هي منشورات تتقاطع فيها وشائج الكتابة بأوجاع الحياة وشجونها، وسلاستها وبساطة رؤاها تقربنا من هموم جيل شاب يحلم بالحب والوطن والحياة بطريقته الخاصة حيث تتقاطع الهموم جميعا في كلمة واحدة لعل هذا النص قادر على الكشف بعضا من ملامحها، وإن لم يكن فهو ببساطة وصف قريب للواعج تتلمس ضوء الحب.

منشورات أمن عاطفية

أميـرة الوصيف

قبل أن يُقَبِل قلمي جبين صفحتى تلك، تساءلتُ فى همسِ يليق بعاشقة تكتب الشعر، وشددت على يد حنينى اليك فى حرارة وقلت : تُرى ماذا تفعل الآن ؟!

مولعة أنا بك بالفطرة، لا أعرف حقاً يوم استقبلتنى الدنيا كمولودة، وجهها مستدير، وعيناها متطفلتان على وجوه الغرباء من حولها بدءاً من رجل ذو شارب عريض ؛ يُخفي نصف وجهه تقريباً، ومروراً بتلك السيدة المُمتلئة التى وصلت ابتسامتها الى أذنيها فى مبالغة تعهدها السيدات فى بلادنا عند رؤية مولود !

وهذا الرجل الأخبل القصير الذى أخذ يُصدِر أصواتاُ تُشبه  صخب آلات المصانع عندما وقعت عينه على مولودة مثلي من فرط المرح !

لا أعرف حقاً يومها هل كان اسمك محفوراً على ذراعي الصغير ؟

هل كان لقاءك مُقَدراً الى هذا الحد ؟

هل كانت عيناى تتسعان، وتلمعان لكي يمر الوقت وأُخَلِد صورتك فيهما ؟!

أم أن هذا كان من ضروريات المرحلة ؟

لازالت المسألة مُعقَدة بالنسبة الي، فأنا أتخبط حائرة لا أعرف هل حقاً يومها كان ميلادي عندما صرخت أمي، وأطلقت جسدي يسبح فى سماء الدنيا، أم أن ميلادي يوم التقيتك ؟

نعم أعترف بأن آلاف الشعراء، مؤلفي الأغان العاطفية قالوا أكثر من ذلك عن يوم التقاء الحبيب، أعرف أنهم أجازوا المستحيل، وأباحوا الخطأ، ودافعوا عن جرائم أُرتكبت بإسم الحب .

نعم .. أعلم أن ثنائيات الأدب تراسلوا حتى تَشَبعَت رسائلهم بالعشق، وأعرف أنه أكم من مجنون أصبح حكيماً رصيناً فقط عندما دق قلبه وبَلله الغرام .

لا أستطيع أن أُنكِر أى حب هز عرش الأرض قبلنا ؛ لأننا جميعاً مصابين بذات العدوى الحميدة المُبهِجة على مر العصور .

ولكننى أُنكِر أن يَتَلَبس الهوى أحداً كما تَلَبسني فى تلك اللحظة التى أجلستك فيها فى قلبي ؛ الذى بَرعت فى احكامه سالفاً، ليس زهداً فى أزمنة الرومانسية، ولكن تَرفعاً عن أزمنة الصفقات، وادعاءات البطولة.

والآن .. دعني أعود لسؤالي القصير : تُرى ماذا تفعل الآن ؟

هل تقرأ كلماتي فقط أم أنك تسافر معها الى حيث أنا ؟

هل يُداهمك الملل لإطالتي، واسترسالي أم أنك تبتسم الآن ؟ وترسم هذه البُشرى المُدهِشة على مُحياك البَهي ؟!

أول أمس .. استيقظت كمن أصدروا أمراً لحظياً بإعتقالها، كان وجهي عابساً، وشفتاى تُتَمتم بكلماتِ مُتَرددة، كنت فى الليلة السابقة أُقَلب فى صفحات "روميو وجوليت" لشكسبير

وخرج من صفحات الرواية التى أدمنتها لسنوات سهم كاد أن يكسر زجاج روحي، ويجعلنى أتأرجح من النقيض الى النقيض !

لمدة ثلاثة أعوام، وأنا ككل الحالمين الأبرياء أتَحسس دفء الهوى ليلاً فى حكاية من الأدب العالمي، وأُفَتش صباحاً عن أبطالها الماديين .

وحدث أن لَمع نجم الحب فى عين احداهن, وأفاقت بغتةَ تُفَتش عن روايتها المُفَضلة، وحدث أن أحضرت قلمها الأزرق، ودونت بصفحتها الأخيرة :

"ليت شكسبير حياً الى الآن عَله يجد فى قصتي معك، ما يجعله يشعر بتواضع حبه الملحمي الآخاذ فى رائعته "روميو وجوليت " .

والآن دعنا من شكسبير، وحكايته مع روميو وجوليت، واترك قلبك بين يدى لدقيقة، أريد أن أطعمه قطعة من الحلوى، أريد أن أحتضنه وأُدَللة، أريد أن أرقص معه على مطلع قصيدة ؛ تغار منها الموسيقا.

أريد أن أقول له : أحبك .