعلام، الخطوط الهاتفية المتحركة، النقل، بل وحتى موقع الأنترنيت الرسمي (bouteflika2009.com)، كل تلك الوسائل يمولها رجل الأعمال رضا كونينف، البالغ 36 سنة ابن الفقيد أحمد كونينف الذي عرف خاصة في ميدان البيزنس كأحد أكبر المستوردين للإسمنت سنوات 1990. لقد، دعمت مجموعته بوتفليقة لوجيستيكيا سنة 2004: "هو رجل شاب طموح جدا نموذج رجل الأعمال المعاصر. مع ذلك، لا يحب الظهور ونادرا ما يعطي حوارات صحافية" هكذا، يصفه أحد مستخدميه القدامى. "كونينف، معروف بقربه من أخ الرئيس السيد سعيد ـ المايسترو الحقيقي للحملة.

هناك آخرون، رجال أعمال وازنين ومعروفين جدا غير أنه يبقى الدولاب الأكثر أهمية في الآلة". يكشف لنا، أحد العارفين بالإدارة المشرفة على الحملة. تضم، هيئة رجل الأعمال الشباب مقاولات عديدة، تشرف على قطاعات مختلفة: الأشغال العمومية، الإعلام، الصناعة الفلاحة، الهاتف.... لكن، كيف يشتغل بالتفصيل هذا الدعم ؟ "كل شيء يمر عبر شبكات القرابة"، يشير مقرب من أحد المساعدين لرجل أعمال قوي. " أغلب المقاولات الكبرى التي تدعم حملة الرئيس، تقدم خدمات أو هبات من خلال العلاقات الأسروية ؟" كل واحد يحرك شبكاته، لكن المقاولات الكبرى تأخذ حصة الأسد. من هنا الاندفاع نحو علب للتواصل صغيرة ومتوسطة تتوجه إلى المقاولات الكبيرة دون إدارة الحملة، وذلك لكي تستفيد من أسواق جيدة"، يفسر الأمر إطار علبة كبرى للتواصل. ويضيف:"يتم كل شيء بواسطة أداء الخدمات، لا يضخ أبدا المال مباشرة أثناء الحملة الانتخابية، يمكنكم البحث في كل مكان فلن تعثروا على أكياس سوداء ممتلئة بالدينارات". شبكة أصدقاء التاريخ الطويل، تتوجه اليوم صوب ضم أغلب المقاولات الكبرى الخاصة القائمة في البلد "بين سنوات 1999 و 2004، ألزمت جماعة بوتفليقة، المقاولين بتقديم نوع من عُشر الدعم للرئيس/المرشح. سابقا، لم تكن الجماعة غنية. أما اليوم فقد تغيرت أوراق اللعب: دائرة الرئيس في غير حاجة إلى أموال رجال الأعمال الأساسيين في البلد. فالجماعة، تتوفر على مواردها الخاصة، وبالتالي تبرز الحاجة إلى شيء آخر: الدعم الصريح لأرباب الاقتصاد، وشبكاتهم ثم خاصة ولاءهم" يؤكد مصدر لنا. " فأغلب كبار المقاولين الجزائريين، يعيشون اعتمادا على الصفقات العمومية التي اتسعت إبان السنوات الأخيرة. هي وسيلة ضغط، من أجل اجتذابهم إلى الحضن الرئاسي وإلا فليست هناك صفقات، وستدق أيضا الضرائب أبوابهم".

9 ـ كرونولوجيا: نصف قرن من سوء التفاهم.

1956: حصول المغرب على استقلاله من الفرنسيين، بعد نضالات طويلة من قبل الوطنيين. وحينما، تمكن المغرب من سيادته التربية، فقد ساعد الجزائر في حربها التحريرية بأن هيأ لها قواعد خلفية.

1962: حصلت الجزائر بدورها على الاستقلال. فاحتفل، كل المغرب بهذه الثورة الشعبية جدا.

1963: يعترض المغرب على الحدود التي خلفها زوال الاستعمار، هكذا احتل الجيش المغربي جزءا من الأراضي الجزائرية. أول: "حرب للرمال" (8 أكتوبر 9 نوفمبر)، وقعت في أدغال الصحراء. أصبح، وقف إطلاق النار ساري المفعول تحت إشراف منظمة الوحدة الإفريقية، وبقيت قضية الحدود مطروحة.

1976: اندلاع حرب جديدة للرمال، حينما وقعت معارك عنيفة بأمغالا Amgala (قرية بالصحراء الغربية على بعد كيلومترات من الشمال الموريطاني) تواجه خلالها الجيش المغربي والجزائري حول المنطقة التي تطالب بها جبهة البوليساريو، معلنة يوم 27 فبراير استقلال الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية (RASD). يوم 7 مارس، قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب.

1980: ظلت القضية بعيدة عن التسوية داخل منظمة الوحدة الإفريقية. شرع، المغرب في بناء "حائط الرمال" من أجل الفصل بين الصحراء "النافعة" وباقي الصحراء الغربية.

1982: اعترفت منظمة الوحدة الإفريقية بجبهة البوليساريو (تحولت منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2002).

1984: انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية.

1988: عادت العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر. بعد أن قبل المغرب وجبهة البوليساريو، مخططا للسلام اقترحته الأمم المتحدة يتضمن وقفا لإطلاق النار، وكذا تنظيم استفتاء لتقرير المصير الذاتي.

1989: إنشاء اتحاد المغرب العربي: الجزائر، المغرب، ليبيا، تونس، موريطانيا.

1994: بينما الجزائر تعيش غمار موجة إرهاب واسعة تأتي عملية اعتداء بمراكش أودت بحياة سائحين داخل بلد اعتبر حتى ذاك الوقت في معزل عن العنف الإسلامي. نفذ العملية، فرنسيان من أصل جزائري. يتهم المغرب المخابرات الجزائرية، وأعلنت حكومة الرباط بداية حملة واسعة لطرد الجزائريين، وفرض إجراء التأشيرة عليهم. تقوم، الجزائر بخطوة مماثلة وتغلق حدودها الأرضة.

2005: ألغى المغرب التأشيرة على الجزائريين. في المقابل، أبقت الجزائر على حدودها مغلقة.

2009: يواصل الجانب المغربي ملتمسه كي تفتح الحدود، مما سيعطي انطلاقة لاقتصاده والاستفادة من الموارد المالية للسياح الجزائريين. تجتر، الجزائر مزيدا من الوقت، وتجيب بأن فتح الحدود لا يدخل في إطار جدول أعمالها.

saidboukhlet@hotmail.com

مراكش/المغرب



[i] - Courrier international : Avril 2009. PP : 30-37.

للإشارة، فقد ترجمت هاته المقالة بشيء من التصرف.